أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-5-2022
1803
التاريخ: 25/12/2022
1977
التاريخ: 16-12-2014
3461
التاريخ: 6/12/2022
1722
|
وكانت على هدي أبيها في جوده وسخائه ، وقد سمعته يقول : « السخي قريب من اللّه ، قريب من الناس ، قريب من الجنة ، بعيد عن النار ، وأنّ اللّه سبحانه جواد يحبّ الجواد » وكان الإيثار من شعار المصطفى ( صلّى اللّه عليه واله ) حتى قالت بعض زوجاته : ما شبع ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الدنيا ، وكان يقول ( صلّى اللّه عليه واله ) : « ولو شئنا لشبعنا ولكنّا نؤثر على أنفسنا »[1] ، وكانت الزهراء خير من يؤثر على نفسه اقتداء بأبيها حتى عرف عنها ايثارها بقميص عرسها ليلة زفافها سلام اللّه عليها ، وكفى بما أوردناه في سورة الدهر شاهدا على عظيم ايثارها وجميل سخائها .
وروي عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري أنّه قال : صلّى بنا رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) صلاة العصر ، فلمّا انفتل جلس في قبلته والناس حوله ، فبيناهم كذلك إذ أقبل شيخ من مهاجرة العرب عليه سمل[2] قد تهلّل وأخلق ، ولا يكاد يتمالك كبرا وضعفا ، فأقبل عليه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يستحثّه الخبر ، فقال الشيخ : يا نبيّ اللّه ، أنا جائع الكبد فأطعمني ، وعاري الجسد فاكسني ، وفقير فأرشني ، فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « ما أجد لك شيئا ، ولكنّ الدالّ على الخير كفاعله ، انطلق إلى منزل من يحبّ اللّه ورسوله ، ويحبّه اللّه ورسوله ، يؤثر اللّه على نفسه ، انطلق إلى حجرة فاطمة » . ( وكان بيتها ملاصقا لبيت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) الذي ينفرد به لنفسه من أزواجه ) وقال : « يا بلال قم فقف به على منزل فاطمة » .
فانطلق الأعرابي مع بلال ، فلمّا وقف على باب فاطمة ؛ نادى بأعلى صوته : السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة ، ومختلف الملائكة ، ومهبط جبرئيل الروح الأمين بالتنزيل من عند ربّ العالمين ، فقالت فاطمة : « عليك السلام ، فمن أنت يا هذا ؟ » قال : شيخ من العرب أقبلت على أبيك السيد البشير من شقّة ، وأنا يا بنت محمد ( صلّى اللّه عليه واله ) عاري الجسد جائع الكبد فواسيني يرحمك اللّه .
وكان لفاطمة وعليّ ورسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ثلاثا ما طعموا فيها طعاما ، وقد علم رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ذلك من شأنهما ، فعمدت فاطمة إلى جلد كبش مدبوغ بالقرظ كان ينام عليه الحسن والحسين ، فقالت : « خذ أيّها الطارق ، فعسى اللّه أن يختار لك ما هو خير فيه » ، قال الأعرابي : يا بنت محمد ، شكوت إليك الجوع فناولتني جلد كبش ما أصنع به مع ما أجد من السغب ؟
قال : فعمدت لمّا سمعت هذا من قوله إلى عقد كان في عنقها أهدته لها فاطمة بنت عمّها حمزة بن عبد المطلب ، فقطعته من عنقها ونبذته إلى الأعرابي وقالت : « خذ وبعه ، فعسى اللّه أن يعوضك به ما هو خير منه » .
فأخذ الأعرابي العقد وانطلق إلى مسجد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) والنبيّ جالس في أصحابه فقال : يا رسول اللّه ، أعطتني فاطمة هذا العقد ، فقالت : « بعه » .
قال فبكى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وقال : « كيف لا يعوّضك به ما هو خير منه ؟ ! وقد أعطتك فاطمة ( عليها السّلام ) بنت محمد سيّدة بنات آدم » .
فقام عمار بن ياسر ( رضى اللّه عنه ) فقال : يا رسول اللّه ، أتأذن لي بشراء هذا العقد ؟ قال : « اشتره يا عمار ، فلو اشترك فيه الثقلان ما عذّبهم اللّه بالنار » ، فقال عمار :
بكم العقد يا أعرابي ؟ قال : بشبعة من الخبز واللحم وبردة يمانية أستر بها عورتي وأصلي بها لربّي ودينار يبلغني أهلي . . .
وكان عمار قد باع سهمه الذي نفله رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) من خيبر ولم يبق معه شيئا ، فقال : لك عشرون دينارا ومئتا درهم هجرية وبردة يمانية وراحلتي تبلغك أهلك ، وشبعك من خبز البرّ واللحم .
فقال الأعرابي : ما أسخاك بالمال يا رجل ! وانطلق به عمّار فوفاه فأضمن له ، وعاد الأعرابي إلى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فقال له رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فقال له رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) :
« أشبعت واكتسيت ؟ » قال الأعرابي : نعم ، واستغنيت بأبي أنت وأمي قال : « فأجز فاطمة بصنيعها » فقال الأعرابي : اللهمّ إنّك إله ما استحدثناك ولا إله لنا نعبده سواك ، وأنت رازقنا على كلّ الجهات ، اللهمّ أعط فاطمة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت .
فأمّن النبي على دعائه وأقبل على أصحابه ، فقال : « إنّ اللّه قد أعطى فاطمة في الدنيا ذلك ، أنا أبوها ولا أحد من العالمين مثلي ، وعليّ بعلها ولولا عليّ ؛ لما كان لفاطمة كفؤ أبدا ، وأعطاها الحسن والحسين وما للعالمين مثلهما سيدا شباب أسباط الأنبياء وسيدا شباب أهل الجنة » .
وكان بإزائه مقداد وعمار وسلمان . فقال : « وأزيدكم ؟ » ، قالوا : نعم يا رسول اللّه ، قال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « أتاني الروح - يعني جبرئيل - أنّها إذا هي قبضت ودفنت يسألها الملكان في قبرها : من ربّك ؟ فتقول : اللّه ربّي ، فيقولان فمن نبيّك ؟ فتقول : أبي ، فمن وليّك ؟ فتقول : هذا القائم على شفير قبري ألا وأزيدكم من فضلها ؟ إنّ اللّه قد وكّل بها رعيلا من الملائكة يحفظونها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها ، وهم معها في حياتها وعند قبرها وعند موتها ، يكثرون الصلاة عليها وعلى أبيها وعلى بعلها وبنيها ، فمن زارني بعد وفاتي فكأنّما زارني في حياتي ، ومن زار فاطمة فكأنّما زارني ، ومن زار علي بن أبي طالب فكأنّما زار فاطمة ، ومن زار الحسن والحسين فكأنّما زار عليّا ، ومن زار ذريّتهما فكأنّما زارهما » .
فعمد عمار إلى العقد فطيّبه بالمسك ، ولفّه في بردة يمانية ، وكان له عبد اسمه ( سهم ) ابتاعه من ذلك السهم الذي أصابه بخيبر ، فدفع العقد إلى المملوك وقال له : خذ هذا العقد وادفعه لرسول اللّه وأنت له ، فأخذ المملوك العقد فأتى به رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فأخبره بقول عمار ، فقال النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) : « انطلق إلى فاطمة فادفع إليها العقد وأنت لها » ، فجاء المملوك بالعقد وأخبرها بقول رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فأخذت فاطمة ( عليها السّلام ) العقد وأعتقت المملوك فضحك الغلام ، فقالت : « ما يضحكك يا غلام ؟ » ، قال : أضحكني عظم بركة هذا العقد ، أشبع جائعا وكسى عريانا وأغنى فقيرا وأعتق عبدا ورجع إلى ربّه[3].
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|