أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2016
2856
التاريخ: 24-5-2020
1010
التاريخ: 26-5-2020
1308
التاريخ: 1-8-2016
1060
|
قد يطلق على بعض الاستصحابات بالاستصحاب التعليقي تارة، والمشروط اخرى باعتبار كون القضية المستصحبة قضية تعليقية حكم فيها بوجود الحكم على تقدير امر آخر، كالحكم بحرمة عصير العنبي ونجاسته على تقدير غليانه (وقد وقع) فيه الخلاف بين الاعلام في جريان الاستصحاب وعدمه (فقيل): بالعدم، لان الاستصحاب فرع الثبوت سابقا ولا ثبوت للمستصحب في القضايا التعليقية قبل وجود المعلق عليه الا فرضا، فان القضايا الطلبية المتضمنة للأحكام المجعولة انما تكون من سنخ القضايا الحقيقية التي تكون الحكم فيه في الفعلية والشأنية تابعا لفعلية وجود موضوعه. وشأنيته، فما لم يتحقق الموضوع بقيوده في الخارج لا يكون الحكم الا فرضيا لامتناع فعلية الحكم والتكليف قبل وجود موضوعه، ففي مثل قوله: العنب يحرم مائة إذا غلى يكون الموضوع للحرمة هو العنب المغلي لرجوع قيود الحكم طرا إلى الموضوع، فلو شك قبل تحقق الغليان في بقاء الحرمة لأجل تبدل بعض حالات الموضوع لا يجرى فيه الاستصحاب، إذ لا ثبوت للمستصحب سابق (ولكن) الاقوى خلافه (وتحقيق) الكلام في المقام يستدعي تقديم امور:
(الاول) ان الحكم المستصحب اما ان يكون مطلقا غير معلق على شيء حتى بالنسبة إلى وجود موضوعه بحيث يقتضي وجوب تحصيله مهما امكن بماله من القيود المعتبرة فيه ولو بإيجاده وتكوينه في الخارج، نظير الامر بشرب الدواء، واما ان يكون معلقا بشيء هو وجود موضوعه، أو قيوده وحالاته، أو امر خارج عن حدود موضوعه (وعلى الاخير) فالتعليق ام ان يكون واردا في لسان الدليل، كقوله: العنب يحرم مائه إذا غلى، واما ان يكون منتزعا من كيفية جعل الحكم الشرعي لعنوان مخصوص بنحو التنجيز كقوله: يجب اكرام العالم، حيث ان العقل ينتزع من مثل هذا الحكم المنشاء قضية تعليقية بانه لو وجد انسان وكان عالما لوجب اكرامه ولا يحكم بوجوب تحصيله مقدمة للإكرام الواجب (ولا فرق)ظاهرا في اعتبار الاستصحاب على القول به في القضايا التعليقية بين القسمين المزبورين، إذ لا وجه لتخصيص اعتباره بالأول دون الثاني الا توهم ان القضية المستصحبة في مثله ليست شرعية ولا لها اثر شرعي، بل عقلية محضة (ولكنه) مندفع بم بيناه مرارا من انه يكفي في شرعية الاثر في باب الاستصحاب. مجرد كون الشيء مما امر رفعه ووضعه بيد الشارع ولو بالواسطة، فإذا كان منشاء انتزاع هذه القضية العقلية التعليقية قضية شرعية يجري فيها الاستصحاب (وبذلك) قلنا: ان البحث في جعلية الاحكام الوضعية وانتزاعيتها من التكليف قليل الجدوى في باب الاستصحاب، لأنه على الانتزاعية ايضا يجرى فيها الاستصحاب، لكفاية مجرد انتهائها إلى الشارع وضعا ورفعا في الشرعية المعتبرة في باب الاستصحاب.
(الامر الثاني) قد تكرر منا مرارا الفرق بين القيود الراجعة إلى مفاد الخطاب اعني الحكم والتكليف، وبين القيود الراجعة إلى موضوعه، فان القيدين وان كانا مشتركين في الدخل في مصلحة المتعلق، الا انهما مختلفان في كيفية الدخل فيها، (حيث ان) دخل الاول فيها يكون من قبيل دخل الشيء في اصل الاحتياج إلى الشيء واتصافه بكونه صلاحا، وبذلك يكون من الجهات التعليلية لطرو الحكم على الموضوع، بخلاف الثاني فان دخله انما يكون في وجود ما هو المتصف بكونه صلاحا ومحتاجا إليه فارغا عن اصل اتصافه بكونه صلاحا (ومن الواضح) حينئذ انه لو ثبت في مورد قيدية شيء للوجوب الذي هو مفاد الخطاب في الواجبات المشروطة لا يكاد صلوحه للقيدية لموضوعه ، لاستحالة تقييد الموضوع بحكمه أو بما هو من علله وبالعكس (نعم) تقييد الحكم به موجب لضيق قهري في موضوعه وللزوم تطابق سعة دائرة كل حكم مع موضوعه وامتناع اوسعية احدهما من الآخر، كما هو الشأن في كل معروض بالنسبة إلى عرضه في الاعراض الخارجية وغيرها، ولكنه غير تقييده به (وحينئذ) فارجاع القيود المأخوذة في مفاد الخطاب في القضايا المشروطة إلى موضوع الخطاب بجعله مركبا من الذات والوصف كما عن بعض منظور فيه، فانه ناشئ عن الخلط بين نحو القيد في كيفية الدخل في مصلحة المتعلق.
(الامر الثالث) قد تقدم في بعض التنبيهات السابقة ان حقيقة الاحكام التكليفية المتسفادة من الخطابات الشرعية ليست الا الارادة التشريعية المبرزة بأحد مظهراتها من القول أو الفعل، وان عنوان مثل البعث والتحريك والايجاب والوجوب ونحوها من العناوين اعتباريات محضة منتزعة من مقام ابراز الارادة، حيث انه بإبراز المولى ارادة الشيء واشتياقه إليه بأخبار وانشاء من قول أو فعل، ينتزع العقل من ارادته المبرزة منه عنوان البعث والوجوب واللزوم، كل باعتبار خاص، لا انها هي الاحكام التكليفية المستفادة من الخطابات، ولذا ترى صحة انتزاع تلك العناوين بمحض وصول ارادة المولى إلى مقام البروز بإنشائه أو اخباره ولو لم يخطر ببال المولى التسبب بإنشائه إلى تحقق تلك العناوين.
(وبذلك) قلنا: ان الاحكام التكليفية بحقيقتها التي هي الارادة التشريعية المظهرة بأحد مظهراتها، اجنبية بجميع مباديها عن الجعليات المتصورة في باب الاوضاع، لان الحقائق الجعلية عبارة عن امور اعتبارية التي قوام تحققها في الوعاء المناسب لها بالإنشاء والقصد بحيث كان الانشاء والقصد من قبيل الجزء الاخير من العلة التامة لتحققها، نظير الملكية والزوجية ونحوهما، فان روح الجعل فيها عبارة عن تكوين حقائقها بالإنشاء والقصد بحيث لولا قصد التسبب بإنشائها إلى تحققها في الوعاء المناسب لها لما كان لها تحقق اصلا، فكان الجعل والانشاء فيها واسطة بينها وبين ارادتها (وهذا المعنى) غير متصور في الاحكام التكليفية، لا بالنسبة إلى نفس الارادة، لأنها امر واقعي تدور في تحققها مدار تحقق مباديها من العلم بالمصلحة والعزم والجزم، ولا بالنسبة إلى حيث ابرازها بأنشاء أو اخبار، لكونها من الامور المتأصلة الخارجية ومن مقولة الفعل، فلم يبق الامر حلة البعث والتحريك والوجوب، وقد عرفت ان هذه امور اعتبارية انتزاعية ينتزعها العقل من مجرد ابراز الارادة من المولى فلا ترتبط بالحقائق الجعلية (نعم) لا بأس بدعوى الجعل بمعنى التكوين فيها باعتبار ايجاد ما هو المنشاء القهري لا القصدي للاعتبارات المزبورة اعني الاعلام بالإرادة واظهارها خارجا بأخبار أو انشاء فعلي أو قولي، فانه بهذه العناية تكون الامور المزبورة منسوبة إلى الجعل التكويني وتابعة لما بيد الشارع وضعه ورفعه وهو الامر الذي عين الانشاء الاختياري والتشريع، ولكن هذا المقدار لا يوجب كونها جعلية بالمعنى المتصور في الاحكام الوضعية كما هو واضح.
(وبما ذكرنا) انقدح ان ما اشتهر وانغرس في بعض الاذهان من ان القضايا الشرعية والاحكام الطلبية من سنخ القضايا الحقيقية التي تكون فرض وجود الموضوع فيها موجبا لفرض محموله، فلا يكون الحكم فيه فعليا الا في ظرف فعلية موضوعه بقيوده مما لا اصل له ولا اساس. (فان) القضايا الحقيقية المصطلحة انما تصح في مثل الاحكام الوضعية المجعولة والاعراض الخارجية التي يكون الخارج فيها ظرفا للعروض والاتصاف، لا في الاوصاف الوجدانية التي تكون ظرف عروضها هو الذهن وكان الخارج ظرفا لاتصافها محضا، كالإرادة والكراهة والحب والبغض والتمني ونحوها، فانها من جهة قيامها بالوجودات الذهنية لا تحتاج في فعليتها باي نحو يكون لها من التعلق إلى وجود متعلقاتها في الخارج، ولذا قلنا كرارا ان معروضات تلك الصفات الوجدانية طرا لا يكون الا الصور الذهنية، غايته بما انها ترى خارجية على وجه لا يلتفت إلى ذهنيتها كما يشهد له موارد تخلف القطع والظن عن الواقع، فالأحكام التكليفية التي لبها الارادة المبرزة حينئذ اجنبية عن القضايا الحقيقية المصطلحة حتى فيما كان منها بنحو الاناطة والاشتراط (فان) مرجع الاناطة والاشتراط فيها بعد قيامها بالملحوظات الذهنية إلى اشتياق فعلى منوط بوجود الشيء في فرض الآمر ولحاظه المتحقق في حال الانشاء في قبال الاشتياق الفعلي المطلق نحو الشيء غير منوط بشيء حتى في فرضه ولحاظه (لا إلى) اشتياق تقديري، فالمنوط به فيها دائما هو الشيء بوجوده الفرضي اللحاظي لا بوجوده العيني الخارجي، كما هو الشأن في اناطة الارادة بموضوعه، ومع فرض وجوده في لحاظ الآمر يكون المبرز بالخطاب حتى في المشروطات فعليا دائما، غايته كونه منوطا بوجود المنوط به في لحاظ الآمر بلا احتياج في فعليتها إلى وجود المنوط به خارجا (نعم) مرتبة محركية هذه الارادة وفاعليتها منوطة بالعلم بوجود الموضوع والمنوط به خارجا، لأنها من تبعات تطبيق العقل عنوان الموضوع والمنوط به على الخارج وبدونه لا يحكم بوجوب الانبعاث (ولكن) ذلك لا يوجب اناطة اصل التكليف في فعليته بوجوده خارجا (كيف) وهذه المرتبة مرتبة تأثير الخطاب في حكم العقل بلزوم الانبعاث من بعث المولى، لا مرتبة نفس الخطاب ومضمونه، ولذا ترى اناطة هذه المرتبة بالعلم بالخطاب ايضا، مع وضوح حفظ مضمونه في ظرف الجهل جزما (والا يلزم) اختصاص مضمون الخطاب بالعالم به وهو كما ترى (نعم) لو بنينا على جعلية الاحكام التكليفية كالأحكام الوضعية في ابواب العقود امكن دعوى كونها من سنخ القضايا الحقيقية التي يكون فرض وجود الموضوع فيه موجبا لفرض محموله، ولكن عرفت كونه بمعزل عن التحقيق (فتلخص) ان المبرز بالخطاب التكليفي الذي هو روح الحكم المتجسم بإبرازه في جميع المقامات حتى في المشروطات فعلي دائما قائم بالوجودات اللحاظية وانه لا يحتاج في فعليته باي نحو يكون له من التعلق بقيده أو موضوعه إلى فعلية وجود قيده وموضوعه خارجا.(وحيث اتضح) هذه الامور (نقول) انه بعد فعلية الارادة في الخطابات المشروطة لرجوع الاناطة والاشتراط فيها إلى اشتياق فعلي في ظرف لحاظ الشيء خارجيا لا إلى اشتياق تقديري، فلا قصور في جريان الاستصحاب التعليقي فيها قبل حصول المعلق عليه في الخارج لعموم ادلته الشامل لمثله، غاية الامر انه لا اثر له الا في ظرف وجود المنوط به خارجا الذي هو ظرف تطبيق الخطاب وظرف محركيته (ولكن) ذلك لا يمنع عن استصحابه، لان في استصحاب لا يحتاج الا إلى اليقين بوجود المستصحب وما هو مفاد الخطاب سابق والشك في بقائه لاحقا، فإذا فرضنا ان مفاد الخطاب في المشروطات حكم فعلي منوط بوجود الشيء في فرض الآمر ولحاظه، لا انه حكم فرضي تقديري بفرض وجود المنوط به خارجا، فل محالة يجري فيه الاستصحاب لتمامية اركانه، من غير فرق بين ان تكون الاناطة والتعليق فيه بوجود موضوعه، أو بأمر خارج عنه، ولا بين ان يكون التعليق بأمر وجداني بسيط، أو بامر مقيد أو مركب من امرين أو غير ذلك، ولا بين ان يكون الحكم المعلق كليا أو جزئيا (فلو علم) حينئذ بترتب الحرمة والنجاسة على العنب في ظرف غليانه أو على العنب المغلي، فشك بعد تبدله بالزبيب قبل غليانه في بقاء تلك الحرمة والنجاسة الثابتتين للعنب، على تقدير غليانه، يجري فيهما الاستصحاب لا محالة بعد جعل وصف العنبية والزبيبية من حالات الموضوع لا من مقوماته، سواء فيه بين اخذ الغليان وصفا للموضوع، كقوله: العنب المغلي يحرم أو ينجس، أو شرطا للحكم كقوله: العنب يحرم وينجس إذا غلى، وبذلك ينقدح فساد ما افيد في المنع عن الاستصحاب المزبور، من ان الحكم المترتب على الموضوع المركب انما يكون وجوده وتقرره بوجود موضوعه بما له من الاجزاء والقيود، لان نسبة الموضوع إلى الحكم نسبة العلة إلى المعلول، ولا يعقل ان يتقدم الحكم على موضوعه، والموضوع في مثال العنب يكون مركبا من جزئين العنب والغليان لان شرط الحكم يرجع إلى الموضوع ويكون من قيوده، فقبل فرض غليان العنب لا يمكن فرض وجود الحكم ومع عدم فرض وجود الحكم لا معنى لاستصحابه، لانه يعتبر في الاستصحاب الوجودي ان يكون المستصحب شاغلا لصفحة الوجود في الوعاء المناسب له، فبوجود احد جزئي المركب، لا يترتب عليه الحكم الشرعي ما لم ينظم إليه الجزء الآخر، نعم الاثر المترتب على احد جزئي المركب هو انه لو انضم إليه الجزء الآخر لترتب عليه الاثر، وهذا المعنى مع انه عقلي، يكون مقطوع البقاء في كل مركب وجد احد جزئيه فلا معنى لاستصحابه (وجه الفساد)ما عرفت اولا من منع رجوع شرائط الحكم في القضايا المشروطة إلى كونها قيودا للموضوع بحسب اللب ليكون الموضوع فيها هو الذات المتقيد، وانما هي من الجهات التعليلية لطرو الحكم على ذات الموضوع (ومجرد) اقتضائها لاخراج الذات عن الاطلاق، غير تقييدها بنفس الحكم أو بما انيط به الحكم (بل الموضوع) في نحو هذه القضايا هو الذات المجردة عن القيد، غايته على نحو لا اطلاق لها ولا تقييد. (وثانيا) على فرض تسليم رجوع قيود الحكم إلى الموضوع نمنع توقف فعلية الحكم على فعلية وجود موضوعه بأجزائه وقيوده (لما عرفت) من ان حقيقة الحكم وهي الارادة التشريعية المبرزة بالخطاب، فعلية دائم في الخطابات المشروطة وغيرها، وان مرجع الاناطة والاشتراط فيها إلى فعلية الارادة والاشتياق التام في فرض لحاظ الشيء خارجيا قبال الارادة المطلقة الراجعة إلى الاشتياق إلى الشيء لا في ظرف وجود شيء آخر في لحاظه (لا ان) مرجع الاناطة فيها إلى اشتياق تقديري بفرض وجود المنوط به خارجا (نعم) مرتبة محركية مثل هذه الارادة منوطة بوجود المنوط به خارجا كإناطتها بالعلم به ايضا، ولكنه غير مرتبة فعلية اصل الارادة(نعم) ما افيد من عدم فعلية الحكم الا في فرض فعلية موضوعه انما يتم في فرض مجعولية الاحكام التكليفية كما هو المعروف مع البناء على ان حقيقة الحكم التكليفي عبارة عن نفس البعث والايجاب، لا الارادة التشريعية المبرزة بالخطاب، فانه على هذ المبنى، امكن دعوى كون المجعول في باب التكاليف من سنخ القضايا الحقيقية التي يتبع المجعول فيها وجود موضوعه بقيوده في الفعلية والفرضية، وهذا ايضا لولا دعوى كون المجعول حينئذ على وفق الارادة في كونه فعليا منوطا بفرض وجود القيد في لحاظه (وبالجملة) فعلى، هذا المبنى يتجه الاشكال في استصحاب الحكم التعليقي قبل وجود المعلق عليه خارجا، بناء على اعتبار لزوم كون المستصحب فعليا شاغلا لصفحة الوجود خارجا، إذ حينئذ لا فعلية للحكم المستصحب في نحو المثال قبل تحقق الغليان حتى يمكن استصحابه (ولكن) على ذلك يلزم المنع عن الاستصحاب في الاحكام الكلية ايضا قبل وجود موضوعاتها فيما لو شك فيها لأجل احتمال نسخ أو تغيير بعض حالات الموضوع (إذ بعد) اعتبار كون المستصحب شاغلا لصفحة الوجود خارجا (لا فرق) في المنع عن الاستصحاب، بين الاحكام الكلية، والجزئية مع ان المستشكل المزبور ملتزم بجريانه في الاحكام الكلية قبل وجود موضوعاتها (فإذا التزم) فيها بكفاية فرضية وجودا الحكم في صحة استصحاب الحكم الكلى، يلزمه الاكتفاء به في استصحاب الحكم الجزئي (وبالجملة) احتياج الاستصحاب في جريانه إلى وجود الموضوع خارجا بماله من الاجزاء والقيود يستلزم المنع عنه حتى في الاحكام الكلية قبل تحقق موضوعاتها سواء كان الشك فيها من جهة الشك في النسخ أو من جهة اخرى (كما) ان الاكتفاء بصرف فرضية وجود الموضوع في استصحاب الحكم الكلى، يستلزم الاكتفاء به في استصحاب الحكم الجزئي ايضا (إذ لا فرق) في فرضية الحكم بفرضية وجود موضوعه، بين فرضية تمام موضوعه بأجزائه وشروطه، وبين فرضية بعضه (فعلى) كل تقدير لا وجه للتفصيل المزبور، بل لا محيص اما من المنع عن استصحاب الحكم التعليقي قبل تحقق الموضوع والمعلق عليه مطلقا حتى في الحكم الكلى، واما من الالتزام بجريانه مطلقا حتى في الحكم الجزئي بناء على الاكتفاء في جريانه بصرف وجوده فرضا في زمان يقينه، هذا (مع) امكان اجراء الاستصحاب حينئذ في نفس القضية التعليقية والحرمة أو النجاسة التقديرية الثابتة للعنب قبل الغليان، فانه يصدق عليه قبل الغليان انه يحرم أو ينجس على تقدير غليانه وبعد صيرورته زبيبا يشك في بقاء تلك القضية التعليقية بحالها فيستصحب، إذ لا قصور في ادلته للشمول لمثل الفرض(ودعوى) انها ليست بشرعية لأنها عبارة عن الملازمة بين وجود الشيء ووجود الحكم فهى اعتبار عقلي منتزع من جعل الشارع وانشائه الحرمة والنجاسة على العنب المغلي، ودليل الاستصحاب غير ناظر إلى مثله، مضافا إلى ان الملازمة انما هي بين الحكم وتمام الموضوع، ولا يعقل الشك في بقائها الا من جهة الشك في نسخ الملازمة، فيرجع إلى استصحاب عدم النسخ الذي لا اشكال فيه، وهو غير الاستصحاب التعليقي
(مدفوع) بما ذكرنا مرارا من انه يكفي في الشرعية في باب الاستصحاب مجرد كون المستصحب مما امر رفعه ووضعه بيد الشارع ولو بتوسيط منشئه، فإذا كانت القضية التعليقية والملازمة المزبورة منتهية إلى كيفية ارادة الشارع وجعله على نحو خاص، بحيث لولا الجعل الشرعي لما يعتبر العقل تلك الملازمة، فلا محالة يجري فيه الاستصحاب والتعبد بعدم نقض اليقين بالشك بعد انتهائه إلى الاثر العملي، كما في السببية في الامور الجعلية حسب ما شرحناه سابقا خصوصا على المبنى المختار في لا تنقض من كونه ناظرا إلى نفس اليقين بلحاظ ما يترتب عليه من الاعمال حتى في الاحكام المجعولة،لا إلى المتيقن ولو بتوسيط اليقين بنحو جعل المماثل، أو الامر بالمعاملة مع المتيقن معاملة الواقع (وعليه) فلا يحتاج في اجراء الاستصحاب في نحو هذه التعليقيات وشرعيتها إلى اتعاب النفس لإثبات ان لها مرتبة من الوجود كي يورد عليه بانها كالملازمات الواقعية بين الشيئين ليست من الموجودات الخارجية وانما هي اعتبارات عقلية منتزعة من مجرد امتناع انفكاك احد الشيئين عن الاخر (نعم) ما ل يكون جعليا انما هي الملازمة والسببية في الامور الواقعية التكوينية التي لا يكون لها مساس بالجعل الشرعي ولو بالواسطة، لا مثل هذه التعليقيات التي عرفت انتهائه بالأخرة إلى الجعل الشرعي، كما هو ظاهر (واما شبهة) عدم تصور الشك في بقاء الملازمة ألا من جهة الشك في النسخ وبدونه يقطع ببقائها لكونها كالصحة التأهلية لجزء المركب (فمدفوع) بان المقطوع انما هو الحكم الثابت للذات في حال العنبية لا مطلقا حتى في حال الزبيبة، إذ هو في هذا الحال مشكوك لا مقطوع، والمستصحب هو هذا الحكم الضمني الفرضي الثابت للذات في حال العنبية وبقائه مشكوك لا مقطوع. (ثم) انه اورد على الاستصحاب المزبور بوجهين آخرين (احدهما) من جهة تغاير الموضوع في القضيتين، بدعوى ان الموضوع للحرمة والنجاسة المعلقة بالغليان في القضية المتيقنة انما هو ماء العنب وقد انعدم بصيرورته زبيبا، وفي القضية المشكوكة هو الجرم الخاص وليس هو موضوع للحرمة والنجاسة (والثاني) بمعارضة الاستصحاب المزبور مع استصحاب الطهارة والحلية الثابتة قبل الغليان، فان الاستصحاب التعليقي كما يقتضى حرمة الزبيب ونجاسته بعد الغليان كذلك الاستصحاب التنجيزي للطهارة والحلية الفعلية يقتضى حليته وطهارته بعد الغليان وحيث ان الشك في احد الاستصحابين لا يكون مسببا عن الاخر يسقط الاستصحاب فيرجع فيه إلى قاعدة الحلية والطهارة (ولكن) الاول مندفع بفهم العرف كون الموضوع للحرمة والنجاسة هو الجسم الخاص وان وصف العنبية والزبيبية من حالات الموضوع لا من مقوماته. (واما الثاني) ففيه ان المعارضة انما تتم إذا كان المستفاد من دليل الغليان مجرد سببيته للحرمة والنجاسة المشروطة بلا غائيته للطهارة والحلية الثابتتين للعنب قبل الغليان بحيث يكون ارتفاع الحلية والطهارة الثابتة قبل الغليان عند فعلية الحرمة أو النجاسة المشروطة بالغليان بمناط المضادة (واما) إذا كان المستفاد من دليل الغليان علاوة عن شرطية الغليان وسببيته للحرمة والنجاسة، كونه غاية ايضا شرعا لحكم المضاد اعني الحلية والطهارة الفعلية الثابتتين للعنب قبل الغليان، (فلا مجال) لتوهم المعارضة بين الاستصحابين، نظرا إلى حكومة الاستصحاب التعليقي حينئذ على الاستصحاب التنجيزي للحلية والطهارة، فانه بعد ان يكون الحلية والطهارة مغياة شرعا بعدم طرو الغليان الذي هو سبب النجاسة والحرمة، فلا جرم بالاستصحاب التعليقي يرتفع الشك في الحلية والطهارة ولا يبقى معه المجال لاستصحابهما اصلا (ففي الحقيقة) مرجع استصحاب الحرمة والنجاسة المشروطة إلى استصحاب بقاء الشرطية للحرمة والنجاسة ولعدم الحكم الآخر المضاد لهما المعبر عنه بالغاية، فما هو الحاكم على هذا الاستصحاب في الحقيقية هو استصحاب الشرطية والغائية الحاصل في ضمن استصحاب الحرمة المشروطة، والا فاحد الحكمين كان في عرض الآخر بلا طولية بينهما ولا سببية والمسببية، وما هو في طولهم هو حيث بقاء الشرطية والغائية التوأمين في الثبوت للقيد المزبور (حينئذ) فلا بد في الحكم بتعارض الاصلين وعدمه من لحاظ ان الغليان كما انه شرط للحرمة والنجاسة المجعولة، كذلك يكون غاية شرعا للحلية والطهارة، ام لا يكون كذلك، بل كان غائيته للحلية والطهارة بحكم العقل محضا بلحاظ مضادة الحكمين وامتناع تحقق احدهما في ظرف تحقق الآخر. (فعلى الاول) كما هو التحقيق ل محيص من حكومة الاستصحاب التعليقي بالبيان المتقدم. (وعلى الثاني) تستقر المعارضة بين الاصلين، لان الحكمين حينئذ عرضيان والشرطية والغائية ايضا عرضيتان (لان) ما هو في طول الحرمة هو وجود الشرط والغاية، والاول وان كان شرعيا فيترتب عليه اثره الذي هو الحرمة الا ان الثاني لا يكون كذلك، فلا مجال لرفع اليد عن استصحاب الحلية باستصحاب الحرمة المشروطة كما هو ظاهر. (وبما ذكرنا) يظهر النظر فيما افاده بعض الاعاظم (قدس سره) في تقريب السببية والمسببية بين الاصلين، (ببيان) ان الشك في حلية الزبيب وطهارته الفعلية بعد الغليان وان لم يكن مسببا عن الشك في نجاسته وحرمته الفعلية بعد الغليان وانما كان الشك في احدهما ملازما للشك في الآخر، الا ان الشك في الطهارة والحلية الفعلية في الزبيب المغلي مسبب عن الشك في كون المجعول الشرعي هو نجاسة العنب المغلي وحرمته مطلقا حتى في حال كونه زبيبا، أو ان المجعول الشرعي خصوص نجاسة العنب المغلي وحمرته ولا يعم الزبيب المغلي، فإذا حكم الشارع بالنجاسة والحرمة المطلقة بمقتضى الاستصحاب التعليقي يرتفع الشك في حلية الزبيب المغلي وطهارته وجه النظر ان اطلاق الحرمة المشروطة بالغليان لحال الزبيبية وثبوت ضده في هذه الحالة من المتضادين الملازم لكونهما في مرتبة واحدة من دون ان يكون لعدم احدهما تقدم على وجود الآخر، ولا لوجود احدهما تقدم على عدم الآخر، ومعه لا سببية ولا مسببية بينهما، بل يقال: حينئذ انه لم لا تعكس الامر، فانه كما ان التعبد ببقاء الحرمة المطلقة الشامل لحال الزبيبة ملازم لارتفاع الحلية السابقة عقلا في هذ الحال، كذلك التعبد ببقاء الحلية السابقة في هذا الحال ملازم عقلا للتعبد بارتفاع الحرمة التعليقية في هذا الحال (ولقد تفطن) هو (قدس سره) لهذا الاشكال، حيث اورد على نفسه بان عدم الحلية والطهارة لا تكون من الآثار الشرعية المترتبة على حرمة العنب المغلي ونجاسته وانما هو من اللوازم العقلية لجعل الحرمة للعنب المغلي مطلقا لمكان امتناع اجتماع الضدين (ولكنه) اجاب عنه بالفرق بين السببية والمسببية في الموضوعات وبينهما في الاحكام، فقال: ان شرطية ترتب المسبب على السبب شرعا انما هي في الاستصحابات الموضوعية، واما في الاستصحابات الحكمية فعدم ترتب الحكم الآخر على ثبوت حكم آخر من لوازم نفس استصحابه والتعبد به، فإذا جرى فيه الاستصحاب يترتب عليه جميع الآثار حتى العقلية لا خصوص الآثار الشرعية (فاستصحاب) الحزمة التعليقية بماله من المراتب التي منها مرتبة كونه زبيبا والتعبد ببقائه مما يلازم عقلا للتعبد بارتفاع حليته وطهارته، إذا لا معنى للتعبد بحرمته ونجاسته في هذا الحال الا الغاء حليته وطهارته في هذا الحال، والا يكون التعبد به لغوا، فبذلك يكون استصحاب الحرمة والنجاسة التعليقية حاكما على استصحاب الحلية والطهارة انتهى ملخص ما افاده بطوله.(وانت خبير) بما فيه (إذ مضافا) إلى انه لا فرق في شرعية ترتب المسبب بين الاصول الموضوعية والحكمية، يمنع الطولية والسببية والمسببية بينهما لما عرفت من المضادة بين الحكمين عقلا المستتبع لملازمة وجود احدهما لعدم الآخر، فلو اكتفي بهذا المقدار في الحكم بارتفاع الحلية والطهارة الفعلية باستصحاب الحرمة والنجاسة التعليقية للعنب بماله من المراتب التي منها المرتبة الزبيبية، فلم لا تعكس الامر، لان التعبد بالحرمة التعليقية كما يقتضى التعبد بعدم الحلية الفعلية بعد الغليان، كذلك التعبد ببقاء الحلية الفعلية الثابتة للعنب بعد الغليان في هذا الحال يقتضي التعبد بارتفاع الحرمة التعليقية في هذا الحال، لان لازم تضاد الحكمين انما هو ملازمة وجود احدهما لعدم الآخر واقعا وظاهرا، ومع امكان العكس اين يبقى المجال لتقديم الاستصحاب التعليقي وترتيب لازمه ظاهرا من نفي الحلية والطهارة كما هو ظاهر (وحينئذ) فالعمدة في تقديم الاستصحاب التعليقي في المقام على الاستصحاب التنجيزي للحلية والطهارة هو ما ذكرناه من الحكومة بالتقريب المتقدم الراجع استصحابه إلى استصحاب بقاء الشرطية والغائية للحلية السابقة الموجب لثبوت ما هو الغاية للحلية والطهارة، حيث انه باستصحابه يرتفع الشك في الحلية والطهارة تعبدا، ومعه لا يبقى مجال لاستصحابهما فتدبر. (وبما ذكرنا) يظهر النظر فيما افاده المحقق الخراساني (قدس سره) في نفى التعارض بين الاصلين رأسا، من ان التعارض انما يتصور بينهما في فرض اقتضاء بقاء الحلية إلى حين الشك به اجتماعها مع الحرمة التعليقية المضادة لها بحيث يلزم من جريان الاستصحابين العلم بمخالفة احدهما للواقع، وليس كذلك، فانه كما ان الحرمة منوطة بوجود الغليان، كذلك الحلية السابقة منوطة ايضا بعدم الغليان، ومن المعلوم ان القطع ببقاء القضيتين وجدانا لا يوجب اؤلهما إلى اجتماع الضدين فضلا عن استصحابهما (إذ فيه) ان القطع بالحلية المغياة بالغليان وان كان يجتمع مع الحرمة المنوطة بالغليان، حيث كان العنب دائما يثبت له الحلية والحرمة المنوطة بالغليان بلا اؤل مثله إلي اجتماع الحكمين الفعليين في زمان بلحاظ ان الغليان الذي هو غاية للحلية وشرط للحرمة بوجوده ينفى الاول ويثبت الثاني (ولكن) القطع بالحلية المغياة قبل حصول الغاية لما يلازم القطع بالحلية الفعلية للعنب فلا جرم مهما شك في ارتفاعها ولو من جهة احتمال بقائها في الزمان اللاحق بلا تعليق على عدم الغليان يجرى استصحاب تلك الحلية الفعلية، كما لو شك في ارتفاعها يمثل مواجهة الشمس أو غيرها من محتمل الرافعية، فالمعارض لاستصحاب الحرمة التعليقية حينئذ هو هذا الاستصحاب، لا استصحاب الحلية المنوطة بعدم الغليان كى يقال: ان القطع ببقائها غير ضائر فضلا عن استصحابها (وعليه) فالحري هو ابداء اصل المعارضة بين الاستصحابين ثم علاج التعارض بينهما بحكومة الاستصحاب التعليقي على الاستصحاب الفعلي بالتقريب الذي ذكرناه.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|