المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6242 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



حجيّة الأصول الأربعمائة.  
  
1266   09:00 صباحاً   التاريخ: 2023-11-14
المؤلف : الشيخ أسعد كاشف الغطاء.
الكتاب أو المصدر : الأصول الأربعمائة.
الجزء والصفحة : ص 27 ـ 36.
القسم : الحديث والرجال والتراجم / علم الحديث / الأصول الأربعمائة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-12 1186
التاريخ: 17-8-2016 837
التاريخ: 2023-07-27 1242
التاريخ: 2023-08-10 1302

في حجيّة الأصول الأربعمائة يجب البحث في أمرين مُهمَّين فَلا يمكن الجمع بينهما كما فعل السابقين واللاحقين وهما أولاً في نفس الاصول الاربعمائة هل هي في صحة سند الحديث وتقويته أم لا؟ والثاني في نفس صاحب الاصول الاربعمائة وذكره هل يفيد المدح أو لا؟

الأول: نفس الاصول الأربعمائة

 قال المحقق الداماد في الراشحة التاسعة والعشرين من رواشحه بعد ذكر الأصول الأربعمائة: "وليعلم أنّ الأخذ من الأصول المصحّحة المعتمدة أحد أركان تصحيح الرواية" (1).

وفي مشرق الشمسين بعد ذكر الأمور الموجبة لحكم القدماء بصحة الحديث:

"وعدّ منها: وجود الحديث كثير من الأصول الأربعمائة المشهورة المتداولة عندهم، ومنها: تكرّر الحديث في أصل أو أصلين منها بأسانيد مختلفة متعددة، (ومنها) وجوده في أصل رجل واحد معدود من اصحاب الاجماع" (2).

وفي الوافي قال: "المتعارف بين [المتقدّمين] إطلاق الصحيح على كل حديث اعتضد بما يقتضي الاعتماد عليه وبما يوجب الوثوق والركون اليه كوجود في كثير من مشايخهم بطرقهم المتصلة الى اصحاب العصمة - سلام الله عليهم - وتكرّره في أصل أو أصلين منها فصاعداً بطرق مختلفة وأسانيد عديدة معتبرة، وكوجود في أصل معروف والانتساب الى أحد الجماعة اجمعوا على تصديقهم كزرارة ومحمد بن مسلم والفضيل او على تصحيح ما يصح عنهم" (3).

وفي الذريعة: "فوجود الحديث في الأصل المعتمد عليه بمجرّده كان من موجبات الحكم بالصحة عند القدماء، وأمّا سائر الكتب المعتمدة فانّها يحكمون بصحة ما فيها بعد دفع ما سائر الاحتمالات المخلة بالاطمئنان بالصدور ولا يكتفون بمجرد الوجود فيها وعقيدة مؤلفيها فالكتاب الذي هو أصل ممتاز عن غيره من الكتب بشدة الاطمئنان بالصدور والأقربيّة الى الحجة والحكم بالصحة" (4).

فاعلم انّ إثبات الحكم الشرعي بالأخبار المروية عن المعصومين ـ عليهم السلام ـ موقوفة على مقدمات وهي:

أولًا: كون الكلام صادراً عن المعصوم ـ عليه السلام ـ فيكون الحاكي للسنّة تثبت به السنة إذ مع عدم ثبوتها به لا يصح الاعتماد عليه.

ثانياً: كون صدوره لبيان حكم الله الواقعي لا لغرض آخر من تقية ونحوها ممّا يصح إظهار خلاف الواقع بصورة الواقع.

ثالثاً: ثبوتُ دلالتها على الحكم المدعى. وهذا يتوقف اولًا على تعيين اوضاع ألفاظ الرواية وثانياً على تعيين المراد منها وأنّ المراء مقتضى وضعها او غيره فهذه أمور أربعة.

رابعاً: إثبات عدم المعُارض للسنة وعلاج المعارض لها.

خامساً: (المقدمة الرابعة) فقد تكفّل بها مبحث التعارض (المقدمة الثالثة) وقد تكفّل للبحث عن دلالة الحاكي للسُنة إذا كانت قولا مباحث الالفاظ وأثبتوا فيها انّ الظهور اللفظي هو الحجة كما انّ البحث إذا كانت السُّنّة فعلًا او تقريراً فهو مبحث السُّنّة في اصول الفقه. و (المقدمة الثانية) وهي تسمّى بجهة الصدور فمع العلم به لا كلام لنا ومع الشك فالأصل فيه صدور السُّنّة بجهة بيان لا لجمعة أخرى من تقية او استهزاء او نحوها للقاعدة المجمع عليها بين العلماء والعقلاء على حمل ما يصدر من العاقل البالغ قولًا او فعلًا او تقريراً على ما هو المقصود منه ظاهراً بحسب المتعارف لبيان الواقع لا لغرض اخر ولذا لا يسمع دعواه ذلك إذا لم يأتِ عليها بشواهد وحيث ان هذه الجهة معلومة الحال لم يُتكلم فيها على سبيل الاستقلال و(المقدمة الاولى) وهي محل بحثنا، حيث كون الكلام صادر من المعصوم -عليه السلام- وحاكيا عنه يثبت بعدد طرق: امّا بطريق التواتر وهو يفيد القطع ويبحث في الرواية، وامّا بطريق الخبر الواحد ويبحث في حجيتهِ في الاصول الفقه.

وامّا الكتب الاربعة المعروفة - في هذه الأعصار- الكافي، ومن لا يحضره الفقيه، والاستبصار، والتهذيب - فقد وقع الخلاف في صدورها ولكن اجمع العلماء على العمل بها بل من ضروريّات المذهب ما ذكره الشيخ الانصاري (قدس) قال: "ثم اعلم انّ أصل وجوب العمل بالأخبار المدوّنة في الكتب المعروفة ممّا ـجمع عليه في هذه الأعصار، بل لا يبعد كونه ضروري المذهب" (5).

وامّا الاصول الأربعمائة فمن ذِكْرها أقوال العلماء في الأصول الأربعمائة يتضح اجماع القدماء ولم يختلف فيه اثنان بأنّها المصحّحة للحديث، وكانت ولا تزال هي من ضروريات المذهب، وذلك انّ اصحاب الاصول الأربعمائة كانوا يتّصفون بكثرة الحفظ وعدم النسيان وانّ الراوي كان يستصحب معه أداة وقرطاس عند حضورهم لدى المعصوم -عليه السلام ـ انّ قربهم من مصدر التشريع ممّا أدّى الى قول القدماء بصحة ما ورد في اصول الأربعمائة "لاريب انّ احتمال الخطأ والغلط والنسيان والسهو وغيرها في الاصل المسموع شفاهاً عن الامام او عن سمع عنه اقل منها في الكتاب المنقول" (6) كما وانّه القدماء عملوا بالأصل وان كان صاحبه ضعيفاً، كما في اصل علي بن حمزة البطائني وغيره مع انّ‌ الاصحاب ضعّفوه الا انّه عُمل بأصله بخلاف ما ذكر صاحب الذريعة من قوله: "قبول ما في الاصول والاحتجاج بحديثهم ان كان صاحب الاصل من الرجال المعتمدين ويوصف حديثهم بالصحة" (7).

حيث كون الراوي ثقة هو يقوي سند الحديث دون الاعتماد على قرائن أخر وهذا مبنى المتقدّمين والمتأخّرين، لمن يرى حجيّة خبر الواحد كما اعتمد صاحب المستدرك المقباس على قول صاحب الذريعة في أنّ الأصل يكون حجة إذا كان صاحبه ثقة، ووضحنا بخلافه بذكر المزبور، وأمّا في عصرنا الحالي فإنّ العلماء يذكرون الأصول الأربعمائة ومبنى القدماء ويتضح من كلامهم بانّ الأصل صحيح إذا كان صاحبه صحيح فيقرنون الأصل مع راويه هذا  على ما اتّضح من كلام صاحب الذريعة واعتمد عليه الشيخ محمد رضا المامقاني قائلًا: "لا ريب أنّ احتمال الخطأ والغلط والنسيان والسهو وغيرها في الأصل المسموع شفاهاً عن الامام أو عمن سمع عنه أقل منها في الكتاب المنقول- إلى أن قال: - ومن هنا كان بناء القدماء - وجمع من المتأخرين - على قبول ما في الأصول والاحتجاج بحديثهم إن كان صاحب الأصل من الرجال المعتمدين ويوصف حديثهم بالصحة - بخلاف سائر الكتب والمصنفات والرسائل - كما ذكر صاحب الذريعة" (8).

وإذا كان صاحب الأصل ضعيف فلم يذكره وذكرهم بقبول الأصل إذا كان راوية ثقة فهو مقبول هذا لم يختلف فيه اثنان، وأمّا الأصل دون راوية إن كان ثقة أو غيره هل هو مصحّح للحديث بما أنّ أصحاب الأصول شهدوا عليهم القدماء بانّهم كانوا قليلي السهو والخلط والنسيان وكثيري الحفظ وأنّهم كانوا يكتبون كلّما يذكره الامام فكان الأصل مقوي ومصحّح للرواية، ولم يذكر علمائنا المتأخّرين بأنّ القدماء عارضوا هذا المبنى بل كانوا مسلّمين بها كما أنّ القدماء كانوا قربى لمصدر التشريع.

نستصحب بناءَهْمْ إلى زماننا لما نرى عدم المعارض لهذا المبنى، كما نرى ونستشم بأنّ هذا القول في زمن الأئمة؛ لأنّ القدماء عاصروا الأئمة -عليهم السلام- ولم يعترض عليه أحد من الأئمة -عليهم السلام- فهو تقرير من الأئمة -صلوات الله عليهم- لهذا المبنى، فيكون الأصل مصحّح لسند ومقويه إن قلت: - بانّ الأصول الأربعمائة حجة مصحّحة للحديث‌ ومقوّية سنده يلزم القول بصحة الأصول الأربعة - الكافي، ومن لا يحضره الفقيه، والاستبصار، والتهذيب - ومسلّم بين العلماء الأصوليّين بانّها ظنيّة الصدور.

قلنا: إنّ الشبة التي وقع فيها الاخباريّين هو من اعتقادهم بانّ الأصول الأربعة جمعت من تلك الأصول الأربعمائة، وأنّ الأصول الأربعمائة قطعية الصدور فيلزم بقطعية صدور الكتب الأربعة، ولكن من الواضح أنّ الكتب الأربعة ليست ضليعة فقط للأصول الأربعمائة منها وإنّما هنالك كتب آخر اعتمدوا في جمعهم لكتاب وهذا ممّا يتضح من مراجعة الكتب وهم في مقدمة كتبهم قد ذكروا هذا، ولو سلّمنا بانّ هذه من الأصول الأربعمائة فلا يستلزم قطعية صدورها لاختلاف العنوان.

 

فائدة: (في اختلاف قبول رواية علي بن أبي حمزة البطائني):

لقد اختلفت الأقوال في علي بن أبي حمزة البطائني حيث: قال المجلسي في وجيزته فإنّه بعدما ضعف البطائني صريحاً نسب إلى القيل كونه ثقة معللًا له بأمور ثلاثة، فقال: وابن أبي حمزة البطائنيّ ضعيف وقيل: ثقة؛ لأنّ الشيخ قال في العدة: عملت الطائفة بأخباره. ولقوله في الرجال (رجال الشيخ): له أصل، ويقول ابن الغضاري: ابنه الحسن أبوه أوثق منه. وصرّح الشيخ المامقانيّ بأنّ هذه الأمور التي أشار إليها المجلسي هي حجة توثيق البطائني الذي مال إليه أو قال به عدة من الأواخر.

قال الشيخ محمد بن الحسن الحرّ بعد نقل خبر هو في طريقة: وأكثر رواته ثقات وإن كان منهم علي بن أبي حمزة وهو واقفي لكنّ وثّقة بعضهم.

وبنى الشيخ المامقاني على ضعفه لكنّه قبل اخباره وعدّها من القوي وقدّم الصحيح عليها عند التعارض؛ لأجل شهادة الشيخ بانّ الطائفة قد عملت بأخباره لكن الحق إنّ ما ذكره المجلسي لا يصلح دليلًا لوثاقة البطائني أو قبول أخباره (9).

ومن هذا يظهر أنّ علي بن أبي حمزة البطائنيّ ضعيف له أصل ولكن عملت الشيعة برواياته. وتخرج ممّا هم فيه هو أنّ البطائني له أصل كما ذكر الشيخ وبناء القدماء ورود الرواية في أصل مصحّحة لها دون النظر إلى الراوي ثقة أو ضعيف فعمل الشيعة برواياته هو لورودها في أصله. ولم يلتفت ظاهراً إلى هذا المطلب من قبل لما كان‌ يبحثون في الراوي والأصل معنا وما حار فيه ذو الأفهام يمكن حله بمبنى القدماء القائل إّن الأصل يصحّح الحديث.

ومثال على ذلك كقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "كلّ مَن دخل بيت أبي سفيان فهو آمن" مع عدم إيمان أبي سفيان إلا انّ من دخل بيته فهو آمن فما دخل في الأصل صحيح مع دون النظر إلى الراوي ثقة أو غيره.

 

الثاني: نفس راوي الأصل

وراوي الأصل اختلف فيه إلى أربعة أقوال:

وهي إمّا كون له أصل يفيد حسن أو لا يفيد وأنّ إفادة الحسن إمّا الحسن الاصطلاحي أو يفيد منه إمارة المدح فهذه ثلاثة أقوال وهي:

أولًا: ما يفيد الحُسن الاصطلاحي (10) فقد ذهب إلى هذا القول خال وجد صاحب الفوائد حيث قال: "ثم اعلم أنّه عند خالي (11) وجدّي (12) ـ أيضاً ـ على ما هو ببالي انّ كون الرجل ذا أصل من أسباب الحسن" (13).

 ووجّه بأنّه حسن من قول العلماء ذو أصل عند إطلاق له دون ذكر شي‌ء عن وثقه أو ضعفه وغيرها من معائب الراوي يُشعر بوثاقه صاحبه وذلك إنّ الشيخ المفيد في مقام مدح جماعة في رسالته في الرد على الصدوق قال: "وهم أصحاب الأصول المدونة" (14) ولو كان فاسد العقيدة لتعرّضوا إلى ذلك.

هذا في إطلاق الأصل ذكر صاحب قواعد الحديث: "وجه القول بإفادة الحسن إنّ قولهم: ذو أصل مع الاطلاق له وعدم ذكر فساد عقيدته وغيرها من معائبه، ربّما يُشعر- بل يظهر منه - التعديل على ذلك الأصل، بل قد يشعر بوثاقه‌ صاحبه، إذ لو كان فاسد العقيدة لتعرّضوا له، كما هو ديدنهم ذلك كما لا يخفى والغرض للقائل إنّما هو مع الاطلاق لهذا القول، والّا فقد يتفق كون الرجل ذا أصل مع فساد العقيدة بل هو كثير كما نبّه عليه فيما بعد، ولكن ذلك للمعلوميّة من خارج للتنبيه عليه ممّن تعرّض له" إلى أن قال: "وهذا كله غير منافي مع المدعى إذ المدعى إنّما هو مع الإطلاق، وعلى هذا فيكون عرض القائل بكونه من أسباب الحسن هو الحسن الاصطلاحي بالتقريب المذكور" (15).

ويرد عليه بادئاً تأمّل حيث هنالك كثير من أصحاب الأصول كانوا فاسدي العقيدة أو ضعفاء أو عدم العمل بروايتهم وهذا ما ذهب إليه الوحيد البهبهاني والخاقاني حيث قال: "ولكنّه محل نظر وتأمّل كما تأمّل فيه -أعلى الله مقامَهُ - إذ لم يثبت ذاك الديدن في قولهم: (ثقة) مع عدم التعرض لفساد المذهب" (16).

وأمّا الوحيد البهبهاني فقال: "وفيه تأمّل؛ لأنّ كثيراً من مصنّفي أصحابنا وأصحاب الأصول ينتحلون المذاهب الفاسدة وإن كانت كتبهم معتمدة على ما صرّح به أول (الفهرست) وأيضاً الحسن ابن صالح بن حي بتري متروك العمل بما يختص بروايته على ما صرّح به في (التهذيب) مع إنّه صاحب الأصل، وكذلك علي بن أبي حمزة البطائني، مع انّه ذكر فيه ما ذكر، إلى غير ذلك وقد بسطنا الكلام في المقام في الرسالة" (17).

وأضعف من ذلك كون الرجل ذا كتاب من أسباب الحسن فهو مكابر قال في (المعراج)(18): "كون الرجل ذا كتاب لا يخرجه عن الجهالة إلا عند بعض من لا يعتد به(19).

ثانيا: ما يفيد حسناً لا الحسن الاصطلاحيّ‌، وكذا كونه كثير التصنيف، وكذا جيد التصنيف وأمثال ذلك، بل كونه ذا كتاب أيضاً يشير إلى حسن ما (20) هو ما ذكره صاحب الفوائد وبعض الأجلاء من أنّ ذكر الأصل يُشعر بالمدح لا انّه يدل على المدح ذكر المازندراني: "من كون الرجل صاحب أصل يفيد حسناً لا الحسن الاصطلاحي بمعنى إنّ في ذلك اشعاراً بالمدح لا إنّه يدل على المدح وانّ الاشعار من الدلالة ان قال: ودعوى عدم افادة هذه الحسن مطلقاً في غاية السخافة بل مكابرة بينة كما إنّ إفادتها ذلك دعوى بيّنة فالأجود هو التفضيل في إفادتها حسناً ما وتعريف ما لا الحسن الاصطلاحي المعروف عند علماء الرجال وبهذا يمكن الجمع بكون كلمات النافي والمثبت حتى يصير النزاع لفظياً فتأمل وكذا الحال في سائر الألفاظ من كونه كثير التصنيف وجيد التصنيف وذو كتب ونحوها" (21).

وكما استدرك الوحيد البهبهانيّ حيث قال: "ولعلّ ذلك مرادهم ممّا ذكروا وسيجي‌ء عن (البلغة) (22) في الحسن بن أيوب أنّ كون الرجل صاحب الأصل يستفاد منه لمدح" (23) هو بعد أن أضعف القول بأن ذكر له أصل يفيد الحسن الاصطلاحي استدرك بأنّه يفيد الحسن ما لا الحسن الاصطلاحي ويرد عليه السيد الخوئي: (قدس سره): "إذ رُبَّ مؤلّف كذّاب وضّاع، وقد ذكر النجاشي والشيخ جماعة منهم" (24).

 

ثالثاً: إنّ ذكر للراوي إنّه صاحب أصل لا يفيد شيئاً

كما يُذكر له كتاب وله مصنّف وغير ذلك وهذا ما ذهب إليه السيد الخوئي (قدس سره) في معجمه وهنالك من قال به وذلك: "إذ رُبَّ مؤلف كذّاب وضّاع، وقد ذكر النجاشي والشيخ جماعة منهم" (25).

ويرد عليه كما ذكر المازندراني من أنّ: "دعوى عدم افادة هذه الحسن مطلق غاية السخافة بل مكابرة بيّنة كما إنّ افادتها ذلك أيّ الحسن ما لا الحسن الاصطلاحي دعوى بيّنة)) (26).

 

القول الراجح:

تبيّن لك أنّ مَن سرد أقوال الأجلاء من أنّ الراوي له أصل فيه ثلاثة احتمالات:

فإمّا يفيد الحسن أو لا يفيد. والحسن إمّا يفيد الحسن الاصطلاحي أو لا يفيد الحسن الاصطلاحي بل مطلق الحسن وتقدّم الأقوال فيهم. فإنّ الحسن الاصطلاحي لا يمكن القول به ومن قال به فهو من الشواذ حتى خال الوحيد وجدّه، وقد استدرك الوحيد البهبهاني بانّ مرادهم غيره.. تأمّل نخرج بعدم دلالته على الحسن الاصطلاحي.

وألّا يفيد شي‌ء فهو محل نظر وذكرنا من يرد عليه، كما ويرد بأنّ في أعراف الناس ان ذكر للشخص صنع أو عمل شي‌ء يعتبر مدح له وكذلك من ألّف كتاب أو إنّه صاحب كتب أو تصانيف يفيد مدح ما وكذلك من ملك مكتبة تشعر بالمدح ما وهذا متعارف في كل عصر ومصر بانّه يفيد مدح ما. ولهذا من أسباب معرفة العالم علمه وأعلميّته من كثرة مصنّفاته وتأليفه كما ذكروا الشيخ المفيد (قدس سره) انّه كثير التصانيف وكذلك الشيخ الطوسي (قدس سره) وغيرهم من العلماء الأعلام.

نعم يمكن احتمال كون له كتاب أو له مصنّف أو له أصل إنّه كذّاب فهذا لا يجعلنا أن نحكم من لم يذكر له صفة من ثقة أو غيرها، حمله على الكذب كما كان مسلك القمّيّون حيث كانوا يشكّكون في الشخص حتى يثبت خلافه فهم شكّوا وطردوا أحمد بن محمد بن خالد؛ لأنّه يروي عن الضعفاء. قال ابن الغضائري: "طعن عليه القمّيّون، وليس الطعن فيه، انّما الطعن فيمن يروي عنه فانّه كان لا يبالي عمّن أخذ على طريقة أهل الأخبار! وكان أحمد بن محمد بن عيسى أبعده عن قم ثم أعاده إليها واعتذر إليه. وقال: وجدت كتاباً فيه وساطة بين أحمد بن محمد بن عيسى وأحمد بن محمد بن خالد لمّا توفى مشى أحمد ابن محمد بن عيسى في جنازته حافياً حاسراً، ليبرّه نفسه ممّا قذفه به" (27) حتى ثبت خلافه فاحترموه وقدّموه عكس الكوفيّين حيث كانوا يحملون على الصحة. مقتدين بحديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- ما معناه:

احمل أخاك على محمدٍ حسن أو احمد أخاك على سبعين محمدٍ.

وهنالك غيرها من الروايات، وهذا ما نلمسه من بعض من يسلك مسلك القمّيّين في حياتنا اليومية فانّه يشكّك جميع إخوانه المؤمنين عكس ذلك من اتخذ مسلك الكوفيّين حيث يحمل أخاه المؤمن على الحسن وأفعاله كذلك حتى يتبيّن العكس ومن هذا يكون القول بان ذكر للراوي له‌ أصل أو صاحب كتاب أو جيّد التصنيف يفيد حسن لا الحسن الاصطلاحي (28) كما وأنّ النجاشي [ذكر] في مقدمته انّه ألف كتابه ليظهر للمقابل إنّ للشيعة لها تأليف وكتب ومصنّفات ومنها يظهر مدح ما فلو لم يكن فيها مدح لما ذكر ذلك عالم بالسرائر.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. الرواشح.
  2. نقلًا عن الذريعة ص 126.
  3. فوائد رجالية مخطوطة مجهولة المؤلف ص 12.
  4. الذريعة/ آغا بزرك طهراني ص 182 ج 1.
  5. فرائد الأصول الرسائل/ الشيخ الانصاري
  6. الذريعة/ آغا بزرك طهراني.
  7. الذريعة/ آغا بزرك طهراني.
  8. مستدرك المقباس/ الشيخ محمد رضا المامقاني ج 6 ص 232.
  9. قواعد الحديث/ محي الدين الموسوي الغريفي.
  10. الحسن الاصطلاحي: ((وهو ما كان رواته ممدوحين بمدح لم يبلغ التصريح بالعدالة كلهم أو كانوا عدول ولكن فيهم واحد ممدوح ولم يصرح بعدالته)) مصادر الحكم الشرعي، الشيخ علي كاشف الغطاء، ج 1 ص 48.
  11. خالي: هو المولى محمد باقر المجلسي الثاني صاحب(البحار).
  12. جدي: هو والده المولى محمد تقي المجلسي الأول والمولود سنة 1003 والمتوفّى سنة 1070 هجريّة.
  13. الفوائد/ الوحيد البهبهاني ص 35.
  14. نقلًا عن الفوائد ص 35.
  15. رجال الخاقاني/ الشيخ علي الخاقاني ص 325.
  16. رجال الخاقاني/ الشيخ علي الخاقاني ص 326.
  17. الفوائد/ الوحيد البهبهاني ص 325.
  18. المعراج (مخطوطة) للشيخ أبي الحسن سلمان بن عبد الله بن علي بن الحسن ابن أحمد بن يوسف بن عمار البحراني المولود سنة 1075 ه والمتوفّى سنة 1121 هجري نقلًا عن كتاب رجال الخاقاني.
  19. نقلًا عن كتاب الفوائد/ ص 35.
  20. الفوائد/ الوحيد البهبهاني ص 35.
  21. نخبة المقال/ الشيخ محمد حسن المازندراني ص 113.
  22. البلغة المحدثين في الرجال (مخطوطة) على حذو الوجيزة للمجلسي الثاني صاحب البحار، تأليف الشيخ سليمان البحراني المذكور.
  23. نقلًا عن كتاب رجال الخاقاني ص 36.
  24. معجم رجال الحديث/ السيد أبو القاسم الخوئي.
  25. المصدر السابق.
  26. نخبة المقال/ الشيخ محمد حسن المازندراني ص 113.
  27. وهو يمكن القول أنّه يعمد رفع الجهالة شي‌ء ما.
  28. نقلًا عن الخلاصة ص 14.

 

 

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)