أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-11-2014
1915
التاريخ: 10-10-2014
3164
التاريخ: 10-10-2014
1873
التاريخ: 14-11-2014
1909
|
التأويل من «الأول» وهو الرجوع إلى الأصل. قال الراغب : ومنه «الموئل» للموضع الذي يُرجَع إليه ، وذلك هو ردّ الشيء إلى الغاية المرادة منه ، علماً كان أو فعلاً. ففي العلم نحو : {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ } [آل عمران : 7] . وفي الفعل كقول الشاعر :
وللنّوى قبل يوم البين تأويل (1).
وقوله تعالى : {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ } [الأعراف : 53] ، أي : بيانه الذي هو غايته المقصودة منه ، وقوله : {ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [النساء : 59] و(2) ، أي : أحسن مآلاً وعاقبةً.
والفرق بين «الأول» و«الرجوع» : أنّ «الرجوع» مأخوذ فيه العودة إلى حيث بدأ ، يقال : رجع ، أي : عاد إلى موضعه حيث كان . أمّا «الأول» فهو الانتهاء إلى الشيء الذي هو أصله وحقيقته ، من غير أن يُلحظ في مفهومه العودة.
وعليه فالتأويل : إرجاع لظاهر الكلام أو العمل إلى حيث حقيقته وأصله المراد منه ، كما في باب المتشابهات من الأفعال (3) والأقوال (4).
وهناك مصطلح آخر للتأويل ، بمعنى : إرجاع ظاهر التعبير ـ الذي يبدو خاصّاً حسب التنزيل ـ إلى مفهوم عامّ يكون هو المقصود الأصل من الكلام. وقد اصطلحوا عليه بالبطن في مقابلة ظهر الآية ، أي : المعنى العامّ الخابئ وراء ستار ظاهر اللفظ ، والذي انطوت عليه الآية في فحواها العامّ.
فالتأويل في باب المتشابهات هو توجيهها إلى وجهها المقبول ، أمّا التأويل بمعنى البطن في مقابلة الظهر فهو الأخذ بمفهوم الآية العامّ بعد إعفاء ملابساتها الخاصّة التي كانت تجعلها قيد التاريخ ، ولتصبح الآية ذات رسالة خالدة عبر الدهور(5).
وجاء التأويل أيضاً بمعنى تعبير الرؤيا في مواضع من سورة يوسف (6) ، باعتبار أنّها ترمز وتؤول إلى معان خافية يكشفها المعبِّر حسبما أُوتي من علم بتأويل الأحاديث.
أمّا التأويل في دارج اللغة فيعني : الانتهاء إلى مآل الأمر وعاقبته المتوقّعة ، من خير أو شرّ : {وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [الإسراء : 35] أي : أحسن مآلا وعاقبة ، {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ} أي : ماذا يؤول إليه أمر الإسلام {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} [الأعراف : 53] ، أي : تبدو لهم عاقبته السيّئة لهم {وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ } [ص : 3].
وقوله : {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ } [يونس : 39] ، أي : كذّبوا بهذا القرآن حيث لم يعرفوه المعرفة التامّة ومن جميع وجوهه ، بل عرفوا منه معرفةً ظاهرةً سطحيّة ، ومن غير تعمّق في اللبّ والحقيقة ، ومن ثمّ كذّبوا به ، {وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} أي : وبعد لم يتبيّن لهم حقيقته الحقّة الناصعة. فالتأويل هنا بمعنى التبيين الكاشف عن حقيقة الحال ، والناس أعداء ما جهلوا.
والتأويل بمعنى التفسير المتعمَّق فيه كان هو الشائع عند السلف ، ومنه دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) لابن عبّاس : «اللّهم ، فقّهه في الدين ، وعلّمه التأويل» (7).
والفقه هو الفهم الدقيق ، كما أنّ التأويل هو التفسير العميق ، وهكذا دأب أبو جعفر الطبري على التعبير بالتأويل في تفسيره للآيات. ولعلّ التعبير بالتأويل في باب المتشابهات جاء أيضاً من ذلك ، حيث هو تفسير متعمَّق فيه ، لا يصلح له سوى من كان راسخاً في العلم.
وعليه ، فالتأويل بجميع التعابير الواردة فيه ، سواء أكان بمعنى توجيه المتشابه أم الأخذ بمفهوم الآية العامّ أو تعبير الرؤيا أو عاقبة الأمر ومآله ، كلّ ذلك يرجع إلى مفهوم واحد ، وهو تفسير الشيء تفسيراً يكشف النقاب عن وجه المراد تماماً وكمالا ، ولا يدع لطروّ الشكّ أو الشبهة فيه مجالا.
والكلام هنا يقع في موضعين : في التأويل بمعنى توجيه المتشابه من قول أو فعل ، والتأويل بمعنى تبيين المفهوم العامّ الذي انطوت عليه الآية .
_________________________
1 . النوى : التحوّل من مكان الى مكان ، أو الوجه الذي ينويه المسافر. أي : ولهذا التحوّل والتجوال قبل يوم الفراق نهاية وعاقبة ينتهي إليها ، كما في قول معقّر :
فألقت عصاها واستقرّ بها النوى *** كما قرّ عيناً بالإيّاب المسافرُ
2 . المفردات للراغب : 31 مادة «أَوَلَ».
3 . كما في قصّة صاحب موسى : {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا } [الكهف : 78] ، أي : تفسيره على الوجه المقبول.
4 . كما في الآية : 7 من سورة آل عمران.
5 . وذلك لأنّ كثيراً من الآيات نزلت علاجاً لمشكلة عارضة تخصّ أناساً بأشخاصهم وفي ظروف خاصّة ، فلو بقيت الآية على ظاهرها لكادت تكون عقيمة لا تحمل رسالتها العامة الخالدة ، والقرآن نزل هدىً للعالمين . وسنشرح هذه الناحية بتفصيل.
6 . الآيات : 6 و21 و36 و37 و44 و45 و100 و101.
7. أسد الغابة 3 : 192 ـ 195 ، الإصابة 2 : 330 ـ 334.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|