أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-09-2015
15539
التاريخ: 21-06-2015
3336
التاريخ: 29-06-2015
2162
التاريخ: 30-12-2015
3209
|
هو أبو علي الحسين (1) بن عبد اللّه بن يوسف بن أحمد بن شبل البغداديّ، ولد في بغداد و نشأ فيها. و قد سمع غريب الحديث من أحمد بن عليّ الباذي و أخذ عن أبي نصر يحيى بن جرير التكريتي. و يبدو أنه قد قضى حياته كلّها في بغداد، فقد رآه الباخرزي فيها سنة 464 ه أو بعد ذلك بقليل (2)، و كان آنذاك من ساداتها الوجهاء و شعرائها الكبار و قضاتها (؟) .
و كانت وفاة ابن الشبل البغدادي في بغداد في المحرّم من سنة 474 (3).
كان ابن الشبل البغداديّ متميّزا بالحكمة و الفلسفة خبيرا بصناعة الطبّ و بالفلك، و أديبا فاضلا و شاعرا مكثرا مجيدا. و فنونه الادب (الحكمة) و الرثاء و النسيب، و له شيء من الوصف و الخمر. و على أسلوبه نفحة أموية متينة حينا و نفحة محدثة رقيقة حينا آخر.
مختارات من شعره:
قال ابن الشبل البغداديّ قصيدة رائية مشهورة سارت بها الركبان و تداولها الرواة؛ على أن فيها شبها بقصيدة للبحتريّ(4). و في هذه القصيدة إشارات الى عدد من آي القرآن الكريم و الى عدد من قضايا الفقه و قضايا الفلسفة و من قضايا الفلك على الاخصّ. و لعلّ فيها أيضا لمحات من التصوّف.
من هذه القصيدة الرائية لابن شبل البغداديّ:
بربّك، أيها الفلك، المدار... أقصد ذا المسير أم اضطرار (5)
مدارك قل لنا في أيّ شيء... ففي أفهامنا منه انبهار (6)
و فيك نرى الفضاء؛ و هل فضاء... سوى هذا الفضاء به تدار (7)
و عندك ترفع الارواح، أو هل... مع الأجساد يدركها البوار (8)
و موج ذي المجرّة أم فرند... على لجج الذراع لها مدار (9)
و طوق للنجوم إذا تبدّى... هلالك أم يد فيها سوار (10)
و أفلاذ نجومك أم حباب... تولّف بينه لجج غزار (11)
و تنشر في الفضا ليلا، و تطوى...نهارا مثلما يطوى الإزار (12)
فكم بصقالها صدئ البرايا... و ما يصدا لها أبدا غرار (13)
تبادي ثم تخنس راجعات... و تكنس مثلما كنس الصوار (14)
فبينا الشرق يقدمها صعودا... تلقّاها من الغرب انحدار (15)
على ذا قد مضى و عليه يمضي ... طوال منى و آجال قصار (16)
و دهر ينثر الأعمار نثرا... كما للورد في الروض انتثار (17)
و دنيا كلّما وضعت جنينا... غذته من نوائبها ظؤار (18)
هي العشواء ما خبطت هشيم... هي العجماء ما جرحت جبار (19)
فمن يوم بلا أمس، و يوم... بغير غد اليه بنا يسار (20)
أ هذا الداء ليس له دواء...و هذا الكسر، ليس له انجبار (21)
- و قال في العفّة و عزّة النفس (و في هذه القطعة نفحة من نفس ابي فراس الحمداني) :
و في اليأس إحدى الراحتين من الهوى... على أن احدى الراحتين عذاب (22)
أعفّ و بي وجد، و أسلو و بي جوى... و لو ذاب منّي أعظم و إهاب (23)
و آنف أن تصطاد قلبي كاعب... بلحظ و أن يروي صداي رضاب (24)
فلا تنكروا عزّ الكريم على الأذى... فحين تجوع الضاريات تهاب (25)
- و قال يشبّه أوّل الشيب بالكافور (الابيض) الذي ذرّ في المسك (الاسود) :
قالوا المشيب فقلت صبحٌ ... قد تنفّس في غياهب (26)
إن كان كافور التجا... رب ذرّ في مسك الذوائب (27)
فالليل أحسن ما يكو... ن اذا ترصّع بالكواكب
- و قال في محبوب له مات:
قالوا و قد مات محبوب فجعت به... و بالصبا و أرادوا عنه سلواني (28)
ثانيه في الحسن موجود فقلت لهم ... من أين لي في الهوى الثاني صبا ثان(29)
____________________
1) في الوافي بالوفيات (3:11) و في فوات الوفيات (2:244) محمد بن الحسين، و الاغلب أنه خطأ.
2) دمية القصر 83، راجع 6.
3) تبدأ السنة الهجرية 474 في 11/6/1081 م.
4) راجع معجم الادباء 10:23؛ الوافي بالوفيات 3:13.
5) الفلك في الاصل: المدار (بفتح الميم) الذي تسير فيه الكواكب. و الشاعر يستعمل الفلك هنا بمعنى الكوكب الذي يدور في مجراه. -. . . . أ أنت تقصد من مسيرك أمرا ما (تسير كما تريد) أم تسير سيرا أنت مجبر عليه لأنه مقدر لك؟
6) مدارك: دورانك، مسيرك. في أي شيء؟ : ما غايته؟ الانبهار: انقطاع النفس من الإعياء (التعب الذي يستنفد القوة) -كناية عن شدة التعجب و الحيرة.
7) نحن نراك (أيها الكوكب) تدور في هذا الفضاء الذي فوق رؤوسنا، فهل هنالك فضاء آخر تدور فيه أيضا و نحن لا نراه؟
8) و هل النفوس ترقى اليك (بعد موت الاجساد) أو أن النفوس تهلك (بكسر اللام) بهلاك الاجساد؟
9) و هذه المجرة (مجموع عظيم كثيف من النجوم يرى شبه النهر مستعرضا في السماء) أ هي موج (من البحر الواسع) أو فرند (نصل السيف) . الذراع: منزلة من منازل القمر. و في رواية: الدروع. و المعنى غامض.
10) الطوق: حلية (بكسر الحاء) تلبس في العنق. السوار: حلية تلبس في المعصم (بكسر الميم) . أ هذا الهلال في السماء للزينة؟
11) و هذه النجوم (الظاهرة للعين) أفلاذ (جمع فلذ بفتح الفاء: قطعة من ذهب أو فضة) أم حباب (فقاقيع تطفو على سطح عدد من السوائل) -أ هي شيء مادي ذو قيمة أم هي شيء هبائي لا قيمة له و لا وجود الا في رأي العين؟ بينها (بين هذه النجوم الظاهرة للعين) لجج (جمع لجة بضم اللام: موجة عظيمة، جانب واسع من البحر) . غزار: كثيرة الماء (كناية عن كثرة النجوم التي تبدو للعين و كأنها متصل بعضها ببعض فتؤلف سطحا واحدا يشبه الماء) .
12) هذه المجرة تشبه الملاءة تنشر (تبدو، تظهر) في الفضاء في الليل ثم تطوى (تختفي) في النهار، فكأنّها إزار (ملحفة، ثوب أبيض واسع) . . .
13) صقالها-صقال المجرة: لمعانها (المقصود: دوام لمعانها و خلودها) . صدئ البرايا (الناس كلهم) أتى عليهم الهرم ثم الموت. الغرار: حد السيف أو الرمح أو السهم. ما صدئ للمجرة (على طول الزمن) غرار: ما علاه الصدأ (ما كل و لا ضعف و لا هرم و لا مات كما يتفق للبشر) لا تزال باقية كما كانت.
14) تبادى-(تبادئ: تبدأ قبل غيرها بالظهور) . . تخنس: تتأخر (في رأى العين عن غيرها) راجعات (كأنها تسير في السماء رجوعا) . -يصف الشاعر هنا حال الكواكب المتحيرة كالزهرة (بضم الزاي و فتح الهاء) مثلا، و هي كواكب تبدو للعين كأنها تسبق غيرها مرة ثم تتأخر عنها مرة. تكنس: تختفي، تستتر (اذا طلع الصبح) . مثل ما كنس الصوار (القطيع من الغنم أو الظباء، الخ) : دخل الى الزريبة، تختفي كلها معا.
15) بينما نجد الشرق يدفع (الكواكب) صعودا (نحو كبد السماء) اذا بالغرب يحدرها (يشدها هبوطا الى أسفل) لتغيب وراء الافق في رأي العين.
16) تلك هي حال حياة البشر (لهم آمال و أماني و أغراض يريدون تحقيقها) و لكن آجالهم (أعمارهم) قصيرة (لا تتسع للقيام بجميع الاعمال التي يريدون القيام بها) .
17) ينثر الاعمار: يفنيها، يلقي بها واحدا بعد واحد. . . . كما يذوي الورد ثم تتساقط بتلاته (أوراقه الملونة) بلا تحقيق غاية ظاهرة و بلا اهتمام من الطبيعة.
18) كلما ولد انسان في هذه الدنيا غذته (أرضعته) ظؤار (جمع ظئر بكسر الظاء) : التي ترضع الطفل و هي ليست والدته (المقصود: كلما جاء انسان الى الحياة حملته الحياة مصائب كثارا) .
19) العشواء: الناقة التي لا تبصر في الليل (فتخبط في مشيها على غير هدى) . خبطت: ضربت، أصابت بقوائمها فقتلت. هشيم: عشب يبس (و لا يمكن أن يعود ناضرا كما كان) . العجماء: البهيمة (الحيوان، اذ لا فكر و لا عقل له) . ما جرحت: ما صنعت، ما آذت أو أفسدت. جبار: لا تبعة فيه. في فقه المعاملات: جناية العجماء جبار (اذا أفسدت البهيمة شيئا فصاحب البهيمة لا يطالب بعطل و ضرر عما جنته بهيمته) .
20) تأتي بنا الحياة الى الدنيا بعد أن لم نكن فيها (يوم بلا أمس) ، ثم تذهب بنا بعد أن كنا (يوم بلا غد) . يسار بنا (لا ارادة لنا في مجيئنا الى الحياة و لا في ذهابنا منها) .
21) الانجبار: شفاء الكسر في العظم و صلاحه. -ان شأن الحياة بنا لن يتبدل!
22) اذا شاخ الانسان ارتاح الانسان من عذاب الهوى، الا أن الشيخوخة نفسها عذاب.
23) الوجد: نشوة الحب. الجوى: ألم الحب. و لو ذاب مني أعظم و اهاب (جلد) : لو نحل جسمي بالشيخوخة و فقدت القوة.
24) آنف: انزه نفسي. الكاعب: الفتاة أول بروز ثدييها. الرضاب الريق ما دام في الفم. -لا أدع مجالا لنفسي أن أقع في حب فتاة، و لا أتعلل بريق فتاة (لا أفعل ما يفعله الشبان الجاهلون) .
25) لا تستغربوا أن يكون الضعيف المظلوم (الذي وقع عليه الاذى فاحتمله مدة) عزيزا (قويا) فان الضواري (السباع، الحيوانات الآكلة للحم) لا يهابها (لا يخاف منها) أحد اذا كانت شبعى، بل اذا جاعت.
26) تنفس الصبح: بدأ يظهر شيئا فشيئا. الغياهب جمع غيهب: الظلمة (سواد الليل) .
27) يشبه تجارب الحياة بالمسير في الطريق، فان الانسان يثير بمشيه غبارا (أبيض) يقع على جسمه كله و على رأسه الشعر الاسود؛ و هذه هي حقيقة الشيب (و هي ملازمة لتقدم الانسان في الاختبار الذي لا يكون الا اذا تقدم في السن) . -راجع، تحت، ص 200.
28) السلوان: النسيان، التسلي عن الحب.
29) قالوا لي: هنالك أشخاص كثيرون لهم حسن و جمال فأحبب واحدا منهم (بدلا من محبوبك الذي مات) ، فقلت لهم: و من أين آتي بشباب جديد أحب به المحبوب الجديد؟
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|