الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
استقلال الانسان وحريته
المؤلف:
الخطيب الشيخ حسين انصاريان
المصدر:
الاُسرة ونظامها في الإسلام
الجزء والصفحة:
ص 79 ــ 83
2025-10-14
31
ان خلق الانسان يرتكز على تحرر الروح والاستقلال في شؤون الحياة والحرية في الاختيار، فلا يحق لأحد استعباد الانسان واسترقاقه وتسخيره رهناً لمآربه.
وسلب الحرية والاستقلال والاختيار من أي انسان بعد ذنباً كبيراً وخيانة عظمى، وقد عجنت الحرية والاختيار والاستقلال مع وجود الانسان، وخلقت مع فطرة الانسان وطبيعته، فالحرية والاستقلال من أعظم النعم التي منّ الله بها على الانسان وأشرف مناهل الكمال وارتقاء مدارج السمو ظاهرياً وباطنياً.
والاجواء التي تتسم بالحرية هي أفضل الاجواء، والظروف التي تتوفر فيها حرية الاختيار والانعتاق هي من أروع الظروف بالنسبة للأنسان.
وهذا الجانب يمثل أهم الدوافع في مقارعة الاسلام للظلم، اذ ان الاسلام قد أعلن حرباً ضارية ضد من يشيد كيانه على اساس استعماري واستغلالي ويحاول استعباد البشر الذين خلقوا أحراراً، وقد انصبت التعاليم الاسلامية في مسألة الجهاد من أجل تحطيم عروش الظلم والظالمين الذين يتجاوزون على الحرية والاستقلال.
ان جميع ما لحق بالبشرية من دمار على مر التاريخ انما هو نتيجة لسلب الحريات والتجاوز على حرية البشر واستقلالهم.
وان الخضوع للاستبداد والقوة وارتضاء الظلم وهدر الحرية يعتبر من أعظم الخطايا وسبباً في الحرمان من رحمة الحق تعالى وتعريض المصالح إلى الخطر بجانبيها المادي والمعنوي.
ومن الواجب المحافظة على الحرية والارادة وحق الاختيار التي وهبها الله سبحانه للأنسان في سبيل كماله وتفتح قابلياته، ويتعين الدفاع عنها إذا ما تعرضت للأخطار حتى وان كلف ذلك التضحية بالنفس.
قصة عن الحرية
ورد في كتب التاريخ: أن يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج فبعث الى رجل من قريش فأتاه، فقال له يزيد: اتقرّ لي أنك عبد لي ان شئت بعتك وان شئت استرققك؟ فقال له الرجل: والله يا يزيد ما أنت بأكرم مني في قريش حسباً ولا كان أبوك أفضل من ابي في الجاهلية والاسلام، وما أنت بأفضل مني في الدين ولا بخير مني فكيف أقر لك بما سألت؟
فقال له يزيد: أن لم تقر لي والله قتلتك، فقال له الرجل: ليس قتلك إياي بأعظم من قتلك الحسين بن علي (عليهما السلام)، ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأمر به فقتل (1).
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أيها الناس ان آدم لم يلد عبداً ولا أمة وأن الناس كلهم أحرارا) (2).
وقال (عليه السلام) أيضاً: (لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا) (3).
وينبغي الالتفات إلى أن المراد من الحرية هو تحرر الانسان من عبودية أبناء جلدته والشهوات والنزعات المنحرفة والانحرافات الاخلاقية.
عندما يأتي الانسان إلى الدنيا فهو يدخلها طاهراً مظهراً بمثابة الجوهرة النفسية، مخلوقاً متحرراً من عبودية الغير، كريم النفس، شريف الكيان، وباختصار منعتقاً من الرذائل والموبقات مالكاً للإرادة والاختيار، وقد جاءت الهداية الالهية عن طريق العقل والفطرة والانبياء وما ورد في القرآن الكريم وسيرة الائمة وجهود العلماء والحكماء لدفع الانسان من أجل الاستفادة من هذه الحرية والارادة والاختيار ويحسن الانتفاع من حريته في ظل هذه الالطاف والرعاية الالهية، ويبادر إلى اختيار ما حسن من الأمور لينال من خلال هذا السبيل سعادة الدنيا والآخرة.
وإذا ما غفل الانسان عن ذلك وتنكر للهداية الالهية فلا شك في أنه سيفقد ما بحوزته من جوهرة الحرية والارادة وحق الاختيار في مواجهة الفراعنة والطواغيت ويستسلم ازاء الحرص والتكبر والحسد والغرائز والنزعات ويتحول إلى عبد لدنياه وللأخرين ولشهواته وغرائزه ويقع أسيراً للطمع والبخل ولن ينتهل من منهل الكرامة والسعادة ولا ينعم بخير الدنيا والآخرة.
ان الذين يتشبثون بكل فعل مناف للشرع وينغمسون بالمعاصي والذنوب ويطيعون ما هب ودب من البشر ويصورون الطيش والانفلات حرية، إنما هم عبيد جهلاء ورقيق أذلاء ومخلوقات دنيئة.
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (من ترك الشهوات كان حراً).
وقال (عليه السلام) أيضاً: (الدنيا دار ممر والناس فيها رجلان: رجل باع نفسه فأوبقها، ورجل ابتاع نفسه فاعتقها).
وقال الامام الصادق (عليه السلام): (خمس خصال من لم تكن فيه خصلة منها فليس فيه كثير مستمتع: أولها الوفاء، والثانية التدبير والثالثة الحياء، والرابعة حسن الخلق والخامسة وهي تجمع هذه الخصال: الحرية) (4).
وعن علي (عليه السلام) أنه قال: (لا يسترقنك الطمع وقد جعلك الله حرا) (5).
وعنه (عليه السلام) أيضاً: (من توفيق الحر اكتساب المال من حله) (6).
اشارة مهمة
بالنظر إلى ما تنطوي عليه الحرية من حقيقة ومعنى، واهمية الارادة وحق الاختيار، وأن الانسان يصل إلى أسمى المنازل والمراتب والمقامات التي تفوق التصور إذا ما انتفع من حريته وارادته وحق الاختيار الذي يتمتع به في ظل الهداية التي أنعم الله بها عليه، فالحري بنا السعي من أجل المحافظة على حريتنا ما دمنا على قيد الحياة وازاء جميع الحوادث والابتلاءات اذ يترتب على ذلك نيل رضى البارئ تعالی.
الكل يعلم أن الذرة مركبة من نواتين وعدة الكترونات، وهذه الاخيرة تتجاذب فيما بينها وتدور حول مركز الذرة وفق نظام خاص وسرعة محددة وفقاً لإرادة الحق سبحانه، وما دام هذا الدوران وهذه السرعة قائمان في ظل ذلك النظام والجاذبية فإن الذرة مستقرة في مكانها وتتولى القيام بكل عمل من شأنه المنفعة، ولكن ما أن تنقطع تلك الجاذبية وتخرج الالكترونات عن إطار نظامها الخاص وتحدث فجوة بينها وبين النواة المركزية فلن تورت الا الخراب والفساد والدمار.
الانسان شبيه بالذرة، فنواته المركزية فطرته وروح التوحيد والعبودية التي تنطوي بين جوانحه، وقوام كيانه يتمثل في انجذاب كافة قواه وجوارحه الظاهرية والباطنية نحو الحق تعالى وتحركها على ضوء المشيئة الالهية، ولا يبتعد عن بارئ الكون وتعاليمه في كل حركاته وسكناته، إذ أن الابتعاد عنه تعالى والخروج عن نطاق معرفته ومحبته والانفصال عن محوريته انما يعني الفساد والافساد في جوارح الانسان وباطنه وظاهره.
يقول تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [آل عمران: 56].
والزواج من جملة العوامل التي تمنع الانسان من الوقوع في بعض المفاسد، فعندما يتمتع الانسان بالأهلية أي الايمان والأخلاق والعمل بما تتسع له طاقته ويظفر بالزوجة الصالحة الكفوءة حينذاك سيسيطر على كيانه ظاهرياً وباطنياً إلى حد ما، وبذلك تحفظ حريته ويصان من عبودية الشهوات المحرمة والموبقات واصدقاء السوء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ روضة الكافي: ص 313.
2ـ ميزان الحكمة: ج 2، ص 351.
3ـ البحار: ج 77، ص 214.
4ـ المواعظ العددية: ص 268.
5ـ ميزان الحكمة: ج 2، ص 351 ـ 352.
6ـ المصدر السابق.
الاكثر قراءة في معلومات عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
