x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

دور الغرائز في علم النفس الحديث

المؤلف:  الشيخ محمد تقي فلسفي

المصدر:  الشاب بين العقل والمعرفة

الجزء والصفحة:  ج2 ص238ــ245

2023-11-23

1092

«يعتبر علم النفس الحديث الذي يخضع لسلطة ونفوذ التحليل النفسي ، يعتبر الغرائز بأنها الأصل والأساس حتى انه ذهب في هذا المنحى إلى حد تأليه هذه الغرائز ليظهر سيراً تراجعياً باتجاه الشرك. والغرائز طبعاً كان لها اهميتها في زمن موسى وعيسى (عليه السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله)، إلا أنها كانت تعتبر خاضعة لسيطرة الضمير الأخلاقي ، وكان هناك تنسيق بينهما ينصب في إطار المفهوم الاجتماعي للبشرية» .

«وجاء علم النفس الحديث ليزيل هذا التنسيق ويفكك الغرائز عن بعضها البعض ويتركها حرة طليقة من قيود العقل والضمير ، وكلما تقدمنا في هذه النظرية وحذفنا مسألة القبح والجمال أو الحسن والسيء ونسبنا كل ما يسعدنا إلى الخير وكل ما يتعسنا إلى الشر لبلغنا منزلة تكون نفسنا الأمارة فيها معياراً للخير والشر وتتضح فيها سيطرة النفس على العقل، عندها يمكن التكهن بشكل دقيق بما سيحل بالمجتمعات من عواقب وخيمة»(1).

«بعد الغريزة الجنسية ل «فرويد» وعقدة النقص ل «آدلر» والضمير الباطن أو الوجدان الاجتماعي ل «يونغ» جاءت نظرية «لوتسدك». وبمقدور هذه النظرية على حد زعم «باروك» أن تعرف الحياة الإنسانية بالكامل وتصبح فصلاً مشتركاً للقضايا الفردية والاجتماعية ، وبمقدورها أن تساهم إلى جانب نظريات «باروك» في علم النفس في ازدهار القضايا الأخلاقية والوجدانية التي كانت ولمدة طويلة تشكل واجباً دينياً وعبادياً ثم أصبحت خلال القرن الأخير ضمن القضايا الإضافية التي لا جدوى منها»(2).

الشاب ودواعي الإنحراف:

لقد اتضح لنا من خلال البحث ما يلي :

أولاً: إن الضمير الأخلاقي الذي يعد بمثابة نور الهداية الإلهية له جذور فطرية تمتد إلى أعماق الإنسان.

ثانيا: إن الجذب المعنوي والدفع الروحي للضمير الأخلاقي يكونان خلال مرحلة البلوغ والشباب من القوة بمكان بحيث يميل الشاب بضميره الحي وباطنه المنزه نحو السجايا الإنسانية والفضائل الأخلاقية.

ومع الأخذ بعين الاعتبار هاتين النقطتين يتبادر سؤال إلى الأذهان يقول :

لماذا لم يبال بعض المراهقين والشباب لنداء الضمير؟، وما الذي يدفع بهم إلى الإنحراف عن فضائل الأخلاق والصفات والقيام بما يتعارض ومنطق الضمير ؟. ورداً على هذا السؤال بشقيه يمكن القول إن ثمة أسباباً متعددة تؤدي بجيل الشباب إلى الإنحراف سنتطرق في بحثنا إلى بعض منها :

أولاً: يشكل سوء التربية التي يتلقاها الإنسان في طفولته أحد أسباب قمع الرغبات الوجدانية في باطنه. فالطفل الذي يترعرع في أسرة فاسدة وفي كنف أبوين ومربين شعارهم الخطيئة والرذيلة، يراقب أقوالهم وفعالهم اللاإنسانية ، لا شك أنه ينحرف تدريجياً عن مسير الفطرة وتخمد في نفسه نار الضمير الأخلاقي، فيعتاد على السلوك الرذيل لدرجة أنه لا يشعر بمرارة ولا بندم عندما يرتكب في شبابه أفظع الخطايا الأخلاقية .

قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) المرء حيث وضع نفسه برياضته وطاعته فإن نزهها تنزهت وإن دنسها تدنست(3).

سوء العادة من سوء التربية :

إن من تطبع على سوء الخلق والصفات والعادات ليس من السهل عليه أن يتخلص منها ويظهر نفسهم في مجتمعه بمظهر الفضيلة ، لأن العادات السيئة في باطن الإنسان هي كالنار المتأججة التي مهما حاول الإنسان إخمادها تحت الرماد المصطنع بانت شرارتها وعلا لهيبها ، والإنسان مهما حاول التصنع فإنه يعجز عن إخفاء سوء خلقه في العلانية.

قال الإمام الحسن (عليه السلام): العادات قاهرات فمن اعتاد شيئاً في سره وخلواته فضحه في علانيته وعند الملأ(4).

الشاب والبيئة الفاسدة :

ثانياً: إن العامل الآخر الذي يؤدي إلى انحراف المراهقين والشباب عن السلوك النبيل والصفات الإنسانية ويدفع بهم إلى طريق الخيانة والرذيلة هو أصدقاء السوء والاعلام السيء والبيئة الفاسدة والمجتمع الرذيل .

فالشاب عندما يقيم علاقة صداقة مع شخص منحرف أو سيء الخلق أو يتأثر بالأفراد الفاسدين ، أو عندما يرى الخيانة تعم مجتمعه خلافاً لتوقعاته الفطرية ، والخداع والظلم أساس تعامل الناس ، أو حينما يلمح حقيقة الوجوه التي تتستر خلف قناع الرياء والتملق والتزلف، يكون الشاب في مثل هذه الحالات مستعداً كل الاستعداد للإنحراف ، ويأخذ نور الحقيقة بالخفوت في ضمير المراهق والشاب ، وتقمع قواه الوجدانية والأخلاقية وميوله نحو الطهر والفضيلة. ويكون الشاب قد اتخذ من بيئته الفاسدة ومجتمعه الرذيل دروسا في الخيانة والرذيلة فيبدأ بتطبيقها .

«يقول «جان جاك روسو»: كنت أتمنى لو أن الناس عملوا على إفهام أبنائهم الشباب بأن كل من يحيط بهم هم أناس طيبون وأن كل ما يحصل داخل المجالس والمحافل ليس سوى عمل سيء يجب أن يعلموا أن الإنسان طيب بطبيعته ، وعليهم أن يلمسوا هذه الحقيقة ويتصوروا أن الناس جميعهم طيبون بالفطرة مثلهم ، ولكن يتوجب عليهم في الوقت ذاته أن يعرفوا كيف يفسد المجتمع الأفراد وكيف أن المعتقدات الباطلة والخاطئة هي مصدر فساد الأفراد. كذلك ينبغي على الشاب أن يعتبر كل إنسان عزيزاً محترماً وكل جماعة فاسدة رذيلة ، وليعلم أن لكل الوجوه قناعاً واحداً تقريباً ولكن بعض الوجوه أجمل من الأقنعة التي تسترها».

ثمة الكثير من الأفراد ولدوا سالمين ونشأوا منذ طفولتهم وسط أسر تمتاز بالطيبة وفي كنف أبوين كفوئين واكتسبوا خير الصفات والأخلاق. لكنهم انحرفوا خلال بلوغهم وشبابهم نحو طريق الرذيلة والخيانة نتيجة بعض العوامل السيئة والأجواء الفاسدة ، فأودعوا ضمائرهم وصفاتهم الأخلاقية والإنسانية في ملف النسيان وراحوا يرتكبون أبشع الجرائم وأفظع الأعمال اللاإنسانية. 

مفاهيم الخير والشر:

«ثمة عوامل تساهم في تغيير مفاهيم الخير والشر لدى الإنسان وتقضي على الروح الإنسانية والطيبة في نفسه، منها الإنعطاف التدريجي نحو الجريمة والرذيلة وتأثيرات الاعلام السيء والخوف الدائم من حقارة الشخصية والاستمرار في تعلم عقيدة شيطانية منحرفة. وهذه العوامل تترك أثراً كبيراً على الكثيرين ممن هم في متوسط العمر ، فيتغير الإنسان الذي كان يعتبر طبيعياً وسليماً إلى حد ما نتيجة هذه العوامل ويصبح مجرماً منحرفاً» .

«وهنا يتضح التأثير القوي والكبير الذي تتركه العقائد الباطلة والتربية والتعليم والعوامل الاجتماعية على الإنسان وتدفع به نحو الانحراف والرذيلة»(5).

وقد جاء النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومون (عليهم السلام) من بعده ليعززوا موقف المسلمين عامة والشباب خاصة المتمسك بفضائل الأخلاق ويصونوهم من خطر الإنزلاق والضياع وذلك من خلال أحاديثهم ورواياتهم التي تضمنت إشارات صريحة للإعلام المضلل والسلوك الفاسد وسائر العوامل اللاأخلاقية.

عن محمد بن علي الجواد (عليه السلام) : من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله، وإن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس(6).

وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): غشك من أرضاك بالباطل وأغراك بالملاهي والهزل(7).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل(8).

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): قارن أهل الخير تكن منهم وباين أهل الشر تبن عنهم(9).

دافع الغرائز والشهوات:

ثالثاً: العامل الآخر الأكثر تأثيراً على الشباب وانتشاراً بينهم من العاملين السابقين ، والذي يستطيع أن يسلب الشباب ضمائرهم ويجردهم من صفاتهم الإنسانية وأخلاقهم النبيلة ويرمي بهم في مستنقع الفساد والرذيلة هو عامل الغرائز الطبيعية والشهوات النفسية.

فعندما يبلغ الإنسان ويتفتح ضميره الأخلاقي تبدأ غرائزه الطبيعية الفتح الواحدة تلو الأخرى وتبرز ميوله ورغباته النفسية بقوة في أعماقه والشهوة الجنسية والرغبة في التجمل وحب القدرة والتفوق وحب المال وما إلى ذلك من رغبات وميول وأحاسيس ملتهبة تعصف بالإنسان خلال مرحلة الشباب ، كلها لها تأثيرات بالغة في مزاجية الشباب وطبائعهم وتغيير افكارهم وسلوكهم.

البلوغ والتحوّل الأخلاقي :

«وتحل فترة البلوغ، ويفقد الصبي المبادرة الفردية للقيام بأي عمل دون تفكير بعواقبه، ويخيم عليه عامل التفكر والتدبر. الفتاة مثلا تبداً بتزيين نفسها ودقة أكثر وتصفف شعرها بذوق أكبر . تقف ساعات أمام خزانتها لتختار ما ستلبسه من ثياب، وتنظر بغرور ودهشة عشرات المرات إلى ما ترتديه. والفتى يعتني بشكله وشعره ويهتم بهندامه ومظهره ويزداد اهتمامه بالفتيات».

«يبدأ الشاب باختبار نفسه والآخرين من حوله ، فيكثر من الأسئلة للحصول على معاني الأشياء ، يتفتح ذهنه كالنبع المتدفق ، كل مشكلة وكل فكرة تثير في مخيلته عشرات الأسئلة. فالشاب قد بلغ مرحلة يكثر فيها المزاح بين الصبيان والضحك بين الصبايا. ويؤدي طغيان الميول والرغبات إلى تقوية حس معرفة الجمال وتنميته في نفوس الفتيان والفتيات، ويتفتح في نفوسهم حس الإكتساب مما يدفع بهم إلى البحث عن المال والقدرة»(10).

تعتبر الميول الغريزية التي أودعها الله سبحانه وتعالى في أعماق الإنسان عنصراً مهماً في استمرارية الحياة وأداة تحرك الإنسان نحو إدارة شؤون حياته المختلفة ، لذا على الإنسان أن يعمل على إرضاء جميع ميوله في المكان المناسب وبالمقدار السليم، فقمع أو كبت أي منها يخالف قانون الخلقة ونظام التكوين ويعارض سعادة الإنسان وهناءه .

إن احد المعايير الصحيحة لقياس الغرائز والميول النفسية هو الضمير الاخلاقي ، فالإنسان الذي يريد ان يكون إنساناً حقيقياً يراعي دائماً حدود الفضائل الأخلاقية عليه أن يعتمد على ضميره الأخلاقي في تعديل ميوله وغرائزه وذلك ليصون نفسه من المفاسد الأخلاقية والسلوك اللاإنساني وكذلك ما سينجم عن قمع الغرائز والميول من نتائج سلبية .

الضمير والغرائز:

«يجب أن يكون هناك تنسيق بين الغريزة الجنسية والضمير الأخلاقي . ولكن ثمة حالتان متضادتان يمكن أن تحولا دون تحقيق هذا الأمر، فقمع الغريزة بسبب ترويض النفس أو الزهد والتقوى المفرطة يؤدي إلى شل الغرائز ويدفع بالإنسان أحياناً إلى الإنحراف ، كما أن التضحية بالخلق في سبيل الغرائز وإشباع هذه الغرائز دون رادع أو وازع تؤدي إلى الفقر الأخلاقي، إذ إنها تفصل بين الجسم والروح ، وهذا ما يترتب عليه عواقب وخيمة»(11).

_____________________________

(1و2) نفس المصدر، ص 94 و78 .

(3) فهرست الغرر، ص 305.

(3) مجموعة الورّام، ص 113.

(4) الطب النفسي الإجتماعي ، ص 130.

(5) تحف العقول، ص456.

(6) غرر الحكم، ص 508.

(7) مستدرك الوسائل 2 ، ص62.

(8) نهج البلاغة، الرسالة31.

(10) مباهج الفلسفة ، ص 493.

(11) الطب النفسي للطفل، ص33. 

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+