x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
ضرورة الحياة الفردية
المؤلف: د. علي القائمي
المصدر: حدود الحرية في التربية
الجزء والصفحة: ص49 ـ 54
20-8-2022
1766
أن الحرية أمر فطري ومن الحاجات الأساسية للإنسان وجزء من حقوقه، كذلك فإنها شرط لرقيه وكماله ووسيلة لتحقق أمانيه وأهدافه التي يتعسر تحقيقها بدونها وفقدانها يسوّد الدنيا ويجعلها كالسجن.
الحرية أساس جميع القيم(1)، وحسب رأي الإسلام فأنها مقياس العقاب والثواب وبزوالها لا معنى لذلك، فإن لم يكن مختاراً في بيانه وسلوكه وعمله فسوف يحذف ذلك المقياس عنه.
أن الحرية حق طبيعي للإنسان وفي ظلها يكون مسؤول ويخضع للسؤال وزوالها في الحقيقة يعني إنهاء مسؤوليته، فلو انعدمت الحرية سيتزلزل مظهر الإنسان وتتزلزل معه التعهدات والتكاليف والمسؤوليات.
الحرية وتكون الشخصية
نحن بحاجة إلى افراد ذوي شخصيات ممتازة في مجال التربية، شخصيات معروفة وحسب الاصطلاح العلمي ذوي ابعاد إيجابية وقوام متين.
تربية الشخصية لا تقتصر على حرية المربي والمتربي في هذا المجال فقط، الحرية في الواقع مجموع من الصفاء والنمو والتكامل الإنساني والتعالي والرفعة(2)، وعزة وشرف الإنسان وتقته بنفسه وهدوئه النفسي وإجراء إرادته و ...الخ، جميع ذلك يعتمد على التأمين الروحي والعاطفي له وشعوره بالحرية في حركته إلى الأمام.
لو سلبت حرية فرد فما هو شكل فرديته إذن؟ وما هو شعور شخصيته؟ وما هي ثقته في نفسه؟ وماذا يعني الاعتماد عليه في التقدم وتطوير الأمور.
في تكوين الشخصية الإنسانية ليس هناك ما يعادل قيمة الحرية ولا يوجد ما يعوض عنها جميع الأمور المرتبطة بالشخصية ابتداء من الجوانب الظاهرية والباطنية له إلى الأخلاق والسلوك والبيان وقوة التعبير جميعها يتعلق بالحرية، ومن ينطق بلسان غيره ويفكر بمخ الآخرين ورأيه ناتج من إلقاء الباقين فهو في الحقيقة عديم الشخصية.
ضرورتها في نمو الأبعاد
الحرية ضرورية لنمو الأفراد وتربية أبعاد وجودهم. في ظلها تزداد تجارب الفرد وتتهيأ الأرضية لظهور المهارات بالإضافة إلى حصول التعادل والتوازن الروحي.
الطفل الناشئ في محيط ضيق ومحصور وقاس لا يكون رشده ناقصاً فقط وإنما ستصيبه الاختلالات النفسية، في سنينه الأولى يحتاج الى ظروف خاصة لنمو استعداداته وتساعده على تشخيص الصواب من الخطأ، نمو هذه الاستعدادات يحتاج إلى حرية في العمل والسلوك، يجب أن يكون الفرد حراً لإظهار ماهيته من خلال حركته وفعاليته، ولكسب التجربة وزيادة مهارته.
يحتاج الطفل إلى تعالي روحي وفي هذا السبيل الضروري يجب أن تحذف الموانع من أمامه وان المحيط الحر شرط أساسي في تكامل أبعاد وجوده لأن الجو القسري بعدم الأمل بالتحرك والبحث والقيام إلى التعالي والرشد، فكيف يمكنه إذن تفجير فطرته والوصول إلى مستوى القيادة الفكرية والعقلية لنفسه؟
يلزمه كذلك الإرادة الصلبة والفعالة والحيوية وهذه تحصل من خلال امتلاكه للحرية وخصوصاً في مجال تنمية الإرادة، يعتبر سلب الحرية قتلاً للإرادة الإنسانية وهذا سيجعل مسير التكامل عسيراً جداً.
ضرورتها في الابتكار والخلاقية
وجودها لازم لظهور الابتكار وتعتبر عامل مهم جداً في إبراز الذوق والخلاقية، لو أطلقنا يدي الطفل (مع وجود الاحتياطات) يعبث بالأشياء وإبعاده عن الوساوس والتعقيدات وهدايته إلى التفكير الصحيح فان ذلك سيؤدي بلا شك إلى بروز الخلاقية والابتكار، يجب نفخ روح الاستقلال في فكره أو على الأقل لا نحطمها عنده، يجب منحه فرصة لبدء فعاليته المشروعة والمشروطة وإعمال إرادته وفق الضوابط والنظام.
يجب القاء أسئلة عليه وتحفيزه للبحث عن الجواب لأجل تحريك ذهنه وفكره فهذا الأمر يساعده في تفتح ذهنه وتنميته ونموه، ويمكن أحياناً بعث التفكير في ذهن الفرد عن طريق إحياء فكرة معينة لديه وتحريكه إليها، وبعض الأوقات يمكن طرح مسألة عليه ونطلب منه الحل ويمكننا السؤال منه حول رأيه في بعض الموارد الأخرى أيضاً.
على أي حال فإن الحرية تعتبر أرضية مناسبة لإبراز الاستعدادات وتفتح العقل، وظهور الابتكار في حل المسائل والحصول على القدرة في مواجهة الصعاب، هذه المجموعة تؤدي إلى احترام الطفل وبناء ركن أساسي لشخصيته.
ضرورتها في الأخلاق
الأخلاق اساس العزة والسعادة البشرية، الطالب لحياة قيمة وإنسانية عليه البحث عن الأخلاق والحقيقة والعدالة والعفة وأن ينميها في وجوده، ولأجل استحصال الصفات السابقة قد تصادفه المصاعب ولا يمكنه أن يتفوه شيء.
الأخلاق العالية لا يمكنها أن تتشكل بعيدة عن الحرية ففاقدها لا يمكن لوجدانه النهوض، والإنسانية بالنسبة إليه لا معنى لها في مجال الاحترام، فمن لا يحترم حريته، لا يمكنه احترام حرية الآخرين، والذي يبقى اسير الآخرين لا يمكنه نيل الفضائل الأخلاقية والتسلق إلى المعالي.
الحرية أساس العظمة الروحية للبشر وهي تنجيه من حالة اليأس والتشاؤم وتجعل فيه القدرة الروحية والصراحة والشجاعة والسعي للقيام بالواجب وحينها يمكنه التقدم إلى طريق السعادة والحصول على فرصة الاختيار والانتخاب.
وعلى الضد من ذلك فإن عدمها يجعله أسيراً وعبداً للشهوات وهذا أردى من أن يكون عبد للعبيد: (لا يكون الحر عبداً لعبيده من أن يكون عبداً لشهوته)(3).
ضرورتها في الانتخاب
الإنسان موجود منتخب {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}[الإنسان: 3]، وأمامه طريقي الخير والشر، وهذا حق طبيعي لتحمل المسؤولية وشرطها أساسياً للثواب والعقاب يجب أن يكون حراً لكي ينتخب سبيله، ويتحرك، ويقرر على ضوئه، قيمة أي سعي وفعالية تعتمد على وجود الحرية في هذا السعي، فهو بدونها لا يمكنه إظهار قيمة العمل، ولا يبقى أي قدر لممارساته الاجتماعية والأخلاقية وكذلك لأعماله وسلوكه الديني.
نطمح أن يتملك الطفل الآن وفي المستقبل الحرية وحق الانتخاب لكي يطوي خطوات باتجاه السعادة، ولأجل الوصول إلى الهدف يجب أن يكون له القدرة على الانتخاب وتطبيق رغباته وإرادته المعتدلة، وسلب ذلك منه سيكون مؤثراً سلبياً على مستقبله حتى أنه سيعجز عن اختيار أي شيء جزئي له.
ضرورتها في مجالات أخرى
- يحتاجها للدفاع عن نفسه، وفق التجارب التي اكتسبها في حياته بالإضافة إلى دور العقل والفكر فإن الفرد يستعملها لكي يعد لنفسه خطة دفاعية تحمي روحه وفكره ويدافع بها عن الحق، وهذه حاجة اساسية له، خصوصاً في حفظ بقائه.
- تلزمه لنيل أمانة السر والثقة بالنفس والصراحة في نقل القول وحفظ النفس والشرف والوقوف إلى جانب أصول الحياة.
- يلزمه النشاط والسرور ليتقدم إلى الأمام بمتانة وكفاية ويكون بحياته ذا معنوية عالية لضمان نموه وعلوّه، يحتاج إلى مصدر للطمأنينة في حياته وللنجاة من التعدي والظلم والوقاحة واليأس والسير قدماً بهدوء.
ـ يحتاج اليها لطرح نفسه لاستحصال الشموخ والمزايا والقدرة ولهذه قيمة عالية يجب أن يعلم بقدرته ويسعى لكسب تجارب شخصية ويجري تجارب حول الكفاية ويعرضها للآخرين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ جان بل سارتر.
2ـ المجلسي، بحار الانوار: ج 69، ح 278.
3ـ شرح نهج البلاغة ابن ابي الحديد: ج20، ص334.