أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-8-2016
5006
التاريخ: 2-8-2016
3057
التاريخ: 2-8-2016
2891
التاريخ: 31-7-2016
3087
|
حضر وقت الصلاة و لم يجد الامام بدا من تأجيل المناظرة فالتفت الى المأمون فقال له: الصلاة حضرت و خاف عمران من عدم استئناف الحوار بينه و بين الامام فقال له: يا سيدي لا تقطع عليّ مسألتي فقد رقّ قلبي ...
فأوعده الامام (عليه السّلام) بالعودة الى مناظرته و نهض الامام فأدّى فريضة الصلاة , و عادت الجلسة و قد حضرها المأمون و كبار العلماء و القادة و التفت الامام (عليه السّلام) الى عمران فقال له: سل يا عمران ...
س 1- يا سيدي أ لا تخبرني عن اللّه عزّ و جلّ هل يوحد بحقيقة أو يوحّد بوصف؟ ...
ج 1- إن اللّه المبدئ الواحد الكائن الاول لم يزل واحدا لا شيء معه فردا لا ثاني معه لا معلوما - يعني بحقيقته- و لا مجهولا و لا محكما و لا متشابها و لا مذكورا و لا منسيا و لا شيئا يقع عليه اسم شيء من الاشياء و لا من وقت كان و لا الى وقت يكون و لا بشيء قام و لا الى شيء يقوم و لا الى شيء استند و لا في شيء استكن و ذلك كله قبل لخلق إذ لا شيء غيره و ما أوقعت عليه من الكل فهي صفات محدثة و ترجمة يفهم بها من فهم.
و اعلم ان الابداع و المشيئة و الارادة معناها واحد و اسماؤها ثلاثة و كان أول ابداعه و مشيئته و ارادته التي جعلها أصلا لكل شيء و دليلا على كل شيء مدرك و فاصلا لكل مشكل و بتلك الحروف تفريق كل شيء من اسم حق و باطل أو فعل أو مفعول أو معنى أو غير معنى و عليها اجتمعت الأمور كلها و لم يجعل للحروف في ابداعه لها معنى غير أنفسها تتناهى و لا وجود لها لانها مبدعة بالابداع.
و النور في هذا الموضع أول فعل اللّه الذي هو نور السموات و الارض و الحروف هي المفعول التي عليها مدار الكلام و العبادات كلها من اللّه عزّ و جلّ علمها خلقه و هي ثلاثة و ثلاثون حرفا فمنها ثمانية و عشرون حرفا تدل على لغات العربية و من الثمانية و العشرين اثنان و عشرون حرفا تدل على لغات السريانية و العبرانية و منها خمسة أحرف متحرفة في ساير اللغات من العجم و الأقاليم و اللغات كلها و هي خمسة أحرف تحرفت من الثمانية و العشرين حرفا من اللغات فصارت الحروف ثلاثة و ثلاثين حرفا فأما الخمسة المختلفة فيتجنح لا يجوز ذكرها اكثر مما ذكرناه ثم جعل الحروف بعد احصائها و احكام عدتها فعلامته كقوله عزّ و جلّ: {كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: 117] و كن منه صنع و ما يكون به المصنوع فالخلق الأول من اللّه عزّ و جلّ الابداع لا بوزن له و لا حركة و لا سمع و لا لون و لا حس و الخلق الثاني الحروف لا وزن لها و لا لون و هي مسموعة موصوفة غير منظور إليها و الخلق الثالث ما كان من الانواع كلها محسوسا ملموسا ذا ذوق منظور إليه و اللّه تبارك و تعالى سابقا للحروف و الحروف لا تدل على غير نفسها و بهر المأمون و لم يفهم اكثر محتويات هذه الكلمات العميقة التي تحتاج الى وقت طويل لبيانها و قال للإمام: كيف لا تدل - أي الحروف- على غير أنفسها؟...
فأجابه الامام موضحا له الامر قائلا: إن اللّه تبارك و تعالى لا يجمع منها شيئا لغير معنى أبدا فاذا الف منها أحرفا اربعة أو خمسة أو ستة أو أكثر من ذلك أو أقل لم يؤلفها بغير معنى و لم يكن إلّا لمعنى محدث لم يكن قبل ذلك شيئا ...
س 2- كيف لنا بمعرفة ذلك؟ ...
ج 2- أما المعرفة فوجه ذلك و بيانه: إنك تذكر الحروف اذا لم ترد بها غير نفسها ذكرتها فردا فقلت: ا ب ت ث ج ح خ حتى تأتي على آخرها فلم تجد لها معنى غير أنفسها و اذا الفتها و جعلت منها أحرفا و جعلتها اسما و صفة لمعنى ما طلبت و وجه ما عنيت كانت دليلة على معانيها داعية الى الموصوف بها أ فهمته؟
- نعم.
و واصل الامام حديثه في بيان معاني الحروف عند تركيبها قائلا: و اعلم انه لا يكون صفة لغير موصوف و لا حد لغير محدود و الصفات و الاسماء كلها تدل على الكمال و الوجود و لا مثال على الاحاطة كما تدل الحدود التي هي التربيع و التثليث و التسديس لان اللّه عزّ و جلّ تدرك معرفته بالصفات و الاسماء و لا تدرك بالتحديد بالطول و العرض و القلة و الكثرة و اللون و الوزن و ما أشبه ذلك و ليس يحل باللّه و تقدس شيء من ذلك حتى يعرفه خلقه بمعرفتهم أنفسهم بالضرورة التي ذكرنا , و لكن يدل على اللّه عزّ و جلّ بصفاته و يدرك بأسمائه و يستدل عليه بخلقه حتى لا يحتاج في ذلك الطالب المرتاد الى رؤية عين و لا استماع أذن و لا لمس كف و لا احاطة بقلب و لو كانت صفاته جلّ ثناؤه لا تدل عليه و اسماؤه لا تدعو إليه و المعلمة من الخلق لا تدركه لمعناه كانت العبادة من الخلق لاسمائه و صفاته دون معناه فلو لا ان ذلك كذلك لكان المعبود الموحد غير اللّه لان صفاته و أسماءه غيره ..
- أ فهمت يا عمران؟
- نعم يا سيدي زدني ..
و واصل الامام حديثه الممتع و قد استولى على من حضر من العلماء و القادة قائلا: إياك و قول الجهال من أهل العمى و الضلال الذين يزعمون ان اللّه جلّ و تقدّس موجود في الآخرة للحساب في الثواب و العقاب و ليس بموجود في الدنيا للطاعة و الرجاء و لو كان في الوجود للّه عزّ و جلّ نقص و اهتضام لم يوجد في الآخرة أبدا و لكن القوم تاهوا و عموا و صمّوا عن الحق من حيث لا يعلمون و ذلك قوله عزّ و جلّ: {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا} [الإسراء: 72] يعني اعمى عن الحقائق الموجودة و قد علم ذوو الالباب ان الاستدلال على ما هناك لا يكون إلّا بما هاهنا و من أخذ علم ذلك برأيه و طلب وجوده و ادراكه عن نفسه دون غيرها لم يزدد من علم ذلك إلّا بعدا لأن اللّه عزّ و جلّ جعل علم ذلك خاصة عند قوم يعقلون و يعلمون و يفهمون ....
س 3- يا سيدي الا تخبرني عن الابداع أخلق هو أم غير خلق؟ ...
علّق الشيخ الجعفري على هذه المسألة بقوله: إن هذه المسألة أيضا مما أعيى الأذهان و العقول البشرية لأنها التي أوجبت افتراق المسالك و الفرق المختلفة فمنهم من قال: باستحالة الابداع مطلقا أ كان من الواجب أم من الممكن و من قبيل المواد و الصور أو العقول و النفوس و غيرها و منهم من جوزه مطلقا و منهم من حصر امكان الابداع على اللّه تعالى على نحو العموم أي انه تعالى قادر على أن يبدع أي موجود شاء دون مادة سابقة له وقع التغير عليه و قد قالوا: انه مقتضى قدرته المطلقة و قابلية الموضوع و منهم من ذهب مذاهب اخرى .
ج 15- بل خلق ساكن لا يدرك بالسكون و انما صار خلقا لأنه شيء محدث و اللّه تعالى الذي أحدثه فصار خلقا له و انما هو اللّه عزّ و جلّ خلقه لا ثالث بينهما و لا ثالث غيرهما فما خلق اللّه عزّ و جلّ لم يعد أن يكون خلقه و قد يكون الخلق ساكنا و متحركا و مختلفا و مؤتلفا و معلوما و متشابها و كل ما وقع عليه حدّ فهو خلق اللّه عزّ و جلّ و اعلم ان كل ما أوجدتك الحواس فهو معنى مدرك للحواس و كل حاسة تدل على ما جعل اللّه عزّ و جلّ لها في ادراكها و الفهم من القلب بجميع ذلك كله و اعلم ان الواحد الذي هو قائم بغير تقدير و لا تحديد خلق خلقا مقدرا بتحديد و تقدير و كان الذي خلق خلقين اثنين: التقدير و المقدر و ليس في كل واحد منهما لون و لا وزن و لا ذوق فجعل أحدهما يدرك بالآخر و جعلهما مدركين بنفسهما و لم يخلق شيئا فردا قائما بنفسه دون غيره للذي أراد من الدلالة على نفسه و اثبات وجوده فاللّه تبارك و تعالى فرد واحد لا ثاني معه يقيمه و لا يعضده و لا يكنّه و الخلق مما يمسك بعضه بعضا باذن اللّه تعالى و مشيئته و انما اختلف الناس في هذا الباب حتى تاهوا و تحيروا و طلبوا الخلاص من الظلمة بالظلمة في وصفهم اللّه تعالى بصفة أنفسهم فازدادوا من الحق بعدا و لو وصفوا اللّه عزّ و جلّ بصفاته و وصفوا المخلوقين بصفاتهم لقالوا بالفهم و اليقين و لما اختلفوا فلما طلبوا من ذلك ما تحيروا فيه ارتبكوا و اللّه يهدي من يشاء الى صراط مستقيم .....
س 4- أشهد أنه كما وصفت و لكن بقيت لي مسألة ....
- سل عمّا اردت ...
- اسألك عن الحكيم في أي شيء هو؟ و هل يحيط به شيء؟ و هل يتحول من شيء الى شيء؟ أو به حاجة الى شيء ..؟.
ج 4- أخبرك يا عمران فاعقل ما سألت عنه فانه من اغمض ما يرد على الخلق في مسائلهم و ليس يفهم المتفاوت عقله العازب حلمه و لا يعجز عن فهمه اولو العقل المنصفون أما أول ذلك فلو كان خلق ما خلق لحاجة منه لجاز لقائل أن يقول: يتحول الى ما خلق لحاجته الى ذلك و لكنه عزّ و جلّ لم يخلق شيئا لحاجة و لم يزل ثابتا لا في شيء و لا على شيء إلّا ان الخلق يمسك بعضه بعضا و يدخل بعضه في بعض و يخرج منه و اللّه جلّ و تقدّس بقدرته يمسك ذلك كله و ليس يدخل في شيء و لا يخرج منه و لا يؤوده حفظه و لا يعجز عن امساكه و لا يعرف أحد من الخلق كيف ذلك؟ إلّا اللّه عزّ و جل و من أطلعه عليه من رسله و أهل سره و المستحفظين لأمره و خزانه القائمين بشريعته و انما أمره كلمح البصر أو هو أقرب إذا شاء شيئا فانما يقول له {كُنْ فَيَكُونُ} بمشيئته و ارادته و ليس شيء أقرب إليه من شيء و لا شيء أبعد منه من شيء - أ فهمت يا عمران؟ ...
- نعم يا سيدي ...
ان الانسان مهما أوتي من علم فهو عاجز عن معرفة نفسه و ما فيها من الأجهزة الدقيقة المذهلة فكيف ليعرف أو يحيط علما بالخالق العظيم مبدع الأكوان و واهب الحياة يقول ابن أبي الحديد: فيك يا أعجوبة الكون غدا الفكر عليلا
فكري كلما دان شبرا منك راح ميلا
أنت حيّرت ذوي اللب و بلبلت العقولا
ان فكر الانسان محدود فكيف يعرف حقيقة اللّه تعالى نعم عرفناه و آمنا به بمخلوقاته فكل ذرة في هذا الوجود تنادي بوجود الخالق العظيم الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماء و الأرض.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|