أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-10-2015
4684
التاريخ: 2023-06-18
939
التاريخ: 28-5-2022
1787
التاريخ: 9-12-2017
2156
|
في مصر كما هو الحال في فرنسا لم تصل فكرة الضرورة الى ما هي عليه من تنظيم دستوري الا بعد ان مرت بمراحل متعددة لذلك فأننا سنتناولها ايضاً من خلال التطور الذي مرت به وصولاً الى تنظيمها الدستوري الحالي وذلك في مطلبين :
المطلب الأول : التطور التاريخي للنص الدستوري على نظرية الضرورة حتى عام 1971 .
المطلب الثاني : التنظيم الدستوري لنظرية الضرورة في دستور جمهورية مصر العربية ( دستور سبتمبر 1971 ) المادة ( 74 ) .
التطور التاريخي لنظرية الضرورة في الدساتير المصرية حتى عام 1971.
التقليد الذي درجت عليه الدساتير المصرية هو على العكس عما حصل في الدساتير الفرنسية حيث درجت الدساتير المصرية على ان ترخص لرئيس الدولة في ان يصدر عند قيام ظروف استثنائية في غياب البرلمان لوائح لها قوة القانون لمواجهة المشاكل الناجمة عن هذه الظروف وسنتناول هذه الدساتير على النحو الآتي :
اولاً : دستور سنة 1923 :
نصت المادة 41 من دستور سنة 1923 على انه ( اذا حدث فيما بين أدوار الانعقاد ما يوجب الإسراع الى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير فللملك ان يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون بشرط ان لا تكون مخالفة للدستور ويجب دعوة البرلمان الى" اجتماع غير عادي " وعرض هذه المراسيم عليه اول اجتماع له فاذا لن تعرض او لم يقرها احد المجلسين زال ما كان لها من قوة القانون ) (1) . ومن الجدير بالإشارة هنا ان هذا النص الدستوري سبقه نص ورد في المادة 41 من اللائحة الأساسية التي أصدرها مجلس شورى النواب بتاريخ 8 حزيران عام 1879 وكذلك المادة 41 من اللائحة الأساسية لمجلس النواب الصادر سنة 1882 وكلا هذين النصين ينصان على لوائح الضرورة ولو دققنا في المادة 41 من دستور 1923 لوجدنا ان المراسيم التي يصدرها الملك تخضع للقيود الاتية :
1ــ ان هذه المراسيم لا يجوز إصدارها الا في فترة العطلة السنوية للبرلمان والتي تقع بين ادوار انعقاد البرلمان . وسبب هذا القيد هو ان البرلمان اذا كان منعقداً فهو صاحب السلطة في التشريع ولا يوجد مبرر عندئذ لممارسة التشريع من قبل السلطة التنفيذية .
2ــ يجب ان يحدث ما يوجب الإسراع الى اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير , وأمام غموض هذه العبارة وعموميتها فأنه من الناحية العملية ان السلطة التنفيذية تقوم بتقدير قيام الحالات التي تتطلب سرعة اتخاذ هذه التدابير .
3ــ عدم جواز مخالفة هذه اللوائح للدستور . أي عدم جواز تعطيل الدستور من قبل رئيس الدولة ويقتصر دور هذه المراسيم بقانون على تعديل او الغاء القوانين القائمة او إنشاء قوانين جديدة .
4ــ يجب دعوة البرلمان الى اجتماع غير عادي لعرض لوائح الضرورة عليه في اول اجتماع له واذا لم تعرض عليه او لم يقرها احد المجلسين زال ما كان لها من قوة القانون
5ــ وتخضع هذه المراسيم بقوانين الى نوعين من الرقابة الأولى برلمانية والأخرى قضائية , فبالنسبة للرقابة البرلمانية هي رقابة ملاءمة يتم من خلالها للبرلمان تقدير ملاءمة وصلاحية التشريع وبقائه او عدم صلاحيته وسقوطه من تاريخ إقراره . أي ان المراسيم بقوانين تزول عنها قوة القانون باثر رجعي(2) . اما بالنسبة للنوع الثاني من الرقابة وهي القضائية فهي رقابة مشروعية من حيث ملاحظة مشروعية المرسوم بقانون وهل هو مستوف ام لا لشروطه الدستورية وعند توفر شروطه الدستورية يحكم القاضي بصحته وبعكسه فأنه يقضي بإلغائه وعندئذ يعتبر المرسوم بقانون باطلاً منذ صدوره .
ثانياً : دستور سنة 1930 :
نصت المادة 41 من دستور 1930 الذي حل محل دستور سنة 1923 بعد إلغائه على انه ( اذا حدث بين ادوار الانعقاد او في فترة حل مجلس النواب ما يوجب اتخاذ تدابير عاجلة فللملك ان يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون بشرط الا تكون مخالفة للدستور ويجب ان تعرض هذه المراسيم على البرلمان في ميعاد لا يتجاوز الشهر من اجتماعه التالي فاذا لم تعرض على البرلمان في ذلك الميعاد او لم يقرها احد المجلسين انتهى ما كان لها من قوة القانون ويجب ان ينشر في الجريدة الرسمية امر عدم عرض المراسيم او عدم إقرارها . ويمكننا ان نسجل الملاحظات الآتية على النص اعلاه وهي :
1ــ ان هذه المادة أجازت إصدار لوائح الضرورة في فترة حل البرلمان إضافة الى الفترة التي تقع بين أدوار الانعقاد وبذلك فلم يحدث الجدل الفقهي الذي اثير في ظل دستور 1923 حول إمكانية صدور لوائح الضرورة عند حل البرلمان حيث ان النص المذكورة لم يتضمن الإشارة الى فترة الحل(3) .
2ــ ان المادة 41 في ظل الدستور الجديد اكثر مرونة من المادة 41 في الدستور السابق والتي كانت متشددة بشأن اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الظروف الاستثنائية حيث ان المادة الجديدة تطلبت اتخاذ التدابير العاجلة في حين ان النص في ظل الدستور الاول كان متشدداً حيث تطلب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير .
3ــ ان المادة 41 من الدستور الجديد تكفل سرعة عرض المراسيم بقوانين على البرلمان وبالتالي سرعة الرقابة عليها من قبل البرلمان وهذا واضح من اشتراطها عرض تلك المراسيم على البرلمان خلال موعد لا يتجاوز الشهر من اجتماعه التالي في حين ان المادة 41 من الدستور القديم كانت قد نصت على دعوة البرلمان لاجتماع غير عادي لعرض المراسيم عليه في اول اجتماع له(4) .
4ــ اشترطت المادة الجديدة في ان تنشر حالتي عدم عرض المراسيم او عرضها وعدم إقرارها في الجريدة الرسمية في حين لا يوجد مثل هذا الشرط في دستور 1923 .
ثالثاً : دستور عام 1956 :
وهو أول دستور يصدر في مصر بعد قيام ثورة 23 تموز سنة 1952 وانبثاق الجمهورية المصرية . وقد نالت نظرية الضرورة نصيبها في هذا الدستور ايضاً وفي المادة 135 وعلى الوجه الآتي : ( اذا حدثت فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة او في فترة حله , ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير جاز لرئيس الجمهورية ان يصدر في شأنها قرارات تكون لها قوة القانون ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الأمة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها اذا كان المجلس قائماً وفي أول اجتماع له في حالة الحل فاذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة الى إصدار قرار بذلك اما اذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون الا اذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة او تسوية ما ترتب على آثارها بوجه اخر ) وهنا يمكن ملاحظة ما يأتي :
1ــ ان الدستور الجديد اشترط انعقاد مجلس الأمة خلال فترة خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور القرارات بقوانين لعرضها عليه . والا زال ما كان لها من قوة القانون .
2ــ ان المادة 135 تضمنت النص على ان قرارات رئيس الجمهورية التي تصدر استناداً اليها تكون لها قوة القانون . أي انها أدنى مرتبة من الدستور في سلم تدرج القواعد القانونية وبالتالي لا يجوز لها مخالفته(5) .
3ــ اما فيما يتعلق بجزاء عدم عرض المراسيم بقانون او عرضها وعدم المصادقة عليها من قبل احد المجلسين فقد نصت المادة 135 من الدستور المذكور على زوال قوة القوانين عنها بأثر رجعي(6) .ويلاحظ ان النص في الدستورين السابقين كان أوضح من النص في هذا الدستور حيث وردت عبارة مراسيم تكون لها قوة القانون وبشرط ان لا تخالف الدستور .
رابعاً : دستور عام 1958 :
صدر في هذا العام وبعد قيام الوحدة بين مصر وسوريا وفي 5 آذار من السنة نفسها وهو دستور الجمهورية العربية المتحدة الموقت وقد جاء في المادة 53 منه ( لرئيس الجمهورية ان يصدر أي تشريع او قرار مما يدخل اصلاً في اختصاص مجلس الأمة اذا دعت الضرورة الى اتخاذه في غياب المجلس على ان يعرض عليه فور انعقاده فاذا اعترض المجلس على ما اصدره رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي أعضائه سقط ما له من اثر من تاريخ الاعتراض وأهم ما يلاحظ على هذه المادة ما يأتي :
1ــ انها لم تحدد حالات الغياب التي يحق لرئيس الجمهورية فيها ان يصدر لوائح الضرورة مما يمكننا من القول بأنها تشمل كل حالات الغياب ( أي غياب البرلمان ) وهي حالة وقف لبرلمان وحالة حل البرلمان .
2ــ لم تحدد المادة 53 سالفة الذكر المدة التي يجب خلالها عرض ما اصدره رئيس الجمهورية من تشريعات وقرارات على مجلس الامة ولكنها اكتفت بالنص على ان تعرض هذه التشريعات والقرارات على المجلس فور انعقاده . أي عند انعقاده في دورته العامة .
3ــ وتضمنت هذه المادة شرطاً جديداً لم يرد في الدساتير السابقة على دستور 1958 وهو ضرورة ان يعترض ثلثا اعضاء مجلس الامة على قرارات رئيس الجمهورية حتى يسقط ما لهذه التشريعات والقرارت من اثر .
خامساً دستور عام 1964 :
في ظل هذا الدستور الذي صدره في 25 اذا من عام 1964 وفي المادة 195 منه التكرار حرفياً على ما ورد في المادة 135 من دستور 1956 باستثناء ما تقرره في نهايتها في زوال قوة القانون عن القرارات بقانون التي يعترض عليها مجلس الأمة اعتباراً من تاريخ الاعتراض على عكس المادة 135 والتي تنص على زوال ما لهذه القرارات من قوة القانون بأثر رجعي الا اذا رأى مجلس الامة اعتمادها للفترة السابقة او تسوية آثارها . واخيراً لا بد لنا من الإشارة الى ان السلطة التنفيذية قد أساءت استخدام هذه الرخصة التي خولتها لها الدساتير السابقة حيث كانت تصدر القرارات بقوانين سواء وجدت ظروف استثنائية تستدعي ذلك ام لم توجد(7) مثال ذلك القرار الصادر في ظل دستور 1930 وهو المرسوم بقانون الصادر في 22 تشرين الأول 1936 بشأن سريان أحكام المعاهدة الدولية لخطوط الشحن في الوقت الذي لم تكن هنالك ضرورة لصدور هذا المرسوم .ومن الأمثلة على إساءة استخدام الرخصة الدستورية الواردة في دستور 1958 صدور قوانين تموز الاشتراكية التي صدرت في 20 تموز 1961 دون ان تكون أية ظروف استثنائية تبرر ذلك ومن امثلة تلك القرارات بقوانين القرار بقانون المرقم 117 لسنة 1961 بتأميم بعض الشركات والمنشآت وفي ظل دستور 1964 ايضاً اسيء استخدام هذه الرخصة فأصدر في 9 تشرين الثاني القرار بقانون رقم 50 لسنة 1969 بشأن بعض التدابير الأمنية دون ان يكون هنالك ما يبرر صدور هذا القرار(8) . الأمثلة السابقة تبين لنا كيف أسيء استخدام رخصة الضرورة في الدساتير المصرية التي صدرت في ظلها فلقد كانت تنتهز السلطة التنفيذية العطلة البرلمانية لتصدر ما تشاء من القرارات بقوانين وبعد هذا العرض التاريخي لنظرية الضرورة في الدساتير المصرية السالفة الذكر , ننتقل الى التنظيم الدستوري الأخير لها في ظل دستور 1971 .
المطلب الثاني
التنظيم الدستوري لنظرية الضرورة في المادة ( 74 ) من دستور أيلول 1971
ان المادة 74 على خلاف التطبيقات الجزئية السابقة هي نوع من التنظيم الدستوري لنظرية الضرورة بكل أبعادها وفي كل صورها (9). وان غالبية الفقه المصري يذهب الى ان المشرع قد استوحى هذه المادة من المادة ( 16 ) من الدستور الفرنسي لسنة 1958 السالفة الذكر حيث اعتبرت تلك المادة الأصل التاريخي لهذه المادة ولوجود التشابه في الظروف التي دعت الى وضع كل من المادتين , فأذا كانت أزمة مايس السياسية سنة 1958 والتي ترتب عليها انهيار نظام الحكم في فرنسا هي السبب الرئيسي في وضع المادة ( 16 ) من دستور 1958 والتي تعد الأصل التاريخي القريب لنفس المادة 74 من دستور 1971 المصري فأن أزمة مايس السياسية في مصر عام 1971 والتي وقعت بسبب ما يسمى بثورة التصحيح التي حدثت في 4 او 5 مايس عام وبسبب ما اطلق عليه بمؤامرة مراكز القوى في ذلك الوقت وهي السبب الرئيس في وضع المشرع الدستوري المصري للمادة 74 من دستور 1971 الحالي(10) . ورغم التشابه الكبير بين الظروف التي ظهرت فيها المادتان ورغم التشابه ايضاً بين النصين الا ان النص المصري لم يتضمن الضمانات الكافية التي تكفل عدم إساءة استخدام رئيس الجمهورية للاختصاصات المخولة له . وذلك لمنحه اختصاصات تكاد تكون مطلقة حيث تشمل حتى المجالات المحتجزة أصلا للسلطة التشريعية والتي يجب تنظيمها بقانون كضمانة جوهرية في تنظيمها مما يجعل للرأي العام أهمية خاصة في هذا المجال(11) . ولا بد للإشارة هنا من ان الدستور المصري الحالي كان قد تناول حالة الضرورة في مواد أخرى كالمادة 147 والتي ايضاً تخول رئيس الجمهورية حق ممارسة العديد من الاختصاصات الاستثنائية الا ان هذه الاختصاصات يمارسها رئيس الجمهورية في فترات تعطيل البرلمان ( مجلس الشعب ) الا ان ما يميز المادة 74 هو حق رئيس الجمهورية في ممارستها في أوقات الأزمات حتى ولو كان مجلس الشعب منعقداً . وفيما يأتي نص المادة 74 من دستور 1971 : ( لرئيس الجمهورية اذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية او سلامة الوطن او يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري ان يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر ويوجه بياناً الى الشعب ويجري الاستفتاء على ما أتخذه من إجراءات خلال ستين يوماً من اتخاذها ) . وسوف نتناول دراسة المادة 74 من دستور 1971 حسب الترتيب الاتي :
الفرع الأول : شروط تطبيق المادة 74 .
الفرع الثاني : التطبيقات العملية للمادة 74 .
الفرع الثالث : مقارنة بين المادة 74 من الدستور المصري والمادة 16 من الدستور الفرنسي .
الفرع الأول
شروط تطبيق المادة 74 من دستور 1971 :
هنالك شروط موضوعية وأخرى شكلية اشترطها المشرع الدستوري المصري لتطبيق المادة 74 وسوف نتناولها على النحو الآتي :
أولا : الشروط الموضوعية(12) :
1ــ وجود خطر جسيم وحال , الرجوع للشروط الموضوعية المادة 16 من الدستور الفرنسي ما هو المقصود بالخطر الجسيم والحال . وهو نفس المعنى الذي قصده المشرع المصري في نص المادة ( 74 ) وان لم يذكر صراحةً صفة الخطر الا ان هذه الصفة التي تبرر اللجوء الى المادة ( 74 ) على رأي الكثير من الفقهاء بحيث يعتبر اللجوء اليها هي الوسيلة الوحيدة الممكنة لدرء الخطر ومن المعلوم هنا بأن الدستور المصري الحالي قد نص على حالة الضرورة ومنح رئيس الجمهورية سلطات استثنائية في مواد اخرى يمكنه الرجوع اليها فمثلاً ان المواد 108 و 147 و 148 كلها تعطي الحق لرئيس الجمهورية في ذلك الا ان رئيس الجمهورية وكما بينا لا يستطيع ان يلجأ الى هذه المادة الا اذا لم يكن امامه من سبيل غيرها للتغلب على المخاطر التي تهدد كيان البلاد وهي التي تكون الأخطار حالة وجسيمة فعلاً اما تقدير ذلك فقد تركته المادة الى رئيس الجمهورية نفسه وهو واضح من عبارة ( لرئيس الجمهورية ) الواردة في بداية النص .
2ــ التهديد : لا يكفي ان يكون الخطر حالاً وجسيماً لكي يجوز لرئيس الجمهورية ان يلجأ للمادة 74 وانما يتعين ان يهدد ذلك الخطر موضوعات معينة وردت على سبيل الحصر في المادة 74 وهذه الموضوعات ثلاثة هي :
أ ــ الوحدة الوطنية : عرفت المادة الأولى من قانون حماية القيم من العيب رقم 34 لسنة 1972 الوحدة الوطنية بأنها ( الوحدة القائمة على احترام نظام الدولة والمقومات الأساسية المجتمع ) كما عرفها الفقه بأنها :
1ــ تحالف قوى الشعب العاملة .
2ــ تكافؤ الفرص بين المواطنين الحقوق والوجبات العامة .
3ــ حرية العقيدة وحرية الرأي بما لا يمس الآخرين او المعوقات الأساسية للمجتمع .
4ــ سيادة القانون(13) .
ويقول الدكتور يحيى الجمل بشأن تهديد الوحدة الوطنية ( … ان تهديد الوحدة الوطنية الذي يبرر الرجوع الى نص المادة 74 بكل ما يحمله من معانٍ استثنائية لا يمكن ان يكون تهديداً فردياً او تهديداً عارضاً او من مجموعة لا قيمة لها من الناس وانما يتعين ان يصل التهديد الى حد لا يمكن معالجته في ظل القانون رقم 34 لسنة 1972 في شأن حماية الوحدة الوطنية بمعنى ان يكون تهديداً يوشك ان يعصف بتلك الوحدة عصفاً لا يقاومه الا الإجراءات السريعة التي يستطيع رئيس الجمهورية ان يتخذها بناءً على النص الدستوري(14) . وهنا ايضاً يقول الدكتور سامي جمال الدين وعلى هذا الأساس لا يعد تهديداً للوحدة الوطنية الا ما كان من شأنه ان يؤدي بالبلاد حقيقة وواقعياً الى عكسها أي الى انقسام وتطاحن من يعيش فيها كالحرب الأهلية مثلاً , اياً كان مصدرها او اصل الخطر الذي ادى اليها فقد يكون صراعاً دينياً وقد يكون صراعاً طبقياً , بل قد يصل الصراع الحزبي أحيانا الى هذا الحد من الخطورة فهذه الأمور هي جد خطيرة وهي التي تبرر اللجوء الى المادة 74 (15).
ب ـ سلامة الوطن :
يقصد بسلامة الوطن ( حماية أمن الدولة من أي تهديد داخلي او خارجي ) ايضاً هنا يقول الدكتور يحيى الجمل ( واذا كانت الصورة الأساسية لتعريض سلامة الوطن للخطر هي صورة الغزو الخارجي او التهديد الحقيقي به فأن سلامة الوطن يمكن ان تتعرض لخطر جسيم من الداخل ايضاً في بعض الصور التي أشرنا اليها ولكن ذلك أمراً لا يجوز التوسع فيه فأن إضرابا لقطاع الطلاب او العمال او معارضة , حتى ولو كانت قوية ما دامت سلمية . للحكومة او حتى لرئيس الجمهورية نفسه لا تعد في تقديرنا مبرراً للرجوع الى هذه المادة ) (16) . واذا كان في تعرض سلامة الوطن للغزو الخارجي هو المثل الذي يتبادر الى الذهن ابتداءً الا ان عصياناً مسلحاً او تمرداً عسكرياً من القوات المسلحة او الشرطة او اذا تعرضت المرافق الأساسية في البلاد لنوع من الشلل . كل هذه صور تتعرض فيها سلامة الوطن للخطر . ونحن نرى بأن هذه الحالة وان كانت قد وردت مع الحالتين الأخريين وهي الوحدة الوطنية واعاقة مؤسسات الدولة , وهي الحالات التي تبرر لرئيس الجمهورية اللجوء للمادة 74 من الدستور الا اننا نرى بأنها ذات مدلول واسع مما يستلزم عدم التوسع في تفسيرها من جهة بل التضييق في تفسيرها الى الحد الذي لا يسمح للجوء لاستخدم المادة 74 بسهولة تحت تبرير ( سلامة الوطن ) .
ج ــ أعاقة مؤسسات الدولة : يقصد بإعاقة مؤسسات الدولة إعاقة السلطات العامة للدولة والمتمثلة بالسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية وايضاً الأجهزة العليا للدولة مثل القوات المسلحة ومجلس الدفاع الوطني والشرطة والمحكمة الدستورية العليا والجدير بالذكر ان المشرع المصري استخدم عبارة مؤسسات الدولة على خلاف المشرع الفرنسي الذي استخدم في المادة ( 16 ) عبارة السلطات العامة وان هذا الخلاف لا يعدو ان يكون نظرياً ويؤكد ذلك الطبيعة الاستثنائية للنصين المصري والفرنسي(17) . الملاحظة المهمة التي يمكن إيرادها هنا هو ان النص المصري للمادة 74 قد اشترط ( إعاقة ) مؤسسات الدولة في حين ان النص الفرنسي للمادة 16 قد اشترط ( انقطاع ) السير المنتظم للسلطات العامة . ومعروف في ان كلمة إعاقة تقل مداها عن كلمة انقطاع . أي لا يشترط هنا ان يكون هنالك استحالة مادية تؤدي او تمنع المؤسسات من أداء عملها وبأداء دورها الدستوري بل تكفي مجرد الإعاقة عن ممارسة هذا الدور على النحو الطبيعي المعتاد . واخيراً فانه واضح وكما بينا بأن المؤسسات غير الدستورية غير مشمولة بهذا الشرط كالمؤسسات الاقتصادية مثلاً .
ثالثاً : الشروط الشكلية او الإجرائية :
هنالك إجراءان لاحقان يتعين على رئيس الجمهورية اتخاذها بعدما يقرر اللجوء الى المادة ( 74 ) وهما :
الشرط او الأجراء الأول : توجيه بيان الى الشعب : ان أول أجراء كما قلنا يتخذه رئيس الجمهورية بعدما يقرر الرجوع الى المادة ( 74 ) هو أعلام الشعب بالظروف التي تمر بها البلاد والتي اضطرته باستعمال المادة المذكورة كما ان هذه البيان يجب ان يأتي بعد قرار رئيس الجمهورية مباشرة ودون تراخٍ وذلك لاعلام الناس بتطبيق النظام القانوني الاستثنائي المستمد من تلك المادة . لذلك ينبغي ان يتم نشر هذا البيان والذي يعد بمثابة الوثيقة الرسمية في الجريدة الرسمية كما يجب إعلانه في جميع وسائل الأعلام من راديو وتلفزيون وتمكين جميع الباحثين والدارسين من الاطلاع عليه ومن ثم امام الراي العام ومن الملاحظ ان هذا البيان الموجه من رئيس الجمهورية واطلاع الشعب عليه بمكن ان يخلق نوعاً من التعاون والتكاتف والدعم لقرار رئيس الجمهورية سيما وان البلد يتعرض الى الخطر والحاجة ماسة الى وحدة الصف(18) . هذا ومن الملاحظ ان الرئيس السادات حينما قرر اللجوء الى هذه المادة في مرتين وفي عامي 1977 و 1981 فأنه وجه بياناً الى الشعب بذلك بين الأسباب والدوافع لذلك والاجراءات التي ينوي اتخاذها ففي ما يتعلق بأحداث عام 1977 فأن بياناً قد صدر في 3 شباط من نفس العام وأوضح رئيس الجمهورية بموجب ذلك البيان اللجوء للمادة 74 من الدستور وقد ورد فيه ( انه بالنظر لما دبر من حوادث شغب وتخريب وعدوان على المال العام في أحداث 18 و 19 كانون الثاني سنة 1977 مما يؤثر في تحقيق الأهداف القومية ويعوق المسيرة الوطنية ويهدد امن الشعب والأمن القومي للدولة ويقضي على وحدتنا الوطنية , وحيث ان احتمال تكرار مثل هذه الحوادث يعد تقويضاً جذرياً لكل مكاسب الشعب ومؤسساته الدستورية والضمانات التي يوفرها الدستور لاقامة مجتمع اشتراكي ديمقراطي يأمن فيه كل مواطن على نفسه وماله وعلى عمله واستلهاما لما عبرت عنه جماهير شعبنا من تمسكها بالشرعية الدستورية ومؤسساتها الديمقراطية في ظل مجتمع يقوم على أساس سيادة القانون ورغبتها الأكيدة في الحفاظ على ثروتها القومية من كل عبث وتخريب ) … الى اخره(19) . اما فيما يتعلق بالتطبيق الثاني للمادة ( 74 ) من الدستور وذلك في عام 1981 فأن رئيس الجمهورية قد وجه ايضاً بياناً للشعب في 5 / 9 / 1981 والذي جاء فيه ( وفي الآونة الأخيرة وقعت أحداث جسيمة هددت الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وسلامة الجبهة الداخلية بخطر جسيم ... كما ان بعض الأفراد قد استغلوا هذه الأحداث وعمدوا الى تصعيدها الأمر الذي وجب معه اتخاذ إجراءات سريعة وفورية لمواجهة هذا الخطر الذي هدد الوحدة الوطنية وسلامة الوطن انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية الدستورية المستمدة من أحكام المادة 73 من الدستور ) (20) . الشرط او الاجراء الثاني ــ استفتاء الشعب على الإجراءات المتخذة من قبل رئيس الجمهورية : يتضمن هذا الاجراء استفتاء الشعب وخلال فترة ستين يوماً من تاريخ اتخاذ تلك الاجراءات من قبل رئيس الجمهورية . اما عن الإجراءات التي يجب استفتاء الشعب عليها فأننا نرى مع الدكتور يحيى الجمل بأن تستبعد الإجراءات الفردية التي تتخذ ضد افراد معينيين في الاستفتاء مثال ذلك قرار فصل موظف او وضع شخص تحت الحراسة اذ ليس من المعقول ان يستفتى الشعب على فصل موظف او وضع شخص تحت الحراسة . والامر الجائز والمعقول ان يستفتى الشعب في الأمور والإجراءات ذات الطابع العام . اما عن طبيعة الإجراءات والاستفتاء التي يتم عليها فقد كان للفقه اراء متعددة فالأستاذ طعيمه الجرف(21) يرى بأن هذه الإجراءات تمثل نموذجاً لاعمال السيادة العليا ومن ثم لا تخضع لرقابة القضاء او مجلس الشعب ذاته وانما تخضع لرقابة شعبية تتمثل في الاستفتاء بينما يرى الدكتور فؤاد مهنا بان الإجراءات التي يصدرها رئيس الجمهورية استناداً للمادة ( 74 ) انما يصدرها بوصفه سلطة حكومية لا بوصفه سلطة إدارية ومن هنا يبدو إخضاعها لقضاء الإلغاء محل نظر(22) . اما الدكتور سليمان الطماوي فيرى سيادته بأن هذا الاستفتاء يكسب القرارات التي يصدرها رئيس الجمهورية استناداً للمادة 74 طبيعة قانونية تميزها عن الأعمال القانونية الأخرى التي يباشرها رئيس الجمهورية وثم لا يجوز المساس بها سواءً بالتعديل او الإلغاء الا بأجراء مماثل وفقاً لقاعدة تقابل الإجراءات(23).
وأخيراً فأن الدكتور عبد العظيم عبد السلام يذهب الى ان هذا الاستفتاء لا يعد استفتاءً تشريعياً بل هو استفتاء سياسي وتأييدٌ من الشعب للحكومة في سياستها فهو لا يؤثر في الطبيعة القانونية للإجراءات محل الاستفتاء او على قوتها القانونية او على مشروعيتها او صلاحيتها أمام القضاء او البرلمان حيث تبقى الإجراءات قبل الاستفتاء وبعدها قرارات إدارية لها قوتها الإدارية الى ان يوافق عليها البرلمان اذ تصبح بعد هذه الموافقة أعمال تشريعية وتخضع لرقابة المحكمة الدستورية . ونحن نؤيد في هذا الموضوع ما ذهب اليه الاستاذ الدكتور الطماوي من ان قرارات رئيس الجمهورية التي تفسر استناداً للمادة 74 قرارات ذات طبيعة قانونية خاصة تتميز بها عن الأعمال القانونية الأخرى لرئيس الجمهورية ومن ثم لا يجوز تعديلها او إلغاؤها الا بأجراء مماثل وفقاُ لقاعدة تقابل الاختصاص .
الفرع الثاني
التطبيقات العملية للمادة 74 من دستور 1971 :
لجأ رئيس الجمهورية المصري السابق ( السادات ) للمادة 74 مرتين منذ صدور دستور 1971 وسوف نحاول ان نستعرض هذين التطبيقين كل منها على حدة وكما يأتي :
اولاً : التطبيق الأول للمادة 74 ( تطبيق عام 1977 ) :
أعلن رئيس الجمهورية لجوءه للمادة المذكورة في 3 شباط 1977 على اثر أحداث الشغب التي تعرضت لها البلاد في يومي 18 و 19 من كانون الثاني من نفس العام والتي شملت معظم مدن الجمهورية حيث وجه بياناً للشعب ثم أصدر القرار بقانون والمرقم 2 لسنة 1977 وقد تضمن جملة تدابير وقيود نوردها فيما يلي :
1ــ السماح بتكوين الأحزاب طبقاً لما ينص عليه القانون الخاص بإنشاء الأحزاب(24) حال صدوره من السلطة التشريعية .
2ــ التنظيمات السرية او التنظيمات المعادية لنظام المجتمع او ذات الطابع العسكري محظورة طبقاً للدستور ويعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة او المؤبدة كل من شارك فيها او دعى الى إنشائها.
3ــ معاقبة كل من تجمهر بقصد تخريب او إتلاف الأملاك العامة او التعاونية او الخاصة بالأشغال الشاقة المؤبدة وتطبيق نفس العقوبة على المحرضين او المشجعين .
4ــ إعفاء من يملكون 3 أفدنة فأقل من الضرائب وكذلك الدخول التي لا تتعدى 500 جنيه في السنة .
5 ــ على كل مواطن ان يتقدم ببيان ما لديه من ثروة مهما تنوعت وأينما يكون هو وزوجته وأولاده القصر خلال ثلاثة شهور من صدور القانون وتدرج في بطاقة ضريبة كل مواطن ويعاقب كل من يتقدم ببيانات غير صحيحة عن ثروته او يتهرب من اداء الضرائب والتكاليف العامة بالأشغال المؤقتة وتعد جريمة التهرب من اداء الضريبة او تقديم بيانات غير صحيحة عن الثروة جريمة مخلة بالشرف والأمانة تحرم من تثبت عليه من تولي المناصب العامة وتفقده الثقة والاعتبار .
6ــ يعاقب بالأشغال الشاقة المؤيدة كل من دبر او شارك في تجمهر يؤدي الى اثارة الجماهير بدعوتهم الى تعطيل تنفيذ القوانين اللوائح بهدف التأثير على ممارسة السلطات الدستورية لاعمالها . او منع الهيئات الحكومية او مؤسسات القطاع العام والخاص او معاهد العلم من ممارسة عملها باستعمال القوة او التهديد باستعمالها وتطبيق نفس العقوبة على مدبري التجمهر ولو لم يكونوا مشتركين فيه وعلى المحرضين والمشجعين .
7ــ يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة الذين يضربون عن عملهم عمداً متفقين في ذلك او مبتغين تحقيق غرض مشترك اذا كان شأن هذا الأحزاب تهديد الاقتصاد القومي
8ــ يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة كل من دبر او شارك في تجمهر او اعتصام من شأنه ان يعرض السلم العام للخطر .
وبعد ان ذكرنا تلك القيود او التدابير التي أوردها القرار السالف الذكر يرد تساءل عن مدى توافر شروط التطبيق التي أوردناها سابقاً بالنسبة للمادة ( 74 ) . الجواب عن ذلك وكما يراه الدكتور حميد الساعدي بأن القرار المذكور قد جانب الصواب وذلك لان أحداث 19 كانون الثاني 1977 لم تكن من الجسامة والخطر الذي ( يعوق مؤسسات الدولة عن اداء دورها الدستوري ) (25) بدليل ان الدولة استطاعت ان تقضي على تلك الأحداث خلال فترة اسبوع . كما ان الدكتور سامي جمال الدين(26) يرى ان تلك الأحداث لم تكن ( حالة ) حيث ان تلك الأحداث كانت قد وقعت وانتهت بدليل ما ذكره رئيس الجمهورية في بيانه من انه ( تم القضاء على المؤامرة في مهدها ) كما ان مؤسسات الدولة قد استمرت في أداء عملها اذ تمكنت من القضاء على هذا الخطر . لذلك فان اللجوء الى المادة ( 74 ) كان غير صحيح .
ثانياً ــ التطبيق الثاني للمادة ( 74 ) :
أثر أحداث ايلول عام 1981 المتعلقة بالفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين وتخريب دور العبادة وتعرض البلاد لأخطار جسيمة تهدد الوحدة الوطنية , لجأ رئيس الجمهورية الى المادة ( 74 ) حيث وجه بياناً في 5 ايلول عام 1981 الى الشعب اعلن فيه لجوءه للمادة المذكورة حفاظاً على وحدة الوطن والسلام الاجتماعي وقام رئيس الجمهورية بإصدار عشرة قرارات ثلاثة منها ذات صفة تنظيمية تستند للمادة 47 من الدستور والتي تجيز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات بقوانين في حالة الضرورة وسبعة قرارات فردية استندت الى المادة ( 74 ) تناولت في جملتها طوائف عديدة من الشعب في الوقت الذي كان يفترض فيها ان تصدر لمواجهة خطر يهدد الوحدة الوطنية(27) والقرارات السبعة هي :
1ــ القرار بقانون رقم 486 لعام 1981 الخاص بنقل الصحفيين وبعض العاملين في المؤسسات الصحفية القومية وبعض العاملين في الإذاعة والتلفزيون الى جهات اخرى .
2ــ القرار بقانون رقم 490 لعام 1981 الخاص بنقل بعض أعضاء هيئة التدريس في الجامعات والمعاهد العليا الى الوظائف التي يحددها وزير التعليم العالي والبحث العلمي .
3ــ القرار بقانون 491 لسنة 1981 الخاص بإلغاء قرار تعيين البابا شنودة الثالث بطريرك الأقباط الأرثوذكس .
4 ــ القرار بقانون 492 لسنة 1981 الخاص بحل الجمعيات الإسلامية والمسيحية .
5ــ القرار بقانون 493 لسنة 1981 الخاص بالتحفظ على كل من توافرت فيه دلائل جديدة على انه شارك في او جند او استغل الأحداث التي هددت الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي او سلامة الوطن .
6ــ القرار بقانون 494 لسنة 1981 الخاص بإلغاء التراخيص الممنوحة لبعض الصحف والمطبوعات .
7ــ القرار بقانون رقم 495 لسنة 1981 الخاص بالتحفظ على أموال الهيئات والمنظمات والجماعات والجمعيات التي مارست نشاطاً او أعمالا هددت الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي
هذا وان ما وجه من نقد الى التطبيق الأول وجه ايضاً الى التطبيق الثاني والى قراري رئيس الجمهورية باللجوء للمادة ( 74 ) في عامي 1977 و 1981 أضف الى ذلك ما قيل بشأن قرار اللجوء للمادة ( 74 ) الثاني المؤرخ 5 ايلول 1981 ( بالرغم من قيام قانون حماية الوحدة الوطنية رقم 34 لسنة 1972 وكفايته لمواجهة الأحداث المشار اليها الا ان الرئيس فضل اللجوء للمادة ( 74 ) مما يؤكد ان الدافع في ذلك هو تحقيق بعض الأهداف السياسية عن طريق اجراء الاستفتاء المنصوص عليه في تلك المادة )(28) . هذا وقد قضت محكمة القضاء الإداري في 11 / 2 / 1982 ( الدعوى 3123 لسنة 35 ق ) بصدد هذا التطبيق بعدم توافر الخطر الحال في ذلك الوقت علاوة على انه لم يكن يستحيل على الإدارة مواجهة الخطر بالقواعد القانونية القائمة وبذلك ينتفي قيام حالة الضرورة ) (29) .
الفرع الثالث
مقارنة بين نص المادة ( 74 ) في الدستور المصري والمادة ( 16 ) في الدستور الفرنسي ( اوجه الشبه والاختلاف بين النصين ) بالرغم مما ذهب اليه غالبية الفقه من ان المادة ( 16 ) من الدستور الفرنسي تشكل الاصل التاريخي للمادة ( 74 ) من الدستور المصري وبالرغم من التشابه الكبير في الظروف التي أدت الى تدوين كلاً النصين الا ان ثمة ملاحظات يمكن تسجيلها على كلا النصين وتحت عنوان اوجه الشبه والاختلاف وكما يلي :
اولاً ـ اوجه الشبه :
1ــ يتفق كلا النصين ابتداءً في ضرورة أعلام الأمة وذلك عن طريق بيان يوجهه رئيس الجمهورية يبين فيه دواعي لجوئه للمادة المذكورة والإجراءات التي ينوي اتخاذها .
2ــ ان كلا من النصين اورد وصفاً لتلك الإجراءات التي يتخذها رئيس الجمهورية .
ففي النص المصري وردت عبارة ( الإجراءات السريعة ) في حين استعمل النص الفرنسي عبارة ( الإجراءات اللازمة ) وهذا ما دفع بعض الفقهاء الى القول بأن عبارة الإجراءات السريعة تحمل نوعاً من الحيطة الدستورية أريد بها الاشارة الى ان هذه الإجراءات لا تتصف بالديمومة او الاستقرار بل هي أشبه ما تكون بالإسعافات الأولية التي تعطي للمريض كي تساعده على تخطي الازمة المرضية(30) .
3ــ ولعل ما يوضح القول السابق هو ان الفقه اجاز لرئيس الجمهورية استناداً لحالة الضرورة وقف بعض مواد الدستور مؤقتاً . في حين لم يجز قط تعديل او الغاء الدستور .
4ــ ان كلا النصين اجاز لرئيس الجمهورية اختراق المجال التشريعي والمحتجز اصلاً للسلطة التشريعية وبالقدر الذي تقتضيه الضرورة .
ثانياً : اوجه الاختلاف :
1ــ لقد تضمن النص الفرنسي بعض الضمانات اللازمة لاستخدامه مثل استشارة رئيس الوزراء ورئيسي المجلس الدستوري والبرلمان , بينما لم يتضمن النص المصري مثل هذه الضمانات .
2ــ اما فيما يتعلق بالبرلمان نفسه فقد نصت المادة ( 16 ) من الدستور الفرنسي على عدم جواز حل الجمعية الوطنية اثناء فترة تطبيقها , لتمكينها من رقابة الإجراءات التي يصدرها رئيس الجمهورية استناداً اليها في حين ان المادة 74 لم تتضمن النص على عدم جواز حل مجلس الشعب طيلة مدة تطبيقها .
3ــ اوجد النص المصري نوعاً من الرقابة الشعبية على تطبيق المادة ( 74 ) وذلك من خلال نصه على وجوب استفتاء الشعب خلال فترة ستين يوماً من تاريخ اصدار القرارات التي يتخذها استناداً للمادة المذكورة في حين لا يوجد مثل ذلك في النص الفرنسي .
_____________________
(1) نص المادة 41 من دستور مصر سنة 1923 .
د . السيد صبري – اللوائح التشريعية - 1944 -مرجع سابق - ص25 .
و .د . احمد مدحت علي – نظرية الظروف الاستثنائية – مرجع سابق -ص65 وما بعدها .
(2) د . محمد كامل ليله – القانون الدستوري – مرجع سابق - ص432 وما بعدها .
و . د . احمد مدحت علي – نظرية الظروف الاستثنائية – مرجع سابق ص68 .
(3) د . يحيى الجمل – نظرية الضرورة – مرجع سابق - ص179 .
(4) د . مدحت احمد علي – نظرية الظروف الاستثنائية – مرجع سابق - ص 69 – 70 .
(5) د . عثمان خليل – النظام الدستوري المصري – القاهرة - 1956 – ص310 .
(6) د . احمد مدحت علي – نظرية الظروف الاستثنائية – مرجع سابق - ص70 .
(7) د . احمد مدحت علي – نظرية الظروف الاستثنائية – مرجع سابق - ص71 .
(8) د . احمد مدحت علي – نظرية الظروف الاستثنائية – ص71 – مرجع سابق .
(9) د . يحيى الجمل – نظرية الضرورة – مرجع سابق - ص182 .
(10) د . رمزي الشاعر – القانون الدستوري – النظرية العامة والنظام الدستوري المصري – دار النهضة العربية - القاهرة -1996 - ص259.
(11) د . عبد العظيم عبد السلام – الدور التشريعي لرئيس الدولة في النظام المختلط – مرجع سابق - ص287
(12) راجع في ذلك : د . عبد العظيم عبد السلام – الدور التشريعي لرئيس الدولة في النظام المختلط – مرجع سابق - ص290 وما بعدها .
د . سامي جمال الدين – لوائح الضرورة – مرجع سابق - ص125 وما بعدها .
د . يحيى الجمل – نظرية الضرورة – مرجع سابق - ص192 وما بعدها .
(13) د . عبد العظيم عبد السلام – الدور التشريعي لرئيس الدولة في النظام المختلط – مرجع سابق - ص287
(14) د . يحيى الجمل – نظرية الضرورة – مرجع سابق ص ص 196 – 197 .
د . عبد العظيم عبد السلام – الدور التشريعي لرئيس الدولة في النظام المختلط – مرجع سابق - ص290.
د . جابر جاد الحق – نظام الاستفتاء . دراسة مقارنة – القاهرة - 1992 - ص202 وما بعدها.
(15) د . يحيى الجمل – نظرية الضرورة – مرجع سابق - ص196 – 197 .
(16) د . يحيى الجمل – نفس المرجع - ص196 .
(17) د . رمزي الشاعر – القانون الدستوري . نظرية العامة والنظام الدستوري المصري – مرجع سابق ص262 .
(18) د . عبد العظيم عبد السلام – الدور التشريعي لرئيس الدولة في النظام المختلط – مرجع سابق ص294
(19) د . هشام عبد المنعم حسين عكاشة – مسؤولية الإدارة عن اعمال الضرورة – دار النهضة العربية - سنة 1998 – ص 119 . رسالة دكتوراه – جامعة القاهرة .
(20) د . وجدي ثابت غبريال – السلطات الاستثنائية لرئيس الجمهورية – مرجع سابق – ص 467 .
(21) د . طعيمه الجرف – مبدأ المشروعية – مرجع سابق - ص128 .
(22) د . فؤاد مهنا – مبادئ واحكام القانون الإداري في ظل الاتجاهات الحديثة – القاهرة – 1975 - ص766 0 767 .
(23) د . سليمان الطماوي – القرارات الإدارية – دار النهضة العربية - القاهرة - 1984 ص112 وما بعدها .
(24) د . عبد العظيم عبد السلام – الدور التشريعي لرئيس الدولة في النظام المختلط – مرجع - سابق ص299 .
و . د . حميد الساعدي – الوظيفة التنفيذية لرئيس الدولة في النظام الرئاسي – دراسة مقارنة رسالة دكتوراه القاهرة – جامعة عين شمس - 1981 ص341 القاهرة .
(25) راجع في ذلك د . حميد الساعدي – الوظيفة التنفيذية لرئيس الدولة في النظام الرئاسي – مرجع سابق ص342 .
(26) د . سامي جمال الدين – لوائح الضرورة – مرجع سابق - ص136 .
(27) د . عبد العظيم عبد السلام – الدور التشريعي لرئيس الدولة في النظام المختلط – مرجع سابق - ص302
(28) د . سامي جمال الدين – لوائح الضرورة – مرجع سابق - ص139 .
(29) ومما ما ورد في قرار المحكمة المذكور ( ان الضرورة كسبب للقرار الاداري لا تقوم الا بتوافر ثلاثة اركان هي :
1ـ ان يكون هناك خطر جسيم مفاجئ يهدد النظام والامن … وانه يتبين ان خطاب رئيس الجمهورية ان الخطر الجسيم المفاجئ الذي دفعه الى اصدار القرارات هو .. ولما كانت القرارات المطعون فيها قد صدرت في تاريخ لاحق على وقوع تلك الاحداث فانها بذلك تكون قد صدرت في وقت لم تكن فيه الامور تستلزم صدورها لان اتخاذ هذه القرارات منوط بتوافر خطر حال لا خطر زال او خطر قد يحدث في المستقبل . بذلك ينتفي الركن الاول لقيام حالة الضرورة ) .. المرجع نفسه - ص139 .. .
(30) د . يحيى الجمل – نظرية الضرورة – مرجع سابق - ص 204 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|