أجمع العلماء والأطباء على أن مدار صحة الأجسام ودعامة سلامتها ، هو الاعتدال في الطعام . وقد جمع الله سبحانه هذا المبدأ الطبي الهام في عدة كلمات ، حيث قال : { وكُلوا واشربوا ولا تسرفوا} [الأعراف : 29] .

وقد أكد النبي (صلى الله عليه وآله) على هذه الناحية ، وأن أكثر الأمراض منشؤها المعدة ، فقال : " المعدة بيت الداء ، والجمية رأس كل دواء ، وأعطِ كل بدنِ ما عُوْد " .

وقال (صلى الله عليه وآله) : " نحن قوم لا نأكل حتى نجوع ، وإذا أكلنا لا نشبع " . أي إذا أكلنا نقوم عن الطعام قبل أن نشبع .

وقال (صلى الله عليه وآله) : " ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه ، فإذا كان ولا بدّ ؛ فثلث لمطعمه ، وثلث لمشربه ، وثلث لنفسه " (1) .

وأما الإمام علي (عليه السلام) فقد نهى عن كثرة الطعام ، وأوصى أن لا يأكل الإنسان حتى يجوع ، فقال في وصيته لابنه الحسن (عليه السلام) :

" يا بني ، ألا أعلّمك أربع كلمات تستغني بها عن الطب ؟ فقال الحسن (عليه السلام) : بلى يا أمير المؤمنين . قال (عليه السلام) :

لا تجلس على الطعام إلا وأنت جائع ، ولا تقم عن الطعام إلا وأنت تشتهيه ، وجود المضغ ، وإذا نمت فاعرض نفسك على الخلاء . فإذا استعملت هذه ، استغنيت عن الطب " (2) .

وقال (عليه السلام) : " كثرة الطعام تميت القلب ، كما تُميت كثرة الماء الزرع " (3) .

وقال (عليه السلام) : " من شبع عوقب في الحال ثلاث عقوبات : يُلقى الغطاء على قلبه ، والنعاسُ في عينه ، والكسل في بدنه " (4) .

وقال (عليه السلام) : " لا تطلب الحياة لتأكل ، بل اطلب الأكل لتحيا " (5) .

وهذه الحكم الثلاث مأخوذة من الحكم الالف التي اوردها ابن ابي الحديد في اخر شرحه لنهج البلاغة ، وسوف نرمز لها بكلمة (حديد) مع رقم الحكمة .

_______________________

1. الطب النبوي لابن قيم الجوزية ، ص 12.

2. الخصال للشيخ الصدوق ، ج 1 ص 229 منشورات الصدوق ، ج 1 ص 229 منشورات الحوزة العلمية بقم ؛ ومستدرك النهج ، ص 162.

3. اخر شرح نهج البلاغة لابن ابي حديد ، حكمة 723.

4. حديد ، حكمة 674.

5. حديد ، حكمة 824.