أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2014
2064
التاريخ: 25-04-2015
2069
التاريخ: 24-04-2015
1731
التاريخ: 13-10-2014
1873
|
صنّف الطباطبائي المفسّرين الشيعة- بناء على أخذهم من الرسول (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام)- إلى ثلاث طبقات :
1- الطبقة الأولى : الّذين رووا التفسير عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأئمّة أهل البيت (عليه السلام) ، وأدرجوا الأحاديث في مؤلفاتهم المتفرقة ، كزرارة ومحمّد بن مسلم . . . وأشباههما .
2- الطبقة الثانية : وهم أوائل المؤلفين في التفسير ، كفرات بن إبراهيم الكوفي وأبي حمزة الثمالي والعياشي وعليّ بن إبراهيم القمي والنعماني .
وتشبه طريقة تفسيرهم الطبقة الرابعة من التصنيف السابق ، ورواياتهم مادّة مسندة إلّا ما ندر .
3- الطبقة الثالثة : أصحاب العلوم المختلفة ، كالشريف الرضي ، في تفسيره الأدبي ، والشيخ الطوسي في تفسيره الكلامي ، المسمّى بالتبيان ، وصدر الدين الشيرازي في تفسيره الفلسفي . . . إلخ .
ومنهم من جمع بين العلوم المختلفة في تفسيره كالشيخ الطبرسي في تفسيره «مجمع البيان» «1» .
وهذا التصنيف جيّد إذ يتّخذ من نوع التفسير- من حيث روايته وطريقة تدوينه ومادّته- أساسا للتصنيف ، إلّا أنّه يشمل مراحل مختلفة فكريا وتاريخيا وسياسيا ، ادرجت ضمن صنف واحد ، فلا يمكن أن نعدّ فترة عصر الرسول (صلى الله عليه وآله) ، ثمّ عهد الخلفاء والّتي منع فيها تدوين الحديث ، وعهد الإمام علي وتأسيسه لعلوم القرآن عهدا واحدا .
كما لا يمكن أن نعتبر العهد الأموي الّذي انصبّ على معاداة أهل البيت (عليه السلام) ومن ثمّ اضطهادهم وما أدى إلى قتل الإمام الحسين (عليه السلام) وعهد الفترة الّتي ضعف فيه سلطانهم وانطلق فيها الإمامان الباقر (عليه السلام) والصادق (عليه السلام) في تدريس العلوم الاسلامية لآلاف الطلبة ، لا يمكن اعتبار هذا وذاك عهدا واحدا ، ولا يمكن والحال هذه اعتبار عصر الأئمّة (عليه السلام) عصرا واحدا لأنّهم عاشوا ظروفا سياسية مختلفة أثّرت بدورها على حركتهم ونشاط شيعتهم .
كذلك لا يمكن بأي حال إغفال التطورات الفكرية داخل المدرسة الشيعية وآثارها على مسار تدوين التفسير ، خصوصا الفترة الّتي نمت فيها الحركة الأخبارية ، وما شملته هذه الفترة من نشاط التدوين الأخباري (الجمع الحديثي) في مقابل التلكؤ النسبي للبحث العلمي ، وحركة الاجتهاد .
على أننا نثبت حقيقة أساسية ، وهي أن حركة التدوين عموما ، والتفسير بشكل خاص عند الشيعة تقدّمت على غيرهم ، وذلك لأن الإمام عليّا (عليه السلام) كان أوّل من دوّن التفسير ، على الاطلاق ، إذ كانت عنده نسخة من القرآن ثبّت فيها ما أملاه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) من بيان للآيات وتفسيرها «2» ، كما إنّ من المتسالم عليه- كما مرّ- أن أوائل المفسّرين كابن عباس وابن مسعود ، كانوا قد أخذوا التفسير عن علي (عليه السلام) ، إضافة إلى أنّ الإمام عليّا (عليه السلام) - وبعد مدّة من منع تدوين الحديث على عهد أبي بكر وعمر وعثمان- قام في عهد خلافته بالحث على التدوين ، وانطلق تلامذته يدوّنون اسس أوائل العلوم الاسلامية ، في اللّغة والقرآن .
وقد عدّ الباحثون- باتفاق- أنّ التفسير ينتهي إلى علي ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وابيّ بن كعب «3» ، وأخذ ابن مسعود وابن عباس عن علي ، أمّا ابيّ بن كعب الأنصاري فقد كان أيضا من أنصار علي ومن شيعته «4» .
وبناء على ما تقدم فانّنا نقترح تصنيف مراحل تطور التفسير عند الشيعة ومن ثمّ طبقات المفسّرين الشيعة وفقا للتصنيف الآتي :
التصنيف المقترح :
1- عهد الرسول (صلى الله عليه وآله) :
إذ كان الإمام علي (عليه السلام) المتلقي الأوّل للتفسير عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بتعهّده بالحفظ ، والتدوين ، والفهم .
فقد أخرج ابن جرير الطبري بسنده عن مكحول ، قال : قرأ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) :
{ وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [الحاقة : 12] ثمّ التفت إلى علي (عليه السلام) فقال (صلى الله عليه وآله) : سألت اللّه أن يجعلها اذنك ، قال علي (عليه السلام) : فما سمعت شيئا من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فنسيته «5» .
ومن أعلام المفسّرين عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عبد اللّه بن مسعود وأبيّ بن كعب ، وعبد اللّه بن عباس الّذي ولد لثلاث قبل الهجرة ، وتوفّي الرسول (صلى الله عليه وآله) وله من العمر ثلاث عشرة سنة ، وقيل خمس عشرة ، لكنّه عاصر كبار الصحابة ، وأخذ عنهم ، وفي مقدّمتهم علي (عليه السلام) ، وتوفّي سنة 68 للهجرة ، لذا كتب له حفظ الكثير من الحديث والتفسير ونقله .
على أنّ تدوين الحديث ، ومنه بيان الرسول (صلى الله عليه وآله) للقرآن ، كان قد منع وحدّد تداوله بعد رحلة الرسول (صلى الله عليه وآله) ، لذا لا نجد طيلة هذه الفترة ، حتّى عهد الإمام علي (عليه السلام) الذي رفع الحظر ، تقدّما واضحا لدى المسلمين في علوم القرآن وتفسيره .
2- عهد الإمام علي (عليه السلام) :
كان الإمام (عليه السلام) يحرص على أن ينقل ما اكتسبه من علم ومعرفة إلى تلاميذه ، كابن مسعود وابن عباس ، وغيرهما ، وقد انقسم عهده إلى فترتين :
أ- عهد الخلفاء الراشدين : ففي تلك الظروف التي منع تدوين الحديث فيها ، حرص عليّ (عليه السلام) على بثّ العلم ونشره وتصحيح ما أمكن ممّا اختلف فيه الناس من السنّة .
فكان الصحابة يرجعون إليه في فهم ما خفي واستجلاء ما أشكل . . . حتّى ضرب به المثل (قضيّة ولا أبا حسن لها) «6» .
واشتهر عن عمر قوله : (لو لا عليّ لهلك عمر) ، وأنّه كان يتعوّذ من معضلة ليس فيها أبو حسن- عليّ (عليه السلام)- «7» ، وذلك بعد ما كان عليّ (عليه السلام) يحلّ معضلات فقهية وقضائية كان الصحابة يعجزون عن حلّها .
ب- عهد خلافته (عليه السلام) : فهو خلافا للظروف السابقة فتح فيه باب السؤال على مصراعيه ، فقد روى معمر عن وهب بن عبد اللّه عن أبي الطفيل ، قال : شهدت عليّا يخطب وهو يقول : سلوني فو اللّه لا تسألونني عن شيء إلّا أخبرتكم ، وسلوني عن كتاب اللّه ، فو اللّه ما من آية إلّا وأنا أعلم أ بليل نزلت أم بنهار ، أم في سهل أم في جبل «8» ، وبدأ بنفسه بتعليم الفقه والقرآن «9» .
وفي هذه الفترة تمّ تأسيس جلّ العلوم الاسلامية ، إذ وضع علي (عليه السلام) اسس علم الحديث وطرق تمحيصه وتصنيف الرواة «10» كما علّم (عليه السلام) أبا الأسود الدّؤلي اصول النّحو ليصان بذلك القرآن «11» ، فإنّه «لم تكن علوم القرآن وغيرها من العلوم مدوّنة في العصر الأوّل في الكتب والصحف ، بل كانت مدوّنة على صفحات القلوب ، وإنّما كان المدوّن والمكتوب هو القرآن الكريم فحسب ، وذلك لما ورد في الصحيح من النهي عن كتابة غير القرآن!!
روى مسلم في صحيحه عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : (لا تكتبوا عنّي ، ومن كتب عنّي غير القرآن فليمحه وحدّثوا عنّي ولا حرج ، ومن كذّب عليّ متعمّدا فليتبوّأ مقعده من النّار) .
فمن ثمّ تحرّج كثير من الصحابة والتابعين من كتابة وتدوين غير القرآن حتّى الحديث الشريف لم يدوّنوه ، واكتفوا فيه وفي علومه بالحفظ والرواية . . إلى أن كان عهد علي- رضي اللّه عنه- فأمر أبا الأسود الدؤليّ بوضع علم النحو فكان هذا فاتحة خير لتدوين علوم الدين ، واللّغة العربيّة» «12» .
3- عهد الإمامين الحسن (عليه السلام) والحسين (عليه السلام) (استشهد في عاشوراء 61 هـ) :
وفيها تعرّض أهل البيت (عليه السلام) لأبشع أنواع الاضطهاد ، كما تمّ ملاحقة أتباعهم وشيعتهم بأنواع القتل والتشريد والأذى ، ولم يثن كل ذلك الأئمّة (عليه السلام) من مواصلة سيرتهم ، بقدر ما سمحت به الظروف ، ولذا نجد بين أيدينا روايات تفسيرية عن الحسن والحسين (عليه السلام) «13» إلّا أنّها قليلة جدّا نسبة لما روي عن غيرهما ، مع سبق عظيم مكانتهما ، وهما سيّدا شباب أهل الجنّة ، بنص الرسول (صلى الله عليه وآله) «14» ، ممّا يدلّ على أنّ الظروف الصعبة المحيطة بهما هي التي جعلت الناس لا يقدمون على النيل من عطائهما الثر ، إمّا خوفا من السلطان الأموي أو طمعا في رضاه .
ومن أعلام التفسير في هذه الفترة ، ميثم بن يحيى التمار ، فقد روى الكشي في رجاله ، أنّ ميثما لقي ابن عباس (في العمرة) فقال له : يا ابن عباس! سلني ما شئت من تفسير القرآن ، فإنّي قرأت تنزيله على أمير المؤمنين (عليه السلام) وعلّمني تأويله ، فقال ابن عباس : يا جارية الدواة وقرطاسا ، فأقبل يكتب «15» .
وقد قتله عبيد اللّه بن زياد ، والي الأمويين على الكوفة ، بعد أن قيل له عن ميثم :
هذا كان من آثر الناس عند عليّ (عليه السلام) ، فصلبه ثلاثة أيّام ، ثمّ أمر فطعنوه بالحربة ، فكبّر ، ثمّ انبعث في آخر النهار فمه وأنفه دما ومات «16» .
استشهد ميثم في نفس العام الّذي قتل فيه الحسين بن عليّ (عليه السلام) . وهو نموذج لما لقيه أصحاب أهل البيت (عليه السلام) على يد بني اميّة .
4- عهد الأئمّة : السجّاد والباقر والصادق (عليه السلام) :
وقد بدت بوادر إعادة تشييد العلوم الاسلامية ، ومنها التفسير في عهد السجاد (عليه السلام) ، إلّا أنّها نمت في عهد الباقر (عليه السلام) وآتت ثمارها في عهد الصادق (عليه السلام) الّذي اتّسعت مدرسته ، حتّى أنّ الحافظ ابن عقدة الزيدي جمع في كتاب رجاله أسماء أربعة آلاف رجل من الثقات الّذين رووا عن جعفر بن محمّد ، وذكر مصنّفاتهم .
وروى النجاشي بسنده ، عن الحسن بن علي الوشاء ، قال : أدركت في هذا المسجد - مسجد الكوفة- تسعمائة شيخ ، كل يقول : حدّثني جعفر بن محمّد ، وكان (عليه السلام) يقول :
حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدّي ، وحديث جدّي حديث أبيه ، وحديث أبيه حديث عليّ بن أبي طالب ، وحديث عليّ حديث رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، وحديث رسول اللّه قول اللّه عزّ وجلّ «17» .
ويلاحظ في هذه الفترة أنّ التفسير كثيرا ما كان يذكر كأحد أبواب الحديث ، ضمن المجاميع أو الاصول الحديثية التي تضمّ سائر المواضيع .
ونستطيع أن نلمس بوضوح اتساع مدرسة أهل البيت (عليه السلام) التفسيرية ، ابتداء من عهد الإمام السجاد (عليه السلام) من خلال بروز عدّة أعلام في التفسير ممّن تلقوا العلم منه ورووا عنه؛ منهم :
- سعيد بن جبير ، إذ حكى السيوطي عن قتادة أنّه كان أعلم التابعين بالتفسير ، ويرى بعض العلماء أنّه مقدم على مجاهد وطاوس في العلم .
وقال فيه أبو القاسم الطبري : هو ثقة ، حجة ، إمام على المسلمين . . . «18» .
كان سعيد بن جبير من خواص أصحاب السجاد (عليه السلام) وكان ذلك سبب نقمة الحجاج عليه وقتله ، روى الكشي ، قال : «حدثني أبو المغيرة ، قال : حدّثني الفضل ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) ، قال : إن سعيد بن جبير كان يأتم بعليّ بن الحسين (عليه السلام) ، وكان علي (عليه السلام) يثني عليه ، وما كان سبب قتل الحجاج له إلّا على هذا الأمر ، وكان مستقيما استشهد سنة 94 للهجرة» «19» .
- طاوس اليماني ، تلميذ ابن عباس ، وكان على جانب عظيم من الورع والأمانة ، قال فيه عمرو بن دينار : ما رأيت أحدا مثل طاوس ، وقال ابن حبان : كان من عبّاد أهل اليمن ومن سادات التابعين ، وكان مستجاب الدعوة ، وحجّ أربعين حجّة «20» .
عدّه ابن تيمية فيما حكي عنه : من أعلم الناس بالتفسير ، وعدّه ابن قتيبة في المعارف من الشيعة ، وعدّه الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب عليّ بن الحسين (عليه السلام) ، قال : وكان منقطعا إليه «21» .
- أبو حمزة الثمالي ، قال ابن النديم في الفهرست عند ذكر الكتب المصنفة في تفسير القرآن : كتاب تفسير أبي حمزة الثمالي ، واسمه ثابت بن أبي صفيّة ، من أصحاب علي (ابن الحسين) ، من النجباء الثقات وصحب أبا جعفر «22» .
قال النجاشي فيه : . . . ثابت بن أبي صفية مولى المهلّب بن أبي صفرة ، وأولاده نوح ومنصور وحمزة ، قتلوا مع زيد ، لقي عليّ بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد اللّه وأبا الحسن (عليه السلام) ، وروى عنهم ، وكان من خيار أصحابنا وثقاتهم ومعتمديهم في الرواية والحديث .
وروي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنّه قال : أبو حمزة في زمانه مثل سلمان في زمانه ، وروى عنه العامة ومات في سنة خمسين ومائة ، له كتاب تفسير القرآن . . .» «23» .
ومن حياة أبي حمزة وأمثاله يعلم أن هذه المرحلة ، ابتدأت من علي بن الحسين (عليه السلام) وامتدت إلى الصادقين من بعده .
- ومن مفسّري هذه المرحلة ، السدي الكبير إسماعيل بن عبد الرّحمن أبو محمّد القرشي ، تابعي له كتاب التفسير مشهور ينقل عنه المفسّرون كثيرا ، قال السيوطي في الإتقان : تفسيره أمثل التفاسير . . . ذكره الشيخ الطوسي في رجاله في أصحاب عليّ بن الحسين والباقر والصادق (عليه السلام) «24» .
- ومنهم : محمّد بن السائب بن بشر الكلبي ، تابعي من علماء الكوفة بالتفسير ، له كتاب التفسير مشهور وينقل عنه المفسّرون كثيرا ، . . . وعن ابن عدي في الكامل : هو معروف بالتفسير وليس لأحد تفسير أطول من تفسيره ولا أشبع ، وحدّث عنه ثقات الناس ورضوه في التفسير . . . وهو من أصحاب الإمام زين العابدين وابنه الباقر (عليه السلام) «25» .
- إلّا أنّ الشخصية البارزة الّتي أنتجتها هذه الفترة ، هي شخصية «أبان بن تغلب» الّذي لقي الأئمّة الثلاثة ، وروى عنهم ، واختصّ بهم ، وعظمت مكانته لديهم فقد قال له الباقر (عليه السلام) : (اجلس في مجلس المدينة وأفت الناس فإنّي احبّ أن يرى في شيعتي مثلك) ، ولأبان سبق في علوم القرآن؛ إذ أنّه أوّل من صنّف في القراءة ، وأوّل من صنّف في معاني القرآن ، وكذلك أوّل من صنّف في غريب القرآن «26» ، فهو بحق مؤسس علوم القرآن فضلا عن تأليفه في التفسير .
وتفسير أبان من المسلّم به عند الجمهور أيضا ، فقد ذكره الداوديّ وقال : «أبان بن تغلب ، بفتح المثنّاة وسكون المعجمة وكسر اللّام ، من أهل الكوفة ، سمع فضيل بن عمرو الفقيمي والأعمش والحكم بن عتبة .
روى عنه : شعبة وإدريس الأودي وسفيان بن عيينة ؛ مات سنة إحدى وأربعين ومائة ، وفيه تشيّع مع ثقة .
صنّف كتاب (معاني القرآن) لطيف القراءات ، روى له مسلم والأربعة» «27» .
والظاهر أنّ أبان بن تغلب كان ذا شخصية استثنائية بارزة ، فقد قال النجاشي في ترجمته : «وكان قارئا من وجوه القراء ، فقيها لغويا ، سمع من العرب وحكى عنهم . . .
وكان أبان (رحمه اللّهـ) مقدما في كل فن من العلم ، في القرآن ، والفقه ، والحديث ، والأدب ، واللّغة والنحو .
له كتب منها : تفسير غريب القرآن ، وكتاب الفضائل . . . ولأبان قراءة مفردة مشهورة عند القرّاء» «28» .
ثمّ ذكر النجاشي أسانيده إلى أبان ، وروى في فضله وعظيم مكانته عند أهل البيت (عليه السلام) روايات ، منها؛ عن ابنه قال : «دخلت مع أبي على أبي عبد اللّه (عليه السلام) ، فلمّا بصر به أمر بوسادة فألقيت له ، وصافحه واعتنقه وساء له ورحّب به . . . وقال : وكان أبان إذا قدم المدينة تقوّضت إليه الخلق وأخليت له سارية النبي (صلى الله عليه واله)» «29» .
وممّا ذكره النجاشي أيضا بسنده عن عبد الرّحمن بن الحجاج ، قال : «كنّا في مجلس أبان بن تغلب ، فجاءه شاب ، فقال : يا أبا سعيد! أخبرني كم شهد مع عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) من أصحاب النبي (صلى الله عليه واله)؟ قال : فقال له أبان : كأنّك تريد أن تعرف فضل علي (عليه السلام) بمن تبعه من أصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه واله)؟ قال : فقال الرجل : هو ذاك ، فقال : واللّه ما عرفنا فضلهم إلّا باتباعهم إيّاه . . .» .
وروى بسنده أيضا عن عبد اللّه بن خفقة ، قال : «قال لي أبان بن تغلب : مررت بقوم يعيبون عليّ روايتي عن جعفر (عليه السلام) ، قال : فقلت كيف تلومونني في روايتي عن رجل ، ما سألته عن شيء إلّا قال : قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله)» .
وكذلك بسنده عن سليم بن أبي حية ، قال : «كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) ، فلمّا أردت أن افارقه ودّعته وقلت له : احبّ أن تزوّدني ، فقال (عليه السلام) : ائت أبان بن تغلب ، فانّه سمع منّي حديثا كثيرا ، فما روى لك فارو عنّي» «30» .
وقال النجاشي في ترجمته : «أبان بن تغلب بن رباح (أبو سعيد البكري الجريري) مولى بني جرير بن عبادة بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن عليّ ابن بكر بن وائل . عظيم المنزلة في أصحابنا . لقي عليّ بن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد اللّه (عليه السلام) . وكانت له عندهم منزلة وقدم . وذكره البلاذري ، قال : روى أبان عن عطية العوفي . . .
وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام) لمّا أتاه نعيه : (أما واللّه لقد أوجع قلبي موت أبان)» «31» .
وقال أبو عمرو الكشي في كتاب الرجال : «روى أبان عن علي بن الحسين (عليه السلام) .
وذكره أبو زرعة الرازي في كتابه : ذكر من روى عن جعفر بن محمّد» .
والتفاسير المذكورة لأصحاب الأئمّة (عليه السلام) في هذه الفترة كثيرة ، نذكر منها :
- تفسير الجريري ، لأبي علي وهيب بن حفص الجريري ، مولى بني أسد ، من أصحاب الصادق (عليه السلام) . واقفي ثقة . يروي عنه النجاشي .
- تفسير الجواليقي الثقة ، هشام بن سالم ، من أصحاب الصادق والكاظم (عليه السلام) ويروي عنه محمّد بن أبي عمير . ذكره النجاشي .
- تفسير الحسن بن واقد ، ذكره ابن النديم ، وهو أخو عبد اللّه بن واقد من أصحاب الصادق (عليه السلام) .
- تفسير عطية العوفي المعروف بالجدلي (ت : 114 هـ) من أصحاب الباقر (عليه السلام) .
أخذ عنه أبان بن تغلب وخالد بن طهمان وزياد بن المنذر ، ذكره النجاشي في ترجمة هؤلاء .
- تفسير مقاتل بن سليمان (ت : 150 هـ) من أصحاب الباقر والصادق (عليه السلام) ، ذكره الشيخ ، وقال ابن النديم : من الزيدية .
وحكي عن الشافعي : انّ الناس كلّهم عيال مقاتل بن سليمان في التفسير .
وحكي عن الكامل لابن عدي : ان في مقاتل مذاهب رديّة وتفسيره بعد تفسير الكلبي .
- تفسير أبي الجارود ، زياد بن منذر (ت : 150 هـ) . من أصحاب الأئمّة الثلاثة : السجّاد والباقر والصادق (عليه السلام) . يروي تفسيره عن الباقر (عليه السلام) أيّام استقامته .
- تفسير أبي جنادة السلولي ، الحصين بن المخارق بن عبد الرّحمن بن ورقاء بن حبشي بن جنادة ، جدّه الحبشي من الصحابة . من أصحاب الصادق والكاظم (عليه السلام) .
قال النجاشي : له كتاب التفسير والقراءات ، كتاب كبير .
- تفسير أبي روق ، عطية بن الحارث الهمداني الكوفي التابعي . حكى العلّامة عن ابن عقدة أنّه كان يقول بولاية أهل البيت (عليه السلام) . ذكر تفسيره ابن النديم والنجاشي .
- تفسير منخل بن جميل الأسدي الكوفي بياع الجواري ، من أصحاب الصادق (عليه السلام) والراوي عنه . ذكره النجاشي .
- تفسير وهيب : وهو أبو علي وهيب بن حفص الجريري ، من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم (عليه السلام) ، ذكره النجاشي والفهرست .
- تفسير هشام بن سالم الجواليقي ، من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم (عليه السلام) .
ثقة ثقة بتصريح النجاشي .
- تفسير إسماعيل بن أبي زياد ، وهو مسلم الشمّري السكوني الكوفي من أصحاب الصادق (عليه السلام) ، ذكره الطوسي وابن النديم .
- تفسير جابر الجعفي ، جابر بن يزيد الجعفي التابعي (ت : 127 أو 132 هـ) . رواه النجاشي .
- تفسير ابن أبي هند وهو أبو بكر داود بن دينار السرخسي (ت : 139 هـ) ، من أصحاب الإمام الباقر (عليه السلام) ، ذكره ابن النديم/ ص 51 «32» .
5- عهد الإمام الكاظم (عليه السلام) حتّى غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) :
في هذه الفترة عادت الظروف مرّة اخرى عصيبة على أهل البيت (عليه السلام) ، فبعد ما استقر الحكم بيد العباسيين ، رأوا أنّ الأئمّة من أهل البيت (عليه السلام) وبما يمتلكون من موقع سام ومكانة عظيمة عند الامّة ، هم المنافسون الأساسيون لهم في الحكم ، فصبّوا جام غضبهم عليهم وعاودوا الخناق والتضييق عليهم بمختلف الوسائل .
فهذا الإمام الكاظم (عليه السلام) يستقدم من المدينة ليقضي سنوات عمره الأخيرة في سجون العباسيين ، ينقل من سجن إلى سجن حتّى قضى نحبه مسموما في سجن السندي بن شاهك صاحب شرطة الرشيد .
واستمرّ هذا الحال مع سائر الأئمّة ، حتّى في أيّام ولاية العهد للإمام الرضا (عليه السلام) والّتي كانت في حقيقتها نوعا من الحصار السياسي على تحرك الإمام وعلاقته بالامّة .
ورغم هذه الظروف ، إلّا أننا نجد أن حركة التأليف في التفسير والّتي ابتدأت في عهد السجاد (عليه السلام) ونمت في زمن الباقر (عليه السلام) وترعرعت على يد الصادق (عليه السلام) قد آتت اكلها في حياة باقي الأئمّة ، فكان هناك جمّ من العلماء الّذين ألّفوا في التفسير ، يفوق بكثير ما وجد عند الجمهور لنفس الفترة ، والملاحظ أنّه في هذه الفترة ظهرت الكتب على شكل مجاميع روائية في سائر آيات القرآن ، بدلا من كتابة التفسير ضمن الكتب الحديثية ، وكان من ثمار هذه الفترة :
- تفسير ابن محبوب ، أبي علي الحسن بن محبوب (السراد) . عدّه الكثير من أصحاب الاجماع ، من أصحاب الإمام الكاظم والرضا والجواد (عليه السلام) (ت : 224 هـ) .
ترجمه ابن النديم ، وأوّل ما ذكر من كتبه الكثيرة كتاب «التفسير» .
- تفسير ابني سعيد بن حماد بن مهران مولى عليّ بن الحسين (عليه السلام) ، وهما الحسن والحسين الأهوازيان اللّذان اشتركا في الكتب الثلاثين المصنّفة ، ومنها كتاب التفسير ، ذكرهما النجاشي والشيخ والكشي في كتب الرجال .
- تفسير ابن مهزيار ، أبو الحسن عليّ بن مهزيار الدورقي الأهوازي الثقة الوكيل للأئمّة الثلاثة : الرضا والجواد والهادي (عليه السلام) . كان حيّا إلى سنة (229 هـ) .
- تفسير ابن النجار ، عيسى بن داود النجار الكوفي ، الراوي عن الإمام الكاظم (عليه السلام) . يرويه عنه ابن عقدة (ت : 333 هـ) بواسطة واحدة كما في النجاشي .
- تفسير ابن وضاح ، ذكره الشيخ في باب الكنى من الفهرست . يرويه عنه ابن دكين (استشهد 219 هـ) . فيظهر انّه من أواسط القرن الثالث .
- تفسير ابن همام الصنعاني ، الإمام الحافظ أبي بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري اليماني الصنعاني (ت : 211 هـ) . ترجمه الذهبي . تفسيره من أقدم تفاسير الشيعة الموجودة في العالم . نسخته موجودة في بعض مكتبات مصر .
- تفسير ابن أبي نعيم الفضل بن دكين (ت : 219 هـ) .
- تفسير ابن أسباط ، أبي الحسن عليّ بن أسباط بن سالم الكوفي الراوي عن الإمام الرضا والجواد (عليه السلام) . ذكره النجاشي .
- تفسير ابن أورمة ، أبي جعفر محمّد بن أورمة القمي . ذكر النجاشي من كتبه تفسير القرآن . من أصحاب الإمام الهادي (عليه السلام) .
- تفسير ابن صبيح ، أبي عبد اللّه أحمد بن صبيح الأسدي الكوفي الثقة ، يرويه عنه النجاشي بأربع وسائط .
- تفسير ابن الصّلت القمي التيمي ، أبي طالب عبد اللّه بن الصّلت ، الراوي عن الإمام الرضا ووكيل الجواد (عليه السلام) . ذكره النجاشي .
- تفسير ابن عقدة ، أبي العباس أحمد بن محمّد بن سعيد المعروف بابن عقدة الزيدي الجارودي (ت : 333 هـ) . قال النجاشي : رأيت له كتاب تفسير القرآن ، وهو كتاب حسن . وينقل عنه السيّد ابن طاوس (ت : 664 هـ) .
- تفسير اليقطيني ، هو أبو جعفر محمّد بن عيسى بن عبيد بن يقطين ، مولى بني أسد ، الراوي عن أبي جعفر الثاني الجواد (عليه السلام) .
- تفسير يونس بن عبد الرّحمن ، الثقة الجليل ، يروي عن الإمامين الكاظم والرضا (عليه السلام) ، له كتب منها (تفسير القرآن) ، ذكره النجاشي .
- تفسير البرقي الكبير ، الشيخ الأقدم أبي عبد اللّه محمّد بن خالد بن عبد الرّحمن الكوفي البرقي ، يرويه النجاشي عنه بأربع وسائط . من أجلاء الأصحاب .
- تفسير البرقي الصغير ، هو الشيخ أبو جعفر أحمد بن أبي عبد اللّه محمّد بن خالد البرقي (ت : 274 أو 280 هـ) صاحب كتاب المحاسن . ذكره النجاشي .
- تفسير الثقفي ، أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي (ت : 283 هـ) رواه النجاشي بثلاث وسائط «33» .
6- فترة الغيبة- القرن الرابع الهجري- (الازدهار القمي) :
رغم غيبة الإمام المهدي (عج) والحيرة الّتي اكتنفت الشيعة بذلك وتفرّقهم في أمره أوّل الأمر ، ثمّ اتفاق عامّتهم بشأنه ، رغم هذه الفترة فإنّ جهود المفسّرين الشيعة استمرت ، خصوصا أنّ هذه الفترة شهدت وجود شخصيات علمية قويّة في قم ، بفعل الازدهار العلمي الّذي شهدته المدينة بعيدا عن أعين الخلفاء ببغداد ، كان منهم :
- علي بن إبراهيم بن هاشم القمي ، صاحب التفسير المعروف باسمه (أواخر المائة الثالثة أو أوائل الرابعة) .
- علي بن الحسين بن بابويه القمي ، والد الصدوق ، عدّ النجاشي والشيخ في الفهرست من كتبه كتاب التفسير وذكرا سندهما إليه .
- وولده الشيخ الصدوق ، أبو جعفر محمّد بن عليّ (ت : 381 هـ) ، له تفسير كبير ذكره النجاشي .
- محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمي ، شيخ القميين وفقيههم ومقدمهم ووجههم ، له تفسير القرآن ، ذكره ابن النديم والنجاشي والشيخ في الفهرست (343 هـ) .
- أحمد بن محمّد بن الحسين بن الحسن بن دول القمي ، قال النجاشي له مائة كتاب وعدّ منها كتاب التفسير (ت : 350 هـ) «34» .
وكان من مفسري هذه الفترة أيضا :
- أبو عبد اللّه ، أحمد بن صبيح الأسدي الكوفي ، له كتاب التفسير ، قاله النجاشي والشيخ في الفهرست .
- أبو عبد اللّه ، محمّد بن العباس بن عليّ بن مروان المعروف بابن الحجّام ، قال الشيخ في الفهرست : له كتاب في التفسير .
- عبد العزيز بن يحيى الجلودي البصري ، قال النجاشي : له كتاب التفسير عن علي (عليه السلام) ، كتاب التفسير عن ابن عباس ، كتاب تفسيره عن الصحابة .
- محمّد بن عليّ بن عبدك الجرجاني ، نص على تشيعه الشيخ والنجاشي والسمعاني ، له تفسير القرآن عشرة مجلّدات ، توفي بعد (360 هـ) .
7- القرن الخامس (عصر المفيد) :
في هذا العصر ازدهرت دور العلم ببغداد ، ونما البحث العلمي عند الشيعة ابتداء بظهور شخصية علمية بارزة وهو الشيخ المفيد الّذي جمع المنقول والمعقول ودارس علماء الامّة ، سنّة وشيعة ، وروى عنهم ، وأدار حلقات الدرس في فترة ازدهر فيها علم الكلام ، فانعكس ذلك على جلّ العلوم ، ومنها التفسير ، لذا نجد التفسير في هذه المرحلة يحمل هذا الطابع ، فيزخر بالمباحث الكلامية إضافة إلى المأثور الّذي ورثه ، فشكل مدرسة جديدة تختلف عمّا سبق من محاولات تفسيرية اقتصرت على المأثور ، أو مع شيء قليل من الانتخاب وتقديم رأي على آخر .
ونجد أعلام هذه المدرسة قد بحثوا في القرآن وتفسيره ، من خلال الإطلالة الجديدة ، فكان :
- للمفيد محمّد بن النعمان البغدادي ، كتاب البيان في تأليف القرآن (ت : 409 هـ) .
- للسيّد الشريف الرضي محمّد بن الحسين ، كتاب تفسير ، اسمه «حقائق التنزيل ودقائق التأويل» في تأويل متشابهات القرآن ، (ألف سنة 402 هـ) .
- وللشريف المرتضى عليّ بن الحسين ، ثاني تلاميذ المفيد ، تفسير كثير من الآيات في أماليه (ت : 463 هـ) .
- ولأبي العباس أحمد بن علي بن أحمد بن العباس النجاشي (ت : 452 هـ)- صاحب كتاب الرجال ، وهو من تلاميذ الشيخ المفيد- تفسير النجاشي «35» .
- ثمّ توّج اتّجاه هذه المدرسة البغدادية ، شيخ الطائفة ، الشيخ الطوسي محمّد بن الحسن ، بتفسيره التبيان ، وهو في عشرة مجلّدات «36» .
8- القرن السادس (مدرسة خراسان) :
وهو العصر الّذي اتسعت فيه العلوم ونضجت وألقت بظلالها على سائر المواضيع الاسلامية ، ومنها التفسير ، فبرز في هذا العصر الزمخشري ، والرازي ، وأبو حيان ، و . . . غيرهم .
وكان البارز من المفسّرين الشيعة- بلا منازع- الشيخ الطبرسي (548 هـ) الّذي ألّف : مجمع البيان لعلوم القرآن ، وقد جمع فيه علوما شتّى استفاد منها في التفسير كعلوم اللّغة والنحو والكلام ، والقراءات ، وسائر علوم القرآن .
وقد تميّز (مجمع البيان) كقمة شاخصة ، تضاءلت في جوارها سائر التفاسير المتفرقة .
ويلحظ في هذه الفترة بروز مدرسة خراسان (نيسابور) في التفسير ، والّتي امتازت بانفتاحها على تفاسير المذاهب الاخرى ، وعرض سائر الآراء ، في ظاهرة جديرة بالدراسة ، نذكر منها- مضافا إلى مجمع البيان- :
- تفسير البصائر ، فارسي ، للشيخ ظهير الدين أبي جعفر محمّد بن محمود النيسابوري (فرغ منه سنة 577 هـ) كبير في مجلّدات .
- تفسير البيهقي ، للإمام الشهير أبي الحسن عليّ بن أبي القاسم زيد البيهقي (ت : 565 هـ) . من المكثرين في التأليف في القرآن الشريف .
- تفسير الفتّال ، وهو الشيخ أبو علي محمّد بن الحسن بن علي بن أحمد الفتّال الفارسي النيسابوري الشهيد (أوائل المائة السادسة) . تتلمذ عليه ابن شهرآشوب (ت : 588 هـ) في أوائل عمره . وكان الفتال معمرا إذ أدرك عصر الشريف المرتضى (ت : 436 هـ) .
- تفسير الحافظ محمّد بن مؤمن النيسابوري ، نقل عنه السيّد ابن طاوس في كتاب اليقين ثلاثة أحاديث ، وقال إنّ المؤلف ذكر أنّه استخرج تفسيره من اثني عشر تفسيرا .
- تفسير روض الجنان وروح الجنان للشيخ أبي الفتوح الرازي النيسابوري (توفي بعد سنة 585 هـ) .
- وتفسير جوامع الجامع للطبرسي (ت : 536 هـ) بنفس المنهج أيضا .
وعلى نفس الطريقة :
- تفسير القطب الراوندي ، أبي الحسن سعيد بن هبة اللّه بن الحسن الراوندي (توفي بقم 573 هـ) ، له تفسير مختصر في مجلّدين ، وكبير موسوم بخلاصة التفاسير في عشرة مجلّدات «37» .
9- القرن السابع حتّى نهاية القرن العاشر :
نستطيع القول بأن هذه هي فترة الركود الّتي شهدها التدوين في التفسير؛ إذ لم يكتب فيها إلّا عدد قليل من التفاسير خلال فترة أربعمائة سنة تقريبا ، بحيث يمكن أن نسمّيها بالفترة المظلمة ، وكانت التفاسير المكتوبة- ممّا وصل إلينا علمها- متنوّعة ، فمنها :
- ما كان مهتما بآيات الأحكام ككنز العرفان في فقه القرآن للمقداد عبد اللّه السيوري (ت : 792 هـ) .
- وزبدة البيان في فقه القرآن للملّا أحمد بن محمد الأردبيلي (ت : 993 هـ) .
- وتفسير المتوّج البحراني (القرن التاسع) .
كما ظهرت في هذه الفترة التفاسير العرفانية ، ومنها :
- تفسير السيد حيدر الآملي ، الذي فسّر القرآن كرارا ، وكان آخر تفاسيره «جامع الأسرار» .
- ومنها «التفسير العرفاني» ، وقد تضمّن أشعارا للحكيم السنائي ، وأقوالا للخواجة الأنصاري .
- كما نجد عددا من التفاسير قد ألّفت باللّغة الفارسية في العهد الصّفوي ، ويغلب عليها الطابع الصوفي ، وهو من مميّزات ذلك العهد ، منها :
- تفسير الإلهي ، للمولى شرف الدين عبد الحق الأردبيلي (ت : 950 هـ) .
- وتفسير جمشيد للسيد غياث الدين جمشيد الزاوري (القرن العاشر) .
- وتفسير المولى عبد الباقي الخطّاط الصوفي التبريزي (أواخر الفترة) .
10- القرنان الحادي عشر والثاني عشر :
وهي فترة نمو الفكر الأخباري عند الشيعة ، والدعوة إلى التزام الحديث ونبذ الاجتهاد ، لذا فقد اتجه التأليف في هذه الفترة إلى تدوين المجاميع الحديثية؛ خصوصا بعد تيسر الوصول إلى مصادرها ، فكانت موسوعات (بحار الأنوار) ، و(وسائل الشيعة) ، و(الوافي) من نتاج هذه المرحلة ، وكان مسير التفسير أيضا بنفس الاسلوب ، فقد كتبت عدّة تفاسير كانت تعتمد الروايات ابتداء ، ولكن ربّما أضافت لها تفسيرا وتأويلا ورأيا عند فقد الرواية كما في تفسير الصافي للفيض الكاشاني وكنز الدقائق لتلميذه المشهدي . ومن تفاسير هذه المرحلة :
1- تفسير الصافي ، للمولى محسن الفيض الكاشاني (ت : 1091 هـ) .
2- تفسير البرهان ، للسيّد هاشم البحراني (ت : 1107 أو 1109 هـ) .
3- تفسير نور الثقلين ، لمؤلفه عبد علي الحويزي (ت : 1112 هـ) .
4- تفسير كنز الدقائق ، للميرزا محمّد المشهدي القمي (ت : 1125 هـ) .
11- القرن الثالث عشر :
تعتبر هذه الفترة امتدادا للفترة السابقة مع بعض من العمق والتجديد ، إلّا أنّه في النصف الثاني من هذه المائة ، ظهرت المدرسة الأصولية بشكلها المدرسي على يد الوحيد البهبهاني الّذي تصدى للفكر الأخباري ، وبدأت معالم علم الاصول بالتأصّل والانتشار بين العلماء ، وكانت النتاجات بشكل عام تحاول الجمع بين الحصيلة الحديثية الكبيرة الّتي هيّأها علماء المرحلة السابقة جزاهم اللّه خيرا ، وبين الفكر الاصولي العلمي الّذي يحاول استنباط فكر جديد ، خصوصا مع وصول أصداء النهضة الأوربية إلى العالم الاسلامي .
ومع ذلك يمكن اعتبار هذه المرحلة أيضا من مراحل الركود في التفسير ، ولعل الانشغال بالفقه والاتجاه نحو علم الاصول قد أخذ الحيّز الأكبر من اهتمام العلماء في هذه الفترة .
ومن تفاسير هذه الفترة :
1- تفسير البهبهاني (مفصّل ، متوسط ، خلاصة) لعليّ بن قطب الدين البهبهاني .
2- تفسير شبّر ، للسيّد محمّد رضا بن محمّد بن حسين ، وقد كتبه أيضا كمختصر ووسيط ومفصّل . (ت : 1230 هـ) .
3- تفسير أحسن التفاسير ، لمحمّد جعفر خشتي داوني .
12- القرن الرابع عشر :
شهد هذا القرن تطوّرات فكرية عديدة منها :
1- اتّجاه العلماء نحو الفكر الاصولي ، تماما ، بعد انحسار الفكر الأخباري ، وحسم المعركة في ذلك ، ونمو الفكر الاصولي بالاستفادة من نتاجات الفلسفة وعلم الكلام .
2- نشاط حركة الترجمة من الفكر الغربي وما حملته رياح التغيير الثقافية من الغرب .
3- انهيار السلطات السياسية ، العثمانية والقاجارية القديمة وظهور قوى وأفكار سياسية جديدة وظهور الصراع على الاستقلال في كثير من البلاد .
4- التطوّر العلمي الهائل الّذي شهده العالم منذ أواخر القرن الماضي وبدأت ثمراته تنضج في هذا القرن .
كل هذه التغيرات في العالم ، لم يكن العالم الاسلامي معزولا عنها ، ولا كان العلماء المسلمون بمنأى عنها ، إذ عايشوها بأنفسهم ولاحقوها بتصوّراتهم ، وانعكست بشكل ما على فكرهم ، الّذي ظهر على شكل دعوات للتجديد والتنوير . . . وغيرها .
كان المفسّرون الشيعة قد ازدادوا قوّة بفعل الفكر الاصولي الجديد ، واستفادوا من ذخيرتهم الغنية بتراث أهل البيت (عليه السلام) في معالجة المواضيع المستحدثة ، وكان الرائد بحق في هذا المضمار الشيخ محمّد جواد البلاغي النجفي ، وهو على الرغم من أنّه لم يتم إلّا الجزء الأوّل من تفسيره «آلاء الرّحمن في تفسير القرآن» ، إلّا أنّ تفسيره يدلّ على مستوى العمق في التفكير الّذي كان يتميّز به ، وانعكس ذلك على جملة من العلماء الّذين تأثّروا بمنهجه .
ومن التفاسير البارزة لهذا القرن :
- البيان في تفسير القرآن ، للسيّد أبي القاسم الخوئي ، طبع الجزء الأوّل ولم يتمّه .
- التفسير الكاشف ، للشيخ محمّد جواد مغنية ، في سبعة مجلّدات .
- تفسير مواهب الرّحمن في تفسير القرآن ، للسيّد عبد الأعلى السبزواري .
- تفسير أطيب البيان في تفسير القرآن للسيّد عبد الحسين الطيب .
- إلّا أنّ قمة التفاسير وأشملها وأكملها في هذه المرحلة هو «الميزان في تفسير القرآن» للسيّد محمّد حسين الطباطبائي .
فمن أراد دراسة التفسير المعاصر عند الشيعة ، فليبتدئ ب (آلاء الرّحمن) ولينته ب (الميزان) .
____________________________
(1)- م . ن/ ص 79 .
(2)- انظر : القرآن الكريم وروايات المدرستين/ ج 2/ ص 402 .
(3)- الاتقان/ ج 2/ ص 1227 ، التفسير والمفسّرون/ ج 1/ ص 68 .
(4)- أعيان الشيعة/ ج 1/ ص 125 .
(5)- تفسير الطبري/ تفسير الآية 12 من سورة الحاقة . فضائل الخمسة من الصحاح
الستّة/ ج 3/ ص 319 .
(6)- التفسير والمفسّرون/ ج 2/ ص 92 .
(7)- فضائل الخمسة/ ج 2/ ص 209 .
(8)- الاتقان/ ج 2/ ص 1227 .
(9)- شرح نهج البلاغة/ ج 4/ ص 109/ ط . الحلبي بالقاهرة .
(10)- نهج البلاغة/ الكتاب 210 .
(11)- القرآن الكريم وروايات المدرستين/ ج 2/ ص 554 .
(13)- المدخل لدراسة القرآن الكريم/ الاستاذ الدكتور الشيخ محمّد بن محمّد أبو شهبة (من علماء الأزهر الشريف)/ ص 30 .
(13)- مجمع البيان للطبرسي/ ج 10/ ص 466- 467 ، التوحيد للشيخ الصدوق/ ص 90/ ط . مؤسّسة النشر الاسلامي بقم/ راجع تفسير القرآن بالقرآن عند العلّامة الطباطبائي/ ص 76 .
(14)- قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة» . الترمذي/ ج 3/ ص 306/-
- مناقب الحسن والحسين (عليه السلام) . وابن ماجة/ فضائل أصحاب رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، وأضاف :
«وأبوهما خير منهما» .
(15)- الكشي/ ج 1/ ص 294 ، أعيان الشيعة/ ج 1/ ص 125 .
(16)- معجم رجال الحديث/ ج 20/ ص 111 .
(17)- أعيان الشيعة/ ج 1/ ص 661 .
(18)- التفسير والمفسّرون/ ج 1/ ص 109 .
(19)- معجم رجال الحديث/ ج 9/ ص 119 .
(20)- التفسير والمفسّرون/ ج 1/ ص 117 .
(21)- أعيان الشيعة/ ج 1/ ص 125 .
(22)- م . ن/ ص 126 .
(23)- معجم رجال الحديث/ ج 4/ ص 293 .
(24)- أعيان الشيعة/ ص 125 .
(25)- م . ن .
(26)- تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام/ السيّد حسن الصدر/ ص 320 .
(27)- طبقات المفسّرين/ الداوديّ/ ج 1/ ص 3 .
(28)- رجال النجاشي/ ج 1/ ص 73- 75 .
(29)- م . ن/ ص 77 .
(30)- م . ن/ ص 78- 79 .
(31)- م . ن/ ص 73 .
(32)- الذريعة إلى تصانيف الشيعة/ الطهراني/ ج 4 .
(33)- الذريعة إلى تصانيف الشيعة/ الطهراني/ ج 4 .
(34)- أعيان الشيعة/ ج 1/ ص 125- 126 .
(35)- الذريعة/ ج 4 .
(36)- أعيان الشيعة/ ج 1/ ص 127 .
(37)- الذريعة/ ج 4 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|