أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-1-2021
6751
التاريخ: 17-5-2017
5674
التاريخ: 15-5-2017
8777
التاريخ: 2023-08-01
1502
|
قد يثار أمام المحكمة الجزائية مسألة تتعلق بالأحوال الشخصية وذات أهمية بحيث يتوقف عليها الفصل في الدعوى الجزائية، كأن يدعي الزوج أن زوجته ارتكبت جريمة الزنى، وأثناء نظر هذه الدعوى دفعت الزوجة بأنها ليست زوجته أو انه قد طلقها قبل واقعة الزنى المتهمة بها. ففي هذه الحالة لا يمكن للمحكمة أن تفصل في مسألة قيام الزواج من عدمه أو وقوع الطلاق من عدمه، وإنما يتعين عليها أن تجعل الدعوى الجزائية مستأخرة وتنتظر الفصل في هذه المسألة من الجهة المختصة(1). وتطبيقا لذلك قضت المحكمة العليا الليبية (أن مجال تحقق هذه الصفة للمسائل هو أن تكون هناك قضية جنائية تثار أمامها مسألة من مسائل الأحوال الشخصية، حينئذ توقف المحكمة الجنائية السير في الدعوى وتحيل تلك المسألة إلى جهة الاختصاص، وعلة هذا الإيقاف هو عدم ولاية المحاكم الجنائية في مسائل الأحوال الشخصية)(2). هذا وان مسائل الأحوال الشخصية متى توافرت فيها الصفة العارضة، فتكون المحكمة الجزائية المثارة أمامها المسألة المذكورة إزاء حالتين، الأولى يكون للمحكمة الجزائية وقف الدعوى، أي أن الوقف يكون جوازي لها، وتتحقق هذه الحالة عندما تكون المسألة العارضة لم يرفع بشأنها دعوى أمام الجهة المختصة، ولكن لا يمكن الفصل في الدعوى الجزائية دون البت في مثل هذه المسائل(3).أما الثانية، فهي حالة الوقف الوجوبي، وذلك عندما تكون مسألة الأحوال الشخصية معروضة فعلاً على قضاء الأحوال الشخصية، وذلك في دعوى مرفوعة أمام ذلك القضاء، فينبغي على المحكمة الجزائية وقف الدعوى حتى تفصل الجهة المختصة في المسألة المعروضة عليها ويكون للحكم الصادر من هذه المحكمة حجية أمام المحكمة الجزائية(4). وفي كلا الحالتين يكون وقف الدعوى الجزائية متروك لتقدير المحكمة الجزائية، فلها إلا توقف الدعوى إذا تبين لها أن المسألة من الوضوح أو عدم الجدية بحيث لا تقتضي وقف الدعوى واستصدار الحكم من المحكمة المختصة(5). وبهذا فان كانت مسألة الأحوال الشخصية واضحة لا شك فيها أو يمكن إثباتها والبت فيها بطرق أخرى فيمكن للمحكمة الجزائية أن تلتفت عن الدفع وتبت فيها(6). أما عن موقف القوانين إزاء هذا النوع من المسائل، فيلاحظ أن قانون الإجراءات الجنائية المصري قد نص صراحة في المادة (223) منه على (إذا كان الحكم في الدعوى الجنائية يتوقف على الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية، جاز للمحكمة الجنائية أن توقف الدعوى وتحدد للمتهم أو للمدعي بالحقوق المدنية أو المجني عليه حسب الأحوال أجلا لرفع المسألة المذكورة إلى الجهة ذات الاختصاص. ولا يمنع وقف الدعوى من اتخاذ الإجراءات أو التحقيقات الضرورية أو المستعجلة)(7). وتطبيقا لذلك، قضت محكمة النقض المصرية (إن قصد الشارع مما أوجبه في المادة (223) من قانون الإجراءات الجنائية من إيقاف الدعوى الجنائية، أن تكون مسألة الأحوال الشخصية مما يتصل بركن من أركان الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية أو بشرط لا يتحقق وجود الجريمة إلا بوجوده وإلا لا تتوافر علة الإيقاف)(8).أما القوانين الأخرى، كالقانون اللبناني أو السوري أو الأردني، فقد خلت من نص يلزم أو يجيز المحكمة الجزائية وقف الدعوى الجزائية إذا أثيرت أمامها مسألة من مسائل الأحوال الشخصية. ولكن على الرغم من عدم معالجة هذه القوانين مثل هذه المسائل إلا أن الفقه في تلك الدول قد تعرض لها بالرأي والاجتهاد. فقد استقر الفقه اللبناني على أنه إذا كانت مسائل الأحوال الشخصية لها أهمية في جوهر الدعوى الجزائية بحيث تتوقف عليها الجريمة، فأن الأمر متروك لتقدير القاضي الجزائي، إن شاء أعمل المبدأ العام وفصل في المسألة المستأخرة، وإن شاء أوقف الدعوى وحدد لصاحب الشأن أجلاً لرفع الدعوى أمام محكمة الأحوال الشخصية المختصة(9). أما إذا كانت المسألة ليس لها شأن كبير في جوهر الدعوى الجزائية، فأن المحكمة الجزائية تختص بنظرها في هذه الحالة دون أن توقف الدعوى الجزائية(10). ولم يكن موقف الفقه السوري ببعيد عن الفقه اللبناني، حيث ذهب بأنه في مسائل الزنى، تكون صفة الزوجة هي أساس جريمة الزنى، إذ لكي تقوم الجريمة المذكورة، يجب أن يكون الزواج قائماً وموجوداً، لذلك لا بد من إثباته بطرقه القانونية لدى المحكمة الشرعية، أي أنه يثير مسألة معترضة (مستأخرة) لا أولية. أما إذا كانت القضية الشخصية قد أثيرت بصورة طارئة فتنظرها المحكمة الجزائية كمسألة أولية، كما إذا طعن في شاهد بأنه زوج المشهود لها، أو دفع السارق بأنه سرق مال زوجته أو مال أبنه، فالمحكمة الجزائية تبت في ذلك(11). ولم يتوحد موقف الفقه الأردني تجاه مسائل الأحوال الشخصية المستأخرة، إنما كان باتجاهين، الأول يرى بأنه لا يجوز للمحكمة الجزائية أن توقف النظر في الدعوى الجزائية إذا ما اعترضتها مسألة من مسائل الأحوال الشخصية، وإنما على المحكمة أن تقوم هي بحلها تطبيقاً لسلطتها في فصل كافة الدفوع والمسائل التي تعترض أمامها باعتبارها المختصة أصلاً في النزاع (12). ويبرر هذا الرأي اتجاهه بأنه لا يوجد نص في قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني مماثل لما هو عليه في قانون الإجراءات الجنائية المصري، وبالتالي فلا يجوز للمحكمة الجزائية أن توقف الدعوى دون نص يلزمها بذلك. اما الاتجاه الأخر، فيرى أن مسائل الأحوال الشخصية العارضة مستثناة من النظر فيها من قبل المحكمة الجزائية، بل تلتزم المحكمة الجزائية بأن توقف الدعوى وتحدد للمتهم أجلاً ليرفع خلاله المسألة المذكورة إلى المحاكم المختصة وفق قانون الأحوال الشخصية، وذلك لاختلاف ولاية القضاءين الجزائي والشرعي(13). ويلاحظ أن قانون الإجراءات الجزائية الفرنسي الصادر سنة 1958 لم يتضمن أي نص يلزم المحكمة الجزائية بوقف سير الدعوى لحين الفصل في مسألة عارضة من مسائل الأحوال الشخصية من قبل الجهة القضائية المختصة، الأمر الذي دفع الفقه الجزائي هناك إلى اعتبار مثل هذه المسائل تدخل ضمن اختصاص القاضي الجزائي، غير أن القضاء الجزائي قد ذهب بالاتجاه المعاكس، إذ أستقر على وجوب وقف الدعوى الجزائية في جريمة الزنى إذا دفع أمامه ببطلان الزواج سواء أكان البطلان مطلقاً أم نسبياً أو إذا دفع ببطلان الزواج الأول بطلاناً مطلقاً في جريمة تعدد الزوجات(14). أما قانون الإجراءات الجزائية الإيطالي الصادر سنة 1969، فقد نص صراحة في المادة (19) منه (على القاضي الجزائي وقف النظر في الدعوى الجزائية المرفوعة أمامه إذا كانت المسألة التي تعترض سيرها تتعلق بصحة عقد الزواج، أما ما عدا ذلك من المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية فقد جعل الأمر متروك لمطلق سلطته التقديرية)(15). وفي العراق فلم يتضمن قانون أصول المحاكمات الجزائية نصاً يلزم المحكمة الجزائية أو يجيز لها وقف الدعوى الجزائية إذا توقف الفصل فيها على البت أولاً بشأن مثل هذه المسائل. ويرى أغلب الفقهاء في العراق أنه يجب على المحكمة الجزائية أن توقف الفصل في الدعوى الجزائية إلى حين بت المحكمة المختصة في مسألة الأحوال الشخصية، وذلك لأن الصفة الدينية الخاصة جلية في مسائل الأحوال الشخصية وتجعلها من اختصاص محاكم أخرى، هي بالنسبة للمسلمين محكمة الأحوال الشخصية وبالنسبة لغير المسلمين محكمة المواد الشخصية(16). ويذهب رأي بخلاف ما تراه الغالبية، إذ يؤكد بأن ليس للمحكمة الجزائية أن توقف الدعوى الجزائية وإنتظار الفصل في مسألة من مسائل الأحوال الشخصية، ذلك لأنه بوقف الدعوى سيؤدي إلى الأضرار بالمتهم الموقوف الذي ليس له كفيلاً نظراً لأن الدعاوى غير الجزائية يستغرق الفصل فيها عادة مدة قد تطول، ونظراً لأن العبرة في المسؤولية الجزائية هو ثبوت القصد الجرمي، والمحكمة الجزائية تقدر ما إذا كان القصد متحققاً أو غير متحقق في الواقعة ولا تنتظر من المتهم أن يقيم دعوى أمام المحكمة المختصة لإثبات أو نفي أحد أركان الواقعة أو أحد ظروفها، بل تصدر قراراً في ضوء ما يتحصل أمامها من أدلة (17) . ويلاحظ أن القضاء الجزائي في العراق قد أخذ بما ذهب إليه جمهور الفقهاء. فتطبيقاً لذلك، قضت محكمة التمييز (بأن ثبوت عقد الزواج حالة قانونية يرجع الفصل فيها إلى محكمة الأحوال الشخصية باعتبارها المحكمة المختصة أساساً وظيفياً فيها وليس لأية محكمة أخرى ذات صفة جزائية أي سلطان عليها بالنسبة لحالة إثبات عقد الزواج) (18). .وفي قرار آخر لها قضت بأنه (وجد أن المحكمة الكبرى(الجنايات) حكمت بعدم صحة عقد الزواج خلافاً لاختصاصها، كما أنها فسرت الأهلية خلاف مقتضيات قانون الأحوال الشخصية والشريعة الإسلامية، وعليه فلم يكن هنالك مسوغ للبت في القضية دون إفساح المجال الكافي للمتهم لمراجعة المحكمة الشرعية لتأييد الزواج الواقع خارجها وفق أحكام الشريعة والقانون…)(19) . وفي قرار آخر لها قضت بأنه (لدى التدقيق والمداولة وجد ان القرار المميز لم يكن موافقاً للقانون، إذ أن الزوج الأول والزوجة أختلفا على وقوع الطلاق وكيفيته، فكان على حاكم التحقيق والمحكمة الكبرى(الجنايات) إعتبار القضية الجزائية مستأخرة. حتى تبت المحكمة الشرعية في موضوع الطلاق وكونه واقعاً قبل الدخول أو بعده ومن ثم ينظر في القضية حسبما يتراءى له من حيث النتيجة)(20).
___________________________
[1]- د. علي عبد القادر القهوجي- المرجع السابق- ص 49.
2-28 اكتوبر 1961م قضاء المحكمة العليا الاتحادية - ج2- ص527- نقلا عن د. محمد الجازوي - المرجع السابق - ص167،168.
3- د. آمال عبد الرحيم عثمان - المرجع السابق- ص224 هامش (2)، إذ لا يشترط أن تكون هناك دعوى حركت أمام القضاء بشأن مسألة الأحوال الشخصية في هذه الحالة.
4- د. مأمون محمد سلامة - المرجع السابق- ص77.
5- د.عمر السعيد رمضان- المرجع السابق- 386، د. فوزية عبد الستار- المرجع السابق- ص452.
6- د. محمود محمود مصطفى- المرجع السابق- ص367.
7- وقد ورد ما يقابل هذا النص حرفيا في المادة (196) من قانون الإجراءات الجنائية الليبي، والمادة (150) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي الإماراتي، والمادة (173) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني، وقد جاء قانون الإجراءات الجزائية اليماني قريبا منه في المادة (255).
8-نقض 23 يونيو 1958- مجموعة أحكام النقض- س9- رقم 175- ص693، نقلا عن د. علي عبد القادر القهوجي- المرجع السابق- ص56.
9- د. جلال ثروت- أصول المحاكمات الجزائية- المرجع السابق-ص411.
0[1]- د. عاطف النقيب- المرجع السابق-ص130.
1[1]- د. عبد الوهاب حومد - المرجع السابق-ص171.
2[1]- فاروق الكيلاني-المرجع السابق- ص549،550، د. حسن جوخدار - المرجع لسابق-ص257.
3[1]- د. ممدوح خليل البحر- المرجع السابق- ص160 ، د. محمد صبحي نجم - المرجع السابق- ص456.
-14 G.B Delisle .P. Cogniart—Procedure Penale- Librairie Armand Colin. Paris.1972.P200، J.Pradel.op-cit.N85.
5[1]- د. جلال ثروت- المرجع السابق- ص414 هامش (1)
6[1]- د. محمد ظاهر معروف- المرجع السابق- ص92، د. سامي النصراوي- المرجع السابق- ص159،عبد الأمير العكيلي- المرجع السابق-ص142، د. سعيد حسب الله – المرجع السابق- ص277. وفي الفقه القديم ينظر رشيد عالي الكيلاني- المرجع السابق- ص164، محمد مكي الأورفلي- المرجع السابق- ص111 .
7[1]- الأستاذ حسين محي الدين- مذكرات في الإجراءات الجزائية- مجموعة محاضرات ألقيت على طلبة الصف الأول من المعهد القضائي سنة 1984- 1985- ص105.
8[1]-قرار محكمة التمييز الصادر في 17-8-1983- مجلة القضاء - الأعداد الأول والثاني والثالث والرابع لسنة 1983- ص267.
9[1]- قرار محكمة التمييز الصادر في 18/ 1/1971- النشرة القضائية- العدد الأول- السنة الثانية- 1972- ص128- ويلاحظ كذلك قرار محكمة التمييز رقم 1743/ جنايات/ 1969في 29/1/1971- النشرة القضائية - العدد الأول – السنة الأولى- ص192.
20- قرار محكمة التميز رقم 183/ت/82في 4/8/ 1952، نقلاً عن د. عباس الحسني – المرجع السابق – ص429 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|