أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-8-2016
538
التاريخ: 24-8-2016
702
التاريخ: 24-8-2016
2025
التاريخ: 1-8-2016
669
|
منها : قوله تعالى : {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } [الإسراء: 15]
وجه الاستدلال على وجه يندفع ما اُشكل عليه من الإيراد أن يقال : إنّ المتفاهم عرفاً من الآية ـ لأجل تعليق العذاب على بعث الرسول الذي هو مبلّغ لأحكامه تعالى ، وبمناسبة الحكم والموضوع ـ هو أنّ بعث الرسول ليس له موضوعية في إنزال العقاب ، بل هو طريق لإيصال التكاليف إلى العباد ، وإتمام الحجّة به عليهم .
وليس المراد من بعث الرسول هو بعث نفس الرسول ; وإن لم يبلّغ أحكامه ، فلو فرض أنّه تعالى بعث رسولاً لكن لم يبلّغ الأحكام في شطر من الزمان ـ لمصلحة أو جهة اُخرى ـ لا يصحّ أن يقال : إنّه تعالى يعذّبهم ; لأنّه بعث الرسول .
وكذا لو بلّغ بعض الأحكام دون البعض يكون التعذيب بالنسبة إلى ما لم يبلّغ مخالفاً للوعد في الآية . وكذا لو بلّغ إلى بعض الناس دون بعض لا يصحّ أن يقال : إنّه يعذّب الجميع ; لأنّه بعث الرسول . وكذا لو بلّغ جميع الأحكام في عصره ثمّ انقطع الوصول إلى الأعصار المتأخّرة .
وهذا أو أشباهه يدلّ على أنّ الغاية لاستحقاق العذاب هو التبليغ الواصل ، وأنّ ذكر بعث الرسول مع انتخاب هذه الكلمة كناية عن إيصال الأحكام وإتمام الحجّة ، وأنّ التبليغ غير الواصل في حكم العدم ، وأنّه لا يصحّح العذاب ، كما أنّ وجود الرسول بين الاُمّة بلا تبليغ كذلك .
وعلى ذلك : فلو بحث المكلّف عن تكليفه ووظيفته بحثاً أكيداً ، فلم يصل إلى ما هو حجّة عليه ـ من علم تفصيلي أو إجمالي وغيرهما من الحجج ـ فلا شكّ أنّه يكون مشمولاً لقوله عزّوجلّ : (وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ حَتّى نَبْعَثَ رَسُولاً) ; لما عرفت من أنّ الغاية للوعيد بحسب اللبّ هو إيصال الأحكام إلى العباد ، وأنّ بعث الرسل ليس له موضوعية فيما رتّب عليه .
وإن شئت قلت : إنّ قوله تعالى : (وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ) تنزيه للحقّ تعالى شأنه ، وهو يريد بهذا البيان أنّ التعذيب قبل البيان مناف لمقامه الربوبي ، وأنّ شأنه تعالى أجلّ من أن يرتكب هذا الأمر ; فلذلك عبّر بقوله : (وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ) ، دون أن يقول : «وما عذّبنا» ، أو «ما أنزلنا العذاب» ، وذلك للإشارة إلى أنّ هذا الأمر مناف لمقامه الأرفع وشأنه الأجلّ .
وبعبارة أوضح : أنّ الآية مسوقة : إمّا لإفادة أنّ التعذيب قبل البيان مناف لعدله وقسطه ، أو مناف لرحمته وعطوفته ولطفه على العباد .
فلو أفاد الأوّل لَدلّ على نفي الاستحقاق وأنّ تعذيب العبد حين ذاك أمـرقبيح مستنكر يستحيل صدوره منه ، ولو أفاد الثاني لدلّ على نفي الفعلية ، وأنّ العذاب مرتفع ; وإن لم يدلّ على نفي الاستحقاق . وسيأتي عدم الفرق بين المفادين فيما هو المهمّ .
وقد اُورد على الاستدلال بالآية اُمور :
منها : ما عن بعض أعاظم العصر من أنّ مفاد الآية أجنبي عن البراءة ; فإنّ مفادها الإخبار بنفي التعذيب قبل إتمام الحجّة ، فلا دلالة لها على حكم مشتبه الحكم من حيث إنّه مشتبه(1) .
وفيه : ما عرفت في تقرير الاستدلال من أنّ بعث الرسل كناية عن إيصال الأحكام ، فالمشتبه الحكم داخل في مفاد الآية ; إمّا لما ذكرناه من أنّ بعث الرسل لأجل كونها واسطة في التبليغ ، أو بإلغاء الخصوصية وإلحاق مشتبه الحكم بالموارد التي لم يبلّغها الرسل .
منها : أنّ الآية راجعة إلى نفي التعذيب عن الاُمم السالفة قبل بعث الرسل ، فلا مساس له بالمقام(2) .
وفيه أوّلاً : أنّ التأمّل في الآيات المتقدّمة عليها يعطي خلاف ذلك ، فإليك بمراجعة ما تقدّمها من الآيات تجد صحّة ما ادّعيناه .
وثانياً : لو فرض أنّ مـوردها ما ذكـر ، غير أنّ التعبير بقولـه تعالى : (وَما كُنّا مُعَذِّبِينَ) حاك عن كونه سنّة جاريـة لله عزّ شأنـه ، مـن دون فـرق بين السالفـة والقادمـة ، وأنّ تلك الطريقة ساريـة في عامّـة الأزمان ، مـن غير فرق بين السلف والخلف .
ولو لم نقل : إنّ ذلك مفاد الآية حسب المنطوق فلا أقلّ يفهم العرف من الآية ـ ولو بإلغاء الخصوصية ومناسبة الحكم والموضوع ـ أنّ التعذيب قبل البيان لم يقع ولن يقع أبداً .
منها : أنّ الاستدلال بها لما نحن فيه متقوّم بكونها في مقام نفي الاستحقاق لا نفي الفعلية ; لأنّ النزاع في البراءة إنّما هو في استحقاق العقاب على ارتكاب المشتبه وعدمه ، لا في فعلية العقاب(3) .
وفيه : أنّ ذلك أوّل الكلام ; إذ النزاع بين الاُصولي والأخباري إنّما هو في ثبوت المؤمّن وعدمه في ارتكاب الشبهات ، وأنّه هل يلزم الاحتياط أو لا ؟ وهذا هو مصبّ النزاع بين الطائفتين ، وأمّا البحث عن الاستحقاق وعدمه فهو خارج عمّا يهمّ على كلا الفريقين .
وبالجملة : أنّ المرمي للقائل بالبراءة هو تجويز شرب التتن المشتبه الحكم لأجل وجود مؤمّن شرعي أو عقلي حتّى يطمئنّ أنّه ليس في ارتكابه محذور ; سواء كان ذلك لأجل رفع العقوبة الفعلية أو نفي الاستحقاق .
والشاهد على ما ذكرنا : أنّك ترى القوم يستدلّون على البراءة بحديث الرفع الظاهر عندهم في رفع المؤاخذة ، لا نفي الاستحقاق .
وبما ذكرنا يظهر : أنّ الآية أسدّ الأدلّة التي استدلّ بها للبراءة ، وأنّ ما اُورد عليه من الإيرادات غير خال عن الضعف .
نعم ، لا يستفاد من الآية أكثر ممّا يستفاد من حكم العقل الحاكم على قبح العقاب بلا بيان ; فلو دلّ الدليل على لزوم الاحتياط أو التوقّف لصار ذلك نفسه بياناً ، فيكون ذاك الدليل وارداً على العقل وما تضمّنته الآية .
ومنها : قوله تعالى :
{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7]
بيان الاستدلال : أنّ المراد من الموصول التكليف ، ومن «الإيتاء» الإيصال والإعلام ، ومعناها : أنّ الله لا يكلّف نفساً إلاّ تكليفاً أوصلها وبلّغها .
ويمكن بيانه بوجه آخر حتّى ينطبق على ما سبقها من الآيات بأن يقال : إنّ المراد من الموصول هو الأعمّ من الأمر الخارجي ونفس التكليف ، وأنّ المراد من «الإيتاء» الأعمّ من نفس الإقدار والإيصال ، ويصير مفادها : أنّ الله لا يكلّف نفساً تكليفاً ولا يكلّفه بشيء ـ كالإنفاق ـ إلاّ بعد الإيصال والإقدار .
وفي كلا التقريرين نظر ، بل منع :
أمّا الأوّل : فلأنّ إرادة خصوص التكليف منه مخالف لمورد الآية وما قبلها وما بعدها .
نعم ، الظاهر أنّ قوله : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ ما آتاها) هو الكبرى الكلّية ، وبمنزلة الدليل على ما قبلها ، كما يظهر من استشهاد الإمام ـ عليه السلام ـ بها في رواية عبد الأعلى ; حيث سأل أبا عبدالله ـ عليه السلام ـ : هل كلّف الناس بالمعرفة ؟
قال : «لا ، على الله البيان ، (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها) ، و(لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ ما آتاها)»(4) .
ولعلّ المراد بالمعرفة هي المعرفة الكاملة التي لا يمكن إلاّ بإقداره تعالى وتأييده ، لا مطلق العلم بوجود صانع للعالم ، الذي هو فطري .
ثمّ إنّ التعبير بالإيتاء الذي بمعنى الإعطاء لا يبعد أن يكون مشاكلة لقوله : (فَلْيُنْفِقْ مِمّا آتاهُ اللهُ).
وأمّا ثاني التقريرين : فالمنع فيه أوضح ; لأنّ إرادة الأعمّ من الموصول مع إسناد فعل واحد إليه غير ممكن في المقام ; إذ لو اُريد من الموصول نفس التكليف ينزّل منزلة المفعول المطلق .
ولو اُريد مع ذلك الأمر الخارجي الذي يقع عليه التكليف يصير مفعولاً به وتعلّق الفعل بالمفعول المطلق ـ سواء كان نوعياً أم غيره ـ يباين نحـو تعلّقـه بالمفعول به ; لعدم الجامع بين التكليف والمكلّف به بنحو يتعلّق التكليف بهما على وزان واحد .
وإن شئت قلت : المفعول المطلق هو المصدر أو ما في معناه المأخوذ من نفس الفعل ، والمفعول به ما يقع عليه الفعل المباين معه ، ولا جامع بين الأمرين حتّى يصحّ الإسناد .
ثمّ إنّ بعض محقّقي العصر ـ قدس سره ـ وجّه إرادة الأعمّ من الموصول والإيتاء ، ما هذا خلاصته : إنّ الإشكال إنّما يرد في فرض إرادة الخصوصيات المزبورة من شخص الموصول، وإلاّ فبناءً على استعمال الموصول في معناه الكلّي العامّ وإرادة الخصوصيات المزبورة من دوالّ اُخر خارجية فلا يتوجّه محذور ; لا من طرف الموصول ، ولا في لفظ الإيتاء ، ولا من جهة تعلّق الفعل بالموصول :
أمّا من جهة الموصول فلأجل استعماله في معناه الكلّي ، وأنّ إفادة الخصوصيات من دوالّ اُخر.
وأمّـا الإيتاء فهو مستعمل في معنى الإعطاء ، غير أنّـه يختلف مصاديقـه ;مـن كونه تارة هو الإعلام عند إضافتـه إلى الحكم ، واُخـرى الملكية عند إضافته إلى المال .
وأمّا تعلّق الفعل بالموصول ; حيث لا يكون له إلاّ نحو تعلّق واحد به ، ومجرّد تعدّده بالتحليل لا يقتضي تعدّده بالنسبة إلى الجامع الذي هو مفاد الموصول ، غاية الأمر يحتاج إلى تعدّد الدالّ والمدلول(5) ، انتهى .
قلت : إنّ كون الشيء مفعولاً مطلقاً ليس معناه إلاّ كونه ملحوظاً عند إضافة الفعل إليه بأنّه من شؤون الفعل وكيفياته على نحو يكون وجوده بعين وجود الفعل ، كما أنّ المفعول به يلاحظ عند إضافة الفعل إليه بأنّه أمر موجود في الخارج وقع الفعل عليه ، ومع ذلك فكيف يمكن إرادتهما باستعمال واحد ؟
وبعبارة اُخرى : أنّ نحو تعلّق الفعل بهما مباين لا جامع بينهما . وتعدّد الدالّ والمدلول أو إقامة القرينة على الخصوصيات فإنّما يصحّ إذا كان في المقام جامع واقعي حتّى يكون الخصوصيات من مصاديقه ، وأمّا مع عدمه وعدم إمكان إرادتهما منها فلا معنى لإقامة القرينة ، كما لا يخفى.
نعم ، لو صحّ ما ذكـره أخيراً ـ مـن إمكان كون المراد مـن التكليف في الآية هـو الكلفة والمشقّة، لا الحكم الشرعي(6) ـ لرجع النسبتان إلى نسبة واحدة ; إذ يجعل الموصـول ـ حينئذ ـ عبارة عـن المفعول به أو المفعول النشوي المعبّر عنه في كلام بعضهم بالمفعول منه . فيصير مفاد الآية : أنّه سبحانه لا يوقع عباده في كلفـة حكـم إلاّ الحكم الذي أوصلـه إليهم ، وارتفع الإشكال ، لكنّـه غير مفيد للمقام ، كما يأتي الكلام فيه .
ثمّ إنّه ـ قدس سره ـ بعدما استوجه وجود الجامع استشكل في التمسّك بالإطلاق : تارة بوجود القدر المتيقّن ; حيث إنّ القدر المتيقّن ـ حسب سياق الآيات ـ هو المال ، واُخرى بأنّ المستفاد منها عدم الكلفة من قبل التكاليف المجهولة غير الواصلة إلى المكلّف ، لا نفي الكلفة مطلقاً ; ولو من قِبل إيجاب الاحتياط ، فيكون مفادها مساوقاً لحكم العقل ، فلو ثبت ما يدّعيه الأخباري لصار وارداً عليه(7) ، انتهى .
وأنت خبير بما فيه ; إذ وجود القدر المتيقّن غير مضرّ في التمسّك بالإطلاق ، كما أوضحناه في مبحث المطلق والمقيّد(8) .
كما أنّ جعل الاحتياط لأجل التحفّظ على التكاليف الواقعية لا يناسب مع سوق الآية ; لأنّ مساقها مساق المنّة والامتنان ، والإخبار عن لطفه وعنايته ; بأنّه لا يجعل العباد في الكلفة والمشقّة من جهة التكليف إلاّ مع إيصالها .
ومن المعلوم : أنّ جعل الاحتياط تضييق على المكلّف بلا إيصال ; لأنّ المرمي من الاحتياط هو التحفّظ على الواقع ، لا كونه طريقاً موصلاً إلى الواقع ، فإيجاب التحفّظ في الشبهات البدوية كلفة بلا إيصال ولا إعلام .
ثمّ إنّه ـ قدس سره ـ استشكل ثالثاً فـي التمسّك بالإطلاق ما حاصلـه : إنّ مساقها مساق قوله ـ عليه السلام ـ : «إنّ الله سكت عن أشياء لم يسكت عنها نسياناً»(9) فيكون دلالتها ممحّضة في نفي الكلفة عمّا لم يوصل علمه إلى العباد ; لمكان سكوته وعـدم بيانـه وإظهاره ، لا نفي الكلفـة مطلقاً عمّـا لم يصل علمـه إلى العباد ; لإخفاء الظالمين(10) ، انتهى .
وفيه : أنّ ذلك بعيد عن مفاد الآية جدّاً ; إذ حينئذ يصير من قبيل توضيح الواضح ; إذ مآلها حسب قول القائل إلى أنّ الله لا يكلّف نفساً بما هو ساكت عنه ، وهو كما ترى .
نعم ، يمكن منع التمسّك بالإطلاق بطريق آخر ، بيانه : أنّ معنى الإطلاق ـ كما مرّ(11) ـ هو كون الطبيعة تمام الموضوع للحكم ، فلو احتملنا دخالة شيء غير مذكور في الحكم فنحكم به على عدم جزئيته وشرطيته .
ولكن الاحتجاج به بعد انعقاد الظهور لما وقع تحت دائرة الحكم حتّى يحتجّ بعدم تعرّضه على قيد آخر على عدم دخالته ، وهذا الشرط منتف في المقام ; إذ لم يثبت أنّ المتكلّم أراد المعنى الجامع الانتزاعي الذي يحتاج في تصوّر إرادته إلى تكلّف ، أو أراد إحدى المعاني الاُخر ، ومع ذلك التردّد لا مجال للإطلاق ; إذ غاية ما ذكرنا من المعاني والوجوه احتمالات وإمكانات ، وهو لا ينفع من دون الظهور .
على أنّ الظاهر حسب السياق هو المعنى الأوّل ; أعني جعل المراد من الموصول الأمر الخارجي ، ومن «الإيتاء» هو الإقدار والإعطاء ، فلاحظ .
وممّا ذكرناه : يظهر النظر فيما أفاده بعض أعاظم العصر في المقام بما هذا حاصله : إنّ المراد من الموصول خصوص المفعول به ، ومع ذلك يكون شاملاً للتكليف وموضوعه ; لأنّ إيتاء كلّ شيء بحسبه .
أضف إلى ذلك : أنّ المفعول المطلق النوعي والعددي يصحّ جعله مفعولاً به بنحو من العناية ، كما أنّ الوجوب والتحريم يصحّ تعلّق التكليف بهما باعتبار ما لهما من المعنى الاسم المصدري(12) ، انتهى .
وفيه ـ مضافاً إلى عدم إمكان شمول الموصول لهما بما مرّ(13) ـ أوّلاً : أنّ قوله ـ قدس سره ـ إنّ المفعول المطلق يصحّ جعله مفعولاً به بنحو من العناية لا محصّل له ، كقوله : إنّ الوجوب والتحريم يصحّ تعلّق التكليف بهما ; إذ كيف يتصوّر تعلّق البعث بهما على نحو المفعول به ; ولو اعتبرا بنحو الاسم المصدري ؟
وثانياً : أنّ لازم ما أفاد هو الجمع بين الاعتبارين المتنافيين ; فإنّ المفعول به مقدّم في الاعتبار على المصدر ; لأ نّه إضافة قائمة به في الاعتبار ، وأمّا المفعول المطلق فهو عبارة عن حاصل المصدر ، وهو متأخّر رتبةً عن المصدر ، فكيف يجمع بينهما في الاعتبار ؟ فيلزم ممّا ذكره اعتبار المتأخّر في الاعتبار متقدّماً في الاعتبار في حال كونه متأخّراً .
ثمّ إنّه استشكل على دلالة الآية : بأنّ أقصى ما تدلّ عليه الآية هو أنّ المؤاخذة لا تحسن إلاّ بعد بعث الرسل وتبليغ الأحكام ، وهذا لا ربط له بما نحن فيه من الشكّ في التكليف بعد البعث والإنزال وعروض اختفاء التكليف بما لا يرجع إلى الشارع .
فالآية لا تدلّ على البراءة ، بل مفادها مفاد قوله تعالى : {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } [الإسراء: 15](14) انتهى .
وفيه : ما عرفت(15) في توضيح دلالة الآية المتقدّمة ; بأنّ الميزان هو الإبلاغ والإيصال في استحقاق العقاب ، لا الإبلاغ ولو مع عدم الوصول .
على أنّ دلالة تلك ـ بعد الغضّ عمّا ذكرنا من الإشكال(16) ـ أوضح من المتقدّمة ; لوضوح دلالتها في الإبلاغ والإيصال ، من دون أن نحتاج إلى إلغاء الخصوصية ، كما لا يخفى .
ثمّ إنّ القوم استدلّوا ببعض الآيات ; وحيث إنّ فيما ذكرنا أو ما نذكره من السنّة والأدلّة العقلية غنىً عن الخوض فيه طوينا البيان عنه.
____________
1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3 : 333 ـ 334 .
2 ـ فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 25 : 23 .
3ـ الفصول الغروية : 353 / السطر 7 ، كفاية الاُصول : 385 .
4 ـ الكافي 1 : 163 / 5 .
5 ـ نهاية الأفكار 3 : 202 ـ 203 .
6 ـ نفس المصدر 3 : 203 .
7 ـ نهاية الأفكار 3 : 203 ـ 204 .
8 ـ تقدّم في الجزء الثاني : 273 .
9 ـ الفقيه 4 : 53 / 193 ، وسائل الشيعة 27 : 175، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ، الباب 12 ، الحديث 68 .
10 ـ نهاية الأفكار 3 : 204 .
11 ـ تقدّم في الجزء الثاني : 159 .
12 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3 : 332 ـ 333 .
13 ـ تقدّم في الصفحة 20 .
14 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3 : 333 .
15 ـ تقدّم في الصفحة 15 ـ 16 .
16 ـ تقدّم في الصفحة 19 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|