أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2018
1054
التاريخ: 23-10-2014
1081
التاريخ: 22-3-2018
632
التاريخ: 25-3-2018
1633
|
المراد بالإمكان إما هو الامكان الماهوي أو الامكان الوجودي، والأول وصف الماهية وأريد به استواء الذات بالنسبة إلى الوجود والعدم بحيث يحتاج ترجح الوجود على العدم إلى السبب الخارجي، أو أريد به سلب ضرورة الوجود والعدم عن الماهية.
والثاني وصف الوجود وأريد به افتقار الوجود بحيث يكون عين التعلق والربط والحاجة إلى العلة بحيث لا استقلال له في أصل وجوده وبقائه.
والوجود بعد كونه أصيلا لا يتصف بالإمكان حقيقة إلا بهذا الاعتبار، وأما اتصافه بالإمكان الماهوي فهو باعتبار ماهيته، لأن الوجود ليس له اللاقتضاء بالنسبة إلى الوجود والعدم، بل نسبته إلى نفسه ضروري بالوجوب، لأن ثبوت الشئ لنفسه ضروري وإلى العدم بالامتناع حيث أن امتناع اتصاف الشئ بنقيضه أيضا من الضروري فلا يكون متساوي النسبة بالقياس إليهما (1).
ثم إنه استدل بكلا المعنيين لإثبات المبدأ المتعال.
أما الأول: فقد نسب إلى ابن سينا وغيره رحمهم الله ولقد أجاد في تقريره المحقق الطوسي والعلامة الحلي - قدس سرهم - وهو:
إن كل معقول إما أن يكون واجب الوجود في الخارج لذاته (2)، وإما ممكن الوجود لذاته، وإما ممتنع الوجود لذاته.
ولا شك في أن هنا موجودا بالضرورة فإن كان واجبا لذاته فهو المطلوب.
وإن كان ممكنا افتقر إلى موجد يوجده بالضرورة، فإن كان الموجد واجبا لذاته فهو المطلوب. وإن كان ممكنا افتقر إلى موجد آخر فإن كان الأول دار، وهو باطل بالضرورة، وإن كان ممكنا آخر تسلسل وهو باطل أيضا، لأن جميع أحاد تلك السلسلة الجامعة لجميع الممكنات، تكون ممكنة بالضرورة فتشترك في إمكان الوجود لذاتها، فلابد لها من موجد خارج عنها بالضرورة فيكون واجبا بالضرورة وهو المطلوب (3).
والحد الوسط في هذا البرهان هو الإمكان الماهوي ويمكن تقريره بوجه آخر وهو أن يقال: العالم ممكن لذاته، وكل ممكن لذاته يحتاج في الوجود إلى الغير فالعالم يحتاج في الوجود إلى الغير، وهذا الغير إن كان واجبا فهو المطلوب وإلا لزم أن ينتهى إليه، لبطلان الدور والتسلسل.
أما بطلان الدور فلأنه تقدم الشئ على نفسه ومعناه وجود الشئ قبل وجوده وهو محال لأنه اجتماع النقيضين. وأما بطلان التسلسل، فلأن جميع آحاد تلك السلسلة ممكنة لذاتها ومحتاجة في الوجود إلى الغير، وتكثر الآحاد الممكنة لا يقلب الممكنات عن ذاتياتها كما أن تكثر آحاد الصفر لا يوجب انقلابها إلى الأرقام فالسلسلة المفروضة محتاجة في الوجود إلى موجد ليس بممكن، بل هو واجب الوجود.
ويمكن أيضا تقريب هذا البرهان بنحو أخصر وهو أن يقال:
علة الممكن منحصرة في أربعة: العدم ونفس الممكن ومثله وواجب الوجود وحيث أن الثلاثة الأول باطلة بقي الأخير.
أما بطلان الأول: فلأن العدم لا يكون واجدا لشئ حتى يعطيه. وأما بطلان الثاني: فلأن الشئ قبل وجوده ليس إلا عدما والعدم لا يصلح للعلية كما عرفت. وأما بطلان الثالث: فلأنه مثل نفس الممكن في الحاجة إلى الغير في الوجود فكيف يمكن له أن يوجد بدون انتهائه إلى الواجب ويعطي الوجود؟ ثم لا فرق في كون المثل شيئا واحدا أو أشياء متعددة، منتهية كانت أو غير منتهية، لأن حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد، فانحصر أن يكون العلة هو واجب الوجود ولعل قوله عز وجل: " أم خلقوا من غير شئ أم هم الخالقون " (4) يشير إلى ذلك.
وقد عرفت أن خلقة الممكن بدون استناده إلى الواجب المتعال ترجع إلى خلقته من العدم ومن غير شئ، وهو محال فانحصر الأمر إلى استناد الخلقة إليه تعالى حتى تكون الخلقة مستندة إلى شئ وهو حقيقة الوجود.
ثم لا يخفى عليك أن المستدل بهذا البرهان أراد إثبات أصل الواجب في مقابل من ينفيه رأسا، وأما أن الواجب واحد أو متعدد مجرد أو مادي متحد مع صفاته أو غير متحد، فهذه مباحث محتاجة إلى الإثبات بالتدريج كما صرح الأستاذ الشهيد المطهري - قدس سره - في ذيل هذا البرهان (5).
نعم هذا البرهان كما يدل على حاجة الممكن في حدوثه إلى المبدأ المتعالي، كذلك يدل على حاجته إليه في بقائه، لاستمرار العلة وهي الإمكان الماهوي.
وأما الثاني أي الإمكان الوجودي فقد ذهب إليه جملة من المحققين منهم المحقق السبزواري في منظومته وشرحه (6) وتقريبه بأن يقال: إنا إذا نظرنا إلى الوجود العيني فهو لا يخلو عن أحد أمرين: إما هو واجب بمعنى أنه في نهاية شدة الوجود الملازمة لقيامه بذاته واستقلاله بنفسه بحيث لا يشوبه عدم ولا نقص ويكون صرف الوجود الذي لا أتم منه. وإما هو ممكن بمعنى أنه فقير ومتعلق بالغير بحيث لا يستقل في شئ من وجوده عن الغير، بل هو مشروط ومتقيد في أصل وجوده وكماله بالغير.
وذلك - أي انحصار الوجود في الوجوب والممكن المذكورين - لأن الوجوب أو الإمكان بالمعنى المذكور شأن من الشؤون القائمة بالوجود وليس الوجود خارجا عنهما.
فحينئذ نقول: فإن كان الموجود الخارجي هو الأول فهو المطلوب، وإن كان الثاني فهو لا ينفك عن وجود الواجب المتعال، لأن وجود المتعلق والفقير بدون المتعلق عليه والمفتقر إليه خلف في تعلقه وفقره إليه وربطه به. ولا فرق فيما ذكر بين كون المتعلق والفقير واحدا أو متعددا، مترتبا أو متكافئا، لأن الكل متعلق وفقير وربط ولا ينفك عن المتعلق عليه والمفتقر إليه وعليه، ففرض الدور أو التسلسل لرفع الحاجة إلى الواجب المتعالي لا يفيد، لأن مرجع الدور أو التسلسل إلى وجود المتعلق والفقير والربط بدون المتعلق عليه والمفتقر إليه المستقل بنفسه وهو خلف في التعلق والفقر وعدم الاستقلال. فوجود الممكن بمعنى الفقير والمتعلق لا ينفك عن الغني بالذات والمستقل بنفسه.
وإليه يشير شيخ مشايخنا الشاه آبادي - قدس سره - حيث قال: " إن نفس هذه الموجودات المحدودة روابط صرفة وذواتها متعلقة كتعلق الأضواء والشروق بذيها فإنك تشاهد انعدامها عند انسداد الروازن يعني أن انسدادها عدمها كما لا يخفى.
ويدل على ما ذكرنا أن هذه الموجودات لا تكون نفسها قيومها ولا لعالم ملكها حتى يبقى في الملك دائما، كما قال تعالى: " إنك ميت وإنهم ميتون " (7) " أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ " (8) وهكذا لا يكون حافظا لخصوصيات وجوده من صفاته وأحواله كالحسن والجمال والصحة والكمال والعزة والمال. وكذلك الأمر في غير الإنسان، بل هو فيه أوضح من أن يخفى وإذا كان الأمر كذلك في الكل فالحكم بكون الكل فقراء، فذواتهم تدل على حاجتهم وفقرهم. وبفطرة الفقير بالذات تثبت الغني بالذات " (9).
وكيف كان، فالحد الوسط في هذا البرهان هو الإمكان الوجودي، ويمكن تقريبه بوجهين آخرين مضيا في الإمكان الماهوي فراجع.
ولعل قوله تعالى: " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد " (10) يشير إلى ذلك.
_______________
(1) راجع نهاية الحكمة: ص 45 و 63، ودرر الفوائد: ج 1 ص 427.
(2) أي من حيث ذاته من غير التفات إلى غيره كما في الإشارات: ج 3 ص 18.
(3) راجع الباب الحادي عشر / 7 الطبعة الحديثة وشرح الإشارات: ج 3 ص 18، وشرح التجريد: ص 172.
(4) الطور: 35.
(5) راجع شرح المنظومة: ج 2 ص 128.
(6) راجع شرح المنظومة: ص 141 حيث قال في شرح قوله في الشعر " إذ الوجود إن كان واجبا فهو ومع الامكان قد استلزمه ": أو على سبيل الاستقامة بأن يكون المراد بالوجود مرتبة من تلك الحقيقة فإذا كان هذه المرتبة مفتقرة إلى الغير استلزم الغني بالذات دفعا للدور والتسلسل.
(7) الزمر: 30.
(8) الأنبياء: 34.
(9) رشحات البحار: ص 204.
(10) فاطر: 15.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|