يرفض الدين الإسلامي السيطرة والقوة التي تأتي عن طريق الظلم والاستبداد، ويعتبر الظلم دليلاً على الضعف والعجز الباطني للظالم، ويحذر أتباعه من ذلك. وأما نظرية (نيتشه) فإنها ترجح كسب القدرة في أية ظروف، وتجيز لأتباعها ارتكاب أي عمل غير صحيح في سبيل السيطرة وترك جميع السجايا الأخلاقية والصفات الإنسانية.

إن أساس فكر (نيتشه) هو أن الشخص يجب أن يكون قوياً ويستفيد من ميوله النفسية، إذن فإن أي عمل يوصل إلى نيل هذا الهدف يساعد على زيادة سيطرة الشخص فهو حسن، حتى ولو كان بالمكر والخديعة، والقسوة والعنف والصراع والقتال.

أما أساس تعاليم الإسلام فتؤكد بأن يكون المسلم صادقاً ومتقياً وبأن يتجنب ارتكاب الذنوب والآثام حتى ولو كانت هذه الذنوب ستؤدي لتقويته وزيادة قدرته.

لقد كان الإمام علي (عليه السلام) يوزع أموال بيت المال بالمساواة بين الناس طبقاً لواجبه الديني وعلى أساس العدل والإنصاف، فقال له بعض الناس ممن يبدون الصداقة ويريدون الخير: إنه يجب تخصيص بعض الأشخاص بعناية خاصة لتدعيم أسس حكومته وأن يعطيهم عطايا أكثر فقال لهم (عليه السلام): (أتأمرونني أن أطلب النصر بالجور فيما وليت عليه) (1).

نيتشه وإهمال الضعفاء:

إن الهدف الأساسي في رأي (نيتشه) لأصحاب السلطة هو إرضاء الأهواء النفسية والميول الشهوانية أكثر فأكثر. وبعقيدته أن الرجل الأقوى هو ذلك الرجل الذي يعيش بقوة، ويحقق أهواءه وميوله النفسية. و (نيتشه) ليس فقط لا يهتم بالضعيف والمظلوم ولا يدافع عنهما، وإنما على العكس، فهو يقول، (يجب ترك الضعيف والعاجز لكي يهلك).

أما في الدين الإسلامي فإن أسمى الأهداف للسلطة والاستطاعة هو إقامة الحق والعدالة وحماية المظلوم والضعيف. ومن واجب المسلم أن يساعد المظلوم قدر استطاعته كواجب ديني. وأن يحارب الجور والظلم ويمد يد العون للضعفاء لحل مشاكلهم، ويخفف عنهم المصاعب، وبهذه الوسيلة يبدي شكره على السلطة التي يمتلكها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ نهج البلاغة، الخطبة 126.