تسهم دراسة كثافة السكان في تتبع العلاقة بين الانسان والارض وتحديد مدى الاكتظاظ بالسكان ، فالأعداد المطلقة للسكان لا تفسر الكثير عند التخطيط لتنمية وتطوير أي اقليم او دولة اذ من الضروري ربط هذه الاعداد بالأرض وقدرتها الانتاجية وبالتالي قدرتها على اود السكان ، لذلك فعند محاولة اعطاء صورة واضحة عن العلاقة بين السكان والأرض التي يعيشون عليها يجب ان نضع في الاعتبار القدرة الانتاجية للأرض لأن ذلك يبين هل الاقليم يكون بيئة طاردة للسكان ، أم ما زال قادراً على استيعاب اعداد اخرى منهم ، كما أن مثل هذه الدراسة تمكن من الحكم على مستوى معيشة السكان الذي يتوقف أساساً على كل من الموارد الطبيعية وأعداد السكان اللازمة لاستغلالها ، لذا يهتم في مثل هذه الدراسات بالكثافة الفيزيولوجية Physiological Density التي تربط بين عدد السكان ومساحة الارض المستغلة فعلا ، وهي تختلف عن الكثافة العامة أو الحسابية Arithmetical Density وهي نسبة عدد السكان الى مساحة محددة من الارض بغض النظر عن القدرة الانتاجية لهذه المساحة ، لذلك فهذه الكثافة " الحسابية " لا تعطي صورة واضحة وحقيقية عن العلاقة بين الانسان والارض فعند حسابنا للكثافة العامة في مصر مثلا نأخذ في الاعتبار عدد السكان (حوالي 56 مليون نسمة عام 1990) والمساحة الكلية البالغة نحو مليون كيلو مترا مربعا ، لذا تبلغ هذه الكثافة 56 نسمة في الكيلو متر المربع ... هذا الرقم لا يعطي صورة حقيقية للكثافة السكانية اذ ان معظم السكان (أكثر من 98%) يعيشون في وادي النيل ودلتاه (حوالي 4% من مساحة البلاد) بينما باقي المساحة (96%) عبارة عن صحاري تكاد تخلو من السكان يستثنى من ذلك مناطق الواحات ومراكز التعدين ، اما الكثافة الفيزيولوجية فهي تربط كما سبق أن ذكرنا بين عدد السكان ومساحة الارض المستغلة فعلا فهي تستبعد – عند حساب الكثافة الفيزيولوجية في مصر – المساحات الصحراوية غير المستثمرة ، لذا تصل هذه الكثافة في مصر الى حوالي 1000 نسمة / كم2 [شكل رقم 1] .