- المنهج التحليلي وقراءة الصورة الجغرافية الراهنة

أن الصورة الجغرافية في الوقت الحاضر لا تغيب عن ذهن وأدراك الباحث الجغرافي ,حيث لا يحتاج إلى البحث عن دلائل كما في المنهج الاستقرائي السابق, بل يتعامل مع الصورة الجغرافية بشكل مباشر وهو يمتلك القدرة على قراءة ما يعبر عنه المكان أو الزمان في منطقة الدراسة. ويستطيع الباحث الجغرافي في دراسة أي ظاهرة بأبعادها المكانية والزمانية من التوصل إلى النتائج التي يرغب في تحقيقها ,ومن خلال التحري عن مكونات أو عناصر تلك الظاهرة والعلاقات مع بعضها ومع الظواهر الأخرى والتوزيع الجغرافي لتلك الظاهرة, جميعها معطيات واضحة ولا تحتاج إلى استنباط أو استنتاج للتوصل إلى الصورة الجغرافية المحددة في منطقة الدراسة, بل جميع المعطيات حاضرة أمام الباحث وتتحدث عن نفسها. وقد يصاحب اهتمام الجغرافي بالتفسير أو التعليل والتبرير أن يتحرى عن أسباب التغيير الطبيعي أو البشري, ومدى القدرة على التغيير وعلى المدى القصير أو الطويل.

وحسن توظيف المنهج التحليلي يرشد الباحث الجغرافي على فهم الرؤية الجغرافية في وضعها الحالي, ولتحقيق الهدف الجغرافي لابد من اتباع عدة خطوات منها:

1- التحقق من التوزيع الجغرافي للظاهرة ضمن منطقة الدراسة.

2- استخدام التفسير المناسب والعلمي والعملي للتحقق من صدق وموضوعية هذا التوزيع الجغرافي ومعطياته.

3- التحري عن الروابط والعلاقات التي تنتمي إليها الصورة الجغرافية الطبيعية والبشرية في منطقة الدراسة.

أن الخطوات الثلاث سوف تجسد الرؤية الجغرافية والتي تنتهي بعرض الوصف الجغرافي التفسيري للظاهرة الجغرافية, وفي حالة عدم تحري العلاقات وتفسير الروابط سوف يكون وصف الظاهرة تصوري أو سطحي.

وقد يقود الوصف التفسيري إلى نقل الباحث من المجال الوصفي إلى التطبيقي وامكانية أجراء وصف تقويمي للظاهرة والحكم عليها من النتائج التي يتوصل اليها, وهذا ناتج عن اتساع أدراك الباحث نتيجة للتعمق في تفسير الظاهرة.(1)

_____________________

1- صلاح الدين علي الشامي, علم الجغرافيا, مصدر سابق, ص 278-282 .