آليات مقاومة الحشرات للمبيدات الكيموحيوية

Insects Resistance To Biochemical Insecticides

ان مبيدات الحشرات الكيموحيوية هي مجموعة المركبات الكيميائية القاتلة والمثبطة لنمو الحشرات والمستخلصة من النبات والكائنات الدقيقة والحيوانات هذه المجموعة من المركبات تتوفر اليوم انواع كثيرة منها على المستوى التجاري حيث استخدمت بفاعلية ونجاح في مكافحة العديد من الآفات الحشرية في مناطق مختلفة من العالم. ان الاستخدام الواسع لهذه المبيدات أدى إلى ظهور العديد من السلالات الحشرية المقاومة لها، الا انه لم يسجل أي حالة مقاومة حشرية للمبيدات الكيموحيوية المثبطة والمحورة لسلوك الحشرات.

ان مقاومة الحشرات للمبيدات الكيميوحيوية تخضع لنفس الاليات المستخدمة من قبل الحشرات في مقاومة المبيدات الكيميائية التقليدية والتي يمكن ايجازها فيما يأتي:

من المعروف ان المبيد لكي يحدث تأثيره القاتل لابد ان يجتاز عدد من الحواجز لكي يصل الموقع الحساس الذي يتأثر بالمبيد والذي يؤدي في النهاية إلى موت الكائن الحي ويمكن اجمال هذه الحواجز في النقاط التالية:

1 - الطبقة الشمعية المغلفة للكيوتكل الخارجي وطبقة البشرة الخارجية التي تحجز كمية من المبيد فيها فضلاً عن فقدان جزء من المبيد نتيجة التبخر أو عوامل اخرى.

2- الجليد في الحشرات.

3- التخزين في الأجسام أو الأنسجة الدهنية.

4- الانتقال إلى موقع التأثير السام وهنا قد يتعرض المبيد لعملية ايض تنشيطي أو تحطيمي.

5- طرح النواتج الاولية لعملية الايض إلى الخارج.

6 - الحواجز المحيطة بالأعضاء الداخلية ومنها الاغلفة العصبية.

7 - المنافسة مع الانزيمات الاعتيادية إذا كان المبيد المستخدم يعمل على تثبيط الانزيمات.

8- نسبة كمية المبيد التي تصل إلى الموقع الحساس ودرجة تقبل الموقع الحساس للمبيد هي التي ستحدد درجة سمية المبيد.

جميع هذه الحواجز والمعوقات تعمل على منع وصول المبيد إلى المواقع الحساسة والتي عند تأثرها تؤدي إلى موت الحشرة وعلى ضوء ما سبق فان المقاومة يمكن ان تتم من خلال الاليات التالية:

1- عدم وصول المبيد بالتركيز القاتل إلى الجهاز أو الموقع الحساس:

ولكي يتحقق ذلك ينبغي ان يعترض طريق المبيد عدد من العوامل أو الاجهزة أو التفاعلات والتي يمكن تقسيمها إلى ما يأتي:

أ- انخفاض سرعة نفاذ المبيد داخل جسم الحشرة

Decrease The Speed of Pesticide Penetration

بطء عملية نفاذ المبيد داخل جسم الكائن تعطي فرصة جيدة لذلك الكائن للتخلص من المبيد اولا وقبل وصوله إلى المواقع الحساسة في الجسم وذلك اما بتحويله إلى مركبات غير سامة أو بطرحه خارج الجسم، ففي الحشرات مثلا نجد ان نفاذ المبيد داخل الجسم يحدث اما عن طريق الكيوتكل أو عن طريق القناة الهضمية فاذا حدث تغيير في سمك أو تركيب الجدار أو القناة الهضمية فقد يكون له تأثير في نفاذ المبيد. وقد اظهرت بعض الدراسات وجود فروق في سمك الكيوتكل وسرعة نفاذ المبيد بين السلالات المقاومة والحساسة فيما أشارت دراسات اخرى إلى عدم وجود فروق بين افراد السلالات الحساسة والمقاومة، وعليه يمكن القول بانه لابد من وجود عامل اخر أو أكثر له إثر على مقاومة الحشرات للمبيدات.

ب - سرعة إخراج المبيد أو نواتج تمثيله من الجسم

Speed of Pesticides Excretion

كثيراً ما تعمد الحشرات إلى محاولة التخلص من المواد الغريبة ومنها السموم وذلك بطرحها مع البراز لمنع وصولها بالتركيزات القاتلة إلى الاجهزة والمواقع الحساسة. ففي الحشرات مثلا وجد ان الصرصر الأمريكي بطرح المبيد Dimetan إلى خارج جسمه كما هو. اما في سلالة البعوض المصري المقاوم للمبيد د.د.ت فقد وجد ان اليرقات عند تعريضها للمبيد د.د.ت افرزت الغشاء حول الغذائي وكان طوله 3 ملم بالنسبة لليرقات المقاومة فيما كان طول الغشاء المفرز من قبل اليرقات الحساسة لمبيد د.د.ت اقل من 0.5 ملم، وإفراز هذا الغشاء يمثل حماية لليرقات المقاومة من هذا المبيد وذلك لحرمان الجسم من كمية المبيد، وعلى هذا الاساس فان افراز المبيد أو أحد نواتج تمثيله قد يساعد إلى حد ما في زيادة درجة تحمل الكائن الحي للمبيد.

ت - التخزين في انسجة غير حساسة للمبيد

Pesticides Srorage In Unsusceptible Tissues

من الموضح ان قدرة الحشرة على تحمل المبيد تزداد مع قدرة الحشرة على تخزين كمية من المبيد أو أحد نواتج تحلله السامة في أنسجة غير حساسة وبذلك يمنع وصول المبيد بالتركيز القاتل إلى المواقع الحساسة في الجسم. ففي الحشرات مثلا وجد ان نسبة كبيرة من المبيد د.د.ت كانت تخزن في جدار الجسم في الذباب المنزلي المقاوم لمبيد د.د.ت ولعل خير مثال يذكر في هذا المجال ما قام به وایزمان حيث تمكن من رفع تحمل الذباب المنزلي للمبيد د.د.ت بحقنه بزيت الزيتون فزاد قدرته على التخزين واستطاع ايضاً ان يرفع حساسيتها لنفس المبيد عن طريق حقنها بأنزيم Lipase الذي يحلل الدهون فيخفض من كمية المبيد د.د.ت الذائب والمخزن بها. لذلك يمكن القول ان التخزين يلعب دورا مهما في مجال زيادة تحمل الكائن الحي للمبيدات ولكنه لا يمكن ان يكون العامل الوحيد الذي يعول عليه في هذا المجال.

2- انخفاض حساسية الجهاز أو الموقع الحساس

Susceptibility Depression of Site of Effect

من الواضح انه لكي يحدث المبيد تأثيره القاتل في الكائن الحي لابد من الوصول إلى الموقع أو الجهاز الذي يؤثر فيه والذي ينبغي ان يكون حساساً لتأثير المبيد وذلك في السلالات أو الانواع الحساسة للمبيد اما في السلالات المقاومة فقد لوحظ انه في بعض حالات المقاومة يكون الجهاز الحساس اقل حساسية أو تأثراً بالمبيد. ففي الحشرات مثلاً وجد انه عند معاملة العقدة العصبية للذباب المنزلي المقاومة للمبيد د.د.ت كانت اقل حساسية من العقدة العصبية للذباب الحساس. كذلك اشارت بعض الدراسات إلى أن سلالة الحلم المقاومة للمبيدات الفسفورية العضوية كان الانزيم Cholinestrase فيها اقل حساسية للمبيد من السلالة الحساسة.

3- التفاعلات الكيميائية الحيوية الثانوية

Secondary Biochemical Reaction

لبعض الانواع أو السلالات المقاومة القدرة على القيام بالعديد من التفاعلات الكيميائية الحيوية والتي تساعدها في التغلب على الاعراض الثانوية للتسمم وذلك مثلا عن طريق قدرتها على استيعاب الاوكسجين لوجود زيادة في الانزيمات Cytochrome Oxidase مما يجعل الحشرات قادرة على مواجهة الزيادة العالية للأوكسجين نتيجة الانقباضات العنيفة لعضلات الحشرات ولذلك تصبح أكثر مقاومة للتسمم بالمبيدات.

4- وجود اجهزة بديلة للأجهزة الحساسة

Existence of Substitutional Site of Effect

لبعض السلالات المقاومة اجهزة بديلة تمكنها من القيام بعمل الجهاز الحساس المتأثر بالمبيد. فمثلاً وجد في الحشرات المقاومة لغاز حامض الهيدروسيانيك انها تحوي انزيما يسمى Flavoprotein Oxidase علاوة على الانزيم Cytochrom Oxidase الذي يعمل غاز حامض الهيدروسيانيك على تثبيطه ولكن يحل محله الانزيم Flavoprotein Oxidase وبذلك تستطيع الحشرة مقاومة تأثير الغاز.