أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-3-2016
3629
التاريخ: 11-4-2016
2986
التاريخ: 26-5-2022
1684
التاريخ: 30-3-2016
3513
|
كان الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) من أرأف الناس وأبرّهم وأرحمهم بأهل بيته ، وكان لا يتميّز عليهم ، وقد اثر عنه أنّه قال : « لئن أدخل إلى السوق ومعي دراهم ابتاع بها لعيالي لحما وقد قرموا[1] أحبّ اليّ من أن أعتق نسمة »[2].
وكان يبكر في خروجه مصبحا لطلب الرزق لعياله ، فقيل له : إلى أين تذهب ؟ فقال : أتصدّق لعيالي قبل أن أتصدّق . ثم قال : من طلب الحلال ، فإنّه من اللّه عزّ وجلّ صدقة عليهم[3].
وكان ( عليه السّلام ) يعين أهله في حوائجهم البيتية ، ولا يأمر أحدا منهم فيما يخصّ شأنا من شؤونه الخاصة ، كما كان يتولّى بنفسه خدمة نفسه خصوصا فيما يخصّ إلى شؤون عبادته ، فإنّه لم يك يستعين بها أو يعهد إلى أحد في قضائها .
مع أبويه :
وقابل الإمام المعروف الذي أسدته إليه مربّيته بكلّ ما تمكّن عليه من أنواع الإحسان ، وقد بلغ من جميل برّه بها أنّه امتنع أن يؤاكلها فلامه الناس ، وأخذوا يسألونه بإلحاح قائلين : أنت أبرّ الناس وأوصلهم رحما ، فلما ذا لا تؤاكل امّك ؟ فأجابهم جواب من لم تشهد الدنيا مثل أدبه وكماله قائلا : « أخشى أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون عاقّا لها »[4].
ومن برّه لأبويه دعاؤه لهما ، وهو من أسمى القواعد في التربية الإسلامية الهادفة ، وهذه مقاطع من هذه اللوحة الخالدة من دعائه ( عليه السّلام ) :
« . . . واخصص اللهمّ والديّ بالكرامة لديك والصلاة منك يا أرحم الراحمين . . .
وألهمني علم ما يجب لهما عليّ إلهاما ، واجمع لي علم ذلك كلّه تماما ، ثم استعملني بما تلهمني منه ، ووفّقني للنفوذ فيما تبصرني من علمه . . . اللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف ، وأبرّهما برّ الام الرؤوف ، واجعل طاعتي لوالديّ وبرّي بهما أقرّ لعيني من رقدة الوسنان ، وأثلج لصدري من شربة الظمآن ، حتى أوثر على هواي هواهما ، واقدّم على رضاي رضاهما ، واستكثر برّهما بي وإن قلّ ، واستقلّ برّي بهما وإن كثر ، اللهمّ خفّض لهما صوتي ، وأطب لهما كلامي ، وألن لهما عريكتي ، واعطف عليهما قلبي ، وصيرني بهما رفيقا وعليهما شفيقا . . . اللهمّ اشكر لهما تربيتي ، وأثبهما على تكرمتي ، واحفظ لهما ما حفظاه منّي في صغري . . . اللهمّ لا تنسني ذكرهما في أدبار صلواتي ، وفي إنا من آناء ليلي ، وفي كل ساعة من ساعات نهاري . . . اللهمّ صلّ على محمد وآله ، واغفر لي بدعائي لهما ، واغفر لهما ببرّهما بي . . . »[5].
مع أبنائه :
أمّا سلوك الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين ( عليه السّلام ) مع أبنائه فقد تميّز بالتربية الإسلامية الرفيعة لهم ، فغرس في نفوسهم نزعاته الخيّرة واتّجاهاته الإصلاحية العظيمة ، وقد صاروا بحكم تربيته لهم من ألمع رجال الفكر والعلم والجهاد في الإسلام .
فكان ولده الإمام محمد الباقر ( عليه السّلام ) أشهر أئمّة المسلمين ، وأكثرهم عطاء للعلم .
وأمّا ولده عبد اللّه الباهر فقد كان من أبرز علماء المسلمين في فضله وسمّو منزلته العلمية .
أمّا ولده زيد فقد كان من أجلّ علماء المسلمين ، وقد برع في علوم كثيرة كعلم الفقه والحديث والتفسير وعلم الكلام وغيرها ، وهو الذي تبنّى حقوق المظلومين المضطهدين ، وقاد مسيرتهم الدامية في ثورته التي نشرت الوعي السياسي في المجتمع الاسلامي ، وساهمت مساهمة إيجابية وفعّالة في الإطاحة بالحكم الأموي[6].
وزوّد الإمام ( عليه السّلام ) أبناءه ببعض الوصايا التربوية لتكون منهجا يسيرون عليه ، قال ( عليه السّلام ) :
1 - « يا بنيّ ، انظر خمسة فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا ترافقهم في طريق » فقال له ولده : من هم ؟ قال ( عليه السّلام ) : « إيّاك ومصاحبة الكذّاب ، فإنّه بمنزلة السراب ، يقرّب لك البعيد ويبعّد لك القريب . وإيّاك ومصاحبة الفاسق ، فإنّه بايعك بأكلة أو أقلّ من ذلك . وإيّاك ومصاحبة البخيل ، فإنّه يخذلك في ماله ، وأنت أحوج ما تكون إليه . وإيّاك ومصاحبة الأحمق ، فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك . وإيّاك ومصاحبة القاطع لرحمه ، فإنّي وجدته ملعونا في كتاب اللّه . . . »[7].
2 - قال ( عليه السّلام ) : « يا بنيّ ، اصبر على النائبة ، ولا تتعرّض للحقوق ، ولا تجب أخاك إلى شيء مضرّته عليك أعظم من منفعته لك . . . »[8].
3 - وقال ( عليه السّلام ) : « يا بنيّ ، إنّ اللّه لم يرضك لي فأوصاك بي ، ورضيني لك فحذّرني منك ، واعلم أنّ خير الآباء للأبناء من لم تدعه المودّة إلى التفريط فيه ، وخير الأبناء للآباء من لم يدعه التقصير إلى العقوق له »[9].
مع مماليكه :
وسار الإمام ( عليه السّلام ) مع مماليكه سيرة تتّسم بالرفق والعطف والحنان ، فكان يعاملهم كأبنائه ، وقد وجدوا في كنفه من الرفق ما لم يجدوا في ظلّ آبائهم ، حتّى أنّه لم يعاقب أمة ولا عبدا فيما إذا اقترفا ذنبا[10].
وقد كان له مملوك فدعاه مرّتين فلم يجبه ، وفي الثالثة قال له الإمام برفق ولطف : « يا بنيّ ، أما سمعت صوتي ؟ » قال : بلى . . . ، فقال له ( عليه السّلام ) : « لم لم تجبني ؟ » فقال : أمنت منك ، فخرج الإمام وراح يحمد اللّه ويقول : « الحمد للّه الذي جعل مملوكي يأمنني . . . »[11].
[1] قرموا : اشتدّ شوقهم إلى اللحم .
[2] بحار الأنوار : 46 / 67 عن الكافي : 2 / 12 .
[3] بحار الأنوار : 46 / 67 عن الكافي : 2 / 12 .
[4] الكامل للمبرد : 1 / 302 ، وشذرات الذهب : 1 / 105 ، ومناقب آل أبي طالب : 4 / 176 عن أمالي النيشابوري .
[5] الصحيفة السجادية ، دعاؤه لأبويه .
[6] حياة الإمام زين العابدين ، دراسة وتحليل : 55 - 56 .
[7] أصول الكافي : 2 / 376 ، والاختصاص : 239 ، وتحف العقول : 279 ، والبداية والنهاية : 9 / 105 .
[8] البيان والتبيين : 2 / 76 ، العقد الفريد : 3 / 88 .
[9] العقد الفريد : 3 / 89 .
[10] اقبال الأعمال : 1 / 443 - 445 باسناده عن التلعكبري عن ابن عجلان عن الصادق ( عليه السّلام ) وعنه في بحار الأنوار : 46 / 103 - 105 . و 98 / 186 - 187 .
[11] الإرشاد : 2 / 147 ، ومناقب آل أبي طالب : 4 / 171 وفي تأريخ دمشق : 36 / 155 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|