أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2016
3198
التاريخ: 11-9-2016
2236
التاريخ: 11-9-2016
1884
التاريخ: 12-9-2016
2150
|
اختلف المؤرخون في أصل هؤلاء السومريين؛ إذ لم يمكن إرجاع لغتهم إلى عائلة اللغات السامية أو إلى عائلة اللغات الهندو أوروبية؛ ولذا فإن فريقًا من الباحثين يرى أنهم جاءوا أصلًا من مكان في شرق بلاد النهرين أو جنوبها الشرقي، ويرى فريق آخر أنهم جاءوا عن طريق البحر وأنهم من نفس الجنس الذي وصل إلى مصر في عصر ما قبل الأسرات؛ بينما يرى فريق ثالث أنهم نشئوا نشأة محلية وتطورت حضارتهم محليًّا أي: إنهم لم يكونوا من الأجانب.
وإذا ما تتبعنا الأساطير السومرية وجدنا أن السومريين اعتقدوا أن الآلهة خلقت البشر ليقوموا على خدمتهم, وأن الإنسان في حاجة إلى من يرعاه من الحكام الذين يختارهم الآلهة لتدعيم قوانينها المقدسة؛ "ففي عصر سحيق أنزل التاج وعرش الملكية من السماء", ومنذ ذلك الوقت سيطرت سلسلة من الحكام على مصائر أهل سومر نيابة عن الآلهة وهم يعملون لصالحها في نفس الوقت؛ فالملوك على هذا النحو كانوا يتمتعون بالقدسية منذ أقدم العصور وإن كان بعض الباحثين يعتقد بأن نظام الحكم في سومر كان يمثل ديمقراطية بدائية؛ حيث كانت طائفة من المدنيين تختار -عند الأزمات- زعيمًا للمحاربين "لوجال" لتولي شئون الدولة, ويستدلون على ذلك بما يتمثل في أسطورة الخلق؛ حيث تشير إلى أن الآلهة اختارت "مردوخ" كي يقضي على "تياما"(1)، ورغم أن تاريخ السومريين غير واضح في معظمه؛ إلا أن ما وصلنا من نصوص تاريخية وما أسفرت عنه البحوث الأثرية تدل على أنهم كانوا في عصر فجر السلالات يعيشون في عدد من المدن المستقلة تحاول كل منها فرض سيادتها على المدن الأخرى ولكن لا يوجد من النصوص التاريخية ما يدل دلالة قاطعة على أن دويلات المدن كانت تحكمها هيئات جماعية؛ بل ولا نجد في تاريخ هذه المدن إلا حكامًا أو ملوكًا كانوا يتلون الآلهة في المرتبة.
وقد وصلتنا بضع وثائق تحتوي على أسماء الملوك الذين حكموا في هذه المدن ومدة حكمهم، وقد وردت السلالات الحاكمة في المدن المختلفة متتالية الواحدة بعد الأخرى رغم أن بعضها على الأقل كان يعاصر البعض الآخر، وقد اتفقت هذه الوثائق في الإشارة إلى حدوث فيضان كبير أو طوفان "أهلك الحرث والنسل" يحاول كثير من الباحثين الربط بينه وبين الطوفان المشار إليه في الكتب السماوية, كذلك تفصل هذه الوثائق بين الملوك الذين حكموا قبل الطوفان وأولئك الذين حكموا من بعده، وقد أمكن التوصل إلى قائمة بملوك سومر جمعت من 15 وثيقة مختلفة من تلك الوثائق(2), وهي تمدنا بهيكل تاريخي لسومر منذ أقدم العصور إلى القرن "18 ق. م." وقت كتابة هذه الوثائق.
وهذه القائمة تشير إلى الأبطال الذين عاشوا في العصر الأسطوري لسومر؛ فتذكر أن الملكية هبطت من السماء إلى مدينة أريدو أولًا؛ حيث حكم فيها ملكان لمدة لا تقل عن 64.800 سنة، وانتقلت بعد ذلك إلى بادتبيرا "تل المداين قرب تللو"؛ حيث حكم ثلاثة ملوك منهم الإله تموز "إله النبات" لمدة 108.000 سنة, ومنها إلى لارك "قرب كوت العمارة"؛ حيث حكم ملك واحد لمدة 28.800 سنة, ثم إلى سيبار "أبو حبة"؛ حيث حكم ملك واحد لمدة 21.000 سنة, ثم إلى شوروباك "تل فرا" حيث حكم ملك واحد لمدة 18.600 سنة, وبعدئذٍ جاء الفيضان.
وبعد زوال الفيضان هبطت الملكية ثانية من السماء إلى كيش "شرق بابل"؛ حيث تكونت فيها السلالة الأولى من 22 ملكًا, حكموا بمعدل 1000 سنة للواحد منهم، ومن الملاحظ أن من بين هؤلاء الملوك 12 ملكًا أسماؤهم سامية، 6 أسماؤهم سومرية, ويرى بعض المؤرخين أن ما ورد عن هذه الأسرة ليس بأكمله أسطوريًّا بل بعضه تاريخي، كذلك تذكر هذه القائمة أن آخر ملوك كيش "أجا" هُزِمَ على يد أول ملوك أسرة الوركاء؛ ولكن مصادر أخرى تدلنا على أن الأسرتين كانتا متعاصرتين فترة طويلة, وأن "أجا" المشار إليه كان يعاصر خامس ملوك الوركاء "جلجامش" الذي قضى على مملكة كيش، كذلك يستدل من هذه المصادر على أن الوركاء كانت على علاقة مع آراتا "التي يحتمل أنها كانت غرب إيران أو في عيلام" وأن جماعات مارتو "الأموريين" في سورية حاصروها واستولوا على الحكم في بلاد النهرين.
ومن العسير التوصل إلى بداية العصر التاريخي؛ نظرًا لأن قائمة ملوك سومر تذكر أرقامًا خيالية لمدة حكم الملوك؛ فلا نعرف منها متى انتهى العصر الأسطوري ومتى بدأ العصر التاريخي، ومما يزيد الأمر صعوبة أن بعض البحوث الأثرية أسفرت عن الكشف عن أسماء عدد من الملوك الذين حكموا في مدينة لجش ولم يذكروا في القائمة, وقد أمكن وضع مجمل تاريخي لهذه المدينة في الألف الثالث ق. م. إلى سنة 2000 ق. م. تقريبًا ولكن ربما كان ذلك؛ لأنهم لم يحكموا سومر كلها، ومهما كان الأمر فإن العثور على نصوص تاريخية لملوك من الذين ذكروا في قائمة ملوك سومر يدل دلالة قاطعة على أن هؤلاء الملوك عاشوا بالفعل, وأن أقدم النصوص يرجع على أسبق الملوك في ترتيبه الزمني.
ففي المتحف العراقي قطعة من المرمر مجهولة المصدر, كتب عليها "مي - براج - سي" ملك كيش, وأمكن إثبات أن هذا الملك هو "إن - مي - براج - سي"(3) الملك الثاني والعشرون من أسرة كيش الأولى الذي كان يعتبر أسطوريًّا, وهو والد "أجا" الذي حارب ضد "جلجامش" خامس ملوك الوركاء، كما أن قطعة رخامية أخرى عثر عليها في أور كتب عليها أن الملك "إي - أني - بدا" بن "مس - أني - بدا" بنى معبدًا للإلهة "نن - هورساج" "وهي الإلهة الأم وتقابل إبنانا التي عرفت باسم عشتار لدى الساميين"، ولم يكن "إي - أني - بدا" معروفا؛ ولكن والده يعد في قائمة ملوك سومر مؤسس الأسرة الأولى في أور التي تلت أسرة الوركاء الأولى في هذه القائمة، وقد أمكن إثبات أن هذا الملك الأخير كان يعاصر جلجامش، ومن كل ذلك نستنتج أن أقدم حاكم سومري معروف لنا هو "إن - مي - براج - سي" وإذا ما اعتبرنا أن سرجون الأكدي عاش في الفترة 2371-2316 ق. م. فإن من الممكن تقدير تاريخ حكم "إن - مي - براج - سي" بحوالي سنة 2700 ق. م. كما يمكن اعتبار ذلك التاريخ بداية للعصر التاريخي في بلاد النهرين(4).
ومع أن أحد الكهنة البابليين ويدعى برعوشو "Berossus" وكان يعيش في عهد أنتبوخوس الأول "سوتير 280-261 ق. م." وضع تاريخًا لبابل في ثلاثة أجزاء؛ فإن ما وصلنا من تاريخه عن طريق مؤرخي اليونان لا يعدو جزءًا ضئيلًا لا يلقي كثيرًا من الضوء عن تاريخ هؤلاء السومريين، كذلك لا تذكر النصوص الأدبية التي ترجع إلى عصر فجر الأسرات إلا 13 مدينة هي من الشمال إلى الجنوب: سيبار، كيش، أكشاك, لاراك، آداب، أوما، لجش، بادتيبرا، أورك، لارسا، أور، أريدو بينما أسفرت البحوث الأثرية عن وجود مدن مهمة أخرى في أجزاء بعيدة من بلاد النهرين كانت تحت تأثير سومري قوي, ومن هذه أشور "قلعة شرقاط" على نهر دجلة وماري "تل الحريري" على نهر الفرات، ومع أن هذه الأسماء المدونة في نقوشهما المحلية تدل على أنهما في قلب منطقة سامية إلا أن الآثار التي عثر عليها كانت سومرية الطابع, وقد وجدت آثار شبيهة بها كذلك في أشنونا "تل أسمر" في وادي ديالى.
وقد عثر في بعض مقابر الجبانة الملكية في أور على ما يثبت دفن الضحايا البشرية مع المتوفى، والظاهر أن ذلك يرجع إلى الاعتقاد بأن هؤلاء المتوفين كانوا من الآلهة سواء في ذلك الملك أو الملكة؛ فلم يكن هناك من فاصل بين الملك ورئاسة الكهنة، ثم أخذت هذه العادة في الاختفاء بعد أن تم الفصل بين العرش والمعبد، كما يستدل على ذلك من أن "أنتمينا" حاكم لجش "2500 ق. م." لم يكن كاهنها الأعظم؛ إذ إن آنية فضية عثر عليها دونت عليها عبارة تفيد أن "دودو" كان كاهن "ننجرسو" إله لجش، ويبدو أن النزاع قد اشتد بعد ذلك بنحو مائة عام بين الملك والكهنة؛ حيث ظهر ذلك في عهد أوركاجينا آخر ملوك لجش، ولم يستمر هذا النزاع طويلًا؛ لأن لجش وسومر كلها خضعت لغير السومريين بعد ذلك.
__________
(1) "مردوخ" هو أبو الآلهة عند البابليين ويمثله لدى السومريين "إنليل" إله الجو والهواء, أما "تياما" أو "تيامات" فهي إلهة الماء الملح وكانت تريد إهلاك أبنائها.
(2) Th. Jacobsen, the Sumerian King List. 1999.
(3) لفظ "إن" يدل على أداة يمكن حذفها, انظر:
G. Roux., op. cit., p. 119.
(4) G. Roux, op. cit., pp. 119-120.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|