1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : معلومات عامة :

الإسلام وعلم النجوم

المؤلف:  الشيخ محمد تقي فلسفي

المصدر:  الشاب بين العقل والمعرفة

الجزء والصفحة:  ج2 ص172ــ179

2023-11-24

1979

أما الإسلام فقد شجع على الخوض في علم الفلك والنجوم للوقوف على عظمة الكون وخالقه ، كما أنه حذر من تصديق المعتقدات الخرافية التي لا تمت إلى الحقيقة بصلة.

فقد أقسم الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بالشمس والقمر والنجوم وكذلك بالليل والنهار، وهناك سور في القرآن الكريم حملت اسم النجم والشمس والقمر والليل والضحى ، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أهمية العلوم السماوية في الإسلام.

قال الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) : الله تبارك وتعالى قد مدح النجوم ولولا أن النجوم صحيحة ما مدحها الله عز وجل ، والأنبياء كانوا عالمين بها(1).

التفكر في خلق السموات والأرض:

لقد تحدث القرآن الكريم في غير سورة عن عظمة الأجرام السماوية معتبراً إياها دليلا بارزاً على وجود الخالق، كما حث القرآن الكريم الناس على التدبر والتفكر في خلق السموات والأرض.

قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} [آل عمران: 190، 191].

التصورات الخاطئة:

كذلك شجع الائمة الأطهار (عليهم السلام) بدورهم المسلمين على التدبر والتفكر  في الأجرام السماوية للوقوف على عظمة النظام التكويني الإلهي وتقوية إيمانهم ، وحذروهم من الانجرار وراء المعتقدات الباطلة والتصورات الخاطئة ، ودعوهم إلى مكافحة هذه الخرافات من خلال المجاهدة والسعي لبسط العلوم والمعارف الحقيقية.

كان امير المؤمنين علي (عليه السلام) قد جهز جيشاً لمحاربة الخوارج ، وعندما أراد (عليه السلام) الخروج بجيشه جاءه أحد أصحابه وقال له : يا أمير المؤمنين أخشى إن خرجت في هذه الساعة أن لا تبلغ مرادك وأن تهزم أمام عدوك ، وما خشيتي هذه إلا نابعة من معرفتي بما سيحصل من خلال احتساب النجوم.

فقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء ؟ ، وتخوف من الساعة التي من سار فيها حاق به الضر ؟ ، فمن صدّقك بهذا فقد كذب القرآن واستغنى عن الاستعانة بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه، وينبغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربه لأنك بزعمك أنت هديته إلى الساعة التي نال فيها النفع وأمن الضر، ثم أقبل عليه السلام على الناس فقال :سيروا على اسم الله(2).

لقد تصور هذا الرجل أن باستطاعته من خلال المحاسبات النجومية أن يعلم الغيب وأن يحيط الأشخاص بما سيواجهونه في المستقبل من أحداث ، ومن هذا المنطلق جاء ليعرب لأمير المؤمنين (عليه السلام) عن خشيته من هزيمة تتربص بجيشه إن خرج في الساعة الفلانية.

ولو كان أمير المؤمنين (عليه السلام) كغيره ممن يؤمنون بمثل هذه الخرافات لارتاب عند سماعه هذا الخبر وانصرف عن قراره بخروج الجيش في مثل تلك الساعة . لكن أمير المؤمنين (عليه السلام) ترعرع في مدرسة الإسلام لم يبال لما سمعه ولم يدع الخوف والقلق يسيطران عليه ، فرفض بكل قاطعية ما تفوه به الرجل ، وخرج بجيشه في تلك الساعة متوكلاً على الله ، فتغلب على عدوه وعاد منتصراً ظافراً .

الخوف وأثره على الجسم والروح :

«يشكل الخوف والقلق مرضاً بات مستشرياً في كافة أنحاء العالم كمرض الكوليرا والطاعون، وأخذ هذا المرض يتسبب في ظهور أمراض باتت تحير عقول الأطباء. إن ما نراه ونشعر به هو أن الخوف والقلق يؤديان إلى تحجيم قدرتنا الروحية والجسمانية وضعف قدرتنا الذهنية ، ويتسببان إلى حد ما في شل نشاطاتنا العملية».

«أليس الخوف وليد التصور ؟ ، ألا نتصور على سبيل المثال أنه إذا رعدت السماء وبرقت فإن بيتنا قد يحترق ؟،أو أن حرباً ما إذا اندلعت فقد تتسبب في دمار بيتنا وزواله؟ ، كل هذا مجرد تصور واحتمال. فبدل أن نستسلم لمثل هذا التصورات علينا أن نسعى لطردها من أفكارنا وأن نفكر بما هو أكثر جدية ، ولنقل لأنفسنا مثلاً: كم من الصواعق قد حدثت ولم نصب بأذى ، وكم من الحروب قد اندلعت لكنها لم تسفر عن هدم بيوتنا» ؟.

«وكذا الأمر بالنسبة للمستقبل ، فلا أحد يستطيع التكهن بما سيحمله لنا ، لذا علينا أن نتصور لأنفسنا مستقبلاً خالياً من المصائب والمحن ، وعلينا أن نتصور أن القدر سيكون في صالحنا كما قادنا إلى ما نحن عليه الآن ، علينا أن نكون مؤمنين بالقدر متفائلين ، ونطرد من مخيلاتنا كل الهواجس والتصورات الخاطئة ، لأننا لن نكون في المستقبل إلا كما نتصور»(3) .

الخوف وضعف الإرادة:

ونستشف مما ذكر ان المخاوف والهواجس التي لا اساس لها ولا مبرر لن تعود إلا بالضرر على جيل الشباب وجيل الكهول ايضاً ، فهي لن تشكل سوى سد منيع أمام سعادة البشر كل البشر. فمثل هذه المخاوف والهواجس تحطم شخصية الإنسان وتضعف من عزمه وإرادته وتجرده من ثقته بنفسه فتسوقه نحو الإحباط والفشل.

وقد جاء الإسلام بمنهجه التربوي الذي يعتمد على قوة العقل وقدرة الإيمان لينقذ المسلمين من شر المخاوف والهواجس الضارة وغير المبررة .

الخوف الناجم عن عاهة جسمانية :

ثمة مخاوف وهواجس مختلفة تبرز في الغالب خلال مرحلة الشباب ، وتثير قلق واضطراب المراهقين والشباب إزاء إمكانية التكيف مع المجتمع ، فتنهار قواهم وتتحطم شخصيتهم، وهذه المخاوف والهواجس لها جذور مختلفة.

فبعضها ناجم عن اختلال في الصفات الموروثة وسببها عاهات جسمانية. فالطفل الذي يكون في عينه حول أو عمى وهو لم يزل في رحم أمه، والطفل الذي يولد وفي شفتيه شق كبير أو في أطرافه اعوجاج واضح، وكذا الطفل الذي يولد وفيه عاهة جسمانية أو أكثر، كلهم عندما يكبرون يشعرون بالنقص والحقارة ، وهذا الشعور يتزايد عندهم كلما كبروا أكثر .

الخوف من السخرية :

هؤلاء الأطفال عندما يبلغون ويصبحون شباباً يساورهم الخوف والقلق من الدخول في المجتمع والاختلاط بالناس ، فهم يخشون من سخرية الناس منهم أو النظر إليهم نظرة استحقار واستخفاف. وبديهي أن لا يستطيع مثل هؤلاء الشباب إثبات وجودهم وشخصيتهم في مجتمعاتهم بسهولة.

«خال صغير على وجنة فتاة جميلة أو اعوجاج في ساقها أو عمودها الفقري وما إلى ذلك من عاهات كافية لأن يشعر الإنسان بعقدة الحقارة من بداية حياته وحتى نهايتها».

«إن الطفل المصاب بعاهة جسمانية غالباً ما يكون عاجزاً عن الدفاع عن نفسه أمام من هم في سنه ، لذا فهو مضطر لسماع وقبول سخريتهم منه واستهزائهم به ، ورد فعله الوحيد إزاء ذلك غض الطرف والسمع وكظم الأحاسيس ، وهذا ما من شأنه أن يولد له اضطرابات فكرية في المستقبل))(4).

كتب طالب شاب يتلعثم في الكلام ولا يستطيع النطق بانسيابية يقول: رغم أنني طالب ذكي واجتزت جميع الامتحانات بتفوق ونجاح، إلا أنني أعاني كثيراً من لكنة في لساني، فأنا لا أتجرأ على الكلام مع أي كان، وفي الصف اختار دائماً الطبقات الأخيرة لأخفي نفسي عن أنظار المعلمين كي لا يسألونني سؤالاً فأتلعثم في الإجابة وأكون موضع سخرية بين زملائي . وأنا لا اتجرأ على وضع ساعة في معصمي لأنني أخاف أن يسألني أحدهم عن الوقت فينعقد لساني عند الإجابة.

«خضع أستاذ جامعي لتحليل نفسي، فتبين على أثره أنه يعاني من عقدة الحقارة ، وهذه العقدة ترجع إلى مرحلة دراسته الابتدائية ، حيث كان أكثر زملائه طولاً ، فكان يلفت انتباه المشرفين على المدرسة اكثر من غيره ، وكلما وقع حادث في المدرسة أشير إليه بأصابع الإتهام وعرض للضرب والقصاص ليكون عبرة لغيره من التلاميذ ، وقد شعر هذا الطفل من حينها بأنه مظلوم لا بسبب شيء وإنما بسبب طوله»(5).

علاج العاهات الموروثة:

لقد ساهم التطور الذي حققه الإنسان اليوم في مختلف المجالات العلمية في جعل الكثير من النقائص والعاهات الموروثة كتشقق الشفتين وانحراف العينين وما شابه قابلة للعلاج إذا ما خضع لظروف علاجية مناسبة استطاعت أن تزيل عاهته ، فإن عقدته الباطنية ستنحل وسيتحرر من الإحساس بالحقارة والخوف الناجم عنها.

والشاب الذي لا يجد علاجاً لقبحه أو لاعوجاج في ساقه وقدمه ويبقى منطوياً على نفسه خشية سخرية الآخرين منه ، ليس فقط لم يستطع التعويض عما يعانيه بل سيساهم في ازدياد معاناته وبالتالي مضاعفة مخاوفه وهواجسه .

تشخيص المواهب والإستعدادات الذاتية:

يتوجب على شاب كهذا أن يسعى لاكتشاف ما يضمره في ذاته من مواهب واستعدادات وتشخيص كفائته في الممارسات الحياتية والقيام بما يسهل عليه. وينبغي عليه أيضاً أن ينسى ما هو عليه في التعامل الإجتماعي، وأن يلتفت إلى الآخرين بدل أن يركز تفكيره على عيوبه وعاهاته ، أو أنه يحاول أن يقارن بين ما يعانيه وبين ما يعانيه غيره ولعل ما يعانيه غيره أعظم وأشد، وهكذا فإنه يخفف من آلامه وعذابه النفسي.

ويبدو أن تنفيذ هاتين النصيحتين من شأنه أن يسهم في بروز استعدادات الإنسان الداخلية وإيصاله إلى درجة الكمال التي تليق به في فترة وجيزة ، فيستطيع من خلال النجاح الذي يحرزه التعويض عن الحقارة التي يضمرها لنفسه نتيجة نقص عضوي أو عاهة ما ، وبذلك ينجح في إحراز شخصية مناسبة في أسرته ومجتمعه.

قال امير المؤمنين علي (عليه السلام) : أكثر النظر إلى من فضلت عليه فإن ذلك من ابواب الشكر(6).

وعن أبي عبد الله الامام الصادق (عليه السلام) قال : انظر إلى من هو دونك فتكون لأنعم الله شاكراً ولمزيده مستوجباً ولجوده ساكنا(7).

إستغلال سائر الملكات:

تقل آلام وهموم المصاب بثقل حاسة السمع أو التلعثم في النطق إذا ما قارن بين حالته وحالة من هو أصم وأبكم ، وكذا الأمر بالنسبة للمصاب بانحراف في العين او العرج إذا ما قارن بين حالته وحالة الأعمى كلياً أو المشلول المقعد. فالمصاب بعاهات جزئية بسيطة قادر على استغلال عقله وذكائه وسائر ملكاته التي أنعم بها الله عليه للتعويض عما يعانيه.

اما الذي يقهر روح النشاط والأمل في نفسه بسبب نقص ان عاهة اصيب بها ، ويتجاهل سائر ملكاته الطبيعية نتيجة الاحباط المعنوي والنفسي لن يكون نصيبه غير الفشل والحرمان. فهو ليس بقادر على استغلال طاقاته واستعداداته الباطنية لتأمين سبل الرقي والسعادة.

ومن هنا ينبغي على الشاب المعاق أن يتذكر دائماً أن هناك الكثيرين في العالم بماضيه وحاضره ممن ولدوا وفيهم عاهة موروثة أو نقص عضوي أو قبح في الشكل أو اختلال في التركيب الجسماني، شقوا وما زالوا يشقون طريقهم نحو السعادة دون أن يعرف الخوف واليأس طريقهما إلى قلوبهم. فقد سعى هؤلاء بعزم راسخ وإرادة قوية إلى استغلال طاقاتهم واستعداداتهم الذاتية لضمان عزتهم وشموخهم وسعادتهم ، وبلغ بعضهم مكانة علمية مرموقة وأحرزوا شهرة اجتماعية كبيرة نتيجة كفائتهم ومجاهداتهم . 

سبل التعويض عن الحقارة:

إذن نستنتج من خلال البحث لآنف الذكر أن جانبا من مخاوف الشباب التي تحول دون تآلفهم الاجتماعي وتبعث على فشل شخصيتهم مرده العاهات والنقائص الجسمانية واختلال الصفات الموروثة.

وكما قلنا ينبغي على مثل هؤلاء الشباب أن يحاولوا تجاهل ما هم عليه قدر إمكانهم ويسعوا إلى تنمية طاقاته واستعداداتهم في مختلف الميادين العلمية والعملية للتعويض عن عقدة الحقارة التي يعانونها وإحراز الشخصية المناسبة .

_______________________________

(1) بحار الأنوار 14 ، ص 151 .

(2) نهج البلاغة، الخطبة 78.

(3) سلامة الروح، ص99.

(4) عقدة الحقارة، ص 12.

(5) عقدة الحقارة، ص 13 .

(6) غرر الحكم، ص117.

(7) مستدرك الوسائل2، ص64. 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي