أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-7-2017
1962
التاريخ: 2023-06-01
1038
التاريخ: 2024-08-13
392
التاريخ: 2023-11-20
918
|
النقل الكمي عن بعد
ظل النقل الكمي عن بعد حتي فترة قريبة مجرد تجربة فكرية، فكرة لم يحدث علي الإطلاق تجربتها بنجاح في دنيا الواقع. لكن في عام ١٩٩٧، حالف النجاح فريقين من العلماء في تحقيق حلم نقل الحالة الكمية لجسيم مفرد عن بعد .
والجدير بالذكر أن النقل الكمي عن بعد هو وسيلة لنقل حالة جسيم واحد إلي جسيم ثان، قد تكون بينهما مسافة، تنقل بفاعلية الجسيم ألأول إلي موضع أخر. ومن حيث المبدأ، هذه هي المفكرة نفسها- في هذه النقطة الموجودة فقط في إطار روايات الخيال العلمي - التي أمكن من خلالها نقل الكابتن كيرك Kirk عائدا إلي سفينة الفضاء أنتربرايز Enterprise عن طريق سكوتي Scotty ، وهو علي متن سفينة الفضاء.
علي أن النقل عن بعد هو أكثر التطبيقات غرابة التي يمكن أن نتخيلها لظاهرة التعالق. وحديثا ، قام فريقان دوليان - أحدهما - ترأسه أنطون زايلنجر في فيينا، والآخر برئاسة فرنسيسكو دي مارتين في روما- باستعارة فكرة النقل عن بعد من دنيا الخيال إلي عالم الواقع. وقد اتبعوا اقتراحا طرحه عام ١٩٩٣ تشارلز بينيت في مقال نشره بمجلة عن الفيزياء. وقد أوضح بينيت Bennett بأن ثمة إمكانية فيزيائية لنقل حالة كمية لجسيم عن بعد.
وكان السبب في بدء تفكير الفيزيائيين في النقل من بد أننه في ثمانينيات القرن العشرين أوضح كل من وليم ووترز Wootters وزيوريك W. Zurek أن أي جسيم كمي لا يمكن "استنساخه" أبدا . وتقول فرضية عدم الاستنساخ التي وضعها ووترر وزيوريك أنه إذا كان لدينا جسيم، فلا يمكن نسخ حالته علي جسيم أخر، في حين يبقي الجسيم الأصلي علي حالته. وبناء عليه، يستحيل خلق نوع من ألية نسخ تأخذ جسيما وتطبع معلوماته علي جسيم أخر، مع الحفاظ علي الجسيم الأصلي دون أي مساس. وبالتالي، فإن الوسيلة الوحيدة التي يمكن للفيزيائي أن يتبعها ليطبع بها معلومات جسيم علي جسيم أخر هي إلغاء المعلومات نفسها من الجسيم الأصلي. وهذه العملية الافتراضية أطلق عليها مؤخرا اسم النقل عن بعد "التليبورتيشن "Teteportaticn.
وقد ظهرت الورقة التي تصف تجربة النقل عن بعد المثيرة عن فريق زايلنجر تحت اسم "النقل الكمي عن بعد" في مجلة نيتشر Nature رفيعة المستوي عدد ديسمبر عام ١٩٩٧ ، تأليف بومستر D. Boomeester ، وبان J.W. Pan ، وماتل K.Mattle ، وايبل M.Eibl ، وفاينفورتر H.Weinfurter ، وزايلنجر، ويرد فيها :
"يتمثل حلم النقل عن بعد في أن تكون قادرا علي الانتقال ببساطة من خلال الظهور مرة أخري في موضع أخر. وأي جسم يتم، نقله عن بعد يمكن تمييزه تماما عن طريق خواصه، التي يمكن تحديدها في الفيزياء الكلاسيكية بالقياس. وللحصول علي نسخة من ذلك الجسم في موضع أخر لا نحتاج إلي الأجزاء والقطع الأصلية، كل ما نحتاج إليه هو إرسال المعلومات المصورة بدقة التي يمكن استخدامها في إعادة تركيب الجسم. بيد أنه إلي أي مدي يمكن أن تكون هنا نسخة حقيقية من الأصل، ماذا يحدث إذا كانت هذه الأجزاء والقطع إلكترونات وذرات وجزيئات؟". يناقش المؤلفون حقيقية أنه نظرا لأن هذه العناصر الميكروسكوبية هي التي تصنع أي جسم مرئي: لذلك فهي تخضع لقوانين ميكانيكا الكم، وينص مبدأ عدم التحدد لهايزنبرج علي أنه لا يمكن قياسها بأي درجة من الدقة نحددها . واقترح بينيت وزملاؤه فكرة تسمي النقل عن بعد وطرحوها في مقال في مجلة فيزيكال ريفيو ليترز عام ١٩٩٣ ، وتقول الفكرة إنه قد يكون ممكنا نقل الحالة الكمية لجسيم إلي جسيم أخر - نقل كمي عن بعد- بشرط ألا يكون الشخص القائم بعملية النقل عن بعد لديه أي معلومات عن الحالة في هذه العملية.
ويبدو منافيا للعقل أن يكون للمعلومات التي يحصل عليها مراقب من الخارج تأثير فيما يحدث مع جسيم، لكن طبقا لميكانيكا الكم، فإن مجرد عملية مراقبة جسيم تدمر (أو "تضعف بشدة") الدالة الموجية للجسيم. ولا يمكن معرفة، علي سبيل المثال، خواص كمية الحركة والموضع لأي درجة مفترضة من الدقة. وبمجرد إجراء القياس (أو علي نحو آخر التحقق من موقع) جسيم في نطاق الكم سرعان ما تصبح النظم الكمية في هالة مشوشة، وبالتالي تغدو المعلومات مدمرة أثناء عملية الحصول عليها.
إلا أن بينيت وشركاءه في العمل كانت لديهم فكرة رائعة عن كيفية نقل شخص للمعلومات لجسم في نطاق الكم بدون قياسه، بمعني، بدون إضعاف دالته الموجية. وكانت الفكرة هي استخدام التعالق. ويتضح هنا كيفية عمل النقل عن بعد.
نفرض أن أليس لديها جسيم في الحالة الكمية Q، التي لا تعلم هي عنها شيئا . وأليس تريد من بوب، الموجود في موضع بعيد عنها ، أن يكون لديه جسيم في حالة هي نفسها حالة الجسيم الذي لديها . بمعني أن أليس تريد من بوب أن تكون حالة الجسيم لديه هي Q أيضا . وإذا أجرت أليس قياسا لجسيمها ، فلن يكون ذلك كافيا لأنQ لا يمكن تعيينها تماما بالقياس. أحد أسباب ذلك هو مبدأ عدم التحدد، وثمة سبب أخر هو أن الجسيمات الكمية تكون في تراكب لعدة حالات في الوقت نفسه. وإذا تم إجراء قياس، لتم إجبار الجسيم علي أن يكون في واحدة من حالات هذا التراكب. ويسمي هذا فرض الإسقاط Projection Postulate : حيث يتم إسقاط الجسيم في حالة من حالات التراكب. وفرض الإسقاط هذا في ميكانيكا الكم يجعل من المستحيل لأليس قياس الحالة Q للجسيم التابع لها بحيث نحصل منه علي كل المعلومات عنQ ، والتي يحتاجها بوب منها كي يعيد تركيب حالة الجسيم لديها علي الجسيم الذي لديه. وكما هو معتاد في ميكانيكا الكم، فان عملية مراقبة أي جسيم تدمر بعض المعلومات التي يتضمنها .
ومع ذلك، أمكن التغلب علي هذه الصعوبة من خلال معالجة بارعة، حسبما كان يفهم بينيت وزملاؤه. فقد تأكدوا من أن دقة الإسقاط الافتراضي تتيح لأليس إمكانية نقل حالة الجسيم لديها عن بعد إلي بوب. إلا أن عملية النقل عن بعد تبعث لبوب بالحالة Q لجسيم أليس، في حين أنها تدمر الحالة الكمية لجسيم أليس. وتتحقق هذه العملية باستخدام زوج من الجسيمات المتعالقة، أحدهما لدي أليس (ليس هو جسيمها الأصلي في الحالة (Q والآخر لدي بوب.
وأوضح بينيت وزملاؤه أن المعلومات الكاملة المطلوبة كي يمكن إعادة بناء حالة الجسيم تنقسم إلي جزأين: جزء كمي وجزء كلاسيكي. ويمكن نقل المعلومات الكمية لحظياً- باستخدام التعالق. لكن تلك المعلومات لا يمكن استخدامها بدون الجزء الكلاسيكي للمعلومات، التي يتعين إرسالها من خلال قناة كلاسيكية، مقيدة بسرعة الضوء.
ولذلك، ثمة قناتان لفعل النقل عن بعد: قناة كمية وقناة كلاسيكية. وتتكون القناة الكمية من زوج من الجسيمات المتعالقة: أحدهما في حوزة أليس، والآخر لدي بوب. والتعالق رابطة غير مرئية بين أليس وبوب. إذ إنا رابطة ضعيفة، وينبغي الحفاظ عليها بالإبقاء علي الجسيمين معزولين عن البيئة المحيطة بها . وهناك طرف ثالث، هو شارلي الذي يقدم لأليس جسيما ثالثا. وحالة هذا الجسيم الثالث هي الرسالة التي يتعين علي أليس بثها إلي بوب. ولا تستطيع أليس قراءة المعلومات وترسلها إلي بوب، لأنه - طبقا لقواعد ميكانيكا الكم - فإن فعل القراءة (عملية قياس) يحدث تغييرا في المعلومات علي نحو لا يمكن التنبؤ به، ولا يمكن الحصول علي المعلومات كلها . تقيس أليس خاصية مشتركة بين الجسيم الذي قدمه لها شارلي والجسيم بحوزتها المتعالق مع جسيم بوب. وبسبب هذا التعالق، تكون استجابة جسيم بوب فورية، ويقدم له هذه المعلومات، والمتبقي منها تبعثها أليس إلي بوب بقياس الجسيم وارسال تلك المعلومات الجزئية إليه من خلال قناة كلاسيكية. وهذه المعلومات تخبر بوب بما يحتاج إلي عمله مع جسيمه المتعالق للحصول علي تحويل كامل لجسيم شارلي داخل جسيمه، باستكمال نقل جسيم شارلي عن بعد. والجدير بالذكر أنه لا أليس ولا بوب يعلمان حالة الجسيم المرسل أو حالة الجسيم المستقبل، بل يعلمان فقط أن الحالة تم بثها . وهذه العملية يوضحها الشكل التالي:
هل يمكن أن يتوسع النقل عن بعد ليشمل أجساما أكبر، مثلا الإنسان؟ عموما مازال الفيزيائيون ممتنعين عن إجابة هذا السؤال، باعتباره خارج مجال الفيزياء حاليا، وربما يكون ممكنا في عالم الخيال العلمي. بيد أن الكثير من التطورات العلمية والتكنولوجية ظلت في إطار الخيال حتي تحققت علي أرض الواقع. وكان من المعتقد بالنسبة إلي التعالق نفسه أنه مجرد عالم من التخيل حتى أثبت العلم أنه ظاهرة حقيقية، بالرغم من طبيعته المحيرة.
وذا حدث وأصبح ممكنا نقل البشر عن بعد وكذلك الأجسام الكبيرة الأخرى، فهل يمكن لنا تصور كيف حدث ذلك؟ هذا السؤال، وكذلك السؤال السابق، يطرحان واحدا من أكبر الأسئلة الباقية بلا حل في الفيزياء: أين هو الحد الفاصل بين عالم الأجسام المرئية الذي نعرفه من حياتنا اليومية، وعالم الجسيمات الدقيقة مثل الفوتونات والإلكترونات، والبروتونات والذرات، والجزيئات؟.
ومن خلال أبحاث دي برولي نعلم أن الجسيمات في أحد مظاهرها لها طبيعة موجية، وأننا نستطيع قياس طول الموجة المصاحبة للجسيم. وبالتالي، من ناحية المبدأ ، فإن أي شخص يمكن أن تصاحبه دالة موجية (ثمة نقطة فنية أخري هنا ، تخرج عن نطاق مناقشتنا في هذا الكتاب، وهي أن الشخص أو أي جسم مرئي ليس حالة مجردة، بل علي الأرجح أنه "خليط" من حالات). والإجابة عن التساؤل عن مدي إمكانية تنفيذ النقل عن بعد لشخص يمكن أن يصاغ علي النحو التالي: هل أي شخص هو مجموع عدد كبير من الجسيمات الأولية، كل جسيم منها له دالة موجية، أو أنه جسم مرئي مفرد له دالة موجية وحيدة (طولها الموجي قصير جدا)؟ وعند هذه النقطة في الوقت الراهن، لا توجد إجابة واضحة لدي أي شخص علي هذا السؤال، ولذلك مازال النقل عن بعد ظاهرة حقيقية، لكن فحسب في إطار عالم ما صغير جدا.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|