المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



هل يعلم التأويل إلاّ الله ؟  
  
2499   02:38 صباحاً   التاريخ: 10-10-2014
المؤلف : محمد هادي معرفة
الكتاب أو المصدر : تلخيص التمهيد
الجزء والصفحة : ج1 ، ص469-477 .
القسم : القرآن الكريم وعلومه / علوم القرآن / التفسير والمفسرون / التأويل /

هنا سؤال ذو جانبين ، أحدهما عامّ : هل يستطيع أحد أن يقف على تأويل المتشابهات ؟ بل وعلى تأويل آي القرآن كلِّه ؟ والثاني خاصّ : ماذا يستفاد من الآية {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران : 7] بالذات ؟ هل الواو للتشريك أو الاستئناف ؟ .

وللإجابة على الجانب الأوّل للسؤال نقول : لا شكَّ أنّ القرآن كما هو مشتمل على آيات محكَمات مشتمل على آيات متشابهات ، ولا محالة يقصده أهل الأهواء والأطماع الفاسدة ؛ سعياً وراء المتشابهات ابتغاء تأويلها وانحرافها إلى ما يلتئم وأهدافهم الباطلة ، وقد جاء التصريح بذلك في نفس الآية : {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران : 7] ؛ فلولا وجود علماء ربّانيّين في كلَّ عصْرٍ ومِصر ينفون عنه تأويل المبطلين ـ كما في الحديث الشريف (1) ـ لأصبح القرآن معرَضاً خصباً للشغَب والفساد في الدين ، فيجب ـ بقاعدة اللطف ـ وجود علماء عارفين بتأويل المتشابهات على وجهها الصحيح ؛ ليقفوا سدّاً منيعاً في وجه أهل الزَيغ والباطل دفاعاً عن الدين وعن تشويه آي الذِكر الحكيم .

وأيضاً لو كانت الآي المتشابهة ممّا لا يَعرف تأويلها إلاّ الله ؛ لأصبح قِسط كبير من آي القرآن لا فائدة في تنزيلها سوى ترداد قراءتها ، وقد قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( ويلٌ لِمن لاكَها بين لحْيَيه ثمَّ لم يتدبَّرها ) ، وقال تعالى : {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص : 29] .

ولنفرض أنّ الأمّة ـ عندما وقفَت على آية متشابهة ـ راجعت علماءها في فَهْم تلك الآية ، فأبدَوا عجْزهم عن معرفتها ، فذهبوا والعلماء معهم إلى أحد الأئمّة خلفاء الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) ، فكان الجواب : اختصاص عِلمها بالله تعالى ، لكنَّهم لم يقتنعوا بهذا الجواب ، فهبّوا جميعاً إلى حضرة الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) ضارعين سائلين : ما تفسير آية أنزلها الله إليك لنتدبَّرها ؟ فإذا النبي ( صلّى الله عليه وآله ) لا يفترق عن آحاد أُمَّته في الجهْل بكتاب الله العزيز الحميد ! .

أوَ ليست الأُمم تسخَر من أُمّة عمَّها وعلماءها وأئمّتها ونبيَّها الجهْل بكتابها الذي هو أساس دينها مع الخلود ؟! .

اللهمَّ إن هذا إلاّ زعْمٌ فاسد وحطٌّ من كرامة هذه الأُمّة المفضَّلة على سائر الأُمم بنبيِّها العظيم وكتابها الكريم .

أوَ ليس النبي ( صلّى الله عليه وآله ) هو الَّذي أرجعَ أُمَّته إلى القرآن إذا ما التبست عليهم الأمور كقِطع الليل المظلم (2) ؟ فبماذا يرجعون إذا التبس عليهم القرآن ذاته ؟! .

وأخيراً ، فإنّا لم نجد من علماء الأُمّة ـ منذ العهد الأوّل فإلى الآن ـ مَن توقَّف في تفسير آية قرآنيَّة بحجّة أنّها من المتشابهات لا يعلم تأويلها إلاّ الله ، وهذه كتُب التفسير القديمة والحديثة طافحة بأقوال المفسِّرين في جميع آي القرآن بصورة عامَّة ، سوى أنَّ أهل الظاهر يأخذون بظاهر المتشابه ، أمّا أهل التمحيص والنظر فيتعمَّقون فيه ويستخرجون تأويله الصحيح ، حسبما يوافقه العقل والنقْل الصريح .

قال الشيخ أبو علي الطبرسي : وممّا يؤيّد هذا القول ـ أي إنَّ الراسخين يعلمون التأويل ـ إنَّ الصحابة والتابعين أجمعوا على تفسير جميع آي القرآن ، ولم نرَهُم توقَّفوا على شيءٍ منه لم يفسِّروه ، بأن قالوا : هذا متشابه لا يعلمه إلاّ الله (3) .

وقال الإمام بدر الدين الزركشي : إنَّ الله لم يُنزل شيئاً من القرآن إلاّ لينتفع به عِباده ، وليدلّ به على معنىً أراده ، ولا يسوغ لأحد أن يقول : إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) لم يعلمْ المتشابه .

فإذا جاز أن يعرفه الرسول ( صلّى الله عليه وآله ) مع قوله : { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ } ، جاز أن يعرفه الربّانيون من صحابته ، والمفسِّرون من أُمَّته ، ألا ترى أنّ ابن عبّاس كان يقول : أنا مِن الراسخين في العِلم . ولو لم يكن للراسخين في العِلم حظّ من المتشابه إلاّ أن يقولوا : ( آمَنّا ) ، لم يكن لهم فضْل على الجاهل ؛ لأنّ الكلّ قائلون ذلك .

قال : ونحن لم نرَ المفسِّرين إلى هذه الغاية توقَّفوا عن شيء من القرآن ، فقالوا : هذا متشابه لا يعلم تأويله إلاّ الله ، بل أمَرُّوه على التفسير حتّى فسَّروا الحروف المقطَّعة (4) .

ماذا يُستفاد من الآية بصورة خاصّة ؟

أمّا بالنظر إلى ذات الآية فلعلّ دلالتها على التشريك واضحة ، إذ من الضروري لزوم رعاية المناسبة القريبة بين عنوان ( المسنَد إليه ) وفحوى مدلول ( المسنَد ) ، وذلك فيما إذا تعنْوَنَ المسنَد إليه بوصْفٍ خاصّ ، فإنّه يجب حينذاك من مراعاة ما بين هذه الصفة ، والحُكم المترتِّب على ذي الصفة من علاقة سببية أو شِبهها ، وهي الَّتي لاحظَها علماء الفنّ فيما أُثِر منهم : ( مناسبة الحُكم والموضوع ) ، وهذا كقولنا : ( العلماء باقون ما بقي الدَّهر ) ، حيث كانت صفة العلم وآثاره البنّاءة هي الَّتي تستدعي الخلود للعلماء .

ومن ثمَّ قد يُستشمّ نوعيّة الخبر من نفس عنوان الموضوع ، قبل أن ينطق بالمُخبَر به ، كما في قول الشاعر :

إنَّ الَّذي سمَك السماء بنى لنا    بيتاً دعائمه أعزُّ وأرفع

فقد لمَسنا عظَمة المخبَر به ورِفْعة شأنه من عنوان ( سامك السماء ) الَّذي جاء في الموضوع .

وعليه : فعنوان ( الراسخون في العلم ) بنفسه يستدعي أن يكون المنسوب إليهم من جِنْس ما يتناسب والمعرفة الكاملة ، أمّا الإيمان الأعمى فلا مناسبة بينه وبين الرسوخ في العلم .

وعليه فرعاية هذه المناسبة هي الَّتي تستدعي وجوب التشريك ؛ ليكون الراسخون في العلم ـ أيضاً ـ عالِمين بتأويل المتشابهات .

شكوك واعتراضات :

واعتُرضَ بأنّ مقتضى التشريك هو : تساوي العلماء مع الله ولو في هذه الجهة الخاصَّة ، وقد قال تعالى : {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى : 11] .

وأُجيب بأنّ شرَف العِلم هو الَّذي رفعَها إلى هذه المنزلة المنيعة ، كما في آية أُخرى : {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران : 18] .

واعتراض آخَر : ماذا تكون موقعية قوله : { يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ...} ، إذا ما اعتبَرنا ( والراسخون ) عطفاً على ( إلاّ الله ) ؟

والجواب : إنّها جملة حالية موضعها النَصْب حالاً توضيحاً من الراسخين ، قال الزمخشري : و( يقولون ) كلام مستأنف موضّح لحال الراسخين (5) ، ومقصوده من الاستيناف : نفي رابطة الإسناد الخبَري بينه وبين الراسخين ، وهكذا صرّح ابن قتيبة (6) ، وأبو البقاء العكبري (7) ، والشريف المرتضى(8) ، والزركشي (9) ، والعلاّمة الطبرسي (10) ، والشيخ محمَّد عبده (9) ، وغيرهم من أقطاب العلم والأدب القدامى والمحدّثين .

وللآية نظائر كثيرة في القرآن ، وفي الشِعر القديم ، جاء في سورة الحشر ـ في بيان مصرف الغنائم ـ قوله تعالى  : { مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ ـ إلى قوله ـ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ ـ إلى قوله ـ  وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ ـ إلى قوله ـ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ } [الحشر : 7 و 10] فجملة ( يقولون...) كلام مستأنَف حال من ( والَّذين جاؤوا...) المعطوف على ما قبله ؛ للتشريك معهم في استحقاق غنائم دار الحرب .

وكذلك قوله تعالى : {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر : 22] فالمنصوب حال من ( المَلك ) المعطوف على ( ربُّك ) .

وقال يزيد بن المفرغ الحميري ـ يهجو عبّاد بن زياد ـ :  

أصرمتَ حَبْلك فــي أمامة        مـن بعــد أيــام برامة

فالريح تبكي شــــجْوها      والبـرق يلمع في غمامة (12)

قوله : ( والبرق ) عطف على ( فالريح ) للتشريك معه في البكاء ، و( يلمع ) حال من المعطوف ، أي ويبكي البَرْق أيضاً في حال كونه لامعاً .

إذاً فلا غَرْو أن تكون { يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ...} جملة حاليّة موضّحة لحال الراسخين ، وسنذكر فائدة هذه الحال هنا .

واعتراض ثالث ـ هو أقوى حجَّة اعتمدها الإمام الرازي ـ قال : ( إنَّ الله مدَح الراسخين في العلم بأنَّهم يقولون : آمنّا به ، وقال في أوَّل سورة البقرة : {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة : 26] ، فهؤلاء الراسخون لو كانوا عالِمين بتأويل ذلك المتشابه على التفصيل ، لَمَا كان لهم في الإيمان به مَدح ؛ لأنَّ كلَّ مَن عرفَ شيئاً على سبيل التَّفصيل ، فإنّه لابدّ أن يؤمن به ، إنَّما الراسخون في العلم هم الّذين علِموا بالدلائل القطعية أنّ الله تعالى عالمٌ بالمعلومات الَّتي لا نهاية لها ، وعلموا أنَّ القرآن كلام الله تعالى ، وعلموا أنَّه لا يتكلَّم بالباطل والعبَث ، فإذا سمعوا آية ودلَّت الدلائل القطعية على أنَّه لا يجوز أن يكون ظاهرها مراداً لله تعالى ، بل مراده منه غير ذلك الظاهر ، ثمَّ فوّضوا تعيين ذلك المراد إلى عِلمه ، وقطعوا بأنَّ ذلك المعنى ـ أيّ شيء كان ـ فهو الحقّ والصواب ، فهؤلاء هم الراسخون في العلم بالله ، حيث لم يزعزعهم قطْعُهم بترْك الظاهر ، ولا عدم عِلمهم بالمراد على التعيين ، عن الإيمان بالله والجزم بصحَّة القرآن ) (13) .

قلت : ليس كلّ مَن عرَف الحقّ اعترف به وأذعنَ له ، قال تعالى : {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ } [النحل : 83] ، هذا ، والمدح على الإيمان عن بصيرة أَولى من المدح على إيمانٍ أعمى .

قال الإمام البيضاوي : مدحَ الراسخين في العلم بجَودة الذهن وحُسن النظر ، وإشارة إلى ما استعدّوا للاهتداء به إلى تأويله ، وهو تجرّد العقل عن غواشي الحِسّ (14) .

والتقييد بالجملة الحالية هنا جاء للإشارة إلى نكتة دقيقة هي : أنّ المتشابه متشابه على كلٍّ من العالِم والجاهل جميعاً ، سوى أنّ العالِم بفضل عِلمه بمقام حِكمته تعالى يجعل من المتشابه موضع تأمّله ودقيق نظره ؛ وبذلك يتوصّل إلى معرفة تأويله الصحيح في نهاية المطاف .

توضيح ذلك : إنّ الناس تجاه المتشابه ثلاث فِرَق : فِرقة تستريح إلى ظاهره ، وهم غالبية العامَّة ممّن لا معرفة له بأُصول معارف الإسلام الجليلة . وفِرقة تعمَد إلى المتشابه عن قصد التمويه ؛ لغرض تأويله إلى أهداف باطلة ذريعة إلى تشويه الحقيقة ، وهُم أهل الزَيغ والانحراف ممَّن يبغي الفساد بين العباد . وفِرقة ثالثة ـ هم الراسخون في العلم المؤمنون حقّاً ـ يقِفون عند المتشابه يتأمّلونه بدقيق النظر ـ ولسان حالهم : أنّ هذا المتشابه ـ كأخيه المحكَم ـ صادر عن مقام الحكمة تعالى وتقدَّس ، فلابدّ أنّ وراء ظاهره المتشابه حقيقة راهنة تكون هي المقصودة بالذّات ، وهذه الفكرة عن المتشابه هي الَّتي تدعو المؤمنين حقّاً الراسخين في العلم إلى البحث والتحقيق عن تخريجه الصحيح .

والباحث الصادق أمام المتشابه لا يضطرب اضطراب الجاهل ، الذي وضَع إيمانه على حَرْف {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ} [الحج : 11] ، ولا يتروَّغ مراوغة المعاند الغاشم ؛ ليجعل من المتشابه ذريعة للعَيث والفساد في الأرض {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران : 7] .

وإنّما يقف عنده وقْفة المتأمّل الفاحص عن جليّ الأمر ، ولا شكّ أنَّه سوف يحتضن مطلوبه بفضل استقامته وثباته على إيمانه الصادق ، وقد جرت سُنَّة الله في خلْقه أنّ : مَن جدَّ وجَد ومَن لجَّ وَلج ، قال تعالى : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت : 69].

والخلاصة : إنَّ الراسخين في العلم ـ بفضْل ثَباتهم على العقيدة الصادقة ـ سوف يهتدون إلى معرفة تأويل المتشابه كما أراده الله ، ويكون قولهم : { آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا } ؛ تمهيداً لطلب الحقيقة ، ونقطة باعثة نحوَ البحث عن طريق التحقيق والفحْص .

وهكذا قال الشيخ محمّد عبده : وأمّا دلالة قولهم { آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا } على التسليم المحْض ، فهو لا ينافي العلم ، فإنّهم إنّما سلَّموا بالمتشابه في ظاهره أو بالنسبة إلى غيرهم ؛ لعِلمهم باتّفاقه مع المحكَم ، فهُم لرسوخهم في العلم ووقوفهم على حقِّ اليقين لا يضطربون ولا يتزعزعون ، بل يؤمنون بهذا وبذاك على حدٍّ سواء ؛ لأنَّ كُلاًّ منهما من عند الله ربّنا ، ولا غَرْو فالجاهل في اضطراب دائم والراسخ في ثبات لازم ، ومَن اطّلع على ينبوع الحقيقة لا تشتبه عليه المجاري ، فهو يعرف الحقّ بذاته ، ويرجع كلّ قول إليه ، قائلاً : {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران : 7] (15) .

بقي هنا شيء وهو : أنّ الإمام الرازي ـ تأكيداً لاختياره الاختصاص ـ استمدّ بالأدب الرفيع ! وقال : إنّ العطف بعيد عن ذوق الفصاحة ، ولو أُريد العطف لكان الأَولى أن يقال : وهم يقولون آمنّا به ، أو يقال : ويقولون آمنّا به (16) .

ووافَقه على هذا الذوق الأدبي سيّدنا العلاّمة الطباطبائي ! قائلاً : ( وظاهر الحصْر كون العِلم بالتأويل مقصوراً عليه تعالى ، وظاهر الكلام أنّ الواو في ( والراسخون ) للاستيناف ؛ لكونه طرفاً للترديد الواقع في صدر الآية { فَأَمَّا الَّذِينَ ..} ، ولو كان للعطف الدالّ على التشريك ؛ لكان من أفضل الراسخين حينذاك هو الرسول الأعظم ، فكان من حقّه أن يُفرَد بالذِكر ؛ تشريفاً بمقامه كما في قوله تعالى : {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} [البقرة : 285] ، وقوله : {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة : 26] ، وقوله : {وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا } [آل عمران : 68] .

قلت : إن كنّا نرى لهذين العَلَمين منزلتهما الشامخة في مجال الحِكمة والعلوم العقليّة ، فإنّ ذلك ـ بنفس المرتبة ـ أبعدَهما عن عالَم الأدب اللَسِني والعلوم النقلية ، لاسيّما وأنّهما لم يذكرا سبب تلك الاستذاقة الغريبة ! وقد أسلفنا نقل كلام أئمّة الأدب في ترجيح العطف على الاستيناف (17) .

هذا ، وقد ذهب عن الإمام الرازي أنّ الجملة الحالية إذا صُدِّرت بالفعل المضارع يجب تجريدها عن الواو البتَّة ، قال ابن مالك في باب الحال من ألفيَّته في النحْو :

حَوَت ضميراً ومن الواو خَلت      وذات بدْء بمضارع ثَبت

كما ذهب عن سيِّدنا الطباطبائي أنّ في القرآن كثيراً من عمومات تشمل النبيّ الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) يقيناً ، ولم يُفرَد بالذِكر ، منها قوله تعالى : {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ } [آل عمران : 18] ، وقوله : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} [فصلت : 30] ، وقوله : {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج : 38] ، وقوله : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [فاطر : 28] وغيرهنّ من آيات كثيرة جدّاً .

مزعومةُ المنكِرين :

نَسَب جلال الدين السيوطي القول باختصاص معرفة التأويل به تعالى إلى أكثرية السلَف خصوصاً أهل السُنَّة ، قال : وأمّا الأكثرون من الصحابة والتابعين وأتباعهم ومن بعدهم ـ خصوصاً أهل السنَّة ـ فذهبوا إلى الثاني ، أي القول بأنّ التأويل لا يعلمه إلاّ الله (18) .

وأظنُّه مُبالِغاً في هذه النِسبة ، ولاسيّما بعد مراجعتنا لأقوال السلَف اتَّضح عدم صحَّة النسبة ، قال ابن تيمية : قول القائل : إنّ أكثر السلَف على أنَّ  التأويل لا يعلمه إلاّ الله قول بلا عِلم (19) ؛ فإنَّه لم يثبت عن أحد من الصحابة أنّه قال : إنَّ الراسخين في العلم لا يعلمون تأويل المتشابه ، بل الثابت عن الصحابة أنَّ المتشابه يعلَمُه الراسخون .

وقال ـ قبل ذلك ـ : إنّ السلَف قد قال كثير منهم : إنَّهم يعلمون تأويله ، منهم :

مجاهد مع جلالة قدْره ، والربيع بن أنس ، ومحمّد بن جعفر بن الزبير ، وابن عبّاس ،... وقد تكلَّم أحمد بن حنبل في تأويل كثير من آيات متشابهة إلى أن يقول : وهذا القول اختيار كثير من أهل السُنّة ، منهم : ابن قتيبة ، وأبو سليمان الدمشقي (20) .

وقال أبو جعفر الطبري : إنّ جميع ما أنزل الله من آي القرآن على رسوله ( صلّى الله عليه وآله ) ، فإنَّما أنزله عليه بياناً له ولأُمَّته وهدىً للعالَمين ، وغير جائز أن يكون فيه ما لا حاجة بهم إليه ، ولا أن يكون فيه ما بهم إليه الحاجة ، ثمَّ لا يكون لهم إلى عِلمِ تأويله سبيل (21) .

وقال مجاهد : عرضتُ المصحف على ابن عبّاس من أوَّله إلى آخِره ، أُوقِفُه عند كلٍّ آية وأسأله عنها ، وكان يقول : أنا من الراسخين في العلم الَّذين يعلمون تأويله (22) .

وقال الراغب ـ في مقدَّمة تفسيره ـ : وذهب عامّة المتكلّمين إلى أنَّ كلَّ القرآن يجب أن يكون معلوماً ؛ وإلاّ لأدّى إلى إبطال فائدة الانتفاع به ، وحملوا قوله : { وَالرَّاسِخُونَ } بالعطف على قوله : { إِلاَّ اللّهُ } وقوله : { يَقُولُونَ } جملة حالية (23) .

وذهب أبو الحسن الأشعري ـ شيخ الأشاعرة ـ إلى وجوب الوقْف على { وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ } ؛ لأنّهم تأويل المتشابه . وقد أوضح هذا الرأي وانتصر له أبو إسحاق الشيرازي بقوله : ليس شيء استأثر الله بعِلمه ، بل وقف العلماء عليه ؛ لأنّ الله تعالى أورَد هذا مدحاً للعلماء ، فلو كانوا لا يعرفون معناه لشاركوا العامّة (24) .

وفيما نقلنا هنا من أقوال الأعلام كفاية في تزييف ما نَسبه جلال الدين إلى السَلَف ، ولعلّ الباحث يجد من أقوال الأئمَّة أكثر .

والعمدة : أنَّ منكري العطف استندوا إلى مزعومة مفضوحة ، قالوا : لأنَّ المتشابه هو ما لم يكن لأحد إلى عِلمه سبيل ، ممّا استأثر الله بعِلمه دون خلْقه ، وذلك نحو الخبر عن وقْت مخرج عيسى بن مريم ، ووقت طلوع الشمس من مغربها ، وقيام الساعة وفناء الدنيا ، وما أشبه ذلك ، فإنّ ذلك لا يعلمه أحد ) (25) .

وقالوا في تفسير الآية : يعني جلّ ثناؤه بذلك : وما يعلم وقت قيام الساعة وانقضاء مُدّة أجَل محمّد وأُمّته ، وما هو كائن ، إلاّ الله ، دون مَن سواه من البشر ، الذين أمّلوا إدراك عِلم ذلك من قِبل الحساب والتنجيم والكهانة ، وأمّا الراسخون في العلم فيقولون آمنّا به كلٌّ من عند ربّنا لا يعلمون ذلك ، ولكن فضْل عِلمهم في ذلك على غيرهم : العِلم بأنّ الله هو العالِم بذلك دون مَن سواه من خلْقه (26) .

ولعلّ هؤلاء قد غشيَتهم غفلة ، فذهب عنهم أنّ آية آل عمران تقصد تنويع آي القرآن إلى محكَمات ومتشابهات ، وأنَّ المحكَمات هنّ مراجع الأمّة بالذات ، أمّا الآيات المتشابهات فيَعمَد إلى تأويلها الباطل أهلُ الأهواء الفاسدة ، ولا يعلم تأويلها الصحيح سوى الله والراسخين في العلم ، هذا هو فحوى الآية الكريمة ، الأمر الّذي لا يرتبط والأُمور السبعة التي استأثر الله بعِلمها من نحو : خروج الدجّال ، ونزول المسيح ، وطلوع الشمس من المغرب ، إنَّها من أشراط الساعة ، ولا مَساس لها بموضوع آية آل عمران ، إنَّها غفلة غريبة لا ندري كيف خفيَ عليهم ذلك ولم يتنبَّهوا إلى هذا الفضح الواضح ؟! .

مَن هُم الراسخون في العلم ؟

الراسخون في العلم : هم مَن لمَسوا من المتشابه وجه التشابه فيه أوّلاً ، ثمّ تمكّنوا من الوصول إلى وجه تخريجه الصحيح في نهاية الأمر ؛ لأنَّ فَهْم السؤال نصف الجواب كما قيل .

إذ الراسخون في العلم هم مَن عرفوا من قواعد الدين أُسُسها المتينة ، ودرسوا من واقع الشريعة أُصول مبانيها الرصينة ، ومن ثمّ إذا ما جوبهوا بما يخالفها في ظاهر اللفظ عرفوا أنّ له تأويلاً صحيحاً ، يجب التوصّل إليه في ضوء تلكم المعارف الأوّلية ، ومَن جدّ في طلب شيء وكان من أهله تحصَّله في نهاية المطاف ، أمّا الجاهل الأعمى فلا يعرف من الدين شيئاً سوى ظواهره ، من غير أن يميِّز بين مُحكَماته والمتشابهات .

والخلاصة : أنَّ العلماء الصادقين ـ بما أنَّهم واقفون على قواعد الشريعة وعارفون بموازين الشرع ومقاييسه الدقيقة ـ إذا ما عُرضَت عليهم متشابكات الأُمور ، هم قادرون على استنباط حقائقها وعلى أوجه تخريجاتها الصحيحة .

ومن ثمَّ فإنَّهم يعلمون تأويل المتشابهات بفضْل رسوخهم في فَهْم حقيقة الدين بعناية ربّ العالمين {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت : 69] ، {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم : 76] ، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} [فصلت : 30] ، وقد قال تعالى : {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [الجن : 16] ، أوَ ليس العلم بحقائق الشريعة البيضاء من الماء الغدَق أنّها شربة حياة العِلم ، يُفيضها الإله تعالى على مَن يشاء من عباده المؤمنين ، ويُطلِعهم على أسرار المُلك والملَكوت في العالمين .

وأوَّل الراسخين في العلم هو : رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، قال الإمام محمَّد بن عليّ الباقر ( عليه السلام ) : ( أفضل الراسخين في العلم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، قد علِمَ جميع ما أنزلَ الله في القرآن من التنزيل والتأويل ، وما كان الله ليُنزل عليه شيئاً لم يُعلِّمه تأويله )(27) ثُمَّ باب مدينة عِلمه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، والأوصياء من بعده صلوات الله عليهم أجمعين .

قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق ( عليه السلام ) : ( إنَّ الله علّم نبيّه التنزيل والتأويل ، فعلّم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) عليّاً وعلّمنا ، والله ) (28) .

وهكذا استمرّ بين أظهر المسلمين عِبر العصور رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فثبتوا واستقاموا على الطريقة فسقاهم ربّهم ماءً غدَقاً ، قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( يَحمل هذا الدين في كلّ قَرن عُدول ينفون عنه تأويل المبطلين ) (29) .

وقد جاء التعبير عن علماء أهل الكتاب الربّانيّين بالراسخين في العلم {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [النساء : 162] ؛ دليلاً على أنّ العلماء العاملين ـ الّذين ساروا على منهج الدين القويم ، وكَمُلَت معرفتهم بحقائق الشريعة الطاهرة ـ هم راسخون في العلم ويعلمون التأويل .

قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( نحن الراسخون في العلم ، فنحن نعلم تأويله ) (30) ، وعن ابن عبّاس تلميذ الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( أنا ممَّن يعلم تأويله ) (31) .

وفي وصيَّة النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : ( فما اشتبه عليكم فاسألوا عنه أهل العلم يخبرونكم ) (32) ، فلولا أنّ في أُمَّته علماء عارفين بتأويل المتشابهات ؛ لَمَا أوصى ( صلّى الله عليه وآله ) بمراجعتهم في حلّ متشابكات الأُمور .

و{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف : 43] ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين .

_____________________

(1) راجع سفينة البحار : ج1 ، ص55 .

(2) راجع الكافي الشريف : ج2 ، ص599 .

(3) مجمع البيان : ج2 ، ص410 .

(4) البرهان في علوم القرآن : ج2 ، ص 72 ـ 73 .

(5) الكشّاف : ج1 ، ص338 طبعة بيروت .

(6) تأويل مشكل القرآن ، ص 72 .

(7) إملاء ما مَنّ به الرحمان : ج1 ص124 .

(8) أمالي الشريف المرتضى : ج1 ، ص431 ـ 442 المجلس 33 .

(9) البرهان في علوم القرآن : ج2 ، ص73 .

(10) مجمع البيان : ج2 ، ص410 .

(11) تفسير المنار : ج3 ، ص167 .

(12) راجع الأغاني لأبي الفرج : ج17 ، ص112 طبع بيروت وص 55 طبع الساسي . وابن خلّكان ، ج6 ، ص346 رقم 821 . وغرر الفوائد للشريف المرتضى : ج1 ، ص440 .

(13) التفسير الكبير : ج7 ، ص177 .

(14) أنوار التنزيل : ج2 ، ص5 .

(15) تفسير المنار : ج3 ، ص167 .

(16) التفسير الكبير : ج7 ، ص177 .

(17) تقدّم في صفحة : 468 .

(18) الإتقان : ج2 ، ص3 الطبعة الأُولى ، وص5 ـ 6 الطبعة الثانية .

(19) ويلٌ لِمَن كفَّره نمرود .

(20) بنقل تفسير المنار : ج3 ، ص174 ـ 175 .

(21) جامع البيان للطبري : ج3 ، ص116 .

(22) تفسير المنار : ج3 ، ص182 .

(23) البرهان للزركشي : ج2 ، ص74 .

(24) المباحث لصبحي الصالح : ص282 .

(25) راجع جامع البيان للطبري : ج3 ، ص116 .

(26) المصدر السابق : ص122 . مجمع البيان : ج2 ، ص410 . البيضاوي : ج2 ، ص5 .

(27) بحار الأنوار : ج92 ، ص78 .

(28) مرآة الأنوار ص15 .

(29) سفينة البحار : ج1 ، ص55 .

(30) تفسير البرهان للبحراني : ج1 ، ص271 .

(31) الدر المنثور للسيوطي : ج2 ، ص7 .

(32) آلاء الرحمان للبلاغي : ج1 ، ص258 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .