أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-7-2016
1324
التاريخ: 29-5-2020
4843
التاريخ: 29-7-2016
9129
التاريخ: 28-7-2016
1507
|
- فائدة التصنيف: أصبحت الصلة الوثيقة بين الإستراتيجية والحرب في موضع تساؤل في العقود الأخيرة، مما أدى لظهور فئات وتقسيمات جديدة لمفهوم الإستراتيجية. للوصول إلى أفضل مقاربة لتلك الفئات تم اللجوء إلى علم التصنيف taxinomie ، بمعنى ترتيب كل المفاهيم المتقاربة من اجل وضع الاستراتيجية في البنية السياسية- العسكرية.
الثلاثية trilogie الكلاسيكية : نشوء الثلاثية: ظهرت الحاجة إلى ترتيب تسلسلي لمستويات فن الحرب منذ نشوء الفكر الاستراتيجي. اليونان مثلا فصلوا التكتيك taktika عن strategia . ميز Dietrich von Bulow بينهما كالآتي: الاستراتيجية هي الحركات التي تتم أثناء الحرب بين جيشين ،لكن خارج دائرة المعارك المتبادلة، أي خارج الدائرة المرئية. مهارة الحركات التي تتم بوجود العدو ، بحيث تكون إمكانية رؤيته قائمة دون قدرة مدفعيته على بلوغ الأهداف، هذه المهارة تسمى التكتيك.
تم تبني مفهوم الثلاثية عالميا، بحيث نعرفها كما يلي: السياسة تحدد أهداف الحرب في إطار حكومة البلد، الاستراتيجية موقعها ضمن الحرب: إنها تضع في العمل الوسائل العسكرية من اجل تحقيق أهداف سياسية، أما التكتيك فانه يضع في العمل القوات لكن في إطار الفعل العنيف نفسه.
- السياسة تحدد أهداف الحرب: لقد دافع Clausewitz بقوة عن هذه الفكرة في أطروحته: الهدف السياسي، كدافع أساسي للحرب، يقدم حجم الهدف المطلوب من خلال العمل العسكري. الفكرة الأساسية لهذه الصيغة هي أن : الحرب استمرار للسياسة بوسائل أخرى. الحرب ليست فقط عمل سياسي، لكن أداة سياسية حقيقية، متابعة للأهداف السياسية، تحقيق لها بوسائل أخرى.
لكن ، في المقابل، هذه الفكرة لم تلق تأييدا عند العسكريين ، ومنهم رئيس هيأة الأركان الألماني في عام 1866 Moltke ( في عهد بسمارك) . حسب الأخير: الحكومة المدنية لا تتدخل في قيادة العمليات العسكرية. إذن، الحرب لم تعد استمرار للسياسة، بل وكيل للسياسة. بمعنى آخر، السياسة تتدخل في مرحلة ما، لكن عند اندلاع الأعمال العسكرية على السياسة أن تخلي الساحة للاستراتيجية.
الجنرال Lewel كان واضحا في هذا الشأن، حيث يعتبر أن المهارة العسكرية ليس لها علاقة بالسياسة ولا يجب عليها أن تهتم بالأخيرة، مبادئ الحرب مستقلة تماما عن طبيعة الحرب أو عن الأسباب التي أدت إلى وقوعها. تجب الإشارة هنا إلى أن هذا النموذج paradigme بقي غالبا حتى الحرب العالمية الأولى. كأمثلة على هذا النموذج نذكر هنا الجنرال الفرنسي Joffre الذي لعب دورا مستقلا عن حكومته عندما قام بإصلاح البحرية ومن ثم إعلان العمليات الهجومية في عام 1915 . كذلك الجنرال الالماني Ludendorf الذي دعا إلى تغييب التبعية للسلطة السياسية ، بل إلى إلغاءها تماما ، حيث على السلطة السياسية عدم التدخل لا في قيادة العمليات ولا حتى في قيادة الحرب. هذه (الامبريالية) الاستراتيجية ، بمعنى السيطرة المطلقة للاستراتيجية، التي تنكر مقتضيات السياسة، ساهمت بشكل حاسم في هزيمة ألمانيا : حيث إن الأخيرة أطلقت ما سمي حرب الغواصات بدون الأخذ بعين الاعتبار الدول المحايدة مما أدى لدخول الولايات المتحدة في الحرب.
لكن نموذج (الأولوية للاستراتيجية) لم يستطع التفوق بشكل دائم على نموذج (الأولوية للسياسة). الجنرال Poirier اقترح ما أسماه الاستراتيجية الكاملة، حيث لم يرفض مبدأ تحديد الغايات من خلال السياسة. يعرف الاستراتيجية كسياسة في إطار الفعل أو التطبيق، إنها المهارة وفن المناورة الذي تتبعه القوات من أجل الوصول إلى غايات السياسة، الغايات المترجمة في أهداف استراتيجية.
- الاستراتيجية تعرف وتضع في التطبيق الوسائل من أجل تحقيق النصر في الحرب:
وضعت تعاريف عدة للاستراتيجية في القرن التاسع عشر وتحديدا بين 1820 - 1830 ، تم اعتبارها كنتيجة للمناخ الفكري الذي ساد آنذاك، وللأثر الذي تركته المعارك الكبرى لنابليون. يمكننا ان نذكر مثلا التعريف الذي قدمه المارشال Marmont بانها التحركات التي تتم في منأى عن نظر العدو وقبل المعركة، هدفها تحقيق تفوق عددي في يوم المعركة. Clausewitz يقدم تعريفا أكثر شمولا حيث يعتبر الاستراتيجية استخدام القتال من أجل غايات الحرب. يجب عليها أن تحدد، من كل فعل الحرب، غاية تتعلق بالهدف من الحرب. بمعنى أن تضع خطة الحرب حسب الهدف المراد وأن يتم تنفيذ الخطة وفق سلسلة من الأفعال التي يجب أن تقود إلى تحقيق هذا الهدف.
لقد ظهرت نظرية بديلة تميز الاستراتيجية كمفهوم عن التكتيك كتنفيذ. من روادها الجنرال البروسي Ruhle Von Lilienstern - )وهو من المبشرين بقدوم (Clausewitz حيث قدم تعريفا شبه فلسفي : الاستراتيجية تنظر إلى الطريقة التي من خلالها يجب أن تقاد الأشياء، التكتيك بالمقابل هو السبب الذي يجعل شيء ما يحدث أو ينتج أو يتحقق بطريقة أو بأخرى. الأولى تسبق في الزمن التنفيذ الحقيقي، إنها بالنتيجة مختلفة تاريخيا عن الثانية، مختلفة في طبيعتها حتى في سلوكها ، بالنسبة للفعل action، كالكلام بالنسبة للتنفيذ acte.
تم الأخذ بهذه الأفكار فيما بعد ، خاصة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حيث يعتبر الكولونيل الفرنسي Blume أن الاستراتيجية تحدد للجيش الهدف والاتجاه. أما التكتيك فيقع على عاتقه أمر بالتنفيذ. في فرنسا نجدها في دراسات الحرب للجنرال Lewel كذلك في محاضرات الجنرال Bonnal في المدرسة الحربية العليا: الاستراتيجية هي فن التصور، أما التكتيك فهو علم التنفيذ.
لكن يوجد من طعن بصحة هذه المقاربة كالقائد العسكري Grouard أو الأميرال Castex حيث يعتبر الأول أنه من عدم الدقة القول إن التكتيك ينفذ ما ترسمه الاستراتيجية: لأنهما ليسا التصور والتنفيذ للشيء نفسه. إنهما يعالجان مواضيع مختلفة والقواعد التي يتبعانها تنطبق على مراحل غير متزامنة، لكن تالية لعملية عسكرية.... التكتيك ، كما كل الأعمال الحياتية ،يسلك التصور والتنفيذ. أما الثاني فيعتبر أن كل شخص، وفي كل مستويات القيادة يقوم بفعل استراتيجي وتكتيكي في آن معا. يخلص Castex إلى أن التكتيك هو القتال أما الاستراتيجية فهي كل الحرب قبل وبعد القتال. هنا نعود إلى نقطة البدء التي لا تحل مشكلة الدرجة التي منها تبدأ الاستراتيجية: إذا الاستراتيجية ليست إلا القيادة العامة للعمليات، الفن الأرقى الذي يمارسه القادة في مناصب عليا تسلسلية، يبقى القول إن قيادة العمليات ليست إلا القتال تحت هذه العتبة. عدد من الكتاب يعتبر أن قيادة العمليات من اختصاص اللوجستيك logistique أي فن أو علم نقل الجنود وإمدادهم.
التكتيك يضع موضع العمل وسائل القتال ناظرا إلى تحقيق النصر في المعركة:
يشمل التكتيك بشكل أساسي قيادة المعركة، ما أن تصل هذه الأخيرة إلى درجة معينة من التمام، بمعنى أنه يجب ألا تقود إلى معارك أخرى منفردة. يأتي من النظام الإغريقي، من التنظيم ، الجاهزية. كذلك، كما تقول Joly de Maizeroy في كتابها نظرية الحرب، هذا المصطلح بمعناه العسكري يعني الوضع الخاص للرجال الذين يشكلون قواتا أيا تكن، وضع قوات مختلفة تشكل جيشا، وضع تحركاتها، عملها، والعلاقات فيما بينها. Jean de Vignay يقول في الترجمة الفرنسية للكلمة - التي ظهرت بين 1310 و 1320 أن التكتيك هو mestres d’armes . لكن تعتبر انكلترا أول من تكلم عن التكتيك: تمت الإشارة إلى هذه الكلمة -tactice - عام 1570 . في فرنسا ، ظهرت في السياسة العسكرية التي اتبعها Paul Hay du Châtelet عام 1968 . كما توجد الكلمة في قاموس Furetière لعام 1690. ظهرت في قاموس أكسفورد عام 1766 . أما الفرنسي Mesnil Durand فيكتب في العام 1770 : لم يكن لدينا أي عمل عن التكتيك قبل عشرين عاما.. حيث بالكاد كنا نعرف ما هو التكتيك، موضوعه وتعريفه، العسكريون ليسوا تماما متفقين فيما بينهم.
يعتبر Clausewitz أن التكتيك هو النظرية النسبية لاستخدام القوة المسلحة في المعركة. انه العملية التي تستخدم الذكاء، المعرفة والتنظيم كما يشير نابليون في أحد تعليقاته. يعتبر Antoine Grouard في كتابه للاستراتيجية : موضوع- ارشاد- عناصر والصادر عام 1895 أن التكتيك له ثلاثة أجزاء: التكتيك الأولي، أو التكتيك المفصل، يضم أساليب القتال للوحدات الصغيرة في كل جيش؛ تكتيك المجموع أو للجيوش الثلاثة (المشاة، الفرسان، المدفعية) يعمل لمعرفة دور كل جيش في المعركة؛ التكتيك الكبير أو تكتيك الوحدات الكبيرة، وهو مهارة قادة الجيش ، الفن الذي يتبعه قائد الجيش لتحديد دور كل من جيوشه في المعركة، للنصح باستخدام قوات الاحتياط، وجعلها تتدخل في الوقت المناسب وفي الشروط الملائمة.
- يجب تمييز التكتيك عن القتال: يجب التمييز بين التكتيك و القتال البدائي الذي يدعو إلى القوة والشجاعة. في هذا الوسط يمكن أن تتحطم الحسابات العلمية كنتيجة لردود فعل أولية لا يمكن ضبطها. نذكر هنا حالات الهلع التي تسيطر على القوات مهما كانت قوتها كما حدث لقوات الحماية الفرنسية في Malplaquet عام 1709 . في بداية القرن العشرين، كرس الجنرال الفرنسي Jean Colin جزءا من كتابه - تحولات الحرب Transformations de la guerre- للحديث عن القتال الأولي أو البدائي، حيث يستنتج أن علم التكتيك لديه مبرر لوجوده؛ لكنه غير فعال في حال أن الجنود غير مشبعين بروح الشجاعة والحماس وإرادة النصر. بالطبع، لم يفقد هذا المعطى الأساسي من أهميته رغم تطور وسائل الحرب فيما يتعلق بقوة النيران أو القوة الكترونية. الأمثلة هنا موجودة من الحرب العالمية الثانية كمعارك Bir-Hakeim ، Stalingrad أو Budapest .
الشكل الآتي يوضح الثيولوجيا الكلاسيكية لتسلسل هرم القيادة، حيث تأتي السياسة في أعلى التسلسل ، أي أنها المسؤولة عن رسم الخطط الاستراتيجية:
- اللوجستيك Logistique كبعد ثانوي: لم يعط الكتاب الكلاسيكيون أهمية كبيرة لأمور الإمداد بمستلزمات العيش، إذ برأيهم على الجيش أن يتدبر أمره. مثلا Guibert يقترح عدم الإكثار من التجهيزات اللازمة للمؤونة، وهذا ما وضعه نابليون موضع التطبيق.
عند اليونان كلمة logisteuo تعني الإدارة. أشارت الكلمة في القرن xviii إلى فرع من فروع الرياضيات ( علم الحساب الرمزي) حسب قاموس Trévoux. أما Jomini فقد أدخل الكلمة في المجال العسكري، حيث يعتبر أن اللوجستيك هو ما تقوم به هيآت الأركان في الجيوش، إذ تقوم بتوجيه الأوامر والتعليمات، تنظيم وسائل النقل، خدمة المعسكرات. برأيه، جزء أساسي من اللوجستيك هو تقنية التحركات (فرع قريب من الاستراتيجية)، أي عندما يتحرك الجيش، (وفرع أخر قريب من التكتيك) أي عندما ينتقل الجيش من أمر السير إلى أوامر القتال. لا يعتبر أن اللوجستيك في أي من الأحوال كجزء من فن الحرب متعلق بالتزويد أو التموين.
تشير الكلمة في العالم الانكلوساكسوني إلى معنى مادي، حيث هو فرع من العلم العسكري مرتبط بحركة، بوقوف ، اصطفاف، وتموين الجيوش. يذكر James A. Huston في كتابه -مصدر قوة الحرب The sinews of war - أنه لن يتم الاعتراف باللوجستيك، كفرع هام من فن الحرب، إلا أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما يقوم الأمريكيون بوضع طرق ومفهوم ما يسمى logistics : فن تخطيط وقيادة التحركات العسكرية، الإجلاء والتموين. يشار أنه في الترجمة العربية للكلمة تعني: السوقية- بفتح السين- وتعني فن أو علم نقل الجنود وإمدادهم بالطعام وإيوائهم.
- البعد التنظيمي: لم يعط الكتاب الكلاسيكيون من أمثال Clausewitz أهمية كبيرة للعمليات أو لفن الحرب بمعناه الضيق، على العكس من Nockern de Schorn في القرن xviii والذي شدد على ضرورة تحديد ما أسماه (البنية العامة للوضع العسكري)، والتي تشكل جزءا من علم الحرب مثلها مثل الاستراتيجية أو التكتيك: يجب تعميق المبادئ التي تساعد على بناء الوضع العسكري بشكل عام، توفير ما يلزم لصيانته والقيام بكل التدابير من أجل استمراره بحالة جيدة؛ كل ذلك يشكل مدخلا الى علم الحرب و أول جزء منه هو بناء الفن العسكري.
تزايد الاهتمام بما يسمى - تنظيم القوات- في القرن التاسع عشر وخاصة بعد هزيمة فرنسا أمام ألمانيا عام 1870 ، حيث دافع الكولونيل الفرنسي Lewel عن فكرة التنظيم العقلاني Organisation rationnelle : التكوين العقلاني للجيوش الفعالة له أهمية لم تكن موجودة قبل 12 عاما فقط. لذلك من الإجباري البحث عن الشروط الضرورية من أجل الوصول إلى أفضل النتائج. تكلم عن الجزء التنظيمي Partie organique عند دراسة الحرب، والذي أخذ صدى واسعا في ايطاليا حيث عرفه Giovani Sechi بأنه الجزء من الفن العسكري المرتبط بالإعداد organisation وبتحضير العتاد والأشخاص. بالرغم من أهمية هذا الفرع من العلم العسكري إلا انه لم يتم الاعتراف به كفرع مستقل كالاستراتيجية مثلا.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|