المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



عطش الاستقلال عند الشاب  
  
161   02:31 صباحاً   التاريخ: 2024-10-29
المؤلف : محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الأفكار والرغبات بين الشيوخ والشباب
الجزء والصفحة : ص 46 ــ 49
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /

الشاب، بشكل طبيعي له عطش للاستقلال والشخصية، وهذه الرغبة خلقت معه بحكمة الله تبارك وتعالى. فقد قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) إن الابن (وزير سبع سنين) وهذا يعني ان الوالدين يجب ان يتصرفا معه باعتباره (وزيراً) وهكذا يلبيان طلباته الطبيعية، ويحترمان شخصيته واستقلاله، لكي يخلقوا منه شخصاً مفيداً ولائقاً للمجتمع.

وعندما يهتم الوالدان بطلبات ابنهم الطبيعية، ويعملان وفق أوامر الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) فإنه سينشأ معتمداً على نفسه ويكون ذا شخصية، وفي المستقبل يكون إنساناً مستقلا ذا إرادة، وعنصراً مفيداً وثميناً، يستفيد منه المجتمع.

تشدد الأبوين:

وإذا لم يهتم الوالدان برغبات أبنائهم الشبان، ولم يلتفتا إلى قول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ووقفا بصلابة وخشونة وعنف بوجه رغبات أبنائهما في الاستقلال واحتقرا هذه الرغبات وأهاناهم وقمعا شخصياتهم، أو قاما بالتدخل في أعمال أبنائهما متجاوزين الحدود على اعتبار أنه واجبهما في المسؤولية عليهم، أو سلبا منهم فرصة التفكير بالإشراف عليهم دون حساب، أو حمايتهم دون مبرر فإنهما يقطعان عليهم فرصة الاعتماد على النفس، وبهذا سوف يعتمدون على الآخرين، ونتيجة هذا التصرف غير الصحيح يمكن أن تظهر على شكلين غير مرغوبين في أبنائهما الشبان.

أولاً: من الممكن أن يفقد الشاب مقاومته إثر الضغوط الشديدة والإشراف المتعب من قبل الوالدين فيستسلمون للشروط الموجودة، وينصرفون عن طلب الاستقلال. طبعاً مثل هذا الشاب سيكون شاباً منسجماً مع الوضع الذي هو فيه، ولا يخلق المتاعب لوالديه، ولكن هذا النوع من التربية يقتل الكفاءات الكامنة لدى الشاب، ويجعله ضعيفاً، متخلفاً لحرمانه من الاستقلالية والاعتماد على النفس وفي المستقبل سيكون من جملة الأفراد التعساء والبؤساء.

تدخل الوالدين:

(عندما ينشأ الشباب معتمدين على الأخرين ولا يتمنون الاستقلال فإن المدرسة والبيت سيكونان هادئين بوجودهم، ولكن سيكون لهم مستقبل غير ثابت، لم تكن والدة فيليب لتدرك هذه القضية، كما أنها لا تستطيع في المرحلة الثانية ان تفهم سبب فشل فيليب، حيث إنها كانت دائماً تتدخل في كل مسألة له ولم تكن تسمح له حتى بأداء أعماله الشخصية. فهي لم تكن لتعرف أن سبب فقدانه الشخصية وفشله ناتج عن هذه التدخلات غير الصحيحة، كان فيليب يحب الوحدة ويكره المدرسة، ولم تكن لديه القدرة على اتخاذ أي تصميم حول أي موضوع، وكان فيليب يعيش تحت إشراف أمه، فهي تعين له أين يذهب، وماذا يلبس، وماذا يقول وفي النتيجة لم يكن هناك عناء لكي يجد فيليب أسلوباً لنفيه، فقد كانت أمه هي التي تخطط له كل شيء، تشتري له الملابس وتنظم له برامج عطله. بل كانت هي التي تعين له الفرع الذي يجب أن يدرس فيه، وكانت نتيجة هذه القدرة وتدخل الأم، أن نشأ شاب مثل فيليب ابناً لا يقدر على تحمل أية مسؤولية، ليس قادراً على الاعتماد على نفسه، كما لم يكن هناك من قام بتربيته على أساس أن يتقبل المسؤولية والاستقلال، كان يلعب كرة القدم ولكنه كان فاشلاً. أصغر الأطفال كانوا يستطيعون ضربه، كان يجيد السباحة جيداً لكنه لم يكن مستعداً لترأس فريق السباحة، وكان يقول لا اريد أن أجذب انتباه أحد، ولم يكن يندفع لمعرفة وتدقيق وتفحص وميل نحو أي أمر، كما لم يكن يبحث عن أية مسألة ولا يبدي أية علاقة تجاهها لكي لا يتحمل بالتالي أية مسؤولية، فقد كان يخشى من قبول أية مسؤولية) (1).

التشدد والتنازع:

ثانياً: إن الشاب الذي يعتمد على نفسه وتكون له إرادة قوية يقف بثبات أمام ضغوط الوالدين غير الصحيحة ولن يغض النظر للتخلي عن شخصيته واستقلاله اللذين هما من حقوقه الطبيعية والشرعية وفي هذه الحالة التي يشتد فيها الاختلاف، يبدأ التمرد والطغيان وينقلب جو الأسرة إلى ساحة للصراع والمشاجرة والصياح والخشونة، والدموع والبكاء والقلق والاختلاف والتضاد كل هذه الحالات ستصبح برنامجاً عادياً لمثل هذا البيت وكلما زاد الوالدان من ضغطهما ازدادت المشاكل.

(إن المرحلة الأخيرة للانقلاب الروحي للشباب، هي عدم الرضى والبؤس والحزن، وتأتي هذه المرحلة عندما يبدأ الكبار بزيادة تحكمهم، بهدف حفظ احترامهم ومكانتهم، بينما الاحترام هو وليد حسن العلاقة والمحبة وكلما ازدادت الشدة وقام الكبار بمراقبة الشباب والضغط عليهم كانت لنتيجة انفصال الشبان وهروبهم) (2).

إن الوالدين المسلمين اللذين يريدان تربية ابن شاب ذي شخصية إنسانية لائقة، عليهما أن يعملا بقول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وينفذا أوامره المثمرة كما يجب عليهما أن يعتبرا الشاب وزيراً للأسرة، ويحترما شخصيته ويستشيراه في الشؤون الداخلية، ويدرسا آراءه، وبهذه الطريقة يلبيان طلبه في الاستقلال.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ المشاكل الروحية للشباب، ص 62.

2ـ المصدر السابق. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.