المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8338 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

Soap
21-12-2019
تـغييـر تـركيبـة وهـيكـل المـوارد البـشريـة
2024-11-01
صياغة شخصية القائد
22-04-2015
التسليم‌
30-9-2016
Transfer Principle
13-2-2022
تعقيبات حول وثاقة رواة كامل الزيارات / القسم التاسع عشر.
2024-02-28


تقسيم الواجب الى الأصلي والتبعي  
  
763   12:51 مساءاً   التاريخ: 3-8-2016
المؤلف : محمد تقي البروجردي النجفي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأفكار
الجزء والصفحة : ص.332
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث العقلية /

فالأصلي هو ما كان ايجابه مقصود بخطاب مستقل كالصلاة والوضوء في مثل قوله (عليه السلام) (إذا دخل الوقت وجب الصلاة والطهور) والتبعي ما كان ايجابه لا بخطاب مستقل بل بتبع خطاب متعلق بأمر آخر. والغرض من هذا التقسيم ايضا انما هو الفرار عما يورد على القول بوجوب المقدمة بانه كيف ذلك مع انه كثيرا ما تكون المقدمة غير ملتفت إليها بل وكثيرا ما يكون الآمر قاطعا من باب الاتفاق بعدم مقدمية الشيء لمطلوبه، كما نظيره كثيرا في العرفيات في مثل الامر بشراء اللحم مع الغفلة عن مقدمية المشي إلى السوق لذلك، ومع هذه الغفلة كيف يمكن دعوى وجوب المقدمة بقول مطلق، فمن ذلك صاروا بصدد هذا التقسيم لبيان انه لا يلزم في وجوب الشيء غيريا ام نفسيا ان يكون بإيجاب اصلي وخطاب مستقل بل يكفى فيه كونه تبع لإيجاب امر آخر عند ثبوت الملازمة بينهما، كما في المتلازمين في الحكم، حيث انه بعد ثبوت الملازمة بين الشيئين في الحكم يكون ايجاب أحدهما كافيا عن ايجاب الاخر وصيرورته موضوعا لحكم العقل بوجوب الامتثال، بلا احتياجه إلى خطاب على حدة. ففي المقام ايضا نقول: بانه بعد التلازم بين ارادة الشيء وارادة مقدماته يكون نفس ايجاب الشيء قهرا مستتبعا لإيجاب جميع ما يتوقف عليه الشيء من المقدمات بنحو الاجمال، فتكون كل واحدة من المقدمات حينئذ واجبة بعين ايجاب ذيها وان لم يكن الآمر ملتفت إليها بنحو التفصيل ولا اوجبها بخطاب أصلي مستقل، وعليه فيرتفع الاشكال على وجوب المقدمات التي لم تقع بالاستقلال تحت خطاب اصلى مستقل. ومن ذلك ظهر ايضا ان هذ التقسيم كسابقه انما كان بلحاظ مقام التحميل ومرحلة الايجاب المنتزع عن مقام ابراز الارادة لا بلحاظ لب الارادة ولذلك يجرى القسمان في الواجب النفسي ايضا من كون ايجابه وطلبه تارة اصليا كالصلاة والصوم والحج ونحوها، واخرى تبعيا كما في المتلازمين في الحكم، والا فبحسب لب الارادة لا مجال للتبعية والاصلية بهذا المعنى، كما هو واضح. هل الواجب مطلق المقدمة ام لا وكيف كان فبعد ان ظهر لك هذه الامور يبقى الكلام في ان المقدمة بناء على وجوبها هل هي واجبة على الاطلاق بلا دخل لحيث قصد الايصال إلى ذيها ولا إلى حيث ايصالها إليه خارجا، أو انها واجبة بشرط قصد التوصل بها إلى ذيها اما بكون القصد

المزبور قيدا للوجوب أو قيد للواجب كما هو ظاهر التقريرات اما مطلقا أو في فرض انحصار المقدمة بالفرد المحرم كما في انقاذ الغريق المتوقف على التصرف في مال الغير وارضه فيعتبر فيه قصد التوصل إلى الواجب في وجوبها ووقوعها على صفة الوجوب دون غيره، أو انها واجبة بشرط الايصال خارجا إلى ذيها كما عليه الفصول وذلك ايضا اما بكونه أي الايصال قيدا للوجوب أو للواجب، فيه وجوه واقوال: أقويها في النظر الوجه الاول وسيظهر وجهه من ابطال التفاصيل المزبورة ان شاء الله تعالى.

فنقول: اما عدم اعتبار حيث قصد التوصل ودخله في اتصافها بالوجوب فظاهر، بلحاظ ان ملاك الحكم الغيري انما كان ثابتا لذات المقدمة وحيثية القصد المزبور كانت اجنبية عن ذلك بالمرة، ومن ذلك لو اتى بالمقدمة لا بقصد التوصل كان اتيانه ذلك محصلا لما هو غرض الآمر بلا كلام، وحينئذ فمع اجنبية القصد المزبور عن ذلك لا يكاد يترشح الوجوب الغيري ايضا الا على نفس ذات المقدمة وهو واضح، هذا إذا اريد من دخل قصد التوصل في الواجب دخل التقيد به في موضوع الوجوب، واما ان اريد به اناطة موضوع الوجوب بكونه في ظرف القصد إلى ذي المقدمة، نظير اناطة التجارة بكونها عن تراض الملازم ذلك لاعتبار الموضوع في عالم الجعل في رتبة متأخرة عن القيد والمنوط به ففساده أفحش بلحاظ استلزامه لكون المقدمة التي هي موضوع الوجوب الغيري في الرتبة المتأخرة عن القصد المزبور التي هي رتبة وجود ذيها، وهو كما ترى من المستحيل، فان المقدمة لابد من كونها في رتبة سابقة عن وجود ذيها فيستحيل حينئذ اخذها في رتبة وجود ذيها كما هو واضح، هذا كله، مضافا إلى ما عرفت من اجنبية القصد المزبور عن ذلك هذا كله فيما لو اريد كونه قيدا وشرطا للواجب، واما لو اريد كونه قيدا للوجوب فبطلانه اظهر من جهة استلزامه حينئذ لتوجه الايجاب نحو الشيء في ظرف أرادته للتوصل الملازم لإرادة المقدمة، ومرجعه إلى تعلق الايجاب بالشيء في ظرف وجوده تكوينا لأنه في ظرف ارادة المقدمة يكون الوجود قهري الحصول والتحقق، وهو كما ترى من المستحيل، من جهة وضوح أن مثل هذا الظرف ظرف لسقوط الوجوب عنه، فيستحيل كونه ظرفا لثبوته وهو ايضا واضح. وحينئذ فعلى كل تقدير لا مجال لأخذ قصد التوصل قيدا وشرطا لا للواجب ولا للوجوب، خصوصا بعد ملاحظة سائر الواجبات الشرعية والعرفية التي تكون ارادتها بحسب اللب غيرية للتوصل بها إلى وجود ما هو المراد والمطلوب النفسي الذي هو غرض الاغراض وغاية الغايات، مع بداهة عدم اعتبار قصد التوصل فيها حتى في العباديات منه وكفاية الاتيان بها بداعي أمرها في وقوعها على صفة الوجوب وفي مقربيتها. ومن ذلك اندفع ما قيل في تقريب اعتبار القصد المزبور في الواجب في وقوعه على صفة الوجوب، بأن ذلك لا يكون من جهة تقيد موضوع الوجوب بذلك بل وانما هو من جهة اقتضاء الغرض الداعي إلى ايجابه، بتقريب ان الغرض من الامر بالمقدمة بعد ان كان هو التوصل به إلى ذيها لا مطلوبيتها في ذاتها فالمطلوب الجدى الحقيقي قهرا بحكم العقل يكون عبارة عن نفس التوصل، وحينئذ فلابد في وقوعها على صفة الوجوب وصيرورتها مصداقا للواجب بما هو واجب من الاتيان بها عن قصد التوصل بها إلى ذيها، والا فمع عدم الاتيان بها كذلك لا يكاد وقوعها على صفة الوجوب ومصداقا له وان كان يجتزئ بها حينئذ وكانت محصلة لغرضه، ففى الحقيقة كان قضية اعتبار القصد المزبور من جهة قصور الوجوب المتعلق بالمقدمة عن الشمول لها في حال عدم اقترانها بقصد التوصل لا من جهة تقيد موضوع الوجوب بالقصد المزبور. وجه الاندفاع يظهر مما عرفت في اكثر الواجبات الشرعية والعرفية التي لا تكون اراداتها بحسب اللب الا غيرية مع وضوح عدم اعتبار قصد التوصل فيها، لا في وقوعها على صفة الوجوب ولا في مقربيتها، على ان كون الغرض من المقدمة هو التوصل لا يقتضي اعتبار قصده فيها في وقوعها على صفة الوجوب، وان حصول القرب بإتيانها عن قصد التوصل بها إلى ذيها غير موجب لانحصار القرب بذلك، بل هو كما يتحقق بذلك يتحقق ايضا بإتيانها بداعي امرها ومراديتها للمولى، ومن ذلك نقول بان شأن الاوامر الغيرية كلية انما كان هو التوسعة في مقام التقرب بإتيان متعلقة عن دعوته، وعليه فلا مجال ايضا لأثبات اعتبار قصد التوصل في المقدمة في وقوعها على صفة الوجوب بمثل هذا البيان ايضا كما هو واضح. ثم انه من هذا البيان ظهر ايضا حال ما إذا كانت المقدمة منحصرة بالفرد المحرم مع تقديم جانب الوجوب بمقتضي اهمية مصلحة الوجوب من مفسدة الحرمة كإنقاذ الغريق المتوقف على المشي في الارض المغصوبة حيث نقول فيه ايضا بان الواجب حينئذ لا يكون الا ذات المقدمة قصد بها التوصل إلى ذيها ام لم يقصد لعدم دخل حيث قصد التوصل في وقوعها على صفة الوجوب وصيرورتها مصداقا للواجب بما هو واجب، وحينئذ (فما افيد) كما عن بعض الاعلام من لزوم قصد التوصل في مثل هذا الفرض مع بناءه على عدم لزومه في غيره بتقريب أن اذن الشارع حينئذ في الغصب مع كونه مبغوضا ذاتا من جهة اهمية مصلحة الانقاذ من مفسدة فعل الغصب انما يوجب الاذن في الغصب على الاطلاق ولو لا بدون قصد التوصل إذا لم تكن في البين مزية راجحة في الفرد المشتمل على الخصوصية بالنسبة إلى الفرد الفاقد لها، والا فلابد من الاقتصار في مقام الضرورة على خصوص ما فيه المزية الراجحة من جهة ان الضرورة انما تتقدر بقدرها فإذا كانت الضرورة تدفع بما فيه تلك المزية الخاصة لا مجال لاختيار الفرد الآخر الذي لا يكون فيه تلك المزية، وحينئذ ففي المقام الغصب المقصود به التوصل إلى الانقاذ والغصب غير المقصود به التوصل إليه وان كانا متساويين من جهة ملاك المقدمية للإنقاذ الواجب، ولكن القسم الاول لاشتماله على الخصوصية لما كان فيه مزية زائدة على القسم الثاني فقهرا بحكم العقل يكون هو المتعين في مقام دفع الضرورة ويكون غيره على حرمته (منظور فيه) إذ نقول بان ذلك لوتم فإنما هو في مثل الكلى المتواطئ الذي يشتمل كل فرد منه على حصة من الطبيعي غير الحصة المأخوذة في الفرد الآخر كما قيل بان الطبيعي مع الافراد كالآباء مع الاولاد في انه مع كل فرد أب من الطبيعي غير الاب الذي يكون مع الفرد الآخر إذ حينئذ بانضمام الخصوصيات يتعدد الحصص والافراد حقيقة ومع تعددها يتوجه الاشكال بان اهمية مصلحة الانقاذ لا تقتضي الا مطلوبية الجامع بين الفردين والحصتين وهو انما يقتضي تخيير المكلف بين الفردين إذا لم تكن هناك لاحد الفردين باعتبار الخصوصية المأخوذة فيه مزية راجحة على الفرد الاخر والا يتعين خصوص ما فيه المزية الراجحة، لا في مثل المقام الذي هو من قبيل التشكيكات إذ في مثله لا يكاد اقتضاء الخصوصية لتغير في الذات بحيث تباين الذات في حال عدم وجدانها للخصوصية فتكون هناك حصتان وفردان احدهما واجد للخصوصية والآخر فاقد لها كما في افراد المتواطئ بل الذات حينئذ حال وجدانها للخصوصية بعينها هي تلك الذات حال فقدانها لها وانما كان الاختلاف ممحضا في الوجدان والفقدان وعلى ذلك نقول بانه إذا اقتضى اهمية الانقاذ في المثال مطلوبية شخص هذه الذات المحفوظة بين الحالتين وهو الغصب ومغلوبية مفسدته فلا جرم بعد هذه المغلوبية لا يفرق بين حال وجدانها لخصوصية قصد التوصل وبين حال فقدانها لها، ومعه فلا يتعين عليه قصد التوصل بها إلى الواجب، بل كان له الخيار حينئذ بين الاتيان بها مقرونة بقصد التوصل وبين الاتيان بها غير مقرونة بذلك كما هو واضح، على انه مع الاغماض عن ذلك وتسليم كون المقام من قبيل الكلى والجامع المتواطئ لا من قبيل الجامع التشكيكي نقول بانه انما يتعين ويجب عليه قصد التوصل إذا كان تلك المزية القائمة بالخصوصية في نفسه بنحو من الاهتمام بحيث تمنع عن النقيض وتمنع عن تأثير المفسدة في المبغوضية إذ حينئذ يتعين عليه اختيار الفرد الواجد للخصوصية بحكم العقل جمعا بين الغرض القائم بالجامع وبين الغرض القائم بالخصوصية والا فاذا لم تكن المزية بالغة إلى مرتبة المنع عن النقيض وعن تأثير المفسدة في المبغوضية فلا جرم كان مقتضى اهمية مصلحة الانقاذ وتأثيرها في مطلوبية الجامع بين الفردين هو التخيير بينهما، نعم غاية ما هناك حينئذ هو استحباب اختيار الفرد الواجد للخصوصية لا انه يتعين عليه ذلك.

ومن هذا البيان ظهر بطلان مقايسة المقام بصورة وجود فرد مباح وعدم انحصار المقدمة بالحرام في لزوم اختيار الفرد المباح، إذ نقول بان لزوم اختيار الفرد المباح هناك انما كان من جهة اقتضاء تلك المفسدة غير المزاحمة القائمة بالخصوصية فأنها من جهة خلوها عن المزاحم لما كانت مؤثرة في المبغوضية الفعلية في الخصوصية كان العقل يحكم بمقتضي الجمع بين الغرضين بتعين خصوص الفرد المباح وتطبيق الجامع عليه، وهذا بخلاف المقام الذي لا يوجد فيه فرد مباح، إذ فيه بعد لا بدية الاتيان بأحد الفردين بمقتضي اهمية الانقاذ فقهرا يكون نتيجة الامر بالجامع فيهما بعد عدم بلوغ رجحان الخصوصية إلى مرتبة المنع عن النقيض هو التخيير بينهما، كما هو واضح.

كما انه من ذلك البيان ظهر ايضا عدم صحة المقايسة بمسألة المتوسط في الارض المغصوبة التي لها طريقان للخروج عنها احدهم اقرب من الآخر من حيث تعين اختيار الاقرب منهما بحكم العقل، إذ نقول بان حكم العقل هناك بلزوم اختيار سلوك الاقرب منهما في مقام الخروج انما هو من جهة استلزام غيره لزيادة التصرف في مال الغير التي هي محرمة شرعا فلا يرتبط حينئذ بالمقام الذي لا يكون الامر فيه كذلك كما لا يخفى.

 فلا محيص حينئذ ولو على البناء بكون المقام من قبيل الجامع المتواطئ من المصير إلى التخيير بين الفردين وعدم تعين الفرد الواجد للخصوصية فيسقط القول باعتبار قصد التوصل ولزومه على كل تقدير، هذا كله بالنسبة إلى قصد التوصل. واما نفس الايصال الخارجي فعدم اعتباره ايضا واضح لو اريد دخله بنحو القيدية للوجوب أو الواجب كما هو ظاهر الفصول، وذلك اما عدم اعتباره ودخله في الوجوب فظاهر من جهة ان حيثية الايصال والترتب نظير عنوان الموضوعية انما كانت منتزعة عن رتبة متأخرة عن وجود ذي المقدمة، وحينئذ فإناطة الوجوب المتعلق بها بالوصف المزبور تكون ملازمة لأناطته بوجود موضوعه، وهو من المستحيل، من جهة كونه حينئذ من تحصيل الحاصل، من دون فرق في ذلك بين ان نقول بمقالة المشهور في الواجب المشروط أو بما ذكرنا بجعل المنوط به هو الشيء بوجوده العلمي اللحاظي طريقا إلى الخارج، فانه بعد ما لابد في مقام الايجاب والاناطة من لحاظه في ظرف لحاظ قيده فقهرا في هذا الظرف أي في ظرف القيد يرى كون الوجود متحققا إذ يرى كونه ظرفا لوجود المقدمة الذي هو ظرف سقوط الامر عنها، ومعه يستحيل كونه ظرفا لثبوت الامر بها كي امكن البعث نحوها بالإيجاد، كما هو واضح، هذ كله بناء على احتمال كونه قيدا للوجوب واما بناء على احتمال كونه قيدا للواجب لا للوجوب كما لعله ظاهر الفصول فلا يخلو اما ان يراد من اعتبار الايصال ودخله كونه على نحو الظرفية للواجب، بجعل موضوع الوجوب الغيري عبارة عن ذات المقدمة لكن في ظرف الايصال وترتب ذيها عليها الملازم لاعتبار الذات في عالم معروضيتها للوجوب في رتبة متأخرة عن القيد المزبور نظير قوله تجارة عن تراض الظاهر في ان موضوع الحكم في جواز التصرف ونحوه هو التجارة الناشئة عن تراضي الطرفين، واما ان يراد من اعتبار الايصال دخله في موضوع الوجوب بنحو خروج القيد ودخول التقيد كما في سائر المقيدات، بحيث كان معروض الوجوب وموضوعه عند التحليل مركبا من امرين احدهما ذات الموضوع والاخر حيثية التقيد بقيد الايصال إلى ذيها، فكان الفرق حينئذ بين ذلك وسابقه انه على الاول يكون معروض الوجوب الغيري عبارة عن نفس الذات محضة وكان حيث الايصال والترتب المزبور من جهة اخذه ظرفا مقدمة لنفس الذات بلحاظ انه بدونه لا يكاد يتحقق ما هو موضوع الحكم اعني الذات الخاصة بخلافه على الوجه الاخير فانه عليه كان موضوع الوجوب الغيري عبارة عن الذات مع وصف التقيد فكان حيث الترتب والايصال مقدمة بالنسبة إلى اجزاء الموضوع وهو التقيد لا بالنسبة إلى تمام الموضوع حتى حيثية الذات ايضا.

وعلى أي حال نقول: بانه كان المراد من اعتبار حيث الايصال ودخله في الواجب بنحو القيدية اعتباره فيه على الوجه الاول فبطلانه ظاهر من جهة استلزامه لأخذ موضوع الوجوب الغيري في رتبة متأخرة عن وجود ذيها، وهو كما ترى من المستحيل، حيث انه ينافي جدا مقدمية الذات لوجود ذيها، وترتب مثل هذا المحذور عليه انما هو من جهة اقتضاء الترتب المزبور بنحو الظرفية للذات تقدمه عليها الملازم لتأخر المقدمة رتبة عنه وعن وجود ذيها ايضا وهذا كما عرفت مناف لمقدمية الذات لوجود ذيها وكونها في رتبة سابقة عليه كما هو واضح، وان كان المراد من اعتبار الايصال دخله في الواجب على الوجه الثاني فعليه وان يسلم عن هذا الاشكال بلحاظ عدم اقتضائه حينئذ الا تقدمه على حيث وصف التقيد لا على نفس الذات، فكانت الذات حينئذ محفوظة في رتبة سابقة على ذي المقدمة وعلى حيثية وصف الايصال والترتب، الا انه يتوجه عليه كونه مخالفا لم يقتضيه الوجدان إذ بداهة الوجدان قاض بانه لا مدخلية لعنوان الايصال والترتب فيم هو معروض الوجوب الغيري وان ما هو المعروض للوجوب الغيري لا يكون الا ذات المقدمة لا هي مع التقيد بوصف الايصال إلى ذيها وان حيثية الايصال انما كانت من الاغراض الداعية إلى ايجابها فكانت من الجهات التعليلية لا من الجهات التقييدية كما لا يخفى. ثم انه اورد عليه ايضا بوجوه آخر لم يتعرض لها الاستاذ :

منها استلزامه لمحذور اتصاف ذي المقدمة مع كونه واجبا نفسيا بالوجوب الغيري ببيان ان اخذ التقيد بالإيصال المنتزع عن مرحلة ترتب ذي المقدمة على المقدمة في موضوع الوجوب يقتضي كونه مشمول للوجوب الغيري فيجب حينئذ تحصيله كوجوب تحصيل ذات المقدمة، ولازمه هو صيرورة ذي المقدمة بلحاظ مقدمية التقيد المزبور متصفا بالوجوب الغيري، فيلزمه اجتماع الوجوبين فيه: احدهما الوجوب النفسي والاخر الوجوب الغيري بملاك مقدميته للمقدمة، وهو كما ترى من المستحيل، خصوصا في مثل المقام الذي يستلزم سراية الوجوب من ذي المقدمة بتوسيط مقدمته إلى نفسه.

ومنها لزوم اتصاف المقدمة بالوجوب بعد وجود ذيها وهو من المحال، من جهة ان مثل هذا الصقع هو صقع سقوط الامر عن ذيها الملازم لسقوطه عنه ايضا فلا يمكن ان يكون صقعا لثبوته ومنها استلزامه لمحذور تقدم الشيء على نفسه وتأخره عنه رتبة نظرا إلى ما هو المفروض من مقدمية المقيد لوجود ذي المقدمة ومقدمية ذي المقدمة لتحقق التقيد المزبور. ولكن يمكن ان يدفع هذه المحاذير، وذلك:

اما المحذور الاول فبدعوى قصور الوجوب الغيري حينئذ في سرايته وعوده إلى ذي المقدمة بعد سرايته منه إلى المقدمة إذ حينئذ وان كان ملاك المقدمية متحققا في ذي المقدمة ولكنه بعد قصور الوجوب الغيري وعدم قابليته لا يكاد اتصاف ذي المقدمة الا بوجوب واحد وهو الوجوب النفسي.

واما المحذور الثاني فدفعه انما هو بدعوي ان معروض الوجوب الغيري، انما كان المقيد لكن بالنظر التصوري الذي لا يقتضي المفروغية في الوجود الخارجي كما في القضايا التقييدية في المركبات الناقصة كزيد القائم الذي يحمل عليه الوجود تارة والعدم اخرى، كقولك زيد القائم موجود أو معدوم، لا بالنظر التصديقي الذي يقتضي مفروغية موضوعه في الخارج كما في القضايا التصديقية في المركبات التامة كزيد قائم وعمر وقاعد، والاشكال المزبور انما يتوجه على الوجه الثاني دون الاول فانه بعد عدم اقتضائه مفروغية الموضوع في الخارج في لحاظه بشهادة صحة حمل الوجود عليه تارة والعدم اخرى لا يترتب عليه كون صقعه صقع وجود ذي المقدمة الذي هو صقع سقوط الامر عن المقدمة حتى يتجه الاشكال المزبور، ومن ذلك ايضا يتضح الفرق بين هذا الفرض وبين فرض كونه قيدا للوجوب الذي قلنا باستحالته لمثل هذا المحذور فان عدم امكان اخذه قيدا لأصل الوجوب انما هو من جهة احتياج شرائط الوجوب وقيوده لدخلها في اتصاف الموضوع بالمصلحة والصلاح إلى لحاظها بالنظر التصديقي الذي يقتضي مفروغية وجودها في الخارج في مقام البعث والتكليف نظرا إلى انه لو لا لحاظها كذلك لا يرى اتصاف الموضوع بكونه صلاحا ومصلحة كي يطلبه ويريده، وهذا بخلافه في قيود الواجب التي لا يكون دخلها الا في وجود المتصف فارغا عن اصل الاتصاف فانه حينئذ لا تحتاج في مقام معروضيتها للوجوب الا إلى اللحاظ التصوري اما الاشكال الثالث فله وجه بل لا محيص عنه لو قيل بمقدمية التقيد ايضا كذات المقدمة لما هو الواجب والمطلوب النفسي، ولكنه ليس كذلك بل ولا يظن ايضا التزام القائل بدخل حيث الايصال والترتب في الواجب به، وذلك من جهة وضوح ان تمام همه من اخذ الايصال قيد في الواجب انما هو اثبات ان موضوع الوجوب الغيري ومعروضه هي الذات الخاصة دون الذات المجردة عن القيد المزبور مع تسليمه لان ما هو المقدمة وما فيه ملاك الوجوب الغيري عبارة عن ذات المقدمة، لا هي مع وصف التقيد بالإيصال بحيث كان للوصف المزبور دخل في تحقق الواجب كما هو واضح. وحينئذ فالعمدة في الاشكال عليه هو الذي ذكرنا من مخالفته لمقتضي الوجدان باعتبار ان ترشح الوجوب الغيري انما يكون على ما فيه ملاك المقدمية والتوقف، وما فيه الملاك المزبور بعد، لا يكون الا ذات المقدمة لا هي مع وصف التقيد بالإيصال فلا جرم لا يترشح الوجوب ايضا الا على الذات المقدمة كما لا يخفى. ثم انه قد يقرب القول المزبور ايضا بوجه آخر، وهو ان الغرض من مطلوبية المقدمة وايجابها حيثما كان هو التوصل بها إلى وجود ذيها في الخارج فلا جرم يقتضي ذلك تخصيص الوجوب بخصوص المقدمة الموصلة ولا نعنى من اعتبار الايصال إلى الواجب في المقدمة وفي موضوع الوجوب الغيري الا هذا المعنى من عدم تعدي الوجوب عن المقدمة الموصلة إلى غيرها، ولكن فيه ما لا يخفى، إذ نقول بان الغرض من الامر بكل مقدمة ليس الا ما يترتب على وجودها من الملاك وحينئذ فإذا كان دخل كل مقدمة من حيث كونها سادة لباب من ابواب عدم ذيها في الخارج فلا جرم لا يكاد يكون الغرض من ايجاب كل مقدمة الا ذلك، وفي مثله يستحيل كونه هو التوصل إلى الوجود وترتب الواجب عليها، كيف وانه بعد مدخلية الارادة ايضا في تحقق الواجب يستحيل كون الترتب المزبور من آثار مجموع المقدمات فضلا عن كل واحدة منها، وحينئذ فإذا لم يكن دخل كل مقدمة الا كونها سادة لباب من ابواب عدم ذيها ولا كان الغرض من ايجاب كل مقدمة ايضا الا ما يترتب عليها من الحفظ من جهتها لا ترتب الوجود، فلا محيص بمقتضي البيان المزبور من الالتزام بان الواجب هو نفس ذات المقدمة لا هي بما انما موصلة نظرا إلى وضوح ترتب مثل هذا الغرض حينئذ بمحض تحقق المقدمة في الخارج وان لم يتحقق بقية المقدمات ولم يترتب عليها ذوها في الخارج اصلا كما لا يخفى.

نعم لنا مسلك آخر في تخصيص الوجوب الغيري بخصوص المقدمة الموصلة لكن لا بمناط تقييد الواجب بالإيصال إلى ذيها، كما يقتضيه ظاهر الفصول، بل من جهة قصور الوجوب الغيري في نفسه عن الشمول للمقدمة الا في حال الايصال إلى ذيها، نظير ما ذكرنا غير مرة في الاوامر الضمنية المتعلقة بالأجزاء في المركبات الارتباطية في اختصاص شمولها لكل جزء من المركب بحال انضمام بقية الاجزاء ايضا وقصورها بنفسه لضمنيتها عن الشمول لجزء عند عدم انضمام بقية الاجزاء، وذلك انما هو بتقريب ان دخل كل مقدمة وان لم يكن الاسد باب عدم ذيها من قبلها وفي ذلك ايضا لا يفرق بين حال انفكاكها عن بقية المقدمات الملازم لعدم الايصال إلى ذيها وبين حال عدم انفكاكه عنها، من جهة انه بتحقق كل مقدمة يترتب عليها لا محالة الحفظ من جهة وسد باب العدم الذي هو ملاك وجوبها الغيرى، انضمت إليها بقية المقدمات ام لا، ترتب عليها وجود ذيها في الخارج ام لم يترتب، الا ان التكليف المتعلق بكل واحد من السدود المزبورة حيثما كان تكليفا انحلاليا ضمنيا حسب انحلال التكليف بالواجب إلى تكاليف متعددة متعلقة بالسدود المزبورة وكان من جهة ضمنيته في تعلقه بالسد من هذا الجهة وتلك الجهة قاصر الشمول لحال عدم تحقق بقية السدود وعدم انحفاظ المطلوب من الجهة الاخرى على ما هو شأن كلية التكاليف الضمنية في المركبات الارتباطية فلا جرم نقصها وقصوره ذلك يوجب كون الطلب الغيري المترشح منها إلى المقدمات الموجبة للسدود المزبورة ايضا طلبا ناقصا غير تام بنحو يقصر في تعلقه بكل مقدمة عن حال انفرادها عن بقية المقدمات الاخر إذ لا يمكن حينئذ ان يكون هذا الطلب الغيري الناشئ من الطلب الضمني طلب مستقلا تاما في حد نفسه وقابلا للامتثال على الاطلاق حتى في ظرف عدم تحقق بقية المقدمات للتالي، مع كون الطلب المترشح منه هذا الطلب الغيري طلبا ناقصا غير تام في نفسه، وفي ذلك ايضا لا يفرق بين ان نقول بكون المقدمات بأجمعها تحت تكليف واحد أو تحت تكاليف متعددة بصيرورة كل مقدمة تحت تكليف غيري مستقل، فانه على كل تقدير لا يكون المترشح الا تكليفا غير يا ناقصا وذلك: اما على الاول فظاهر لأنه بعد خروج الارادة التي هي من المقدمات عن حيز التكليف فقهرا يكون التكليف المتعلق ببقية المقدمات تكليفا ناقصا غير تام واما على الثاني فكذلك لكونه مقتضي ضمنية الطلب المتعلق بالسدود المزبورة وعلى ذلك نقول: بانه إذا كان التكليف المتعلق بكل مقدمة تبعا للتكليف النفسي الضمني المترشح منه ناقصا غير تام نفسه بنحو يقصر عن الشمول لحال عدم تحقق بقية المقدمات فلا جرم يوجب نقصه وقصوره ذلك تخصيص المطلوب ايضا بما لا يكاد انفكاكه عن بقية المقدمات التي منها الارادة الملازم ذلك مع الايصال إلى وجود ذيها في الخارج، ومعه يكون الواجب قهرا عبارة عن خصوص ما هو ملازم مع الايصال بنحو لا يكاد انفكاكه في الخارج عن وجود الواجب لا مطلق وجود المقدمة ولو في حال الانفكاك عن الايصال وعن ترتب الواجب عليها، وعليه فالواجب بما هو واجب وان لم يكن مقيدا بقيد الايصال ولكنه لقصور في حكمه عن الشمول لحال انفكاك عن بقية المقدمات لا يكون مطلق ايضا بنحو يشمل حال عدم الايصال إلى وجود ذيه فهو أي الواجب حينئد عبارة عن ذات المقدمة بما انها توأمة وملازمة مع الايصال وترتب ذيها عليها، لا بشرط الايصال كما هو مقتضي كلام الفصول ولا لا بشرط الايصال كما هو مقتضي القول بوجوب المقدمة مطلق كما لا يخفى.

ومن ذلك البيان ظهر ان مجرد تمامية المقدمة بذاتها فيما هو ملاك الوجوب الغيري وهو الحفظ من جهة غير مقتض لاتصافها بالوجوب على الاطلاق ولو في حال انفكاكها عن سائر المقدمات الاخر وعدم ايصالها إلى ذيها، إذ نقول بانه انما يقتضي ذلك لو لا ما في حكمها من القصور الناشئ من قصور الامر الضمني عن الشمول للسد من جهة ولو مع عدم تحقق بقية السدود والا فمع مثل هذا القصور في الحكم لا يكاد اتصافه بالوجوب ايضا الا في ظرف اجتماع بقية المقدمات الاخر. كما انه من ذلك ظهر حال الغرض الداعي إلى الامر بالمقدمة ايضا فان الغرض من الامر بكل مقدمة وان كان هو جهة وفائها بما يخصها من سد باب عدم ذيها من قبلها الا انه من جهة ضمنيته باعتبار تعلقه بمجموع السدود يكون قاصر الشمول في تعلقه بالسد من هذه الجهة عن حال عدم تحقق بقية السدود، فمن ذلك لا يكاد اقتضائه لإيجاب المقدمة الا في حال تحقق سائر المقدمات الملازم لتحقق بقية السدود من الجهات الاخر ايضا، والا لاقتضى وجوب الاتيان ولو بمقدمة واحدة عنه عدم التمكن من الاتيان بسائر المقدمات نظرا إلى تمامية تلك المقدمات حينئذ ووفائها بما هو ملاك وجوبها الغيرى، معانه ليس كذلك قطعا فتأمل وعلى ذلك فلا يبقى مجال لا ثبات وجوبها مطلقا كما افيد في الكفاية من دعوى انه من المعلوم بداهة سقوط التكليف عن المقدمة بمجرد الاتيان بها من دون انتظار ترتب ذيه عليها في ذلك بحيث لا يبقى مع الاتيان بها الا طلبه وايجابه بالنسبة إلى ذيها كما لو لم تكن هذه بمقدمة أو كانت حاصلة من اول الامر، وحينئذ فلو اعتبر في اتصافه بالوجوب ترتب ذيها عليها خارجا لما كاد يسقط عنها التكليف بمجرد الاتيان بها، مع ان سقوط التكليف عنها حينئذ في الوضوح كالنار على المنار وكالشمس في رابعة النهار، كوضوح ان سقوطه عنها ايضا انما كان من جهة الموافقة لا من جهة ارتفاع الموضوع أو العصيان والمخالفة فسقوط التكليف عنها حينئذ وعدم الامر بها ثانيا بعد الاتيان بها كاشف قطعي عن وقوعها على صفة الوجوب وعدم دخل حيث الايصال إلى ذيها في ذلك إذ نقول: مضافا بالنقض بأجزاء المركبات الارتباطية والمشروطات بالشرط المتأخر المعلوم فيها ايضا عدم وجوب الاتيان ثانيا بالجزء المأتي به من المركب ما دام على صلاحيته للانضمام ببقية الاجزاء مع معلومية عدم سقوط الامر عنه الا بعد لحوق الجزء الاخير من المركب بلحاظ توأمية الاوامر الضمنية المتعلقة بالأجزاء ثبوتا وسقوطا ان عدم وجوب الاتيان بالجزء المأتى به هناك وبالمقدمة في المقام انما هو من جهة سقوط الامر حينئذ عن المحركية والفاعلية لا من جهة سقوطه بالمرة، فحيث انه لم يكن قصور في طرف المأتى به اوجب اتيانه سقوط امره عن الفاعلية والمحركية نحو الاتيان ثانيا وثالثا ولكن الامر والتكليف لقصور فيه قد بقى على فعليته إلى حين لحوق بقية الاجزاء في المركبات وتحقق بقية المقدمات في المقام، ومن ذلك لو فرض خروج المأتى به عن القابلية بالمرة يجب الاتيان به ثانيا بنفس التكليف الاول، وليس ذلك الا من جهة بقاء التكليف به بعد ذلك على فعليته وكون الساقط مع الاتيان هو مرتبة محركيتها لا مرتبة فعليته، ولا تنافي ايضا بين فعلية الامر والتكليف وعدم فاعليته حيث امكن التفكيك بينهما ومن ذلك ايضا فككنا نحن بين التكليف وفاعليته فيما تصورناه من الواجب المشروط، وعليه فلا مجال للكشف عن وجوب المقدمة على الاطلاق بمحض سقوط الامر بها عن المحركية والفاعلية بإتيان ذات المقدمة.

 بل لا محيص، بمقتضي ما ذكرنا من المصير إلى ان الواجب من المقدمات هو خصوص ما يلازم خارجا مع الايصال وترتب ذيها في الخارج عليها، فيكون حيثية الايصال على ذلك حينئذ من قبيل العناوين المشيرة إلى ما هو الواجب بانه عبارة عن الذات الخاصة التوأمة مع الايصال بنحو لا يكاد انفكاكها في ظرف التطبيق على الخارج عن وجود ذيها وكان اخذه في الموضوع ايضا في قولنا :

(الواجب هو المقدمة الموصلة) لمحض كونه معرفا لما هو الواجب لا من جهة كونه قيدا له كما يقتضيه ظاهر كلام الفصول (قدس سره) كما هو واضح .

نعم قد يقال حينئذ بعدم انفكاك هذا القول عن القول باعتبار قصد التوصل نظرا إلى دعوى احتياج امتثال الامر الغيري حينئذ إلى تطبيق عنوان الواجب على المأتى به واحتياج التطبيق المزبور إلى قصد التوصل بالمقدمة إلى ذيها أو قصد ذيها، من جهة انه بدون القصد المزبور لا يكاد تطبيق عنوان الواجب على المأتى به حتى يصح اتيانه بداعي امرها، فمن ذلك لا يكاد انفكاك القول بوجوب المقدمة الموصلة عن القول باعتبار قصد التوصل، ولكنه مدفوع إذ نقول بان المحتاج إليه في مقام تطبيق عنوان الواجب على المقدمة انما هو العلم بترتب ذيها عليها خارجا فيكفي حينئذ مجرد العلم بتحقق الواجب فيما بعد في تطبيق الواجب على المأتى به وان لم يكن من قصده التوصل بالمقدمة إلى ذيها ولا كان ايضا قاصدا ومريدا لذيها حال الاتيان بها بوجه اصلا كما لا يخفى.

بقى الكلام في بيان الثمرة بين القولين فنقول: قد يقال كما في الفصول: بظهور الثمرة بين القولين في الضد العبادي الذي يتوقف على تركه فعل الواجب بناء على مقدمية ترك الضد لفعل الضد الواجب كما في الصلاة بالنسبة إلى الازالة، فانه على القول بوجوب مطلق المقدمة تقع العبادة فاسدة لا محالة من جهة كون فعلها حينئذ نقيضا للترك الواجب وصيرورتها حراما ومبغوضا بمقتضى النهي عن النقيض، واما على القول بوجوب المقدمة الموصلة فلا تبطل بل تصح من جهة خروج فعلها حينئذ عن كونه نقيضا للترك الواجب، نظر إلى ان الواجب بعد كونه عبارة عن الترك الخاص فنقيضه لا يكون الا رفعه الذى هو ترك الترك الخاص دون الفعل المطلق، بشهادة امكان ارتفاع كل من الفعل المطلق والترك الموصل بالترك المجرد غير الموصل كإمكان ارتفاع كل من الترك الموصل والترك المجرد بالفعل المطلق، مع وضوح امتناع ارتفاع النقيضين كاجتماعهما، وحينئذ فإذا لم يكن الفعل المطلق نقيضا للترك الموصل بل كان مما يقارن ما هو النقيض، من رفع الترك الخاص المجامع معه تارة ومع الترك المجرد اخرى، فلا جرم لا يحرم ايضا بمقتضي وجوب الترك الموصل، ومعه تقع صحيحة لا محالة بلحاظ عدم سراية حرمة الشيء إلى ما يلازمه ويقارنه، هذا وقد اورد عليه بانه يكفى في فساد العبادة وبطلانها حينئذ مقدمية فعلها لترك الضد الواجب، فان مقتضى مبغوضية الترك المزبور حينئذ انما هو مبغوضية ما هو عليه، فإذا فرض ان العبادة كانت مقدمة وعلة لترك الواجب فلا جرم تقع مبغوضة ومعه تقع فاسدة من هذه الجهة، فلا يحتاج حينئذ إلى اثبات كون فعلها نقيضا للترك الواجب كي يشكل بما افيد بان الفعل المطلق لا يكون نقيضا للترك الخاص وانما كان مقارنا لما هو النقيض من رفع الترك الخاص المجامع معه تارة ومع الترك المجرد اخرى، ولا يقتضى حرمة شيء ايضا حرمة ما يلازمه ويقارنه إذ على كل تقدير تقع العبادة حينئذ فاسدة سواء على القول بوجوب مطلق المقدمة أو القول بوجوب خصوص المقدمة الموصلة. ولكن فيه انه مبنى على مقدمية فعل الضد لترك الضد الاخر، وهو في محل المنع، فان القائل بمقدمية الضد انما يدعى فعلية التوقف من طرف الوجود خاصة لا مطلقا حتى من طرف العدم ايضا، ومن ذلك يمنع استناد الترك المزبور إلى وجود ضده بل يسنده إلى الصارف وعدم تحقق مقتضيه وهو الارادة، وحينئذ فإذا كان الترك مستندا إلى الصارف وعدم الارادة لا إلى وجود ضده فلا جرم تكون الثمرة المزبورة على حالها، حيث لا موجب في البين حينئذ يقتضي حرمة العبادة على القول بالمقدمة الموصلة حتى تقع فاسدة، كما هو واضح. وحينئذ فالأولى في الاشكال عليه هو المنع عن كون الفعل مما يقارن النقيض وانه بنفسه نقيض للترك الواجب بدعوى ان نقيض المقيد بعد انحلاله إلى جزئين احدهما ذات الترك والاخر التقيد بالخصوص يتحقق بأحد الامرين: اما بقلب ذات الترك أو بقلب التقيد، فنقيض الترك كان هو الفعل ونقيض القيد هو عدم التقيد، وحينئذ فإذا تحقق أحد الامرين لا محالة ينطبق عليه النقيض ويصير مبغوضا، كما هو ذلك ايضا في كلية المركبات، ومن ذلك اشتهر ان المركب كما ينتفي بانتفاء مجموع الاجزاء كذلك ينتفي بانتفاء احد اجزائه، وعلى ذلك نقول بانه إذا تحقق الفعل الذي هو نقيض ذات الترك فبتحققه ينطبق عليه اول نقيض وبذلك يصير مبغوضا، فيصير فاسدا لا محالة إذا كان عبادة. واما الاشكال عليه: بانه بعد معلومية انه لا يكون لوجود واحد الا نقيض واحد فلابد من اعتبار جامع في البين يكون هو النقيض حقيقة، وهو غير متصور في المقام، نظرا إلى عدم تصور الجامع بين الوجود والعدم، فلابد حينئذ من جعل النقيض عبارة عن رفع الترك الخاص الملازم للوجود والغاء الفعل بالمرة عن كونه نقيضا للترك الخاص ومعه تتم الثمرة المزبورة، فمدفوع بانه كذلك إذا كان وحدة الموضوع ذاتية والا فلو كانت اعتبارية كما في المقام وفي كلية المركبات فلا جرم حسب تكثر الوجودات يتكثر النقيض ايضا حقيقة، غايته انه من جهة ان المجموع تحت امر واحد لا يتصف بالمبغوضية الا احد النقائض المنطبق عليه اول نقيض، من جهة خروج البقية بعد ذلك عن دائرة المحبوبية الضمنية بقلب وجود واحد منها بالنقيض.

ولئن شئت قلت: بان المركبات كما ان وحدتها ليست الا بالاعتبار والا فهي متكثرات حقيقة كذلك الامر في نقيضها فوحدته ايضا لا تكون الا بالاعتبار، وقضية ذلك كما عرفت هي مبغوضية احد النقائض المنطبق عليه اول نقبض من جهة خروج البقية بعد ذلك عن دائرة المبغوضية من غير فرق في ذلك بين المركبات الخارجية كالصلاة والحج والوضوء والغسل وبين المركبات التحليلية كالمقيدات من جهة انه وان لم يكن للمقيد في الخارج الا وجود واحد ولا كان لحيثية التقيد ما بأزاء في الخارج الا ان تعدد الجهات والحيثيات فيه لما كانت توجب انحلال الامر به إلى الاوامر المتعددة تكون لا محالة كالمتكثرات الخارجية فيكون لكل حيثية نقيض مستقل غير انه كان المتصف بالمبغوضية هو اول نقيض من جهة خروج بقية الحيثيات الاخر بعد ذلك عن دائرة المطلوبية، وعليه نقول في المقام ايضا بان نقيض ذات الترك الذي هو احدى الحيثيات المأخوذة في الموضوع بعد ان كان رفعه المساوق للوجود الذي هو الفعل فقهرا يصير الفعل بمقتضى النهي عن النقيض مبغوضا ومنهيا عنه، ومعه يقع لا محالة باطلا إذا كان عبادة، فيرتفع حينئذ الثمرة المزبورة، من جهة بطلان الضد العبادي حينئذ على كل تقدير ثم ان هذا كله مسلك اخذ الايصال قيدا للواجب كما عليه ظاهر الفصول (قدس سره) واما على ما سلكناه في تخصيص الوجوب المقدمة الموصلة من جعل الموضوع عبارة عمالا يكاد انفكاكه عن بقية المقدمات الاخر الملازم قهرا مع الايصال وترتب وجود ذيها في الخارج فلا بأس باستنتاج النتيجة المزبورة في تصحيح الضد العبادي، إذ نقول حينئذ بان الوجوب المتعلق بالمقدمة بعد كونه ناقصا غير تام بنحو لا يكاد يشمل الا الترك في حال ارادة الضد الواجب فلا محالة يكون البغض الناشئ من هذا الوجوب الناقص بالنسبة إلى النقيض وهو الفعل ايضا بغضا ناقصا غير تام بحيث لنقصه وقصوره لا يشمل الا الفعل في حال ارادة الضد، لا مطلق وجوده ولو في ظرف الصارف وعدم ارادة الواجب، وحينئذ فإذا خرج الفعل في ظرف الصارف وعدم الارادة عن دائرة المبغوضية لاختصاص البغض بالفعل في حال ارادة الواجب ولم يتمكن ايضا من الفعل الا في ظرف الصارف وعدم ارادة الضد الواجب من جهة امتناع اجتماع ارادة الواجب مع فعل ضده وهو الصلاة فلا جرم يقع الفعل منه غير مبغوض فيقع صحيحا، ومعه يتجه النتيجة المزبورة نعم لو كان نتيجة تعلق الوجوب الناقص بالمقدمة هو البغض التام في طرف النقيض بحيث يقتضي مبغوضية النقيض على الاطلاق لاتجه الاشكال المزبور فتنتفى الثمرة المزبورة، ولكنه في محل المنع جدا، فانه كما عرفت لا يكاد اقتضاء تعلق الوجوب الناقص بشيء بالنسبة إلى النقيض الا البغض الناقص، وحينئذ فلا يبقى في البين الا جهة مقدمية الوجود لترك الضد الواجب الذي هو مبغوض بالبغض التام، وهذا ايضا مما قد عرفت الجواب عنه باستناد الترك حينئذ دائما إلى الصارف وعدم وجود المقتضي وهو الارادة لا إلى وجود الفعل، فان صحة استناد عدم شيء إلى عدم وجود الشرط اوالى وجود المانع انما يكون في ظرف وجود مقتضيه وتحققه، والا ففي ظرف عدم تحقق المقتضي لا يكاد استناد العدم الا إلى عدم المقتضي، ومن ذلك ترى انه مع انه عدم وجود النار لا يكاد صحة استناد عدم الاحراق إلى وجود المانع وهو الرطوبة مثلا أو إلى عدم تحقق شرطه، بل وانما الصحيح استناده إلى عدم وجود المقتضي وهو النار وليس ذلك الا من جهة سبق المقتضى رتبة على بقية اجزاء العلة من الشرط والمانع، كما سيجيء زيادة تحقيق لذلك ان شاء الله تعالى في مبحث الضد، وحينئذ فحيث ان الفعل مسبوق دائما بالصارف وعدم ارادة الضد الواجب فلا جرم يكون عدم الضد مستندا إلى الصارف دون الفعل ومع يقع الفعل العبادي قهرا غير مبغوض فيقع صحيحا، هذا. وقد تظهر الثمرة ايضا بين القولين في ضمان الاجرة على المقدمة فيما لو امر بالحج أو الزيارة عنه واخذ المأمور بالمشي فمات قبل الوصول إلى المقصد، فانه على القول بوجوب مطلق المقدمة يستحق المأمور الاجرة على ما اتى به من المقدمات من جهة أن الامر بالحج عنه امر بمقدماته التي منها المشي وطي الطريق وبذلك يستحق عليه الاجرة على المقدمة، واما على القول بوجوب المقدمة الموصلة فلا استحقاق له للأجرة على المقدمة نظرا إلى عدم كون المأتي به من المقدمات مامورا به حتى يقتضي ذلك تضمين الآمر للأجرة عليه، وذلك من جهة فرض اختصاص امره بخصوص المقدمة الموصلة ومجرد تخيل المأمور واعتقاده بكون المقدمة المأتي بها واجبة ومأمورا بها ايضا غير مقتض لضمان الامر، والا لاقتضى تضمينه في غيره من الموارد الاخر كما لو اعتقد بان زيدا امره بكنس داره فكنس داره بموجب هذا الامر الزعمي ، مع انه كما ترى لا يظن من احد الالتزام به. وتظهر الثمرة ايضا في فرض انحصار المقدمة بالفرد المحرم كالمشي في الارض المغصوبة لإنقاذ الغريق، فانه على القول بوجوب مطلق المقدمة يكون المشي المزبور واجبا وان لم يترتب عليه الانقاذ، واما على المقدمة الموصلة يقع المشي المزبور حراما مع عدم الايصال، سواء قصد به الايصال ايضا ام لم يقصد، غايته انه مع قصد الايصال يكون منقادا كما انه مع عدم قصد الايصال يكون واجبا إذا كان ترتب عليه الانقاذ الواجب غايته انه يكون متجريا حينئذ في فعله كما هو واضح..

 

 

 

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.