أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-21
214
التاريخ: 21-12-2019
2008
التاريخ: 19-3-2017
7269
التاريخ: 6-12-2017
3008
|
الأصل ان المتعاقدين حينما يتفقان على أبرام العقد يضعان تنظيماً لكل المسائل التي ينظمها هذا العقد ويحددان مضمونه ببيان ما ينشأ عنه من أثار سواء كانت حقوقاً او التزامات في حدود ما يرسمه القانون. بيد ان المتعاقدين قد يغفلان تنظيم بعض المسائل التفصيلية التي قد تنشأ من العقد، لانها لم ترد بذهنهما او لأنهما لم يتوقعاها، ذلك ان تنظيم كل المسائل التفصيلية يتطلب درجة عالية من الدقة بموضوع العقد، وهذا ما يفوق قدرة المتعاقدين في كثير من الاحوال، وخاصة مع السرعة في انجاز المعاملات وابرام العقود حيث يتم التركيز على المسائل الجوهرية في العقد دون غيرها. من هنا، فان العقد قد لا ينظم بعض المسائل الجزئية أو قد لايتناول بعض أوجه العلاقة بين الطرفين، وهذا مما لا يؤثر على صحة العقد لان المشرع أجاز انعقاد العقد بالاتفاق على المسائل الجوهرية فقط(1)، لكننا سنكون ازاء عقد غير كامل لانه لم يضع تنظيماً لكافة المسائل التي لابد من مواجهتها ، ومن ثم يكون بحاجة للأكمال(2). كما ان العقد قد يكون بحاجة الى الاكمال اذا كان لا يتضمن الالتزامات التي بدونها لا يتحقق الغرض المقصود منه، او التي بدونها يتعذر على أحد المتعاقدين تنفيذ التزامه، ذلك ان كل عقد يحتوي على التزامات تبعية تلزم المتعاقدين حتى وان لم تنصرف اليها أرادتاهما، حتى لا يكون العقد مصدراً لمظالم لايمكن التسامح فيها، وحتى يكون تنفيذه متفقاً مع ضرورات حسن النية(3). من هنا، فان اكمال العقد هو وسيلة لمعالجة النقص الذي يشوب مضمون العقد، ويتحقق ذلك باضافة بعض الالتزامات الى مضمونه الاصلي لتنظيم المسائل التفصيلية التي تركها المتعاقدان، او ليكون تنفيذ العقد متفقاً مع مبدأ حسن النية وما يقتضيه من امانة في التعامل. وقد اناط المشرع سلطة اكمال العقد وسّد النقص الذي يعتريه بالقاضي وأصبحت من ضمن السلطات التي يتمتع بها ازاء مضمون العقد الى جانب سلطته في تفسير العقد وتكييفه، والحقيقة ان هناك ترابطاً وثيقاً بين هذه السلطات الثلاث، فتحديد مضمون العقد يقتضي ان يقوم القاضي بالتعرف على الارادة المشتركة للمتعاقدين سواء عن طريق عبارات العقد اذا كانت واضحة الدلالة على مضمون هذه الارادة أو عن طريق تفسير عباراته اذا كانت غير واضحة، ومن ثم يقوم باعطاء التكييف القانوني الصحيح للعقد حتى يستطيع ان يرسم صورة واضحة لما ينشأ عنه من حقوق وما يولده من التزامات(4). من هنا، يمكن تعريف اكمال نطاق العقد بأنه:(( قيام القاضي بإضافة التزامات إلى مضمون العقد الأصلي على وفق المعايير التي وضعها المشرع )). واسناد هذه السلطة للقاضي يأتي في اطار تعزيز دوره الايجابي واخراجه من دائرة السكون المتمثلة بالتطبيق الحرفي للنص الى دائرة الفعالية والتأثير في ظروف تطبيق هذا النص، وقد تجسد ذلك بعدول المشرع عن المعايير الجامدة التي كان من شأنها سلب القاضي الكثير من حرية التقدير الى المعايير المرنة التي تتسع معها سلطة القاضي في تكييف ظروف كل واقعة واختيار الحل الأمثل لها(5). فالقاعدة القانونية المرنة تمنح القاضي سلطة تقديرية في تطبيق النص القانوني بشكل يواكب مقتضيات التطور ويحفز القاضي على ممارسة نشاط ذهني في فهم الواقع المعروض عليه والموائمة بينه وبين النص القانوني الذي يروم تطبيقه(6). ولعل القراءة المتمعنة لنص (م86/2) و(م150/2) من تقنينا المدني واللتين تعطيان للقاضي صلاحية اكمال نطاق العقد، تكشف لنا مدى المرونة التي صيغت بها نصوص هاتين المادتين لتعطي للقاضي دوراً في التأثير على مضمون العقد باضافة التزامات جديدة يكمل بها القاضي نطاق العقد الذي يشوبه النقص. من هنا، فقد أصبحت عملية اكمال العقد وسيلة يستطيع من خلالها القاضي التدخل في تحديد الالتزامات التي ينتجها العقد، والذي صار بفعل هذا التدخل ينتج التزامات ابعد ما تكون عن الالتزامات التي أرادها الطرفان، وحجة القاضي في هذا التدخل هو اعادة التوازن العقدي بين المتعاقدين. ولعل عدم تقييد القاضي بالرجوع الى ارادة المتعاقدين عند اكمال نطاق العقد وإرجاعه الى معيار موضوعي هو طبيعة العقد عند اضافة الالتزامات الناقصة الى مضمون العقد قد فتح مجالاً رحباً امام الاجتهاد القضائي لإضافة الالتزامات التي تحقق العدالة بين العاقدين وتعيد التوازن العقدي الذي فقد بينهما بسبب الخلل في التوازن المعرفي والاقتصادي من جراء عوامل التطور المتسارعة في هذين المجالين هذا من جهة.
_______________
1- تنص (م86/ف2) من القانون المدني العراقي على انه: (( واذا أتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترطا ان العقد يكون غير منعقد عند عدم الاتفاق على هذه المسائل فيعتبر العقد قد تم، واذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها فان المحكمة تقضي فيها طبقاً لطبيعة الموضوع ولاحكام القانون والعرف والعدالة )).
2- انظر: د.حسام الدين كامل الاهواني، مصادر الالتزام – المصادر الارادية -، دار النهضة العربية – القاهرة، 1992، ص203.
3- وقد قضت محكمة النقض المصرية في هذا المعنى بما نصه:(( مفاد نص المادتين (147، 148) من التقنين المدني ان العقد لاينشيء حقاً ولا يولد التزاماً لم يرد بشأنه نص فيه والملتزم يقوم بتنفيذ التزامه كما ورد في العقد دون نقص او زيادة الا اذا كان ذلك من مستلزمات التنفيذ)) الطعن رقم (811) لسنة 43ق، جلسة 16/5/1977 ،س28،ص121، موسوعة القضاء والفقه للدول العربية ، ج249 ، الدار العربية للموسوعات – القاهرة ،1985،ص788.
4- انظر: د. صالح ناصر العتيبي، فكرة الجوهرية في العلاقة العقدية، ط1، دون مكان نشر، 2001، ص188-189.
5- انظر: د. عبد المنعم عبد العظيم، مرجع سابق، ص120.
6- انظر: د. محمد شتا ابو سعد، السلطة التقديرية للقاضي المدني في ضوء المعايير والقواعد القانونية المرنة والجامدة، بحث منشور في مجلة مصر المعاصرة، ع406، س77، 1986، ص619ود.نبيل اسماعيل عمر، سلطة القاضي التقديرية في المواد المدنية والتجارية، ط1، منشأة المعارف-الاسكندرية، 1984، ص91. ومن جهة اخرى ان قيام القاضي باكمال نطاق العقد لا يتوقف على طلب من أحد العاقدين، وانما يستطيع القاضي ان يضيف الالتزامات الناقصة الى مضمون العقد من تلقاء نفسه وذلك بمناسبة أي نزاع عقدي يعرض امامه. ولعل المادة (150/2) من القانون المدني العراقي تشير الى المعاني المتقدمة اذ نصت على انه:(( ولا يقتصر العقد على الزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول ايضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام)).
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|