الممالك الثلاث صراع القوميات في بلاد الرافدين (السامية والآرية والسومرية). |
1139
11:31 صباحاً
التاريخ: 2023-06-01
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2016
1839
التاريخ: 11-9-2016
2153
التاريخ: 12-9-2016
2635
التاريخ: 2023-04-27
1272
|
لابد من النظر إلى الأحداث التاريخية ضمن واقع الحدث وما يريد النص الإشارة اليه بعيدا عن المديح وصياغة عبارات كما نتصورها من منظور سياسي تمليه علينا الظروف حسب الزمان والمكان، فقد عانت بلاد الرافدين في مدة ثلاثة قرون تقريبا وهي المحصورة بين الممالك الثلاث: سلالة أكد (الساميين) والگوتيين (الآريين) وسلالة أور الثالثة (السومريين) صراع على الهوية والثقافة والدين، فهذه الممالك تختلف الواحدة عن الأخرى تماما ومن ثم لم يحصل أي نوع من التعاون السياسي أو التقارب الاجتماعي فيما بينهم بسبب تعالي بعضهم على بعض، واختلافهم في التفكير وحتى في جذورهم التاريخية واتجاهاتهم اللغوية. فالشعب الاكدي ذو قومية سامية (جزرية) لغتها أكدية وآلهتها تختلف بشكل أو بآخر عن آلهة السومريين واقتصادهم الأساسي الرعي دخلوا بلاد الرافدين كمهاجرين واشتغلوا اجراء وكونوا مستوطنات سرعان ما أصبحت مدن كبيرة مثل عاصمتهم أكاده، وبما انهم من أصول بدوية يدينون بولائهم لرئيس القبيلة فقد شكلوا أول حكومة مركزية قادتهم إلى الفتوحات التي أوصلتهم إلى مناطق لم يذكرها من قبل ملوك سومر، صحيح أننا لا نستطيع اثبات مدى صدق تلــك الفتوحات البعيدة (مثل جزيرة كريت، ومصر، والهند.. الخ) لكنها خلدت ملوكهم عبر التاريخ، وأصبحوا مثلا عند البابليين والاشورية أبناء جلدتهم يحتذون بهم، ولكنهم في نفس الوقت مارسوا سياسة ابعاد السومريين من المشاركة في الحكم والتقليل من شأن آلهتهم فكانت النتيجة تدمير مدنهم وسرقت معابدهم وهكذا كسب الأكديين العناد السومري وكثرة حركات التمرد التي شنوها ضد الشعب الاكدي ليس فقط على الصعيد الاضطرابات انما امتد الى الجانب الإعلامي عندما برع كتبة سومر في صياغة النصوص الأدبية على لسان الآلهة السومرية التي صبت غضبها على الاكديين ووعدتهم بتقويض مملكتهم ومدنهم وجعلها نسيا منسيا ويبدو أن آلهة سومر اوفت بوعدها فقد سقطت المملكة الاكدية نهائيا واختفت عاصمتهم اكادة الى الابد ولا زلنا بعد أربعة آلاف عام نبحث عنها بين الخرائب والتلال. مع فشل محاولات الشعب السومري في التمرد والعصيان كان لابد من قوة بدوية تزيل الدولة الاكدية فكان التعاون السومري مع الگوتيين وهم قبائل آراية تستوطن جبال زاكروس ومن المحتمل كان هناك تنسيق سومري في طلب المساعدة العسكرية من الگوتيين لغرض انهاء مملكة أكد كما يحدث دائما عبر التاريخ عندما يستنجد البابليون بـ (عيلام) أو (الميديين) في التخلص من الحكم الآشوري، وقد حقق الگوتيين رغبات الشعب السومري في استمرار استقلاليتهم مثل مدن لگش وكيش وأور.. الخ وبذلك عاد المبدأ القديم في إدارة الدولة المعروف باسم (دولة ـ المدينة)، وبما ان الغزاة الجدد ذوي قومية وثقافة غريبة عن سكان بلاد الرافدين فلم يحققوا ما كانوا يسعون اليه من حب في عيون الشعب السومري، ولذلك واجهوا الرفض السومري وفشل التعاون والتقارب مع ثعابين الجبال القارصة، وانبرى الكتبة السومريين مرة أخرى يصفون الگوتيين بعدة أوصاف اقرب للتحقير وذمهم والتقليل من شأنهم على الرغم من ان آلهة سومر هي التي استدعتهم سابقا للقضاء على المملكة الاكدية، مع هذا الموقف انسحب رعاة الجبل وانحصرت سيادتهم الفعلية في ارابخا(كركوك)(بالاكدية URU.arrap-baURU.ba-lah-hu) في أواخر عهدهم تاركين للملوك الصغار في الجنوب حرية الاستقلال الذاتي في ظل السيادة الكوتية الاسمية. أما الشعب السومري فهم محور الصراع والعنصر المشاكس في المعادلة السياسية، فقد اعتبروا أنفسهم الأصل في كل شيء فهم أقرب إلى المصطلح (شعب الآلهة المختار) وهم محقيين في هذا، فتاريخهم عريق تبدأ من أصولهم الأولى عندما أسسوا القرى الزراعية في شمال العراق ونزحوا إلى الجنوب مع زيادة اعدادهم وحاجتهم للأراضي الزراعية لان كانوا يعتمدون على الاقتصاد الزراعي ومن ثم فهم في حالة صراع مع المجتمعات البدوية وهذا ما نلاحظه حتى في القانون السومري الذي اعتمد على مبدا التعويض المادي في العقوبات بينما المجتمعات البدوية اعتمدت على مبدأ (العين بالعين والسن بالسن)، وكذلك يلائمهم استقلالية مدنهم وقراهم ومزارعهم فتبنوا مبدأ (دولة-المدينة)، فسببت لهم صراعات دموية فيما بينهم من أجل حدود الأراضي الزراعية والمياه، مع لهم الفضل في اكتشاف أسلوب الكتابة المسمارية والاختام بأشكالها المنبسطة والاسطوانية، وبرعوا في بناء الصروح العالية (الزقورات) المكرسة للآلهة وقدموا الاساطير التي تتحدث عن آلهتهم وبطولاتها، وهكذا لديهم اعتزاز كامل في هويتهم، فأي قوة أخرى لا تسير ضمن مفهومهم فلن يكون هناك تعاون معها، لذلك وقفوا ضد سياسة الاكديين ومشاريعهم التوسعية حتى اسقطوهم نهائيا وانقلبوا على صديق الامس الشعب الگوتي فانهوا وجودوه في عالمهم الجنوبي وهكذا اثبتوا ان لديهم ثقل لا يستهان به، وعلى هذا الأساس قادوا من وجهة نظرهم حركات التحرير ضد الاكديين والكوتيين، ولكن لاتعود عقارب الساعة إلى الوراء فسرعان تغيرت لعبة الحضارة ودولة المدينة لاتفي بالمتغيرات الجديدة بعد قرنين من حكم (الاكدي - الگوتي)، فتخلوا عن بعض أفكارهم التي ورثوها وفي مقدمتها دولة المدينة. لقد تخلى السومريون عن الكثير من القيم السياسية التي ورثوها عن اجدادهم ملوك عصر فجر السلالات وانطلقوا مقلدين الاكديين في فتوحات واسعة خارج قوقعتهم بلاد سومر فساروا غربا باتجاه الفرات وشمالا اوصلتهم إلى آشور وشرقا باتجاه عيلام وجبال زاكروس وجنوبا حتى الخليج العربي، وهكذا من القطرية الى الأممية. لقد تقاسمت الممالك الثلاث (الاكدية والكوتية والسومرية) الحكم قرابة ثلاثة قرون في بلاد الرافدين، وكل واحدة تركت بصماتها واضحة إلى الدولة التي تليها، فالدولة الاكدية تركت القوة والمركزية في إدارة الحكم ورفعت شعار الملوك المؤلهين وبذلك أوصلت ملوكهم إلى مستوى اسطوري فوق جميع الملوك بالمقابل ترك الكوتيين سمعة سيئة في العودة للنظام اللامركزي مع ضعف سلطة ملوكهم وتخلفهم الحضاري وكأنهم اعادوا بلاد الرافدين الى الوراء بل أن اسم گوتي وبلاد گوتي بقي قيد الاستعمال حتى أواخر عصر الأسرة السرجونية الاشورية، أما السومريون فقد تركوا بصماتهم واضحة في نهوضهم الأخير بالعودة إلى المركزية في الحكم ورفع شعار ألوهية ملوكهم وتمجيد آلهتهم التي بقيت تعبد بنفس اسمائها إلى النصف الثاني من الألف الأول ق.م، وهكذا كل دولة من هذه الممالك الثلاث بصماتها واضحة في بلاد الرافدين.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|