المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الأخلاق والأدعية والزيارات
عدد المواضيع في هذا القسم 6346 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الغفلة في القرآن الكريم  
  
38   11:55 صباحاً   التاريخ: 2024-12-27
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : الأخلاق في القرآن
الجزء والصفحة : ج2/ ص209-218
القسم : الأخلاق والأدعية والزيارات / الرذائل وعلاجاتها / الجهل و الذنوب والغفلة /

نقرأ القرآن الكريم لنستوحي من آياته الإلهية ما يسلط الضوء على هكذا مسائل مهمة في حياة الإنسان ، والآيات الكريمة الّتي تتحدّث عن ظاهرة الغفلة كالتالي :

1 ـ (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ)([1]).

2 ـ (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ)([2]).

3 ـ (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)([3]).

4 ـ (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ* أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)([4]).

5 ـ (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ)([5]).

6 ـ (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ)([6]).

7 ـ (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ)([7]).

8 ـ (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ)([8]).

9 ـ (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)([9]).

10ـ (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ)([10]).

11 ـ (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)([11]).

12 ـ (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)([12]).

تفسير واستنتاج :

«الغفلة» المنبع الأصلي للمشكلات

«الآية الاولى» من الآيات محل البحث تتحدّث عن أسوأ أفراد البشر وتستعرض في طياتها فئة من الناس هم أشقى الناس جميعاً وتصفهم بعدّة أوصاف وتقول (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ)([13]).

في هذه الآية الشريفة نجد أنّ عنصر الغفلة يمثل العامل الأساس لشقاء الإنسان والسبب الأصلي الّذي يدفع الإنسان إلى جهنم وبئس المصير ، الغفلة الّتي تنشأ من ترك الإنسان بالتفكر والتدبر وعدم استخدام بصيرته وعدم إصغائه لصوت الحقّ حتّى يصل به الأمر إلى أن يصل إلى مستوى الانعام بل اضل منها واتعس ، لأن الأنعام إنّما تعيش الغفلة في حياتها بسبب انها خلقت كذلك وعدم وجود ملكة التنبه والتعقل في ذاتها ، في حين إن الإنسان إذا عاش الغفلة في حياته مع وجود عوامل التنبه بأدوات التذكر والتعقل فسيكون أضل من الأنعام بالتأكيد.

إن مفهوم الآية أعلاه لا يعني أنّ الله تعالى يجبر بعض الناس على سلوك طريق جهنم بل كما ورد التصريح في الآية نفسها أنّ أهل النار عند ما صاروا من أهل النار بسبب اختيارهم لهذا الطريق والسلوك الشائن ، لأن الله تعالى قد أعطاهم العقل ولكنهم لم يستخدموا عقولهم ، وأعطاهم السمع والبصر ولكنهم لم يصحوا إلى الحقائق الإلهية في آذانهم ولم يروا آيات الله بأبصارهم ، إذن فكلما يواجهونه من مشاكل دنيوية أو اخروية فهو بسبب اختيارهم ومن ناحيتهم ، وغاية الأمر أنّ الله تعالى قد قرر قانوناً وناموساً يحكم عالم الوجود في دائرة الإنسان ، وهو أنّ كلّ من لم يستخدم المواهب الإلهية في مجالها الخاصّ ولم يتحرّك في سبيل استخدام قابلياته الذاتية في طريق التكامل المعنوي فسيكون مصيره إلى جهنم في الآخر، فحصول هذا الشرط في هذا القانون يرتبط بإرادة الإنسان ذاته.

«الآية الثانية» تتحدّث عن الكتاب في عرصات يوم القيامة ، في ذلك الوقت الّذي يقترب فيه وعد الله حيث تسري فيه الوحشة ويملك الخوف جميع وجودهم وتتحجر عيونهم من الرعب ، وهناك يتعالى صراخهم وعويلهم وينادون بالويل والثبور على ما كانوا في غفلةٍ من هذا الحال (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذا هِيَ شاخِصَةٌ أَبْصارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالِمِينَ)([14]).

وعلى هذا فإنّ هذه الفئة من الناس يُقرون بأن «الغفلة» هي العامل الأساس في انحرافهم عن جادة الحقّ ، الغفلة الّتي دعتهم إلى أن يتحركوا من موقع الظلم على أنفسهم وعلى الآخرين وتركهم لدعوة الأنبياء والكتب السماوية والقاءها وراء ظهورهم.

هؤلاء يتحدّثون بهذا الكلام عند ما تصيب الزلزلة جميع عالم الوجود وتتجلّى يومئذٍ علامات القيامة وتزول حجب «الغفلة» ، وهناك يعيش هؤلاء الندم حيث تكون أبواب التوبة والانابة إلى الله مؤصدة أمامهم ([15]).

«شاخصة» من مادّة «شخوص» وهي في الأصل بمعنى الخروج من المنزل أو المدينة إلى مدينة اخرى ، وبما أنّ الإنسان عند ما يستولي عليه الرعب تشحب عيناه وتتوقفان عن الحركة حيث يظل ينظر إلى نقطة معينة في حالة من البهت بحيث تكاد تخرج حدقة العين من مكانها ، فهذه الحالة يطلق عليها بالشخوص.

«الآية الثالثة» تخاطب النبي الأكرم (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله) من موقع الارشاد لمن يصح معاشرتهم والحياة معهم وتقول (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)([16]).

في هذه الآية نقرأ صفات الأشخاص الّذين يمتلكون اللياقة ليكونوا في صحبة النبي ورفقته من موقع اتصافهم بالإيمان والعبادة وذكر الله تعالى في الصباح والمساء ، وتحذر الآية الشريفة أيضاً من اطاعة الغافلين عن ذكر الله والّذين يتحركون من موقع الأهواء والشهوات إلى درجة الافراط ، ومن خلال مضامين هذه الآية الكريمة نستوحي وجود علاقة بين اتباع الهوى وبين الغفلة ، أجل فإنّ الغافلين عن ذكر الله هم الّذين يتبعون أهوائهم ويعيشون حالة الافراط في سلوكياتهم ، ولو لم يكن في ذمّ «الغفلة» الا هذا لكفى.

وطبقاً لما بيّنته الآية أعلاه من أنّ الله تعالى قد أغفل قلوب هؤلاء «أغفلنا قلبه عن ذكرنا» يتضح جيداً أنّ ذلك كان نتيجة أعمالهم السيئة في الحياة الدنيا وعلى شكل عقوبة إلهية.

والمعروف أنّ الآية محل البحث نزلت في طائفة من الأثرياء والمتكبرين في عصر النزول حيث جاءوا إلى النبي الأكرم (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله) وقالوا له : يا رسول الله ، إنك لو جلست في صدر المجلس ونحيت عنّا هؤلاء وأرياح جبابهم ـ يعنون بذلك سلمان وأبا ذر وفقراء المسلمين وكانت عليهم جباب الصوف ولم يكن عليهم غيرها ـ جلسنا إليك وحادثناك وأخذنا عنك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية إلى قوله : إنا اعتدنا للظالمين ناراً ... ([17]).

إن الله تعالى كان يعلم ما في نفوس هؤلاء الغافلين وأنّهم يعيشون الادعاءات الفارغة والشعارات الجوفاء وأنّهم ليسوا بقابلين للاعتماد والثقة لا في حالة الصلح ولا في زمن الحرب ولا يمكن الاستفادة من أفكارهم ، ولهذا حذّر الله تعالى نبيّه الكريم (صلى ‌الله ‌عليه وآله) من وساوسهم.

«الآية الرابعة» تتحرك في سياقها من خلال استعراض بعض أوصاف أهل النار وتقول : (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ* أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)([18])

في هذه الآية الكريمة نقرأ أنّ السبب الأساس لإنكار المعاد لدى بعض الناس ورضاهم بالحياة الدنيا ونسيان الآخرة هو «الغفلة» عن آيات الله والّتي تمثل هذه الحالة المحور والمصدر الحقيقي لشقاء الإنسان وتورطه في المشاكل والمصائب ، في حين أنّ السبب الحقيقي لسعادة المؤمنين وأصحاب النعيم في الآخرة يمتد في جذوره إلى حالة التنبؤ والتذكر والانفتاح على الله تعالى كما ورد ذلك في الآيات الّتي تلي هذه الآية.

ونقرأ في تفسير روح البيان في ذيل هذه الآية حديثاً قدسياً يقول : العجب ممّن يؤمن بالنار كيف يضحك؟ وممّن يتعلق بالدنيا وهو يعلم أنّه مفارقها ، ومن الغافلين كيف يلهون في حين أنّهم يعلمون أنّه لا يُغفل عنهم.

ويتحدّث صاحب التفسير المذكور في ذيل هذا الحديث الشريف عن قصة «النعمان بن المنذر» الّذي كان أحد ملوك الحيرة في عصر الجاهلية ، ويقول : في أحد الأيّام كان هذا الملك جالساً للهو واللعب تحت شجرة وارفة الظلال ، فقال له «عدي» وكان أحد أقربائه : أيّها الملك أنّ هذه الشجرة تغني فهل تعلم ما تقول؟ هذه الشجرة تقول :

رُبَّ رَكْبٍ قَدْ اناخُوا حَولَنا
 

 

يَمزَجُون الخَمْرَ بِالمَاءِ الزُّلالِ
 

ثُمَّ اضْحُوا اسَفَ الدَّهرُ بِهِم
 

 

وَكَذاك الدَّهرُ حالاً بَعد حالٍ ([19])
 

 

 «الآية الخامسة» تتحدّث عن الأشخاص الّذين يعيشون «الغفلة» عن أسرار وقضايا عالم الوجود ولا يرون إلّا ظواهر الامور ، ويقنعون بهذا الظاهر الجذّاب لهذه الحياة الدنيا عن حقيقتها مع الغفلة عن باطنها الّذي يشير إلى الحياة الاخرى وتقول «يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْأَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ». ([20])

فلو أنّ الغفلة لم تلق عليهم بظلالها ولم تكبل عقولهم بقيودها لرأوا في كلّ شيء وفي كلّ كائنٍ وموجود من هذا العالم آية من الآيات الّتي تدلّ على الله تعالى والمعاد ، فالقرآن الكريم يستعرض أسرار عالم الخلقة ويقرر أنّ هذا النظام المدهش للعديد من عالم المادّة والطبيعة إنّما هو آية وعلامة على وجود الله تعالى وعلامة كذلك على المعاد والحياة بعد الموت من خلال الحوادث المشاهدة والملموسة في حركة الحياة والواقع ، غاية الأمر انه لا يدرك مغزى هذه الآيات والعلامات ولا يقرأ مضمونها الباطني سوى أصحاب البصيرة الّذين قرأوا نغمة التوحيد والمعاد في باطن هذه الحوادث لا الأشخاص الّذين يتعاملون مع الحياة الدنيا من موقع الأهواء والنوازع المادية الرخيصة.

هذا وإن تكرار ضمير «هم» في الآية الشريفة يعد تأكيداً على هذا المطلب ، وهو أنّ «الغفلة» هي السبب في أن يتحرّك الإنسان من موقع الظواهر فحسب ولا يرى واقع الحال ويتوغل في باطن الامور.

والجدير بالذكر أنّ مفردة «الغفلة» وردت في موارد تكون فيها أسباب ومقدمات التذكر والتنبه متوفرة لدى الإنسان ، ولكنه وبسبب اتباعه للأهواء أو بسبب ضعف الإيمان أو لأسباب اخرى فإنه يتغافل عنها ، والشاهد على ذلك الآيات الّتي وردت بعد هذه الآية من سورة الروم حيث يستعرض الله تعالى فيها نماذج من آثار التوحيد والمعاد في عالم الخلقة وفي واقع الإنسان ويحذّر الغافلين عن التمادي في غفلتهم وينذرهم من عاقبة هذه الحالة الوخيمة.

«الآية السادسة» تتحدّث عن أخطر فئة من الكفّار ، وهم الّذين يعيشون حالة التكبر والعناد مضافاً إلى كفرهم ، وفي آخر الآية تقرر السبب الّذي ساقهم إلى الشقاء الدائم ، وهو الغفلة عن آيات الله وتقول : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ)([21]).

وقد وقعت هذه الجملة من الآية الكريمة (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ) مورداً لبحث المفسّرين ومناقشاتهم ، ولعلّه كان بسبب أنّ من المسلّم أنّ الله تعالى يهدي الناس إلى طريق الحقّ ، وأساساً فإنّ جميع الأنبياء والأوصياء كانوا يهتمون بإرشاد الناس وهدايتهم إلى الله تعالى ، فكيف يجتمع هذا المعنى مع قوله تعالى (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ) وانه تعالى هو الّذي يحرم هؤلاء عن الهداية والتوفيق لرؤية هذه الآيات على نفسها ، ولهذا نجد أنّ الكثير من المفسّرين قد تكلفوا تأويل هذه الآية بما لا يتناقض مع الاصول والمبادئ المسلمة.

ويتضح الجواب عن هذا السؤال من خلال استعراض الآيات القرآنية الاخرى في هذا المجال ، حيث تمثل بعض اعمال الإنسان وحالاته النفسية من قبيل التكبر والعناد أمام الحقّ والتعصب الشديد حجباً مظلمة على قلب الإنسان تمنعه من مشاهدة جمال الحقّ ، وفي الواقع أنّ هذه الأعمال والصفات القبيحة هي الّتي تسبب حجبهم عن الحقّ وتمنعهم من رؤية آيات الله ، وعند ما تنسب الآية عملية الحجب هذه إلى الله تعالى فإنما ذلك بسبب أنّ الله تعالى قد جعل هذه النتيجة كعقوبة طبيعية واثر طبيعي مترتب على تلك الأعمال والصفات ، أي أنّ الانصراف عن آيات الله هو نتيجة طبيعية مقررة في قانون الخلقة لمن يمارس تلك الأعمال والصفات القبيحة.

والجدير بالذكر أنّ الآية الشريفة تقرر في ختامها وتؤكد على أنّ سبب انصرافهم عن آيات الله هو تكذيبهم وغفلتهم عن هذ الآيات.

«الآية السابعة» تتحرك من خلال استعراض حالة العناد لدى الفراعنة في مقابل الآيات الإلهية والبلايا المتنوعة الّتي أنزلها الله على هؤلاء القوم الفاسقين لينتهوا من غفلتهم ويؤوبوا إلى رشدهم ويتبعوا نبيّهم «موسى بن عمران» وتقول (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ)([22]).

ومن خلال السياق القرآني في هذه الآية نستوحي أنّ مصدر شقاء قوم فرعون وهلاكهم هو تكذيب الآيات الإلهية والغفلة عنها ، ويمكن أن تكون «الغفلة» سبباً للتكذيب ، فإنّ الجذر الأصلي لشقائهم هو «الغفلة» عن آيات الله ، أو أنّهم قد تحركوا في مقابل الدعوة السماوية من موقع التكذيب أحياناً والغفلة أحياناً اخرى ، وبهذا يكون كلّ من التكذيب والغفلة سبباً مستقلاً للشقاء والهلاك.

بعض المفسّرين يرى أنّ ضمير «عنها» يعود إلى النقمة الإلهية والعذاب الإلهي ، ففي هذه الصورة يكون عنصر التكذيب بآيات الله هو الموجب لشقائهم ، ولكن هذا الاحتمال ضعيف جداً لأن هذا الضمير ورد إلى جانب الآيات ، وحسب الظاهر انه يعود عليها ، وقد أورد بعض المفسّرين سؤالاً هنا ، ولعلّ هذا السؤال كان هو السبب في احتمال عودة الضمير إلى النقمة والعذاب ، وهو أنّ «الغفلة» حالة غير اختيارية ولذلك لا يمكن أن تستوجب عذاب الله للإنسان.

ولكن الجواب عن هذا السؤال واضح ، لأن «الغفلة» في كثير من الموارد تكون اختيارية في جذورها ومقدماتها ، فعند ما يتحرك الإنسان باتجاه آيات الله ولا يتدبر فيها ولا يصغي لكلمات الأنبياء ، فمن الطبيعي أن تستولي عليه حالة الغفلة ، ومن هذا المنطلق نجد الناس كثيراً ما يذمون المجرمين والمنحرفين بسبب غفلتهم.

«الآية الثامنة» وبالرغم من انها لم تذكر كلمة «الغفلة» في سياقها ، إلّا أنّ محتواها العام يتضمّن مفهوم الغفلة ، فهذه الآية تتحدّث عن المشركين في عصر النزول الّذين كانوا يتحركون من موقع الغفلة الشديدة وأحياناً ينتبهون من غفلتهم ويتجهون نحو التوحيد في حالات خاصّة ، وأحياناً اخرى يغرقون في مستنقع الشرك والضلالة تماماً ، فتقول الآية (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ)([23]).

أجل ، فإنّ اعصار الحوادث والأخبار من شأنه أن يزيح حُجب «الغفلة» عن أبصار هؤلاء ويتجلّى لهم حقيقة الأمر وواقع الحياة الدنيا ، فطائفة منهم تستثمر هذا التنبيه وهذه اليقظة في حركتها التكاملية والمعنوية ويتحركون لإصلاح أخطائهم وجبران ما فاتهم من العمر، ولكن هناك طائفة اخرى وهم الأكثرية يتنبهون في هذه اللحظات فحسب وبعد انتهاء الحادثة يعودون ادراجهم نحو ما كانوا يعيشونه من الغفلة واتباع الهوى في خط الباطل والانحراف.

بعض المفسّرين يذكر في ذيل هذه الآية أنّ المشركين كانوا يصطحبون معهم أصنامهم في أسفارهم البحرية ليحفظوهم من الغرق ولكنهم عند ما يواجهون الخطر ويرون أمواج البحر الرهيبة الّتي تتقاذفهم من كلّ جانب كالريشة في مهب الريح فإنّهم يلقون بأصنامهم في البحر ويتجهون نحو الله بكلّ اخلاص ويتعالى صراخهم «يا الله يا الله» ([24]).

«الآية التاسعة» تقرر حكماً عاماً وكلياً بالنسبة إلى جميع أفراد البشر وتقول (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ)([25]).

أجل ، فإنّ التوجه إلى الله تعالى يتسبب أن يكون الذاكر جليس الملائكة بمقتضى قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ ...).

والحال أنّ التغافل عن ذكر الله يفضي بالإنسان أن يكون قرين الشياطين الّذين يسوقونه إلى حيث يريدون كما تقول الآية الشريفة (نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) وفي الواقع أنّ عمله هذا أي «الغفلة» عن آيات الله يورثه البعد عن رحمة الله وبالتالي يكون قرين الشياطين البعيدة عن رحمة الله ، وبعبارة اخرى : أنّ هذه الحالة هي جزاءه الدنيوي على حالة الغفلة هذه.

وبالنظر إلى أنّ كلمة «يعش» من مادّة «عشو» على وزن «نَشَر» ، بمعنى ضعيف النور في بصره فلا يرى شيئاً بوضوح وكأنما يغطي عينه حجاب فلا يرى الحقيقة بوضوح ، ومفهومها ليس هو سوى الغفلة والاعراض عن الله تعالى ، ويقول رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله) «إذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ شَرّاً قيِّضَ لَهُ شَيطاناً قَبْلَ مَوتِهِ بِسَنَةٍ ، فَلا يرى حَسَناً الّا قَبَّحَهُ عِنْدَهُ حَتَّى لا يَعْمَلُ بِهِ ، وَلا يَرى قَبِيحاً الّا حَسَّنَهُ حَتّى يَعْمَلُ بِهِ» ([26]).

وفي «الآية العاشرة» يتحدّث القرآن الكريم عن المتقين والّذين يقابلون امواج الوساوس الشيطانية ويعالجون حالات الغفلة مهما كانت قليلة بذكر الله تعالى ، فتكون النتيجة أنّ حجب الغفلة وتراكمات الوساوس تنقشع عن القلب وتنفتح البصيرة فتقول الآية (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ)([27]).

هذا التعبير في الآية الكريمة يشير إلى أن ذكر الله تعالى يورث الإنسان بصيرةً في قلبه في حين أنّ الغفلة عن ذكر الله تمهد الطريق لنفوذ الشياطين إلى قلبه.

«طائف» يعني من يطوف حول شيء معين ، والمراد به كما ذكره جمعٌ من المفسّرين الكبار هو الوساوس الشيطانية الّتي تطوف حول قلب الإنسان لتتمكن من العثور على منفذ لها في كعبة القلب وتحول هذا القلب إلى معبد للأوثان ، وعملية النفوذ هذه لا تتسنى لهؤلاء الشياطين إلّا في حالة «الغفلة» عن ذكر الله ، لأن الإنسان بمجرد أن يذكر الله تعالى فإنّ الوساوس والخطرات الشيطانية سوف تبتعد وتتلاشى ، ويتجلّى حينئذٍ نور الحقّ أمام بصيرة الإنسان في حركته المنفتحة على الله والحقّ.

«الآية الحادية عشر» تتحدّث عن الغافلين الّذين يعيشون حالة الغفلة والجهل المطلق إلى آخر عمرهم ، ولكن عند ما يحين أجلهم ويقعون في سكرات الموت ويرون بأم أعينهم آثار أعمالهم السيئة فحينئذٍ يعيشون الرعب والقلق الشديد ، فيقال لهم حينئذٍ (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)([28]).

إن الآيات القرآنية هذه توحي بوجود ملكين يصطحبون الإنسان في عرصات المحشر ، أحدهما يسوقه إلى محكمة العدل الإلهي ، والآخر يحضر بعنوان الشاهد على أعماله ، ويحتمل أن يكون هذان الملكان هما الّذين كانا يصطحبان الإنسان في الحياة الدنيا ويكتبون أعماله الصغيرة والكبيرة ، ففي القيامة يأخذان بيد المجرمين ومعهما كتابهما هذا إلى حيث المحكمة الإلهية الكبرى ، ولكنَّ هؤلاء المجرمين لم يكونوا يحسون بوجود هذين الملكين في الحياة الدنيا بل لم يكونوا يؤمنون بوجودهما بالرغم انهما يصحبون كلّ إنسان في هذه الحياة ، ويوم القيامة حيث تزاح الحجب وتزال الاستار وتنفتح عين البصيرة يرى الإنسان هذه الحقيقة الناصعة.

«الآية الثانية عشر» والأخيرة من هذه الآيات محل البحث تتحدّث عن يوم القيامة وتبين حالات الغافلين في هذا اليوم المليء بالحسرات واشكال الحزن وتقول (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)([29]).

وأحد أسماء يوم القيامة هو يوم الحسرة ، لأن الغافلين الّذين كانوا يعيشون في هذه الدنيا بعيداً عن الحقّ سوف ينتبهون من نومتهم هذه ويرون جميع أعمالهم ، فهناك سيجدون أمامهم كتاب يقرر ما ارتكبوه من أعمال ، فهناك من جهة اخرى الملائكة الّذين يشهدون عليهم ، ومن جهة ثالثة والأشد من ذلك هو شهادة أعضاء الإنسان حتّى الجلد على ما ارتكبته في الحياة من أعمال وسلوكيات شائنة ، وهناك ترتفع نار الندم والحسرة وتستولي على وجود الإنسان ولكنهم لا يجدون طريقاً سوى مزيد التحسر على ما فاتهم من فرص ثمينة في الحياة الدنيا ، فليس لهم الرجوع للعودة لجبران ما فات لأن الطريق موصد من خلفهم والكتب قد اغلقت ، فلا مجال للتوبة والانابة ، ولذلك سيملأ الحزن وجودهم وخاصّةً عند ما يسمعون نداء الملائكة الموبخ لهم حيث يقولون «لقد كنت في غفلةٍ من هذا».

وبديهي أنّ هذه الغفلة لا تتعلق بحالات يوم القيامة ولا عالم البرزخ ، لأن الإنسان وبمجرد أن ينتقل من هذه الدنيا ويعانق الموت فإنّ سحب الغفلة ستزول أمام عينه ويرى حقائق العالم كما هي ، وحينئذٍ لا يبقى معنى لمفهوم «الغفلة» كما تقول الآية 99 و 100 من سورة المؤمنون (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).

النتيجة :

وممّا نستوحيه من الآيات المذكورة آنفاً أنّ الخطر الّذي يعيشه الإنسان بسبب الغفلة

عن ذكر الله وتجاهل الحقائق الّتي تستبطن عالم الوجود أكثر ممّا يتصور عادةً حيث بإمكان «الغفلة» أن تدمر جميع اركان سعادة الإنسان وتحرق في أجوائها جميع الآمال الإيجابية في حياة كريمة وتهدر جميع طاقاته وقابلياته الّتي يمكنه التوصل بها إلى أعلى مراتب الكمال المعنوي والإنساني وتحولها إلى رماد وهباء منثور.


[1] سورة الأعراف ، الآية 179.

[2] سورة الأنبياء ، الآية 97.

[3] سورة الكهف ، الآية 28.

[4] سورة يونس ، الآية 7 و 8.

[5] سورة الروم ، الآية 7.

[6] سورة الأعراف ، الآية 146.

[7] سورة الأعراف ، الآية 136.

[8] سورة العنكبوت ، الآية 65.

[9] سورة الزخرف ، الآية 36.

[10] سورة الأعراف ، الآية 201.

[11] سورة ق ، الآية 22.

[12] سورة مريم ، الآية 39.

[13] سورة الأعراف ، الآية 179.

[14] سورة الأنبياء ، الآية 97.

[15] وقع اختلاف في مرجع الضمير «هي» وانه على من يعود؟ والأفضل عوده على الأبصار ، فهناك نوع من التقديم والتأخير في كلمات الآية.

[16] سورة الكهف ، الآية 28.

[17] ذكر شأن النزول هذا كلّ من الطبرسي في «مجمع البيان» والقرطبي في تفسير «الجامع لأحكام القرآن» والبرسوني في «روح البيان» وجماعة آخرون مع بعض الاختلاف في النقل (والجدير بالذكر أنّه بالرغم من أنّ سورة الكهف مكية ولكن المفسرين ذكروا أنّ الآية مورد البحث (28) نزلت في المدينة).

[18] سورة يونس ، الآية 7 و 8.

[19] روح البيان ، ج 4 ، ص 18.

[20] سورة الروم ، الآية 7.

[21] سورة الأعراف ، الآية 146.

[22] سورة الأعراف ، الآية 136.

[23] سورة العنكبوت ، الآية 65.

[24] روح البيان ، ج 6 ، ص 493.

[25] سورة الزخرف ، الآية 36.

[26] روح البيان ، ج 8 ، ص 369.

[27] سورة الأعراف ، الآية 201.

[28] سورة ق ، الآية 22.

[29] سورة مريم ، الآية 39.




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.