أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-06
897
التاريخ: 9/11/2022
1864
التاريخ: 14-6-2017
2841
التاريخ: 29-1-2017
2215
|
إن تولي أولياء الله ومعاداة أعداء الله من ولاية النبي وأهل بيته ومحبة الصالحين من عباده وتطبيق وصايا وتعاليم الدين الحنيف والإتباع الصادق لمذهب أهل البيت (عليه السلام)، يؤدي كنتيجة حتمية إلى نعمة الحب الإلهي وسعادته.. وتلك نتيجة لا تقبل الخطأ وهي تشبه إلى حد كبير المعادلة الرياضية التي تقول (1+1=2)، أو أن ذرتين الهيدروجين تضاف إلى ذرة من الأوكسجين تنتج الماء ولكي يتم تعميق ذلك الحب الإلهي فعن طريق معرفة الله لأن النفس الإنسانية لا يمكنها أن تعشق المجهول بل أن الحب والعشق يجب أن تسبقه معرفة المحبوب حتى يتم التعلق به حيث ورد في الحديث (أول الدين معرفته وكما معرفته توحيده وكمال توحيده نفي الصفات عنه.. الخ وأما معرفته فتكون أما عن طريق البرهان العقلي ضمن الأسباب المادية أو عن طريق المعرفة الإشراقية ضمن الجوانب المعنوية، والبرهان العقلي لا يتحقق إلا عن طريقين عن طريق معرفة النفس أولا وعن طريق معرفة الكون وما خلق الله من موجودات حيث قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}[فصلت: 53]، وكذلك ورد في الحديث (من عرف نفسه فقد عرف ربه)، وهناك كتب عديدة تخاطب العقول الواعية المدركة وتأخذ بيد الأرواح الحائرة بالبرهان العقلي والنظري إلى شاطئ الأمان والإيمان مثل كتاب قصة الإيمان لنديم الجسر وكتب العقائد مثل كتاب (عقائد الإمامية)، وهناك معرفة ثانية هي المعرفة الإشراقية وهي معرفة إلهية ونور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده وهي رزق خاص يختص به الله خاصة أولياءه فهو لا يأتي بواسطة البراهين والأدلة العقلية بل يحدث للعقل وللروح بدون واسطة شيء آخر والطريق إلى الفوز به هي التحلي بالخصال النبيلة والأخلاق الفاضلة والإيثار وحب الخير وقضاء الحوائج والالتزام بوصايا أهل البيت وهذا عينه ما أشارت إليه أحاديث أهل البيت حيث ورد عنهم (ليس العلم بالتعلم وإنما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء من عباده)، وورد في الدعاء الوارد عن المعصومين: إلهي عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، إلهي عرفني نبيك فإنك إن لم تعرفي نبيك لم أعرف حجتك، إلهي عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني، وورد أيضا في دعاء الحسين (عليه السلام)، يوم عرفة (كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الآثار وهي التي توصل إليك عميت عين لا تراك عليها رقيباً وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا.. ويقول أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك حتى عرفوك ووحدوك.. ويقول ماذا وجد من فقدك وماذا فقد من وجدك لقد خاب من رضي دونك بدلا ولقد خسر من بقى عنك متحولا كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت الإحسان.. ثم يقول: كيف تخفى وأنت الظاهر أم كيف تغيب وأنت الرقيب الحاضر، ويقول الإمام علي (عليه السلام)، في دعاء الصباح: يا من دل على ذاته بذاته.
وقال عيسى (عليه السلام): (إن العلم ليس في السماء فتستنزلوه وليس في الأرض فتستخرجوه وإنما هو في قلوبكم فتخلقوا بأخلاق الروحانيين يظهر لكم)، وتطبيق ذلك عمليا هو ما أوحى الله لكليمه موسى (عليه السلام)، حينما أراد أن يرى الله.. أنه تعالى طب منه أن يأتي لميقاته وينتظر ويتعبد ويراقب نفسه وينقطع إلى الله أربعين يوما حتى يتحقق مراده، وفعلا حصل ذلك فحينما تم ميقات ربه أربعين يوما انكشف له شيء من أسرار الله الملكوتية، فخر ساجدا لله وقد حصل ما حصل لنبي الله موسى وهو كليمه وحبيبه ورسول من رسل الله فكيف بعامة الناس.. إذن الدرس العملي أن يلتزم الإنسان الطريقين طريق المعرفة البرهانية والمعرفة المعنوية والإشرافية لكي تتحقق عنده مقدمات المعرفة الإلهية ويحصل على المقامات العالية والجدير بالذكر أن أسمى العبادات وأقربها ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد كما مروي في الحديث بل إن النبي (صلى الله عليه وآله)، وعد من أحب أن يكون معه في الجنة وفي جواره أن يطيل سجوده لله.. لما يحمل السجود من تذلل لله وتواضع تشترك في ذلك كل الجوارح والجوانح.. لذلك عندما تريد أن تشكر الله على نعمه الي لا تحصى يفضل أن تسجد سجدة الشكر.. وإذا عرضت لك حاجة أطلبها منه تعالى وأنت ساجد ومسبح ومقدس ومتوسل.. وإذا أردت عبادته والتقرب إليه فأكثر من السجود وإذا خفت نزول بلية أو مصيبة فقل وأنت ساجد سبوح قدوس ربنا ورب الملائكة والروح.. لذلك ورد في الحديث من قالها خمس مرات وهو ساجد عند اشتداد البلاء قبيل خروج الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، كان في أمان الله وحفظه.. لذلك شاء الله أن يفتتح بالسجود خلق البشرية ولكرامة الإنسان عنده حيث قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}[الإسراء: 70]، وأمر الله الملائكة بالسجود لآدم لذلك فان الإنسان حمل من الله شرفاً وكرامة في خلافة الأرض واحيائها بالعبادة والسجود الذي تجلى بأبهى صورة في الأنبياء ورسله ولاسيما محمد (صلى الله عليه وآله)، وأهل بيتهم (عليهم السلام).
لذلك تجد همسات الحب الالهي واضحة في مناجاة المعصومين ولا سيما المناجاة الشعبانية التي لم يغفل الإمام أن يحصل على تلك المقامات عن طريق الدعاء والالتماس من الله تعالى أن يهبه إياها كما قلنا سابقا في التوسل بالدعاء حيث يقول (إلهي هب لي كمال الانقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فمصل إلى معدن العظمة فتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك فأكون لك عارفا وعن سواك منحرفا.
وإن علامة المحب السهر في العبادة وكثرة ذكر الله حيث ورد فيما أوصى الله تعالى إلى موسى (عليه السلام): كذب من زعم أنه يحبي، فإذا جنه الليل نام عني، أليس كل محب يحب خلوة حبيبه، ها أنا ذا يا بن عمران مطلع على أحبائي، إذا جنهم الليل حولت أبصارهم من قلوبهم ومثلت عقوبتي بين أعينهم، يخاطبوني عن المشاهدة ويكلموني عن الحضور(1).
وإذا أراد العبد أن يعلم هل أن الله يحبه أو لا فليراجع نفسه فإن كان يحب ذكر الله فإن الله يحبه حيث قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): علامة حب الله تعالى لعبده حب ذكر الله وعلامة بغض الله تعالى بغض ذكر الله عز وجل(2).
وورد عن النبي (صلى الله عليه وآله)، يا رب وددت أن أعلم من تحب من عبادك فأحبه، فقال: إذا رأيت عبدي يكثر ذكري فأنا أذنت له في ذلك وأنا أحبه وإذا رأيت عبدي لا يذكرني فأنا حجبته وأنا أبغضته.. وإن المؤمن المحب لله لا يتعب من عمل الطاعات وعن ذكر الله حيث ورد عن الإمام علي (عليه السلام)، القلب المحب لله يحب كثيراً النصب لله، والقلب اللاهي عن الله يحب الراحة فلا تظن يابن آدم تدرك رفعة البر بغير مشقة فإن الحق ثقيل مر(3)، وورد في صحيحة إدريس: طوبى لقوم عبدوني حبا اتخذوني إلهاً ورباً، وسهروا الليل ودأبوا النهار طلباً لوجهي من غير رهبة ولا رغبة ولا لنار ولا جنة بل للمحبة الصحيحة والإرادة الصريحة والانقطاع من الكل إلي(4).
وإن المحبين لله مهما عملوا فهو قليل في جنب الله حيث سأل إعرابي علي بن أبي طالب عن درجات المحبين ما هي؟ قال: أدنى درجاتهم من استصغر طاعته واستعظم ذنبه وهو يظن أن ليس في الدارين مأخوذ غيره، فغشي على الأعرابي فلما أفاق قال: هل درجة أعلى منها؟ قال: نعم سبعون درجة(5)، وإن دليل حب الله هو اتباع النبي (صلى الله عليه وآله)، حيث قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[آل عمران: 31].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الوسائل: ج7، ص77، ح8778.
2ـ كنز العمال: ج1، ص417.
3ـ تنبيه الخواطر: ج2، ص87.
4ـ البحار: ج92، ص467.
5ـ مستدرك الوسائل: ج1، ص123، ح188.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|