أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-27
983
التاريخ: 2023-03-07
821
التاريخ: 2023-03-09
848
التاريخ: 2-3-2016
1312
|
تغير نظرية التضخم الأبدي تغيرًا جذريا من طبيعة علم الكونيات، فمع أنها تفسر نفس الأشياء التي تفسرها النسخ الأخرى من نظرية التضخم، فإنها تقدم أساسًا مفاهيميا مختلفا تماما. إن ما كنا نطلق عليه طوال الوقت مسمى «الكون» لم يصبح، في هذه النظرية، إلا جزءًا متناهي الصغر من فقاعة واحدة، أو كونا جيبيا، ضمن عدد لانهائي من الأكوان الأخرى المتعددة، التي يحتويها جميعًا فضاء متضخم موجود بشكل سرمدي. يشير ليونارد ساسكيند عالم الفيزياء النظرية بجامعة ستانفورد، إلى فكرة الكون المتعدد على أنها «كون حمام الفقاقيع».24 وعلى هذا يقدم التضخم الأبدي آلية لا تنضب لتوليد الأكوان، لا يعدو كوننا - فقاعتنا - إلا أحد منتجاتها. إن كل كون جيبي سيولد في دفقة من الحرارة المحررة في تلك الفقاعة حين يتوقف التضخم، وسيمضي ليستمتع بدورة حياة من التطور، وقد ينتهي به الحال في النهاية بالموت، إلا أن نظام إنتاج الفقاعات نفسه أبدي.
أين توجد الأكوان الأخرى؟ الإجابة المختصرة هي على مبعدة كبيرة عنا. تتنبأ نظرية التضخم بأن الفقاعة التقليدية أكبر بشكل لا يصدق من الكون المرصود. وبوصف حجم «لا يصدق» هذا أعني أكبر حجمًا بصورة مهولة إن كوننا المرصود يقع على الأرجح في أعماق منطقة يبلغ عرضها 1010000000000 كيلومتر! قارن هذا بحجم الكون القابل للرصد والبالغ 1023 كيلومتر وحسب.25 وحتى لو استطعنا بصورة سحرية الوصول لحافة فقاعتنا فلن نتمكن من رؤية الكون المجاور لنا. بدلا من ذلك سنجد منطقة من الفضاء الخاوي المستمر في التضخم الذي يتضاعف حجمه كل 34-10 ثانية أو أسرع. لذا، رغم أن الأكوان الجيبية لا تزال تتمدد، فإنها لن تتداخل لأن التضخم الموجود في الفجوات بينها يبعدها بعضها عن بعض بسرعة أكبر بكثير من سرعة نمو حدودها. وعلى هذا يصير من المستحيل فعليا، حتى للضوء، أن يعبر الهوة الواسعة الموجودة بينها.
يمثل التضخم الأبدي نقلة هائلة، ليس فقط في علم الكونيات ذاته، بل في الأساس الفلسفي الذي يقوم عليه أيضًا، فعلى حين غرة صار الكون أكبر حجما بصورة مهولة. منذ خمسمائة عام لا أكثر تصور الناس أن الكون، المتمركز حول كوكب الأرض، يبلغ عرضه بضعة آلاف من الكيلومترات. ثم كشف مولد علم الفلك عن أن النجوم تقع على بعد الكثير من السنوات الضوئية عن الأرض، وفي القرن العشرين صار من الجلي أن مجرات أخرى موجودة على بعد مليارات السنوات الضوئية من الأرض. والآن يأخذنا هذا التوسع المهول في الحجم في قفزة هائلة أخرى.
شأن العديد من القفزات العلمية فإن مفهوم الكون المتعدد ليس بالفكرة الجديدة، ففي القرن السابع عشر اقترح عالم الفيزياء والرياضي والفيلسوف متعدد المعارف جوتفريد لايبنيز أن عالمنا ليس إلا عضوًا واحدًا (الأفضل في الواقع) في مجموعة من العوالم التي لم يقصد بها فقط مجموعات من الكواكب، بل من الأكوان، لكل واحد منها زمانه ومكانه الخاص وسماته ونظم مادته الفريدة. وفي القرن الثامن عشر تدبر الفيلسوف ديفيد هيوم فكرة أن كوننا قد يكون نتاجًا لعملية طويلة من المحاولة والخطأ:
إذا عاينا سفينة، أية فكرة رائعة سنحصل عليها بشأن مدى عبقرية النجار، الذي ابتكر مثل هذه الآلة المعقدة المفيدة الجميلة؟ لكن كم سنندهش حين نجد أنه ليس إلا حرفيًا عاديًا حاكى غيره ونسخ فنا تحسن تدريجيًّا على مدار سلسلة من العصور، بعد كثير من المحاولات والأخطاء والتصحيحات والمداولات والخلافات. قد تكون هناك عوالم عديدة غير متقنة وُجِدَت على مر الزمن، قبل أن يصيب عالمنا النجاح، عوالم بذل فيها الكثير من الجهد، لكن تحقق فيها تحسن مستمر على مدار عصور لانهائية.26
إن الزيادة الكبيرة في الأبعاد الكونية الممثلة من خلال مفهوم الكون المتعدد ليست سوى جانب واحد من جوانب تغير الفكر الفلسفي، فمنذ كوبرنيكوس افترض العلماء أنه لا يوجد شيء خاص أو مميز بشأن موقعنا في الكون. عادة ما يشار لهذا بمبدأ عدم التميز، الذي يعني أن الأرض ليست إلا كوكبًا تقليديا يدور حول نجم تقليدي في مجرة تقليدية. وبتطبيقه على توزيع المادة في الكون يطلق على افتراض عدم التميز اسم المبدأ الكوني، الذي يعني أنه في غياب أي دليل على العكس، فإنه ينبغي علينا افتراض أن الكون متطابق (على النطاق الواسع) في كل مكان. تُدعم المبدأ الكوني حقيقة تطابق الكون على مدى ما تستطيع معداتنا قياسه. إلا أن التضخم الأبدي يعارض معارضة صريحة مبدأ عدم التميز، وذلك من خلال تصوير كوننا على أنه جزء من فقاعة محاطة بشيء مختلف تمامًا (منطقة متضخمة). صحيح أنه قد يوجد عدد لا حصر له من الأكوان الجيبية الأخرى، إلا أن كوننا لن يكون في هذه الحالة كونًا آخر تقليديا فقط، فهو أبعد ما يكون عن ذلك. فهناك أسباب كثيرة تدعونا لافتراض أن كوننا مميز للغاية في واقع الأمر.
هوامش
(24) Leonard Susskind, The Cosmic Landscape: String Theory and the Illusion of Intelligent Design (New York: Little, Brown, 2005), chapter 11.
(25) This is something of a simplification. When using the theory of relativity, we have to remember that distances, like times, are not absolute but relative, so we must always specify the circumstances of the observer when discussing a distance. Paradoxically, if the observer is located inside one of the bubbles (as we are within our pocket universe), it is possible for the size of the bubble to be infinite relative to that observer, even though, viewed from outside the bubble, it is finite.
(26) David Hume, Dialogues Concerning Natural Religion, edited by Martin Bell (New York: Penguin, 1990), part V, p. 77.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|