المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8186 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

علي بن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة
29-01-2015
نهر أمور
23-3-2018
ذوبان الحدود
26-11-2018
المجتمع الحديث والإقليمية
15-1-2016
طريقة البثقEXRUSION - صناعة البلاستك
2023-02-18
المياه السطحية Surface Water
2024-08-25


إستصحاب حكم المخصّص  
  
800   09:38 صباحاً   التاريخ: 1-8-2016
المؤلف : محمد تقي البروجردي النجفي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأفكار
الجزء والصفحة : ج4. ص.224
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / الاصول العملية / الاستصحاب /

إذا ورد عام افرادي يتضمن العموم الزماني وخرج بعض افراد العام عن الحكم بالتخصيص في بعض الازمنة فشك في ان خروجه عنه في تمام الازمنة أو في بعضها، فهل المرجع بعد انقضاء الامد المتيقن خروجه عنه هو عموم العام كما عن بعض، أو استصحاب حكم المخصص كما عن بعض آخر، وجهان (وقد) عد من ذلك قوله سبحانه أوفو بالعقود باعتبار ادلة الخيارات كخيار الغبن ونحوه إذا شك في انه للفور أو التراخي (وتنقيح) الكلام فيه يستدعي تقديم امور:

(الامر الاول) ان الزمان في دليل العام ام ان يكون قيدا للموضوع أو الحكم، واما ان يكون ظرفا لهما (وعلى الاول) تارة يكون مجموع آنات الزمان لوحظ على وجه الارتباطية قيدا واحدا، نظير العام المجموعى بحيث لو خلا آن واحد عن وجود الموضوع أو الحكم لا ارتفع الموضوع والحكم من اصله، كم لعله من هذا القبيل باب الصوم من حيث ان حقيقة الصوم المأمور به هو الامساك المتقيد بكونه في مجموع آنات النهار من طلوع الفجر إلى الغروب من حيث المجموع بنحو يتحقق العصيان وينتفى المأمور به بخلو آن من آنات النهار عن الامساك تعمدا(وانما قلنا) ان منه باب الصوم احتمالا لا جزما، لقوة احتمال عدم كونه من باب التقييد بالزمان (بل من باب) كونه عبارة عن مرتبة خاصة من الامساك المحدود بالحدين اوله بما يقارن الفجر وآخره بما يقارن الغروب بنحو يكون الفجر والغروب معينين للحدين وكاشفين عنها بنحو كشف اللازم عن الملزوم وكان النهار من اوله إلى آخره ملازما لتلك المرتبة من الامساك الخاص، لا انه اخذ قيدا فيه (وعلى كل حال) فعلى القيدية، اما ان يكون مجموع الازمنة من حيث المجموع على نحو الارتباطية لوحظ قيدا واحدا للموضوع أو الحكم، واما ان يكون لوحظ كل آن من آنات الزمان قيدا مستقلا بنحو يتكثر الموضوع أو الحكم بتكثر آنات الزمان ويصير الموضوع الوحداني الخارجي باعتبار تكثر الآنات موضوعات متعددة يتبعها احكام عديدة نظير العام الاصولي كما لو ورد في الخطاب يجب اكرام زيد في كل زمان، أو ان اكرام زيد واجب في كل زمان، فان تقسيم العام إلى المجموعي والاصولي كما يجري في العموم الافرادي، كذلك يجري في العموم الازماني، غير ان الارتباط والاستقلال في العموم الافرادي يلاحظان بالنسبة إلى الافراد، وفي العموم الزماني يلاحظان بالنسبة إلى اجزاء الزمان وآناته، ومن غير فرق بين سعة دائرة الزمان بكونها مادام العمر أو محدودة بالسنة أو الشهر أو اليوم (والفرق) بين هذين القسمين انما هو من حيث وحدة الاطاعة والمعصية وتعددهما التابع لوحدة التكليف والموضوع وتعدده.

(وعلى الثاني) وهو الظرفية للموضوع أو الحكم (فتارة) يكون مفاد العام اثبات حكم شخص مستمر وحداني لكل فرد من افراد موضوعه المستمر على نحو غير قابل للتكثر ولو تحليلا بحيث لو انقطع هذا الشخص لم يكن الخطاب متكفلا لحكم آخر لشخص موضوعه (واخرى) يكون مفاده اثبات حكم سنخي لذات كل فرد بما هي سارية في جميع الحالات والازمان على وجه قابل للانحلال حسب القطعات المتصورة للفرد الشخصي بحسب الاحوال والازمان إلى احكام متعددة ثابتة لكل قطعة من القطعات الموجودة للفرد الشخصي المستمر، ومن غير نظر في تكفله لثبوت ذلك الحكم السنخي لذات كل فرد إلى كل زمان ليكون قطعات الزمان افرادا مستقلة للعام كما يقتضيه فرض اخذ الزمان قيدا للموضوع أو الحكم (وثالثة) يكون مفاد العام اثبات حكم سنخي لطبيعة الموضوع القابل للانطباق على كل فرد على وجه الاطلاق والسريان بالنسبة إلى الحالات والازمان مع فرض كون الزمان في جميع هذه الفروض ظرفا بحيث لو اخذ في لسان الدليل كان لمحض الاشارة إلى امد استمرار الحكم أو موضوعه.

(ومن نتائج) هذه الفروض انه على الاول لو ورد دليل على نفي الحكم عن فرد في زمان معين فشك في ثبوت الحكم له بعد زمان التخصيص، لا مجال للتثبت بدليل العموم لأثبات حكمه بعد زمان التخصيص (بل لابد) حينئذ من التماس دليل آخر (والا) فالدليل الاول لم يتكفل الا لأثبات حكم شخصي مستمر زمانا لموضوع شخصي مستمر ومثله انقطع بالدليل المخرج (بخلاف) الاخيرين، فان الدليل الاول بلحاظ تكفله لأثبات الحكم الشخصي القابل للانحلال لذات الفرد أو الطبيعي الجامع على نحو الاطلاق والسريان بالنسبة إلى الحالات والازمان يكون مثبتا لحكم هذا الفرد فيما بعد زمان التخصيص، ومن هذه الجهة لا قصور في التشبث به لثبوت حكمه بعد التقطيع (من غير فرق) بين ان يكون التقطيع من الوسط أو من الاول (والسر في ذلك) هو ان ما يقتضيه نفس دليل الحكم انما هو ثبوت الحكم لذات الفرد أو الطبيعي في الجملة بحيث لو شك فيه بالنسبة إلى بعض الاحوال أو الازمان يرجع فيه إلى الاصول العملية (واما) ثبوته له مستمرا إلى الابد وفى جميع الاحوال فإنما هو بمقتضي اطلاق دليله، وبذلك يستكشف من الدليل المخصص المزبور المخرج للزمان، تحديده من الاول إلى الزمان الخاص، فيكون الدليل المخصص في الحقيقة محددا له إلى زمان خاص، لا انه مخصص ومخرج للفرد عن حكم العام، والا يلزم عدم ثبوت حكم العام من الاول لمثل هذا الفرد، وليس كذلك بل العام باق على عمومه حتى بالنسبة إلى هذا الفرد (غاية الامر) يرفع اليد عن اطلاقه بالنسبة إلى بعض الازمنة ويؤخذ بأطلاقه فيما عداه، إذ لا وجه لرفع اليد عن اطلاقه بالنسبة إلى غير هذا الزمان، لان المطلق لا يخرج عن الحجية بمجرد ورود تقييد على بعض جهاته (وبهذه) الجهة نفرق في الفرض الاول بين منقطع الوسط ومنقطع الاول والاخير، حيث نقول بمرجعية العام بأطلاقه المتكفل لشخص الحكم في الاخيرين بلحاظ عدم خروج الحكم الشخصي الثابت للفرد بعد التقطيع المزبور بالنسبة إلى غير زمان المخرج عن الوحدة والشخصية (بخلاف) التقطيع من الوسط فانه من المستحيل بقاء الحكم المزبور على وحدته مع تخلل العدم بينهما (فلو) ثبت له حكم بعد الزمان المخرج، يلزم تكفل دليل العام لأثبات الحكمين، والمفروض عدم تكفله الا لأثبات حكم وحداني شخصي كما هو ظاهر.

(الامر الثاني) لا اشكال في ان اعتبار العموم الزماني بنحو القيدية أو الظرفية لنفس الحكم أو لمتعلقه لابد وان يكون بقيام الدليل عليه، والدليل المتكفل لذلك (كما انه) قد يكون هو الدليل الخارجي (كذلك) قد يكون نفس الدليل المتكفل للحكم (فانه) يمكن ان يكون هو المتكفل للعموم الزماني بالنصوصية أو بقضية اطلاقه (من غير فرق) في هذه الجهة بين ان يكون مصب العموم الزمان متعلق الحكم الذي هو فعل المكلف كقوله يجب اكرام العالم في كل زمان أو دائما ومستمرا إلى الابد، وبين ان يكون مصبه نفس الحكم من الوجوب أو الحرمة كقوله يجب مستمرا أو في كل زمان اكرام العالم، أو ان اكرام العالم واجب في كل آن، أو واجب بوجوب مستمر في كل زمان مع اقامة القرينة الحافة بكلامه على وجه يصير ظاهرا في رجوع القيد إلى نفس الحكم دون متعلقه (فعلى كل تقدير) يمكن ان يتكفل اعتباره نفس دليل الحكم بلا احتياج إلى التماس دليل آخر منفصل كما هو ظاهر. (ولكن) الذي يظهر من بعض الاعاظم (قدس سره) على ما في التقرير عدم امكان تكفل نفس دليل الحكم لبيان التقييد إذا كان مصب العموم الزماني نفس الحكم (بتقريب) ان استمرار الحكم ودوام وجوده انما هو فرع اصل ثبوته ووجوده، فنسبة الحكم إلى عموم ازمنة وجوده نسبة الحكم والموضوع، والعرض والمعروض، إذ العموم الزماني كان وارد على الحكم وواقعا فوق دائرته فلا يمكن ان يكون الدليل المثبت لأصل ثبوت الحكم متكفلا لبيان ازمنة وجوده (بل لابد) من التماس دليل آخر منفصل يكون هو المتكفل لبيانه (بخلاف) ما لو كان مصب العموم المزبور متعلق الحكم، فانه يمكن ان يكون المتكفل لبيانه نفس دليل الحكم، لان العموم الزماني حينئذ كان تحت دائرة الحكم وكان الحكم واردا عليه كوروده على المتعلق، فلو شك حينئذ في اصل التخصيص أو في مقداره يجوز التمسك بعموم العام الازماني في فرض كون مصب العموم هو المتعلق، بخلاف فرض كون مصبه نفس الحكم، فانه لا يجوز التمسك بدليل الحكم لعدم امكان تكفله لأزمنة وجوده، ولا بما دل على عموم ازمنة وجوده، بلحاظ ان الشك في اصل التخصيص الزمانى، أو في مقداره مستتبع للشك في وجود الحكم (وحيث) ان وجود الحكم بمنزلة الموضوع للعموم الزماني، فلا يمكن تكفل العموم الزمانى لوجود الحكم مع الشك فيه، لانه يكون بمنزلة اثبات الموضوع بالحكم انتهى ملخص مرامه بطوله.

(وفيه) ان استمرار كل شيء ودوامه موضوعا كان أو حكما ليس الا عبارة عن سعة دائرة وجوده في ازمنة بعد حدوثه فعنوان البقاء وان كان بمنشاء انتزاعه متأخرا عن الحدوث، ولكنه ليس من قبيل تأخر المعلول عن علته والحكم عن موضوعه والعرض عن معروضه بنحو موجب لتخلل فاء بينهما الكاشف عن اخلاف مرتبتهما، بل تأخره عن الحدوث انما كان ذاتا لا مرتبة، لوضوح انه انما ينتزع عن وجود الشيء في ثاني زمان حدوثه وثالثه، والا فالباقي عين الحادث وجودا ومرتبة (وحينئذ) فإذا كان ذلك شأن الحدوث والبقاء (نقول) ان كل مورد يكون مصب العموم الزمانى نفس الحكم لابد من جعل الحكم الذي هو مصب هذا العموم مهملة عن هذا القيد ليكون العموم واردا عليه، كما هو شأن كل موضوع بالنسبة إلى المحمول الوارد عليه (وحينئذ) فكلمة يجب في قوله يجب اكرام كل عالم مستمرا انما تدل على ثبوت هذا الحكم المهمل من حيث القيد المزبور لكل فرد، ويكون الدوام والاستمرار من عوارض هذه الطبيعة المهملة. (واما) استفادة العموم الزماني فإنما هو من استمرار وجود هذه الطبيعة المهملة من هذه الجهة في الازمنة المتمادية لا من نفسها، لأنها ليست الا المعنى المهمل من هذه الجهة، فلا يمكن استفادة العموم الزمانى منها (بل لا فرق) في هذه الجهة بين ان يكون مصب العموم الزماني نفس الحكم أو المتعلق (فانه) على كل تقدير لابد من تجريد مصبه حكما كان أو موضوعا من هذه الجهة، (ومعه) يكون استفادة العموم الزماني ممحضا بما دل على استمرار وجوده في ازمنة بعد حدوثه، لا من نفس ما طرء عليه العموم (وعليه) فالتفصيل بين كون مصب العموم الزماني هو المتعلق وبين كونه نفس الحكم في امكان تكفل دليل الحكم لبيان العموم الزمانى في الاول وعدم امكانه في الثاني واحتياجه إلى دليل منفصل عنه (منظور فيه) لما عرفت من احتياج كل منهما في استفادة العموم الزماني إلى ما دل على استمرار وجوده زائدا عما دل على ما طرء عليه العموم (وبما ذكرنا) انقدح عدم تمامية ما افيد من التفريع على التفصيل المزبور ايضا من مرجعية اصالة العموم عند الشك في اصل التخصيص أو مقداره في فرض كون مصب العموم الزماني هو المتعلق، وعدم مرجعية العموم ولزوم الرجوع إلى استصحاب حكم العام عند الشك في التخصيص، واستصحاب حكم المخصص في فرض كون مصبه نفس الحكم (إذ نقول) ان العموم وان كان من قبيل المحمول بالنسبة إلى الحكم، الا ان دليل الحكم بعد ما لم يكن متكفلا الا للطبيعة المهملة لا الطبيعة السارية في الازمنة المتمادية، بل كان المتكفل لحيث الاستمرار الحاكي عن انبساط وجود الحكم في جميع الازمنة، غير الدليل المتكفل لأصل ثبوته، فلا جرم عند الشك في انقطاع هذا الاستمرار يكون المرجع هو الدليل المتكفل لعمومه الزمانى بلا احتياج إلى دليل منفصل (ومعه) لا يكاد رجوع الشك فيه إلى الشك في اصل وجود الحكم المهمل لان وجوده انما كان محرزا بدليله، وانما الشك في سعة وجود الحكم من جهة الزمان (ولا ملازمة) بين الشك في استمرار الحكم وعمومه، وبين الشك في اصل وجوده(وان شئت) مزيد بيان لذلك فاستوضح بالمثال المعروف من اوفوا بالعقود في مالو شك في وجوب الوفاء في زمان بعقد من العقود (فانه) بعد ان كان له عموم افرادي متكفل لثبوت الحكم لكل فرد من العقود بنحو الاجمال، وعموم زماني متكفل لسريان الحكم الثابت لكل فرد في جميع الازمنة، وكان عمومه الازماني تابع للعموم الإفرادي لكونه واردا عليه ورود الحكم على موضوعه، بحيث لو لم يكن له عموم افرادي يقتضي ثبوت وجوب الوفاء لكل عقد لا يتصور له عموم أزماني (فتارة يكون الشك في حكم فرد من العقود من جهة احتمال التخصيص في عمومه الافرادي بنحو يوجب خروج الفرد عن حكم العام (واخرى) يكون الشك في سعة وجود الحكم الثابت لكل فرد واستمراره في الازمنة المتمادية (فان كان) الشك من الجهة الاولى، فلا شبهة في ان الرافع لهذا الشك لا يكون الا ما يقتضي عمومه الإفرادي، والا فدليل العموم الازماني غير متكفل لرفع هذا الشك، لما عرفت من ان العموم الازماني وارد عليه ورود الحكم على موضوعه، فعلى فرض هذا التخصيص يكون الفرد المزبور خارجا من اصل الحكم فلا يتحقق موضوع للعموم الازماني بالنسبة إليه (وان كان) الشك من الجهة الثانية فالرافع لهذا الشك انما يكون هو الدليل المثبت لعمومه الازماني بلا حاجة إلى التماس دليل آخر منفصل (ولا مجال) حينئذ لدعوى استتباع الشك في العموم الزمانى بالنسبة إلى هذا الفرد للشك في اصل ثبوت حكم العام لهذا الفرد (لان) الشك في الاستمرار والعموم الزمانى فرع دخوله في العموم الافرادي، فكان هذا التخصيص كتعميمه فرع عمومه الافرادي (ففي المثال) المزبور لو خرج فرد من العقود عن الحكم في زمان وشك في ان خروجه للتالي أو في بعض الازمنة، فمقتضي تبعية العموم الازماني للعموم الا فرادى وان كان لا مجال بدوا للعموم الازماني (ولكن) بعد ان كان العموم الافرادي مثبتا للحكم بالنسبة إلى هذا الفرد، يرجع فيه إلى عمومه الازماني المثبت لاستمرار حكمه في بقية الازمنة، ومعه لا يكاد انتهاء الامر إلى استصحاب حكم المخصص كما هو واضح.

(الامر الثالث) كل ما ذكرنا من الشقوق في دليل العام يجري في دليل المخصص، ففيه ايضا تارة يكون الزمان مأخوذا في دليله قيد للموضوع أو الحكم على نحو المفردية بنحو يقتضى تكثر الحكم والموضوع حسب تكثر الازمنة، كقوله: لا تكرم زيدا في كل يوم أو زمان بعد قوله: اكرم العلماء في كل يوم أو زمان،(واخرى) على وجه الظرفية للموضوع أو الحكم بنحو موجب لأثبات حكم مستمر لموضوعه المستمر، (وكونه) على الثاني تارة في مقام اثبات حكم شخصي تبع استمرار موضوعه (واخرى) اثبات حكم سنخي لذات موضوعة المطلق بما هي سارية في جميع الاحوال والازمان كما هو الشأن في كل مطلق متكفل لإثبات الحكم للطبيعة المطلقة السارية في جميع الاحوال والازمان على وجه قابل للانحلال حسب قطعات موضوعه الساري في اجزاء الزمان، مع كون مفاد دليله، تارة نقيضا لحكم العام، وضدا له اخرى (وحيث) اتضح هذه الجهات (نقول): ان الدليل المتكفل للعموم الزماني قسمان:

(قسم) يكون الزمان فيه ملحوظا على وجه العموم بحيث يكون كل فرد من افراده بالنسبة إلى كل قطعة من قطعات الزمان موضوعا مستقلا لحكم مستقل على وجه لو خرج فرد في قطعة من الزمان عن حكم العام كان العام المزبور وافي لأثبات حكمه في بقية القطعات، نظير العموم الافرادي .

(وقسم) منه يكون الزمان ملحوظ فيه على وجه الاستمرار والدوام بالنظر الوحداني.

(فمن الاول) مالو كان العموم بلسان كل يوم أو كل زمان كقوله: اكرم العلماء في كل يوم أو زمان .

(ومن الثاني) ما لو كان بلسان الدوام والاستمرار كقوله: اكرم العلماء دائما أو مستمرا أو ما يفيد ذلك , (اما القسم الاول) فلا شبهة في انه إذا خصص بعض افراد هذا العام في بعض الازمنة وشك في خروجه للتالي يكون المرجع فيه بالنسبة إلى الازمنة المشكوكة هو العموم الزماني، كمرجعيه العموم الافرادي فيما لو شك في اصل التخصيص الفردي، أو في زيادة التخصيص (من غير فرق) بين أن يكون الزمان ملحوظا في دليله على وجه القيدية والمفردية للموضوع أو الحكم، وبين أن يكون ملحوظا فيها على وجه الظرفية (إذ لا ملازمة) بين تكثر الحكم والموضوع حينئذ، وبين قيدية الزمان ومفرديته، لإمكان تعدد الحكم والموضوع حينئذ ولو مع لحاظ الزمان على وجه الظرفية، بان يكون المشخص لكل فرد من الاكرامات المتصورة في قطعات الزمان امرا آخرا ملازما مع قطعات الزمان، فلا يكون تعدد الموضوع والحكم دائرا مدار القيدية كما لا يكون وحدتهما دائرة مدار الظرفية (ومن غير فرق) بين أن يكون الزمان مأخوذا في دليل المخصص على نحو القيدية أو على نحو الظرفية (ولا بين) أن يكون الخروج من وسط الازمنة أو من اولها أو آخرها، فان المرجع على كل تقدير عند الشك في غير مورد دلالة المخصص على الخروج هو العموم الازماني المتكفل لنحو ثبوت الحكم في كل قطعة من قطعات الزمانى، لبقائه على حجيته في غير ما دل عليه المخصص، كان استفادة مثل هذا العموم من العموم اللغوي، أو من قضية الاطلاق المنزل عليه بدليل الحكمة، ومعه لا ينتهى المجال إلى جريان الاستصحاب مع وجود العموم الذي هو من الادلة الاجتهادية، لا في طرف المخصص، ولا في طرف العام (بل في بعض) هذه الفروض لا مورد لجريان الاستصحاب ولو مع قطع النظر عن وجود هذا العام لكونه من اسراء حكم من موضوع إلى موضوع آخر بل في مثله يكون المرجع استصحاب عدم ثبوت حكم العام له في القطعات المشكوكة من الزمان بلحاظ سبق وجوب كل قطعة بالعدم الازلي، لا في فرض اخذ الزمان في طرف المخصص ظرفا محضا، فانه حينئذ لولا وجود العام امكن المجال لاستصحاب حكم المخصص (ومثل) هذا العموم الزمانى، ما إذا كان هناك مطلق متكفل لأثبات الحكم للطبيعة المطلقة بما هي سارية في جميع الاحوال وجميع قطعات الزمان، بلا نظر منه في سريان الطبيعي بحسب الحالات والازمان إلى كون قطعات الازمنة قيدا، فانه لو قيد مثل هذا الاطلاق بخروج فرد منه في بعض الاحوال أو الازمان فشك في خروجه، للتالي، كان مثل هذا المطلق كالعموم الزماني وافيا لأثبات حكمه في بقية الحالات والازمان، اقتصارا، في تقييده بقدر ما يقتضيه الدليل الدال عليه، ولو مع الجزم بظرفية الزمان فيه كما هو الشأن في سائر المطلقات (ومن هنا) نقول في المطلقات الواردة لأثبات القصر في السفر انه لو خرج المسافر المقيم عن بلد الاقامة أو ما بحكمه كالثلثين مترددا بعد قطع حكم سفره بالإقامة (لا يحتاج) في وجوب القصر عليه إلى انشاء سفر جديد، بل يكفيه مثل هذه المطلقات في وجوب القصر عليه، لولا دعوى اقتضاء اطلاق التنزيل لأجراء جميع آثار الوطن الحقيقي على اقامته في محل حتى قصد المسافة الجديدة، وان كان مثل هذا الدعوى لا يخلو عن اشكال لمكان عدم كون مثل هذه الجهة من الآثار الشرعية للوطن الحقيقي كي يكون التنزيل ناظرا إليه، وانما هي من جهة اقتضاء طبع الوطن لتقطيع اصل السفر عند مروره إليه، مع اختصاص مثل هذا التنزيل بالإقامة عشرا في محل وعدم شموله لمثل الثلثين مترددا ونحوه (ولكن) المسألة فقهية تنقيحها موكول إلى محل آخر (والمقصود) في المقام بيان وفاء هذا النحو من المطلقات كالعموم الزماني لتكفل اثبات الحكم لما بعد زمان الخارج من الازمنة المتأخرة ولو مع الجزم بظرفية الزمان وانه مع وجوده لا ينتهى الامر إلى الاستصحاب .

(واما القسم الثاني) وهو ما كان الزمان ملحوظا في العموم الازماني على وجه الاستمرار والدوام كقوله: اكرم العلماء دائما أو مستمرا، فان كان العنوان المزبور ملحوظا في الموضوع أو المتعلق على نحو القيدية أو الظرفية وكان العام ناظرا إلى اثبات حكم سنخي لذات موضوعه المستمر في أجزاء الزمان على نحو قابل للتكثر تحليلا، فلا إشكال أيضا في أن المرجع عند الشك هو عموم هذا العام دون الاستصحاب، من غير فرق بين أن يكون التقطيع من الاول أو الوسط . فان الموضوع حينئذ وان كان واحدا شخصيا مستمرا إلا أن وحدته الشخصية ل ينافي تعدد الحكم المتعلق به تحليلا باعتبار قطعات وجوده التحليلي بالإضافة إلى اجزاء الزمان، بل يكفى مجرد قابليته لذلك في حمل الدليل المتكفل لحكم العام على بيان سنخ الحكم الا شخصه الآبي عن التعدد ولو تحليل وحينئذ فإذا خرج بعض أفراد هذا العام عن الحكم في زمان وشك في أن خروجه في جميع الازمنة أو في بعضها، فلا قصور في مرجعية العموم المزبور بالنسبة إلى الازمنة المتأخرة عن زمان اليقين بخروجه، لوقائه حينئذ في التكفل لحكم الفرد الخارج في زمان، في الازمنة المتأخرة، ومعه لا يبقى مجال لجريان الاستصحاب لا في مفاد العام، ولا في مفاد المخصص.(نعم) لو كان دليل العام في تكفله لأثبات الحكم لكل فرد ناظرا إلى حيث وحدة الحكم وشخصيته بنحو غير قابل للتكثر ولو تحليلا، كان للمنع عن الرجوع إلى العام كمال مجال، لارتفاع ما تكفله دليل العام من الحكم الشخصي المستمر بالتقطيع في بعض الازمنة وعدم تكفله ايضا لأثبات حكم آخر له بعد التقطيع المزبور (إذ حينئذ) لا محيص من الرجوع إلى استصحاب حكم المخصص، لا إلى عموم العام، بل ولا إلى استصحاب مفاده، للقطع بعدم امكان بقائه على وحدته الشخصية بعد انقطاعه وتخلل العدم في البين (ولكن) ذلك في فرض كون التقطيع من الوسط (والا) ففي فرض كونه من الاول أو الآخر لا قصور في مرجعية دليل العام كم ذكرناه (وبما ذكرنا) يظهر الحال فيما لو كان العموم الزماني بنحو الدوام والاستمرار مأخوذا في الحكم لا في الموضوع أو المتعلق، فانه يأتي فيه ايضا ما ذكرناه من التشقيق في الدليل المتكفل لثبوته، من حيث كون النظر فيه، تارة إلى حيث وحدته واستمراه على نحو غير قابل للتكثر ولو تحليلا، واخرى إلى صرف ثبوت الحكم الشخصي لذات موضوعه بما هي سارية في جميع الاحوال والآنات بلا نظر منه في اثباته إلى حيث وحدته الشخصية ولا إلى خصوصية استمراره إلى أمد مخصوص، بل تمام النظر في قوله دائما أو مستمرا إلى بيان إطلاقه في نحو ثبوته لذات موضوعه الساري في جميع الآنات والاحوال (فعلى الاول) يكون المرجع عند الشك هو الاستصحاب في مفاد المخصص في فرض كون الزمان ظرفا بالنسبة إليه لا قيدا مكثرا، ولا مجال للتشبث بدليل العام، بل ولا باستصحابه ولو مع عدم جريان استصحاب الخاص (وعلى الثاني) يكون المرجع في غير مورد دلالة الخاص هو دليل العام، نظرا إلى وفائه لأثبات حكم الفرد الخارج في زمان في الآنات المتأخرة (ومعه) لا يكاد انتهاء الامر إلى الاستصحاب لا في مفاد العام ولا في مفاد الخاص كما هو ظاهر (ولكن) مرجع ذلك في الحقيقة إلى التمسك بقضية الاطلاق الناشئ من تعليق الحكم على طبيعة موضوعه من حيث هي السارية في جميع الازمنة والاحوال، فالعموم الزماني كان مستفادا من هذا الاطلاق لا من جهة أخذ الزمان ولو بنحو الدوام والاستمرار قيد للحكم (نعم) يكفى هذا المقدار في الرجوع إلى حكم العام ولو بأطلاقه الا حوالى الراجع إلى تعليق الحكم بذات موضوعه الساري في جميع الازمنة (ومن التأمل) فيم ذكرنا ينقدح ما في كلام الشيخ (قدس سره) من اطلاق القول بمرجعية استصحاب الخاص في فرض كون العموم الازماني على نحو الدوام والاستمرار مع اطلاق القول في طرف المخصص من حيث كون الزمان فيه مأخوذا ظرفا أو قيدا مكثرا (فان) مجرد أخذ العموم الازماني في دليل العام بنحو الدوام والاستمرار المستلزم لكون جميع الآنات ملحوظا بلحاظ واحد لا بلحاظات متعددة لا يقتضي سقوط العام عن المرجعية بقول مطلق حتى في فرض عدم تكفل دليله لحيث وحدة الحكم بنحو غير قابل للتكثر ولو تحليلا، كما ان مجرد فرض تكفله لوحدة الحكم على النحو المزبور لا يوجب صحة التمسك باستصحاب حكم المخصص على الاطلاق (لوضوح) ان مدار الاستصحاب حينئذ على ملاحظة دليل المخصص من حيث ظرفية الزمان فيه وقيديته، ولا ملازمة بين لحاظ الزمان في طرف العام ظرفا أو قيدا مكثرا، وبين لحاظه كذلك في دليل الخاص (فانه) يمكن ان يكون الزمان في العام مأخوذا على نحو الظرفية والاستمرار، وفي طرف الخاص مأخوذا على نحو القيدية والمكثرية، كما انه يمكن أن يكون الامر بالعكس (وحينئذ) فإذا كان الاستصحاب تابع لدليل المستصحب لا لغيره، فلابد في استصحاب حكم المخصص من ملاحظة دليل المخصص من حيث ظرفية الزمان فيه أو قيديته، فإذا كان الزمان مأخوذا فيه قيدا مكثرا لا مجال لاستصحابه لكونه من اسراء حكم موضوع إلى موضوع آخر (من غير فرق) بين أن يكون مفاد المخصص نقيضا لحكم العام أو ضدا له. (تكملة) بعد ما تبين لك تشخيص موارد التمسك بالعموم الزماني، وموارد التمسك بالاستصحاب عند تبين العموم الزماني بنحو المفردية أو الاستمرار وتبين مصبه، يبقى الكلام فيما يقتضيه الاصل عند الشك في أصل العموم الزماني أو في مصبه(فنقول) انه تارة يكون الشك في أصل العموم الزمانى للحكم أو المتعلق، واخرى يكون الشك في مصبه بعد اليقين بأصله (اما لو كان) الشك في أصل العموم الزمانى بنحو المفردية أو الاستمرار كما لو قال اكرم العلماء وشك في استمرار وجوبه في جميع الايام (ففيه صور) فانه، اما ان يعلم بوجوب الاكرام في خصوص اليوم الاول وانما الشك في تعميم الخطاب حكما أو موضوعا فيما عداه، واما لا يعلم بوجوبه فيه بخصوصه (وعلى الثاني) اما ان يتم البيان ولو بمقدمات الحكمة لأثبات الوجوب لصرف الطبيعة الجامعة بين افراد الايام وكان الشك في وجوب كل فرد بحسب الازمنة، واما أن لا يتم البيان بالنسبة إلى صرف الطبيعة أيضا (فعلى الاول) يرجع فيما عدا اليوم الاول الذي ثبت فيه الوجوب إلى البراءة، لان أخذ العموم الزمانى بنحو الاستمرار أو المفردية في المتعلق أو الحكم يحتاج إلى لحاظه ثبوتا وبيانه اثباتا، فإذا لم يقم عليه بيان فمقتضى الاصل البراءة عن التكليف فيما عدا اليوم الاول (وعلى الثاني) ينتهى الامر إلى العلم الاجمالي في الايام التدريجية فيجب الاحتياط بإكرام العلماء في جميع الايام ما لم ينته إلى غير المحصور (هذا الفرض) وان كان بعيدا في نفسه، ولكن المقصود من هذا التشقيق بيان عدم صحة اطلاق القول بوجوب خصوص اليوم الاول والرجوع إلى البراءة في غيره كما افاده بعض الاعلام، وانه يصح في الفرض الاول دون بقية الفرض، مع احتياجه أيضا إلى قيام دليل عليه يقتضى وجوب خصوصه (والا) فصرف الخطاب ل يقتضى الا وجوب اكرام كل فرد في الجملة المساوق لمطلوبية صرف الجامع بين الافراد التدريجية (ثم ان) ما ذكرنا من مرجعية البراءة عند الشك انما هو إذا لم يلزم من عدم العموم الزمانى لغوية تشريع الحكم (والا) فربما تقتضي الحكمة عدم كون الحكم في الخطاب بنحو صرف الوجود، بل على نحو الدوام والاستمرار خصوصا إذا كان العام افراديا، فان مقدمات الحكمة تقتضي عدم الاهمال بالنسبة إلى الزمان كما في قوله تعالى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] (وحينئذ) فإذا كان للعام عموم زماني اجمالا فهل الحكمة تقتضي كونه على نحو العموم الافرادي الملازم للمفردية أو على نحو العموم المجموعي الملازم للاستمرار (وجهان):

 أقربهما عند العرف الثاني (وعليه) فلو شك في التخصيص، فان كان الشك في اصل التخصيص فالمرجع هو العموم، وان كان الشك في زيادة التخصيص، ففيه التفصيل المتقدم بين كون الحكم سنخيا أو شخصيا غير قابل للتكثر ولو تحليلا بالرجوع إلى العموم في الاول والى الاستصحاب في مفاد المخصص في الثاني (وذلك) ايضا في فرض كون التقطيع وسطا لا اولا كما ذكرناه (هذا) إذا كان الشك فياصل العموم الزمانى (واما) لو كان الشك في مصبه في كونه هو المتعلق أو الحكم بعد العلم بأصل العموم بأحد الوجهين من المفردية أو الاستمرار (فان) علم كونه على نحو المفردية، فالمرجع هو العموم على كلا تقديري كون مصبه هو المتعلق أو الحكم (ولكن) يظهر من بعض الاعاظم قده تعين رجوعه إلى الحكم حينئذ من جهة جريان اصالة الاطلاق في المتعلق مبتنيا ذلك على ما تقدم منه، ومن دعوى عدم امكان تكفل دليل الحكم لبيان أزمنة وجوده، وانه لابد من كونه بدليل آخر منفصل، فعلى هذا الاساس، التزم في المقام بأن مقتضى الاصل اللفظي وهو اصالة الاطلاق، عدم اعتبار العموم الزمانى في المتعلق فيتعين ان يكون مصبه نفس الحكم الشرعي، والتزم لأجله بعدم جواز التمسك بالعموم عند الشك في اصل التخصيص أو في مقداره، وانه لابد من الرجوع إلى الاستصحاب باستصحاب حكم العام في الاول، واستصحاب حكم المخصص في الثاني (ولكن) قد عرفت فساد اصل المبني بما لا مزيد عليه فراجع، مع انه على مختاره من كون مصب العموم الزمانى نفس الحكم لا معنى لمرجعية الاستصحاب عند الشك في التخصيص أو في مقداره، إذا لا قصور حينئذ في التمسك بما دل على عمومه واستمراره الثابت لموضوعه ولو بدليل آخر كما هو ظاهر (هذا إذا كان) العموم الزماني الذي شك في مصبه على نحو المفردية، وقد عرفت انه على المختار لا أصل يقتضي اعتباره في خصوص المتعلق أو الحكم، فكان اعتبار هذا المعنى من السريان في جميع الازمنة المتمادية مشكوكا في كل من المتعلق والحكم، وان كان لا ثمرة مهمة على المختار تترتب على هذه الجهة، باعتبار مرجعية دليل العموم على كل تقدير (واما لو كان) العموم الزماني على نحو العموم المجموعي الملازم للاستمرار فشك في مصبه في كونه هو المتعلق أو نفس الحكم الشرعي، ففيه ايضا لا اصل يقتضي تعيين احد الامرين (ولكن) عند الشك في التخصيص يكون المرجع اصالة العموم (وكذا) الشك في مقداره إذ كان التخصيص من الاول لا من الوسط، والا فالمرجع استصحاب حكم المخصص إذا لم يكن الزمان مأخوذا في طرف المخصص قيدا مكثرا، فان احتمال كون المفيد نفس الحكم الشرعي دون متعلقه كاف حينئذ في المنع عن الرجوع إلى العموم كما شرحناه سابقا (وبذلك) يظهر حال ما لو علم برجوعه إلى الحكم وشك في مفردية العموم أو استمراريته، فان احتمال عدم مفرديته كافٍ في المنع من الرجوع إلى العموم (وهذا) بخلاف مالو علم برجوعه إلى المتعلق وشك في مفرديته واستمراريته، فان المرجع حينئذ عند الشك في مقدار التخصيص كالشك في اصله هو العموم ولا يرجع مع وجوده إلى الاستصحاب، لما تقدم من امكان كون الحكم المتعلق به حكما سنخيا مستمرا يتبع استمرار شخص موضوعه على نحو قابل للتعدد تحليلا حسب القطعات التحليلية لموضوعه في الازمنة المتمادية، ومعه لا قصور في التمسك بما دل على استمرار هذا الحكم الثابت لموضوعه (هذا) في الاحكام التكليفية (واما) الاحكام الوضعية، فما كان منها متعلقا بالأعيان الخارجية كالملكية والزوجية والطهارة والنجاسة، فيمكن ان يقال فيها بانه من جهة عدم قابلية الاعيان الخارجية عرفا للتقطيع بحسب الزمان يكون مصب العموم الزماني فيها نفس الحكم الوضعي دون الموضوع (واما) ما كان منها متعلقا بغير الاعيان كالمنافع في مثل سكنى الدار ونحوه، فحيث انها كانت قابلة للتقطيع في الزمان عرفا، فلا قصور في جعل مثلها مصبا للعموم الزمانى، فإذا شك فيها في مصب العموم الزمانى يجري فيها ما ذكرناه في تأسيس الاصل، ولا مجال حينئذ لإطلاق القول بكون مصب العموم الزماني في الاحكام الوضعية نفس الحكم الوضعي دون المتعلق - فتدبر.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.