أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-7-2019
1934
التاريخ: 20-3-2016
2354
التاريخ: 7/12/2022
1678
التاريخ: 20-3-2016
2536
|
إن التشريعات محل الدراسة نصت على تجريم النشاط التحريضي وكان موقف التشريع العراقي والمصري بالنص على التحريض كوسيلة اشتراك بمبدأ عام ضمن نطاق المساهمة التبعية وخرج عن هذا المبدأ بالنص علـى التحريض غير المتبوع بأثر بنصوص عقابية متعددة خرج بهــا عـــن نــــاق المساهمة التبعية ، بينما نص التشريع الأردني بوضع مبدأ عـــام للتحريض سواء بوقوع الجريمة أم بعدم وقوعها ومع ذلك الاختلاف نرى أن التشريعات قد راعــت في تجريم التحريض غير المتبوع بأثر المصالح المحمية المهددة بالخطر ولغرض بيان الطبيعة القانونية لهذه الجرائم سنبحث هذه الطبيعة بالنظر الى امرين هما أساس نتيجة الفعل وأساس الحق المعتدى عليه.
أولاً- الطبيعة القانونية على أساس نتيجة الفعل : تقسم الجرائم
على أساس نتيجة الفعل الى جرائم مادية وجرائم شكلية (1) فالجرائم المادية أو مــا تسمى بجرائم الضرر أو الجرائم ذات النتيجة والتي عرفت بأنها ( كل جريمة يستلزم نموذجها وقوع حدث ينتج من سلوك فاعلها )(2) أي أنها الجرائم التي تحدث نتيجة مادية محسوسة كجرائم القتل والسرقة فالنتيجة المادية عنصر في تكوين ركنها المادي فجريمة القتل لا تتم إلا بإحداث الوفاة وكذلك جريمة السرقة إلا تتم إلا بأخذ المال المنقول دون رضى المجنى عليه ، أما الجرائم الشكلية فهي ( كل جريمة يستلزم نموذجها إتجاه إرادة فاعلها إنتاج حدث معين بدون أن يكون لازم في سبيل تحققها أن يقع هذه الحدث بالفعل) (3) ، فالجريمة الشكلية وفق هذا التعريف هي ذلك السلوك الذي يجرمه القانون لأنه متجــه لتحقيق نتيجة مادية أو لمجرد أن من شأنه تحقيق هذه النتيجة الجرمية.
ولما تقدم بيانه يمكن القول ابتداءً أن جرائم التحريض غير المتبوع بأثر تنتمي للجرائم الشكلية لمبادرة المشرع بتجريم مجرد إتيان الفعل التحريضي وعدم الاكتراث للنتيجة المادية له ، الا أن هناك جانب من الفقه يرى بضرورة إعادة النظر في تقسيم الجرائم حسب وقوع نتيجة الجريمة من جرائم مادية وشكلية الى جرائم ضرر وجرائم خطر (4) ومسوغ ذلك أنه ليس من الصحيح عـدّ جميع الجرائم الشكلية جرائم خطر أنما الجرائم الشكلية تقسم علــى نـــوعيـن نـــوع يستلزم نموذجه أن يستنفذ الفاعل من الناحية المادية سلوكه المتجه للنتيجة كما في جريمة السب والتي تتحقق بمجرد التفوه بألفاظ تخدش الشرف والاعتبار دون أن يتطلب القانون في سبيل تحقيقها أن يحدث واقعياً خـــدش يصيب فعـــلا الشرف أو الاعتبار لمن وجهت اليه فالجريمة قائمة وأن بقت كرامته في أعين الناس كما كانت بالرغم من اعتبارها جريمة شكلية بهذا المعنى إلا أنها تعد في الوقت نفسه جريمة نتيجة لا جريمة سلوك مجرد إذ لابد لوقوعها من أن تطرق ألفاظ السب مسمع ونفسية الآخر ونفسية من اتجهت نحوه (5) ، أما النوع الثاني فيكتفي المشرع بنموذجه بأن يكون الفاعل قد بدء بالسلوك ولـو لـم يستنفذ ماديا كافة مراحل هذا السلوك وهي ما تعرف بجرائم السلوك المجرد ولمـا تقــدم وحســب الرأي الفقهي آنف الذكر لا يمكن عد جرائم التحريض غير المتبوع بأثر من الجرائم الشكلية لما تنطوي عليه الجرائم الشكلية من التقسیم أعلاه ، فجرائم التحريض غير المتبوع بأثر هي جرائم دون نتيجة والجرائم الشكلية قد تكون بنتيجة أو بدون نتيجة (6).
وإذا ما سلمنا للتقسيم الفقهي الذي نادى به بعض فقهاء القانون الجنائي الـــى تقسيم الجرائم حسب النتيجة الجرمية الى جرائم ضرر وجرائم خطر متناسين التقسيم الكلاسيكي للجرائم من جرائم مادية وشكلية فلا يسعنا إلا أن نظم جرائم التحريض غير المتبوع بأثر الى جرائم الخطر (7) لما تمثله من عدوان محتمل على المصالح محل الحماية القانونية.
ثانياً - الطبيعة القانونية بالنظر لطبيعة الحق المعتدى عليه : تقسم الجرائم حسب طبيعة الحق المعتدى عليه الى جرائم سياسية وجرائم عادية (8) ولبيان طبيعة جرائم التحريض غير المتبوع بأثر نظراً لهذا التقسيم يتوجب علينــا الوقوف أولاً على مفهوم الجرائم السياسية من خلال تعريفها وبيان معيار التمييز بينها وبين الجريمة العادية فقد عرفت الجريمة السياسية بأنها : ( الجريمة التي ترتكب بباعث سياسي أو تقع على الحقوق السياسية العامة أو الفردية وفيما عدا ذلك تعتبر الجريمة عادية ) (9) وقد عرفها المؤتمر السادس لتوحيد القوانين الجنائية في كوبنهاجن لسنة 1935 بأنها ( الجرائم الموجهة ضد تنظيم الدولة وسيرها وكذلك ضد حقوق المواطنين ) (10) واختلف الفقه الجنائي بصـــــدد معيار التمييز بين الجرائم السياسية والجرائم العادية الى مذهبين مذهـ موضوعي وآخر شخصي إذ يرى أنصار المذهب الموضوعي أن الجريمــــة كـــــي تصف بأنها جريمة سياسية لابد أن تهدف بالمساس بالنظام السياسي وتعرضه للخطر أي أن معيار الجريمة السياسية لديهم يتمثل بطبيعة الحق المعتدى عليـه أو المصلحة محل الحماية القانونية (11) ووفق هذا المذهب تعد الجرائم الواقعة على حقوق الافراد كالجرائم الماسة بحياة الإنسان وحريته وجرائم الأموال من الجرائم العادية حتى وأن ارتكبت بباعث سياسي أي لابد من أن تكون الدولة هي المجنى عليها في كل جريمة سياسية بوصفها سلطة عامة وأن تنصب الجرائم على استقلالها وسلامة أراضيها أو المساس بنظامها الدستوري وشكل نظام الحكم (12) ، أما المذهب الشخصي فيرى أن الجريمة السياسية هي الجريمة التي يكون الباعث على ارتكابها أو غايتها سياسية، فاذا ما ارتكبت الجريمة بدافع سياسي جعلها من الجرائم السياسية وأن كانت في الأصل جريمة عادية ويؤاخذ على هذا المذهب التوسع بفكرة الجريمة السياسية لا سيما أن الباعث أمر نفسي يصعب الكشف عنه (13).
وبعد هذا الايجاز عن مفهوم الجريمة السياسية وبيان معيار تميزها عن الجريمة العادية ، نرى أن من الصعوبة تحديد الطبيعة القانونية للتحريض غير المتبوع بأثر بضمه للجرائم السياسية ام العادية لا سيما أن المشرع العراقي قد نص عليه ضمن نصوص قانونية عديدة تناولها قانون العقوبات العراق وكذلك القوانين الجزائية الخاصة المكملة له، وبالوقوف على جميـــع هـذه التطبيقات للتحريض غير المتبوع بأثر يمكن القول أنه ينطوي تحت مسمى الجرائم العادية في أكثر تطبيقاته ومع ذلك فقد نص المشرع العراقي علــى جـزء من هذه التطبيقات ضمن جرائم أمن الدولة الداخلي والتي جعلها ذات طبيعـــة سياسية اذ ما ارتكبت بباعث سياسي، إذ أن المشرع لم يستثن هذه الجرائم مــن نطاق الجرائم السياسية كما فعل على سبيل المثال في جرائم امن الدولة الخارجي ، عليه يمكن القول أن جرائم التحريض غير المتبوع بأثر تعـد مــن الجرائم العادية باستثناء بعض تطبيقاتها المنصوص عليها في جرائم أمن الدولة الداخلي يمكن عدها جرائم سياسية اذا ما ارتكبت بباعث سياسي .
_______________
1-أن قانون العقوبات العراقي قد اكتفى ببيان أنواع الجرائم بالنظر الى جسامة الجريمة والتي قسمها الى جنايات وجنح ومخالفات وكذلك بالنظر الى طبيعة الحق المعتدى عليه الى جرائم سياسية وجرائم عادية وهذا ما نصت عليه المواد (20) (23) منه وترك ما تبقى من تصنيف الجرائم وبيان أنواعها للفقه الجنائي.
2- ينظر: د. رمسيس بهنام النظرية العامة للقانون الجنائي، ط3، منشأة المعارف، الإسكندرية ، 1997، ص 560.
3- ينظر: د. احمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات - القسم العام، ط6، 2015، ص 564.
4- ينظر: د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات - القسم العام ، طه ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2016 ، ص317.
5- ينظر د رمسيس بهنام النظرية العامة للقانون الجنائي، مرجع سابق، ص 561.
6- د. محمود نجيب حسني ، شرح قانون العقوبات - القسم العام ، مرجع سابق ، ص318.
7- يعرف جانب من الفقه الخطر بأنه ( هو احتمال حدوث الضرر أو هو مقدمه لحدوث الضرر) فهو بهذا المعنى الخطوة التي تسبق الضرر، ويرون أن درجة التخوف من حدوث الضرر وهي درجة الاحتمال والتي عندها يتحقق الخطر على المصالح محل الحماية القانونية هي درجة شخصية وموضوعية معا أي أنها تختلف من واقعة لأخرى كما تختلف من شخص لأخر بمعنى آخر أنه لا يمكن وضع قاعدة عامة تجزم أن ثمة احتمالا للضرر وبالتالي يوجد خطر . للمزيد ينظر د حسنين المحمدي بوادي ، الخطر الجنائي ومواجهته تأثيما وتجريما ، دار المطبوعات الجامعة، الإسكندرية ، 2008، ص49. و د. رمسيس بهنام النظرية العامة للقانون الجنائي ، مرجع سابق، ص 566.
8- ينظر: د. علي حسين الخلف و د. سلطان الشاوي، المبادئ العامة في قانون العقوبات، مطبعة السنهوري، بغداد، بلا سنة طبع، ص 297.
9- تنظر المادة (21) عقوبات عراقي، الجدير بالذكر أن التشريع المصري لم يضع ضمن النصوص القانونية العامة تفرقة بين الجريمة السياسية والجريمة العادية بل تعرض للجريمة السياسية في نصوص قانونية متفرقه فالأصل في هذا التشريع أنه لا يعتد بهذه التفرقة وعلى النتائج المترتبة على ذلك باستثناء امر تسليم المجرمين وهذا حال التشريع الأردني . للمزيد ينظر د وداد عبد الرحمن القيسي، الجريمة السياسية في القوانين المقارنة طا ، مطبعه القانون المقارن ، بغداد، 2010، ص 35 -38 .
10- ينظر احمد جلال عز الدين ، الإرهاب والعنف السياسي، دار الحرية ، القاهرة ، 1986، ص 66.
11- ينظر:د. عبد الفتاح مصطفى الصيفي ، قانون العقوبات اللبناني ، جرائم الاعتداء على امن الدولة والأموال ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1972، ص 25.
12- ينظر: د. يسر أنور علي ، شرح قانون العقوبات - النظرية العامة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1986، ص 253.
13- ينظر: د. وداد عبد الرحمن القيسي، الجريمة السياسية في القوانين المقارنة طا ، مطبعه القانون المقارن ، بغداد، 2010 ، ص 31 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|