أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-12-2022
1273
التاريخ: 2023-12-02
1190
التاريخ: 22-6-2022
2448
التاريخ: 2024-02-24
828
|
من ترجمة ابن رزين
وقال في ترجمة ابن رزين، ما ملخصه (1) : أخبرني الوزير أبو عامر [ابن سنون] (2) أنه اصطبح يوما والجو سماكي (3) العوارف، لازوردي المطارف، والروض أنيقة لباته، رقيقة هباته، والنور مبتل، والنسيم معتل، ومعه قومه، وقد راقهم يومه، وصلاته تصافح معتفيهم، ومبراته تشافه موافيهم، والراح تشعشع، وماء الأماني ينشع، فكتب إلى ابن عمار وهو ضيفه:
ضمان على الأيام أن أبلغ المنى ... إذا كنت في ودي مسرا ومعلنا
فلو تسأل الأيام: من هو مفرد ... بود ابن عمار؟ لقلت لها: أنا
فإن حالت الأيام بيني وبينه ... فكيف يطيب العيش أو يحسن الغنا (4) فلما وصلت الرقعة إليه تأخر عن الوصول، واعتذر بعذر مختل المعاني
(667)
والفصول، فقال أحد الحاضرين: إني لأعجب من قعود ابن عمار، عن هذا المضمار، مع ميله إلى السماع،وكلفه بمثل هذا الاجتماع، فقال ذو الرياستين: إن الجواب تعذر، فلذا اعتذر، لنه يعاني قوله ويعلله، ويرويه ولا يرتجله، ويقوله في المدة الممتدة، فرأى أن الوصول بلا جواب إخجال لأدبه، وإخلال لمنازله في الشعر ورتبه، فلما كان من الغد ورد ابن عمار ومعه الجواب، وهو:
هصرت لي الآمال طيبة الجنى ... وسوغتني الأحوال مقبلة الدنى
وألبستني النعما أغض من الندى ... وأجمل من وشي الربيع وأحسنا
وكم ليلة أحظيتني بحضورها ... فبت سميرا للسناء وللسنا
أعلل نفسي بالمكارم والعلا ... وأذني وكفي بالغناء وبالغنى
سأقرن بالتمويل ذكرك كلما ... تعاورت الأسماء غيرك والكنى
لأوسعتني قولا وطولا كلاهما ... يطوق أعناقا ويخرس ألسنا
وشرفتني من قطعة الروض بالتي ... تناثر فيها الطبع وردا وسوسنا
تروق بجيد الملك عقدا مرصعا ... وتزهو على عطفيه بردا مزينا (5)
فدم هكذا يا فارس الدست والوغى ... لتطعن طورا بالكلام وبالقنا وأخبرني الوزير [الكاتب أبو جعفر] (6) ابن سعدون أنه اصطبح (7) يوما بحضرته وللرذاذ رش، وللربيع على وجه الأرض فرش، وقد صقل الغمام الأزهار حتى أذهب نمشها، وسقاها فأروى عطشها، فكتب إليه:
فديناك لا يسطيعك النظم والنثر ... فأنت مليك الأرض، واتصل (8) الأمر
(668)
مرينا نداك الغمر فانهل صيبا ... كما سكبت وطفاء أو سكب البحر (9)
وجاء الربيع الطلق يبدي غضارة ... فحيتك منه الشمس والروض والنهر إلى أن قال (10) : ثم وجه إلى روضة قد أرجت نفحاتها، وتدبجت ساحاتها، وتفتحت كمائمها، وأفصحت حمائمها (11) ، وجردت جداولها كالبواتر، ورمقت أزهارها كالعيون الفواتر (12) ، وأقاموا يعملون أكواسهم (13) ، ويشتملون إيناسهم، فقال ذو الرياستين (14) :
وروض كساه الطل وشيا مجددا ... فأضحى مقيما للنفوس ومقعدا
إذا صافحته الريح خلت غصونه ... رواقص في خضر من القضب (15) ميدا
إذا ما انسكاب الماء عايننت خلته ... وقد كسرته راحة الريح مبردا
وإن سكنت عنه حسبت صفاءه ... حساما صقيلا صافي المتن جردا
وغنت به ورق الحمائم بيننا ... غناء ينسيك الغريض ومعبدا
فلا تجفون الدهر ما دام مسعدا ... ومد إلى ما قد حباك به يدا
وخذها مداما من غزال كأنه ... إذا ما سقى بدر تحمل فرقدا إلى أن قال (16) : وأخبرني الوزير [أبو عامر] (17) ابن سنون، أنه كان معه في منية العيون، في يوم مطرز الأديم، ومجلس معزز النديم، والأنس يغازلهم
(669)
من كل ثنية، ويواصلهم بكل أمنية، فسكر أحد الحاضرين سكرا مثل له ميدان الحرب، وسهل عليه مستوعر الطعن والضرب، فقلب مجلس الأنس حربا وقتالا، وطلب الطعن وحده والنزالا (18) ، فقال ذو الرياستين:
نفس الذليل تعز بالجريال ... فيقاتل الأقران دون قتال
كم من جبان ذي افتخار باطل ... بالراح (19) تحسبه من الأبطال
[كبش الندي تخمطا وعرامة ... وإذا تشب الحرب شاة نزال] (20)
__________
(1) القلائد: 51.
(2) زيادة من القلائد.
(3) دوزي: مسكي.
(4) ك: أو يحصل المنى.
(5) ق ط ج: وشيا معينا.
(6) زيادة من القلائد.
(7) ق ط: أصبح.
(8) القلائد: وانفصل.
(9) دوزي: أو فتق الزهر؛ ق ج ط: أو فتق البحر.
(10) القلائد: 53.
(11) القلائد: كمامها... حمامها.
(12) القلائد: بعيون فواتر.
(13) القلائد: كأسهم.
(14) انظر أيضا المغرب 2: 428.
(15) دوزي: العصب؛ وفي القلائد: العصف، خطأ.
(16) القلائد: 55.
(17) زيادة من القلائد.
(18) من قول المتنبي:
وإذا ما خلا الجبان بأرض ... طلب الطعن وحده والنزالا
(19) القلائد: بالخمر.
(20) سقط هذا البيت من الأصول.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|