أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-1-2016
3248
التاريخ: 4-6-2017
3000
التاريخ: 24-06-2015
2259
التاريخ: 21-06-2015
2291
|
هو أبو العبّاس أحمد بن محمّد الدارميّ المصيّصيّ النامي من أهل المصيّصة، ولد نحو سنة ٣١٠ ه (٩٢٢ م) . و يبدو أنه قد زار العراق في طلب العلم، فقد كانت له أمالٍ أملاها في حلب و روى فيها عن أبي الحسن عليّ بن سليمان الأخفش الأصغر و ابن درستويه و أبي عبد اللّه الكرماني و أبي بكر الصولي و ابراهيم بن عبد الرحمن العروضي و عن أبيه محمد المصيّصي.
و كان النامي ذا حظوة في بلاط سيف الدولة بحلب، و قد كانت له مع المتنبّي وقائع و معارضات في الأناشيد (إنشاد الشعر) . و لمّا غادر المتنبّي بلاط سيف الدولة، سنة 346 ه (957 م) ، خلفه فيه مقدّما على سائر الشعراء.
و كانت وفاة أبي العبّاس النامي سنة ٣٩٩ ه (١٠٠٩ م) في الأغلب.
خصائصه الفنّيّة:
كان أبو العبّاس النامي أديبا بارعا عارفا باللغة و الأدب و شاعرا مفلقا من فحول شعراء عصره. و مع أنّ شعر النامي مثقل بالكنايات و التوريات خاصة فاننا نستشفّ منه صورا شعرية جميلة، و نجد فيه ألفاظا حلوة و ديباجة رائقة أحيانا. غير أنّنا نرى كذلك أثر شعر المتنبّي في كثير من مقاطعه.
المختار من شعره:
- قال أبو العبّاس النامي يفتخر بشعره:
أ حقّا أنّ قاتلتي زرود... و أن عهودها تلك العهود (1)
وقفت و قد فقدتّ الصبر حتّى... تبيّن موقفي أني الفقيد (2)
و شكّت فيَّ عذّالي فقالوا... لرسم الدار: أيّكما العميد (3)
إليك صدعن أفئدة اللّيالي... و فيهنّ السخائم و الحقود (4)
فعيدان الأراك لها عظام... و أسقية السنان لها جلود (5)
و شعر لو عبيد الشعر أصغى... إليه لظلّ لي عبدا عبيد(6)
كأنّ لفكره نشر ابن حجر... و نودي من حفيرته لبيد (7)
-ابيضّ شعر أبي العبّاس النامي كلّه إلاّ شعرة واحدة ظلّت سوداء، فقال في ذلك:
رأيت في الرأس شعرة بقيت... سوداء تهوى العيون رؤيتها
فقلت للبيض، إذ تروّعها... باللّه، إلاّ رحمت غربتها
فقلّ لبث السوداء في وطنٍ... تكون فيه البيضاء ضرّتها
- و للنامي قصيدة في مديح سيف الدولة جاء في مطلعها:
أرتنا جنى العنّاب للورد ظالما... و من أقحوان مرمض متظلّما (8)
طوى البين ديباج الخدود و نشّرت... يد البين وشيا للخدود منمنما (9)
تقسّمت الأهواء قلبي كما غدا... نوال عليّ في العلا متقسّما (10)
و يوم كأجياد العذارى حليّه... فريد ندى في جيده قد تنظّما (11)
جلونا به وجهي عروس و كاعب... على طفل زهر قد بكى و تبسّما (12)
و أخرس يصبينا بخمسة ألسن... إلى أيّها مدّ البنان تكلّما (13)
لدن غدوة حتّى إذا الشمس ودّعت... مغاربها و استأذنتها التصرّما (14)
ثوينا كأنّا بعض أبناء قيصر... غدا فيهم سيف الأمير محكّما (15)
أطعت العلا حتّى كأنّك عبدها... و إن كنت مولاها و كنت لها ابنما (16)
مكارم لا تنفكّ تتعب حاسدا... يؤخّره سعي لها قد تقدّما (17)
زكت فكري فيها و أينع هاجسي ... فظلت على أهل القريض مقدّما (18)
و ولّد شعري فيك شعرا لمعثر... فكنت عليهم مثل نعماك منعما (19)
_____________________
١) أ صحيح أن زرود (التي أنا أحبها) هي التي قتلتني (أضنتني و أسقمتني بحبها) و أن عهودها لي هي تلك العهود (التي لا يفي صاحبها بها) .
٢) أطلت الوقوف (حتى ظننت) أنه لم يبق لي صبر. و لكن موقفي (المكان الذي كنت أقف فيه) أدرك أن صبري لم يفقد (بدليل أني صبرت طويلا على الوقوف هنالك) و إنما الفقيد (الذي قتله الحب) هو أنا.
٣) و عذالي: أعدائي و خصومي في الحب أو حاسدي على الحب شكوا في حالي و سألوا رسم الدار (المكان المهجور أو الخراب الذي أقف أندبه) : أ أنت، يا رسم الدار العميد، (المعمود: المضروب بالعمود، المصاب بالخراب) أم الشاعر (الواقف يندبك) هو الذي ذهب الحب بصحته و عقله؟
4) يا سيف الدولة، ان نياقي شقت في سبيل الوصول اليك أفئدة الليالي (قلب الظلمات-شدة الظلام) ، و في أفئدة الليالي أنواع الحقد علي (و العداوة لي) .
5) قوائمها تشبه عيدان شجر الأراك (في نحولها، كناية عن السرعة) و أسقية السنان (ما يسقيه سنان الرمح، ما يسيل على سنان الرمح: الدم) لها جلود (جلدها أحمر، كناية عن أصلها الكريم) . -و لعل في ذلك كناية عن التعب.
6) لو سمع شعري عبيد بن الابرص (راجع الجزء الأول 124-١٢٧) لجعلني سيده في الشعر.
7) كأن معاني شعري ردت امرأ القيس بن حجر إلى الحياة (ظن الناس أن شعري هو شعر امرئ القيس) أو شعر (لبيد بن أبي ربيعة) .
8) ان المحبوبة قد برهنت لنا (بحالها) أن العناب (أطراف أصابعها المجملة باللون الأحمر قد جنت على الورد (على الخدود) -ان أصابعها غصبت اللون الأحمر من خدودها. و لكن هذا العناب الظالم للخدود يتظلم بدوره من الاقحوان (العيون) المرمض (بالبناء للمجهول) الذي آذاه الحر فذبل. و يرى المحبون أن العيون إذا ذبلت (نعست) تصبح جميلة و ذات أثر في نفس المحب. و تظلم الاصابع من العيون الذابلة أنها لا تستطيع أن تأخذ منها اللون الأحمر (!) أو أن العيون أشد تأثيرا في المحب من الخدود.
9) البعاد أحال الخدود الحمراء صفراء، ثم ترك البعاد أثرا على الخدود (من البقع الصفراء المخلوطة باللون الأحمر الأصلي للخدود فكأنه وشي (زخرف) على الخدود.
10) أهواء (نزعات قلبي في الحب إلى فلانة و فلانة. فلانة) قسمت قلبي بينهن كما أن نوال (عطاء) علي (سيف الدولة) أصبح متقسما في سبيل العلا و المجد
11) و يوم كأجياد (جمع جيد: أعلى الصدر) العذارى (الفتيات الشابات) : أبيض أملس (يوم يصلح للهو) . حليه: زينته، يزينه. فريد ندى: قطرات ندى تشبه الفريد (اللؤلؤ) كناية عن أن ذلك اليوم من أيام الربيع لا يزال الصباح فيه يجعل قطرات الندى جامدة على الأغصان. في جيدة: في جيد ذلك اليوم (في صباحه) تنظم: تشكل في كل مكان على الأغصان. -و يمكن أن نقرأ؛ : في جيدهن تنظما فنزيد في البيت استعارة جديدة.
12) جلونا به: أبرزنا فيه، أظهرنا (لهونا) . عروس و كاعب (خمر و ساقية جميلة!) على طفل زهر: زهر في أول موسمه (في أول الربيع) . بكى (كناية عن وجود قطرات الندى فيه من أثر الصباح البارد) و تبسما: بدأ يتفتح.
13) أخرس: (عود، من خشب لا يتكلم في الأصل) . يصبينا: يميل بنا إلى الصبوة (الشوق إلى اللهو و الغزل) بخمسة ألسن (خمسة أوتار) كلما مسست ببنانك (بأطراف أصابعك) وترا منها تكلم بلغة غير لغات الاوتار الأخر (أحدث نغما خاصا به) .
14) من الصباح الباكر إلى قبيل مغيب الشمس.
15) بقينا كأنا من قواد الروم الذين حكم فيهم سيف الأمير سيف الدولة (قتلهم) : أمسينا صرعى (سكارى) من الخمر!
16) أطعت العلا (يا سيف الدولة) : أصبحت تعمل جميع الأعمال التي تتطلبها العلا منك. -و أنت مولى (سيد) العلا و ابنم (ابن) لها: أنت العلا! أنت صانع المعالي كلها.
17) ان المكارم التي أتيتها تتعب الحاسد (الذي يريد أن يصنع مثل ما صنعت أنت) . و لكن الذي يؤخره عن ذلك أنك قد قمت بمساع في سبيلها منذ زمن بعيد.
18) هذه المكارم التي صنعتها أنت هي التي جعلت فكري (معانيّ الشعرية) تزكو: تكثر و تطيب (تسمو، تبدع) . أينع هاجسي: نضج خيالي (صار صورا شعرية جميلة) ؛ و هذا الذي جعلني أتقدم على سائر الشعراء.
19) و هنالك معشر يشتقون من معانيّ في شعري معاني لشعرهم، فأنا أنعم عليهم بمعاني الشعر كما أنت تنعم عليهم بالعطاء.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
تسليم.. مجلة أكاديمية رائدة في علوم اللغة العربية وآدابها
|
|
|