أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-23
931
التاريخ: 2023-10-25
977
التاريخ: 2023-10-03
1140
التاريخ: 2024-09-28
266
|
ولم يرضَ هذا الحبر الكبير — بادئ ذي بدء — عن احتلال القسطنطينية وإنشاء إمبراطورية لاتينية في الشرق؛ لأنه رأى في ذلك ابتعادًا عن الهدف الأسمى الذي نشأتْ من أجل تحقيقه الحروبُ الصليبيةُ، ثم عاد فرأى في التطوُّر الذي طرأ على الأوضاع السياسية في الشرق نتيجةً لقيام هذه الإمبراطورية اللاتينية؛ ظرفًا ملائمًا لتقوية الكثلكة وتدعيم السلطة فيها، فعُني أولًا بتنظيم الكنائس الكاثوليكية التي نشأتْ في المناطق الصليبية، ثم نظر في علاقتها مع السلطات السياسية المحلية مع الشعب الأرثوذكسي والسلطات الأرثوذكسية الروحية، ثم اتسع أفقه، فحاول توحيد الكنيستين الشقيقتين الأرثوذكسية اليونانية والكاثوليكية اللاتينية. وكان قد بقي في المقاطعات الصليبية عددٌ غفيرٌ من الأرثوذكسيين شعبًا وإكليروسًا، فسمح أنوشنتش في الأبرشيات التي تَغَلَّبَ فيها العنصر الأرثوذكسي على غيره أن يسام فيها أساقفةٌ أرثوذكسيون، وأن تُقام الشعائرُ الأرثوذكسيةُ بما فيها استعمال الخمير في الذبيحة، ولكنه بَثَّ رُسُلَه في هذه المناطق، يَدْعون لتوحيد الكنيسة؛ أي للاعتراف بسلطة البابا. وفي السنة 1204 أمَّ القسطنطينية قاصدٌ رسوليٌّ، يدعو الإكليروس الأرثوذكسي للتفاهُم وتوحيد الكلمة، وجَرَتْ مفاوضاتٌ في هذا المعنى في كنيسة الحكمة الإلهية ولكن دون جدوى(1)، ثم تابع الطرفان البحث في السنة 1205-1206، واشترك في التفاوُض كلٌّ من نيقولاووس ميزاريتس (رئيس أساقفة إفسس فيما بعدُ) ونيقولاووس أوترانتو الذي كان يجيد اللاتينية واليونانية، فيترجم للطرفين، ثم تُوُفي البطريرك المسكوني يوحنا العاشر (1206)، وكان قد لجأ إلى بلغارية عند احتلال القسطنطينية، فطلب الإكليروس الأرثوذكسي في الإمبراطورية اللاتينية إلى الإمبراطور هنريكوس أن يؤذن لهم بانتخاب بطريرك جديد، فوافق الإمبراطور ولكنه اشترط أن يخضع البطريرك الجديد لسلطة البابا، فأخفقت المفاوضات التي كانت لا تزال قائمة في القسطنطينية للتوفيق بين الكنيستين(2)، وقضت ظروف ثيودوروس الأول لاسكاريس أن يكون لديه بطريرك في نيقية، وانتُخب ميخائيل الرابع — كما سبق أن أشرنا — فاتجهتْ أنظار الأرثوذكس في المناطق الصليبية إلى نيقية، إلى فسيلفسها وبطريركها للتحرُّر مِنْ ضَغْطِ الإمبراطور اللاتيني وضغط رئيس كنيسته. وجَرَتْ مفاوضاتٌ جديدةٌ؛ لتوحيد الصفوف في السنة 1214 في القسطنطينية، فمثل الكنيسة اللاتينية القاصد بيلاجيوس Pelagius وناب عن البطريرك المسكوني نيقولاووس ميزاريتس «متروبوليت إفسس وإكسرخوس جميع آسية»، ولكن صلف بيلاجيوس وضغطه على الإكليروس الأرثوذكسي في العاصمة وتَشَبُّثه بوجوب الاعتراف «بسلطة» البابا؛ حالت دون الوصول إلى أي تفاهم بين الكنيستين (3). وجُلُّ ما توصل إليه البابا أنوشنتش الثالث هو اعتراف المجمع اللاتراني الذي التأم في السنة 1215 بسُلْطة البابا على بطاركة اللاتين في الشرق، في القسطنطينية وأنطاكية والقدس، ولكن الكنيسة الأرثوذكسية لم ترَ في هذا المجمع مجمعًا مسكونيًّا، وبالتالي فإنها لم تُذعن لمقرراته، ولم يتمكن أنوشنتش من فصل الدين عن السياسة؛ فإنه لم يعترف بلقب الفسيلفس الذي اتخذه لنفسه ثيودوروس الأول لاسكاريس، ولم يخاطبه بِأَيِّ لقب أعلى من لقب «شريف«، (4) ورأى في رسالته إليه أن اللاتينيين باحتلالهم القسطنطينية كانوا أداة الحق في الاقتصاص من اليونان؛ لأن هؤلاء لم يعترفوا بسلطة رومة (5). وفي السنة 1232 انطلق خمسة رهبان فرنسيسكانيين من الأسر في إيقونية فجاءوا نيقية وفاتحوا البطريرك المسكوني جرمانوس الثاني في اتحاد الكنيستين، فسُرَّ البطريرك بهم وأطلع الفسيلفس يوحنا الثالث باطاجي على ما اقترحوه وكتب إلى البابا غريغوريوس التاسع للنظر في أمر الاتحاد، فجاء نيقية في السنة 1234 وفدٌ باباويٌّ لهذه الغاية، وانعقد مجمعٌ لدرس مشروع الاتحاد في نيقية أولًا ثم في نمفية، واشتد الجدل بين الفريقين فطلب نيقيفوروس البلميدي أن يتم الاتحاد على قبول عبارة الآباء القديمة: أن الروح القدس ينبثق من الآب بالابن، ولكن الغربيين لم يرضَوا، فرأى الفسيلفس أن يبقى الغربيون على عادتهم في تقديم الفطير ويحذفوا من دستور الإيمان الانبثاق من الابن، فرفض نُوَّابُ البابا ذلك، وانفضَّ المجمع دون الوصول إلى أَيَّةِ نتيجة (6)، وكتب عندئذٍ جرمانوس البطريرك مؤلفه الشهير في انبثاق الروح القدس. وتُوُفي فريدريكوس الثاني إمبراطور الغرب وصديق يوحنا الثالث باطاجي (1250) وتولى شئون صقلية بعده مانفرد، وتَأَلَّبَ هذا على الروم في نيقية، ففاوض فسيلفس الروم البابا أنوشنتش الرابع في أمر اتحاد الكنيستين واشترط إعادةَ القسطنطينية وبطريركيتها إلى الروم، وخُرُوج إمبراطور اللاتين والإكليروس اللاتيني من عاصمة الشرق، وقبل بالاعتراف بسُلْطَة البابا في مقابل هذا كله، فقبل أنوشنتش الرابع، وكتب البطريرك إلى البابا يُعلنُ تفويضَ الوفد الأرثوذكسي مفاوضة رومة في أمر هذا الاتحاد (7). وتُوُفي البابا والفسيلفس في السنة 1254، فظَلَّ اتفاقُهُما مشروعَ اتفاق غير موقع، ونهج ثيودوروس الثاني نهج والده يوحنا الثالث، فرأى في اتحاد الكنيستين أداةً حسنةً للاستيلاء على القسطنطينية، فأوفد إلى البابا ألكسندروس الرابع في السنة 1256 شريفَين من أشراف المملكة، يطلبان العودة إلى التفاوض على الأسس نفسها التي كان قد اقترحها يوحنا الثالث، فلبى البابا النداء وأرسل إلى نيقية وفدًا مفاوضًا برئاسة قسطنطين أسقف أورفيتو Orvieto وخوَّله حقَّ الدعوة إلى مجمع وحق الترؤُّس عليه وسن مقرراته، وتحسنتْ ظروفُ ثيودوروس السياسية والعسكرية، فلما وصل الوفدُ المفاوضُ إلى مقدونية منعه الفسيلفس من التقدُّم فيها وأَمَرَهُ بالخُرُوج من الأراضي الخاضعة لسلطته (8). وجاءت السنة 1258 فتُوُفي ثيودوروس الثاني، وتولى الوصايةَ ميخائيل باليولوغوس، وطمع في الحكم فأعلن نفسه فسيلفسًا في السنة 1259، وخشي حلفًا ينظم ضده في الغرب — كما سبق أن أشرنا — فأرسل يفاوض البابا ألكسندروس الرابع ويطلب معونته، ولكن هذا البابا كان قنوعًا متقاعسًا فلم يحرك ساكنًا ولم يستغل ظرف ميخائيل، ثم استولى ميخائيل على القسطنطينية دون معونة البابا (9).
.............................................
1- Heisenberg, A., Neue Quellen, I, 48–50
2- Heisenberg, A., Op. Cit., II, 5-6, 25–35
3- Gerland, E., Gesch. Des Lateiniscken Kaiser-reiches, 233–243
4- Nobili Viro Theodoro Lascari
5- Epistolae, XI, 47
6- Mansi, Amplissima, XXIII, 279–318; Disputatio Latinarum et Graecarum, (ArchivumFranciscanum, XII, 428–465, 1919)
7- Norden, W., Das Papsttum, 756–759
8- Acropolita, G., Annales, 139-140
9- Norden, W., Papsttum, 382-383; Janin, R., Sanctuaires de Byzance, Etudes Byzantines, II, 1945, 134–184
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
جمعية العميد تدعو الجامعات العراقية لحضور مؤتمرها العلمي السابع
|
|
|