المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4878 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

الاعتماد على الذات عملياً
23-3-2021
إجتماع الأمر والنهي
25-8-2016
العهد الاشوري الحديث
14-1-2017
Malaysian English: phonology Conclusion
2024-06-16
الخدم والسقاة في الجنة.
15-12-2015
الحسن بن الجهم بن بكير
14-2-2017


بعثة النبي والنظر في معجزته  
  
879   10:32 صباحاً   التاريخ: 3-08-2015
المؤلف : الشيخ الطوسي
الكتاب أو المصدر : الاقتصاد
الجزء والصفحة : ص 151
القسم : العقائد الاسلامية / النبوة / الغرض من بعثة الانبياء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-08-2015 1411
التاريخ: 3-08-2015 880
التاريخ: 3-08-2015 868
التاريخ: 21-4-2018 720

ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺆﺩﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻼ ﻭﺍﺳﻄﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺃﻣﺮﻳﻦ: ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ - ﺍﻟﻤﺨﺒﺮ، ﻭﺍﺷﺘﻘﺎﻗﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ " ﺍﻹﻧﺒﺎﺀ " ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻣﻬﻤﻮﺯﺍ. ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ - ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻔﻴﺪﺍ ﻟﻠﺮﻓﻌﺔ ﻭﻋﻠﻮ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ، ﻭﺍﺷﺘﻘﺎﻗﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ " ﺍﻟﻨﺒﺎﻭﺓ " ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺍﻻﺭﺗﻔﺎﻉ. ﻭﻣﺘﻰ ﺃﺭﻳﺪ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻋﻠﻮ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺘﺸﺪﻳﺪ ﺑﻼ ﻫﻤﺰ. ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻳﺤﻤﻞ ﻣﺎ ﺭﻭﻱ ﻋﻨﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ " ﻻ ﺗﺒﺮﻭﺍ ﺑﺎﺳﻤﻲ " (1) ﺃﻱ ﻻ ﺗﻬﻤﺰﻭﻩ، ﻷﻧﻪ ﺃﺭﺍﺩ ﻋﻠﻮ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ. ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﻞ ﻋﺎﻝ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ﻧﺒﻴﺎ، ﻷﻥ ﺑﺎﻟﻌﺮﻑ ﺻﺎﺭﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻔﻈﺔ ﻣﺨﺘﺼﺔ ﺑﻤﻦ ﻋﻠﺖ ﻣﻨﺰﻟﺘﻪ، ﻟﺘﺤﻤﻠﻪ ﺃﻋﺒﺎﺀ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﺩﺍﺋﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﺗﻮﺻﻒ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺃﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻬﻢ ﺭﺳﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ. ﻭﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎ: ﻳﺮﺍﺩ ﺑﻪ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭ، ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻣﻜﺮﻭﻩ ﻟﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﺑﻪ ﺍﻟﺨﺒﺮ. ﻭﻗﻮﻟﻨﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﻳﻔﻴﺪ ﻓﻲ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﺑﺸﺮﻁ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺴﻤﻰ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻟﺬﻟﻚ. ﻭﺍﻟﻌﺮﻑ ﺧﺼﺺ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﻤﻦ ﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻻ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻗﻴﻞ " ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ " ﻻ ﻳﻔﻬﻢ ﺇﻻ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﻏﻴﺮﻩ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻘﻴﺪﺍ ﺑﺄﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﻓﻼﻥ. ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﺑﻌﺜﺔ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻃﻮﺍﺋﻒ: ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﺒﺮﺍﻫﻤﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺧﺎﻟﻔﻮﺍ ﻓﻲ ﺣﺴﻦ ﺑﻌﺜﺔ ﺍﻟﺮﺳﻞ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﻫﻢ ﻓﺮﻕ: ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﻋﻘﻼ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺳﻤﻌﺎ، ﻭﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﺎﺯ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﻭﺧﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﻧﺒﻮﺓ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ.

 ﻭﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﻫﺆﻻﺀ ﻃﺮﻳﻘﺎﻥ: ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ - ﺃﻥ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻌﺚ ﺃﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺻﺤﺖ ﻧﺒﻮﺗﻬﻢ، ﻓﻠﻮﻻ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﺣﺴﻨﺎ ﻟﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﺫﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻻ ﻳﻔﻌﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ. ﻭﻣﺘﻰ ﺗﻜﻠﻤﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﻓﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﻧﺒﻮﺓ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻷﻧﻪ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﻟﺘﻌﻠﻖ ﻣﺼﺎﻟﺤﻨﺎ ﺑﺸﺮﻋﻪ ﺩﻭﻥ ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻭﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﺴﺦ ﺷﺮﻋﻬﻢ. ﻭﻣﺘﻰ ﺛﺒﺖ ﻟﻨﺎ ﻧﺒﻮﺗﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﻄﻠﺖ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻗﻮﺍﻝ، ﻗﻮﻝ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﺃﻭ ﺧﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﺟﻮﺍﺯ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﻋﻘﻼ ﺃﻭ ﺷﺮﻋﺎ ﺃﻭ ﺧﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﻧﺒﻮﺓ ﻧﺒﻴﻨﺎ، ﻓﺼﺎﺭ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻭﻟﻰ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ.

ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ - ﺃﻥ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻗﺔ ﻓﺮﻗﺔ ﺑﻜﻼﻡ ﻳﺨﺼﻬﻢ، ﻓﻨﺘﻜﻠﻢ ﺃﻭﻻ ﻓﻲ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﻟﻴﺒﻄﻞ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺒﺮﺍﻫﻤﺔ ﺛﻢ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻓﻲ ﻧﺒﻮﺓ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ.

ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻗﺴﺎﻡ - ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﻫﻮ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺆﺩﻭﻥ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ، ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ. ﻭﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻓﻌﻠﻪ ﺩﻋﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ ﺃﻭ ﺻﺮﻓﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ، ﺃﻭ ﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻓﻌﻠﻪ ﺩﻋﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﺃﻭ ﺍﻻﺧﻼﻝ ﺑﺎﻟﻮﺍﺟﺐ، ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ ﺫﻟﻚ، ﻷﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻟﻄﻒ ﻟﻨﺎ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻔﺴﺪﺓ، ﻭﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺇﺯﺍﺣﺔ ﻋﻠﺔ ﺍﻟﻤﻜﻠﻒ ﻓﻲ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻄﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻣﻀﻰ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻴﻪ. ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺇﻋﻼﻡ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﺑﺒﻌﺜﺔ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻠﻤﻮﻧﺎ ﺫﻟﻚ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﻻ ﺑﺎﺳﺘﺪﻻﻝ، ﻭﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺑﺬﻟﻚ ﻷﻧﻪ ﻳﻨﺎﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ، ﻓﻠﻢ ﻳﺒﻖ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﺑﻌﺜﺔ ﺍﻟﺮﺳﻞ ﻟﻴﻌﺮﻓﻮﻧﺎ ﺫﻟﻚ. ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻣﺘﻰ ﺣﺴﻨﺖ ﺍﻟﺒﻌﺜﺔ ﻭﺟﺒﺖ، ﻭﻻ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺏ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ " ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﺑﺬﻟﻚ " ﻷﻧﺎ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻄﻔﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺴﺒﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﺸﺮﺍﺋﻊ ﻓﺮﻉ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎ ﻭﺍﻷﺻﻞ ﻛﺴﺒﻴﺎ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺃﻗﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻞ. ﻭﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺒﻌﺚ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﺒﻴﺎ ﻟﻴﺆﻛﺪ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻌﻪ ﺷﺮﻉ، ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻋﺒﺜﺎ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻨﻊ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻔﺲ ﺑﻌﺜﺘﻪ ﻟﻄﻔﺎ ﻟﻠﻤﻜﻠﻔﻴﻦ. ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻳﺠﺐ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ، ﻷﻧﺎ ﻓﺮﺿﻨﺎ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺑﻌﺜﺘﻪ ﻟﻄﻔﺎ ﻭﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﺑﻌﺜﺘﻪ ﻟﻄﻒ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﺒﺜﺎ، ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺼﺐ ﺃﺩﻟﺔ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺷﺊ ﻭﺍﺣﺪ ﻋﺒﺜﺎ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻛﺎﻓﻴﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ.

ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺠﺰته ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻪ ﺷﺮﻉ ﺃﻭ ﻛﺎﻥ ﻧﻔﺲ ﺑﻌﺜﺘﻪ ﻟﻄﻔﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﺑﻞ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺤﺴﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺠﺰﻩ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺠﺐ. ﻭﻣﺘﻰ ﺍﻟﺘﺰﻣﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺟﻮﺍﺯ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻱ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻭﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻠﺘﺰﻣﻪ، ﻭﺳﻨﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ.

 ﻭﻳﺤﺴﻦ ﺑﻌﺜﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻷﻣﻮﺭ ﺃﺧﺮ، ﻧﺤﻮ ﺗﻌﺮﻳﻔﻨﺎ ﺍﻟﻘﻄﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ، ﻭﻟﻴﻌﺮﻓﻮﻧﺎ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ، ﻭﻟﻴﻌﺮﻓﻮﻧﺎ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺴﻤﻮﻡ ﺍﻟﻘﺎﺗﻠﺔ ﻭﺍﻷﻏﺬﻳﺔ، ﻭﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﺎﻩ ﻭﻓﺮﻋﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ. ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﺟﺒﺎ، ﻹﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺟﻬﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ، ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﺡ.

ﻭﻗﻮﻝ ﺍﻟﺒﺮﺍﻫﻤﺔ: ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻭ ﺑﻤﺎ ﻳﺨﺎﻟﻔﻪ ﻓﺈﻥ ﺃﺗﻰ ﺑﻤﺎ ﻳﻮﺍﻓﻘﻪ ﻓﺎﻟﻌﻘﻞ ﻓﻴﻪ ﻛﻔﺎﻳﺔ، ﻭﺇﻥ ﺃﺗﻰ ﺑﻤﺎ ﻳﺨﺎﻟﻔﻪ ﻓﻤﺎ ﻳﺨﺎﻟﻒ ﺍﻟﻌﻘﻞ [ﻻ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﻷﻧﻪ ﻗﺒﻴﺢ ﺑﺎﻻﺗﻔﺎﻕ. ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻧﺎ ﻧﻘﻮﻝ: ﺍﻟﺸﺮﻉ ﻻ ﻳﺄﺗﻲ ﺇﻻ ﺑﻤﺎ ﻳﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﻌﻘﻞ] ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﻻ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻞ، ﻭﺗﻔﺼﻴﻠﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ، ﻓﻴﺒﻌﺚ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻧﺒﻴﺎ ﻟﻴﻌﺮﻓﻨﺎ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﺫﻟﻚ.

ﻓﺄﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﻔﺼﻼ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﻓﻼ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺑﻌﺜﺔ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻓﻴﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺩﺍﻝ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﻭﺍﺟﺐ ﻣﺜﻠﻪ ﻭﻣﺎ ﺻﺮﻑ ﻋﻦ ﻗﺒﻴﺢ ﻳﺠﺐ ﻓﻌﻠﻪ، ﻭﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﻴﺢ ﺃﻭ ﺇﺧﻼﻝ ﺑﻮﺍﺟﺐ ﻳﺠﺐ ﺗﺠﻨﺒﻪ. ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎ ﺟﻤﻠﺔ ﻭﻳﺤﺼﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﻛﻮﻧﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻭﻳﺠﺐ ﺇﻋﻼﻣﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻭﻻ ﻳﺘﻢ ﺫﻟﻚ ﺇﻻ ﺑﺒﻌﺜﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﺎﻩ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﺎﻓﻴﺎ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻭ ﻧﻔﻲ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻣﺎ ﺃﺛﺒﺘﻪ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻭ ﺃﺛﺒﺖ ﻣﺎ ﻧﻔﺎﻩ ﻭﺍﻷﻣﺮ ﺑﺨﻼﻓﻪ. ﻭﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻧﻌﻠﻤﻪ ﻋﻘﻼ ﻭﺟﻮﺏ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﻗﺒﺢ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ، ﺛﻢ ﻳﺮﺟﻊ ﻓﻲ ﺣﺼﻮﻝ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺃﻭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺒﺮ، ﻓﻼ ﻧﻜﻮﻥ ﺑﺬﻟﻚ ﻣﺨﺎﻟﻔﻴﻦ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻞ. ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﻊ. ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ: ﺇﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺼﻮﻡ ﻭﺍﻟﻄﻮﺍﻑ ﻗﺒﺎﺋﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻞ، ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻗﺒﺢ ﺍﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ. ﺑﺎﻃﻞ، ﻷﻥ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﺑﻴﻦ: ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﻐﻴﻴﺮﻩ ﻛﺎﻟﻈﻠﻢ ﻭﺍﻟﻜﺬﺏ ﻭﺍﻟﻤﻔﺴﺪﺓ ﻭﺍﻟﺠﻬﻞ ﻭﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ، ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺮﺩ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﺑﺨﻼﻓﻪ. ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﺎ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺣﺴﻦ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﺢ ﻭﻣﻦ ﻗﺒﺢ ﺇﻟﻰ ﺣﺴﻦ ﻛﺎﻟﻀﺮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﺘﻰ ﻋﺮﻱ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﻧﻔﻊ ﺃﻭ ﺩﻓﻊ ﺿﺮﺭ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻴﺤﺎ ﻭﻣﺘﻰ ﺣﺼﻞ ﺑﻌﺾ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﻛﺎﻥ ﺣﺴﻨﺎ. ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺼﻮﻡ ﻭﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻘﺒﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻣﺘﻰ ﺧﻠﺖ ﻣﻦ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻭﻣﻨﻔﻌﺔ ﻭﻏﺮﺽ، ﻓﺈﺫﺍ ﻋﺮﺽ ﻓﻴﻬﺎ ﻧﻔﻊ ﻭﻏﺮﺽ ﺻﺤﻴﺢ ﻓﺈﻧﻤﺎ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﻭﺭﺩ ﺑﺄﻥ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻣﻨﺎﻓﻊ ﻭﺟﺐ ﺃﻥ ﻳﺤﺴﻦ، ﻷﻧﺎ ﻟﻮ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﻟﻌﻠﻤﻨﺎ ﺣﺴﻨﻪ. ﻭﻻ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻤﻌﺠﺰ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻤﻦ ﺟﻌﻞ ﻏﻴﺮﻩ ﻋﺎﺟﺰﺍ، ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻤﻘﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻞ ﻏﻴﺮﻩ ﻗﺎﺩﺭﺍ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﺻﺎﺭ ﺑﺎﻟﻌﺮﻑ ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻕ ﻣﻦ ﻇﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﻭﺍﺧﺘﺺ ﺑﻪ، ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﻑ ﺩﻭﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﻠﻐﺔ.

ﻭﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ ﺑﺸﺮﻭﻁ:

ﺃﻭﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﺎﺭﻗﺎ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻭ ﺟﺎﺭﻳﺎ ﻣﺠﺮﻯ ﻓﻌﻠﻪ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺬﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺟﻨﺴﻪ ﺃﻭ ﺻﻔﺘﻪ ﺍﻟﻤﺨﺼﻮﺻﺔ، ﻭﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺪﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻟﺪﻋﻮﺍﻩ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻋﺘﺒﺮﻧﺎ ﻛﻮﻧﻪ ﺧﺎﺭﻗﺎ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻖ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻌﻞ ﺑﻤﺠﺮﻯ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﺑﻄﻠﻮﻉ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﻣﺸﺮﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻕ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺑﻄﻠﻮﻋﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻐﺮﺑﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﻕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ. ﻭﺍﻋﺘﺒﺮﻧﺎ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ ﺇﺫﺍ ﺍﺩﻋﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﺼﺪﻗﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻣﻦ ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻭﺇﻻ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺩﺍﻻ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ ﻛﻔﻌﻞ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺪﻝ ﻓﻌﻞ ﻣﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ. ﻓﺈﻥ ﻗﺎﻟﻮﺍ: ﻟﻴﺲ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻗﻪ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻧﻘﻞ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻭﻃﻔﺮ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺠﺰﺍ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ ﻟﻠﻨﺒﻮﺓ.

ﻗﻠﻨﺎ: ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﺧﺮﻕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺑﻔﺼﺎﺣﺘﻪ ﻟﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻪ ﺑﺎﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻨﻪ ﺑﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺼﺎﺣﺔ ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻃﻔﺮ ﺍﻟﺒﺤﺎﺭ ﻭﻧﻘﻞ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻪ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻘﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻭﺗﻠﻚ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻟﻢ ﻳﺨﺮﺝ ﻋﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎﻩ. ﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﺬﻫﺐ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺎﻟﺼﺮﻓﺔ، ﻭﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﺠﺮﺩ ﺧﺮﻕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻓﻘﻂ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺨﺎﺭﻕ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻤﺎ ﻣﻜﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﻨﻪ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻋﺘﺒﺮﻧﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺘﻌﺬﺭﺍ ﻓﻲ ﺟﻨﺴﻪ ﺃﻭ ﺻﻔﺘﻪ ﻷﻧﺎ ﻣﺘﻰ ﻟﻢ ﻧﻌﻠﻤﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻧﺄﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻓﻌﻞ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﺳﻮﻳﻨﺎ ﺑﻴﻦ ﺗﻌﺬﺭﻩ ﻓﻲ ﺟﻨﺴﻪ ﻭﺻﻔﺘﻪ، ﻷﻥ ﺗﻌﺬﺭ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﺇﻧﻤﺎ ﺩﻝ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻧﺎﻗﺼﺎ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﻻ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﻣﺨﺘﺼﺎ ﺑﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﺘﻌﺬﺭﺍ [ﻓﻲ ﺻﻔﺘﻪ] ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺟﻨﺴﻪ ﻣﻘﺪﻭﺭﺍ ﺗﺼﺪﻳﻘﺎ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺪﻋﻰ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﻛﻮﻧﻪ ﺧﺎﺭﻗﺎ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﺑﺎﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺮﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﻤﺮﺓ، ﻭﺫﻟﻚ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻧﺘﻘﻀﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺨﻒ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﻻ ﻳﺸﻚ ﻓﻲ ﻃﻠﻮﻉ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﻣﺸﺮﻗﻬﺎ ﻭﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺧﻠﻘﺎ ﻭﻟﺪ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻭﻃﻲ، ﻓﺈﺫﺍ ﺷﺎﻫﺪﻭﺍ ﻃﻠﻮﻋﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻐﺮﺑﻬﺎ ﺃﻭ ﺧﻠﻖ ﺣﻲ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺫﻛﺮ ﺃﻭ ﺃﻧﺜﻰ ﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻧﻪ ﺧﺎﺭﻕ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ. ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻓﺘﺘﺎﺡ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺎﺩﺓ. ﻭﻣﺘﻰ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺧﻠﻘﺎ ﺍﺑﺘﺪﺍﺀﺍ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺘﻪ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺸﺮﺍﺋﻊ ﻭﻟﻢ ﺗﻌﺮﻑ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻟﻢ ﻳﺤﺴﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻠﻒ ﺣﺘﻰ ﻳﺒﻘﻴﻪ ﻏﻴﺮ ﻣﻜﻠﻒ ﺯﻣﺎﻧﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ، ﻓﺈﺫﺍ ﻋﺮﻓﻬﺎ ﺣﻴﻨﺌﺬ ﻛﻠﻔﻪ ﻭﺑﻌﺚ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻗﻪ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎﺽ ﻣﺎ ﻋﺮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﻗﺒﻞ ﺗﻜﻠﻴﻔﻪ. ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺎﻣﺔ، ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﺧﺎﺻﺔ، ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﺩﻭﻥ ﺑﻌﺾ. ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺑﺎﻧﺘﻘﺎﺽ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻋﺎﺩﺓ ﻟﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﻓﻌﻠﻪ ﺇﺫﺍ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺗﻌﺬﺭﻩ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻣﻊ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﺍﻟﻤﻌﻘﻮﻟﺔ ﻛﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻭﺧﻠﻖ ﺍﻟﺠﺴﻢ، ﺃﻭ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻣﺨﺼﻮﺹ ﻻ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻛﻨﻘﻞ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻭﻓﻠﻖ ﺍﻟﺒﺤﺮ. ﻭﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻟﺨﺎﺭﻕ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﺑﻔﺼﺎﺣﺘﻪ، ﺇﻧﻤﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻪ ﺑﺎﻟﻤﺪﻋﻲ ﺑﺄﻥ ﻧﻌﻠﻤﻪ ﻣﻄﺎﺑﻘﺎ ﻟﺪﻋﻮﺍﻩ، ﻓﺈﻥ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺪﻳﻘﻪ ﻃﻠﻮﻉ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﻣﻐﺮﺑﻬﺎ ﻓﻄﻠﻌﺖ ﻓﺬﻟﻚ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﺑﻘﺔ، ﻭﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﺃﻥ ﻳﺼﺪﻗﻪ ﺑﻜﻼﻡ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺗﺼﺪﻳﻘﻪ ﻓﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺑﻜﻼﻣﻪ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻓﺮﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ. ﻓﻤﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮﻩ ﺃﻧﻪ ﺭﺳﻮﻟﻪ ﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﺻﺪﻗﺖ ﻭﺑﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻗﻲ ﺃﻧﻪ ﻳﻔﻌﻞ ﻓﻌﻼ ﻣﻦ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﻟﻢ ﺗﺠﺮ ﻋﺎﺩﺗﻪ ﺑﺬﻟﻚ، ﺛﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻐﻴﺮ ﻣﺎ ﺍﻗﺘﺮﺣﻪ، ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺻﺪﻗﻪ. ﻭﻟﻴﺲ ﻷﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﻣﻮﺍﺿﻌﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻭﻫﻮ ﺻﺮﻳﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ، ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻟﺘﻤﺴﻪ ﻣﻮﺍﺿﻌﺔ، ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻣﻮﺍﺿﻌﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻌﺔ ﻭﻫﻮ ﻃﻠﺐ ﺷﺊ ﻣﺨﺼﻮﺹ، ﻓﻬﺬﺍ ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﻣﻮﺍﺿﻌﺔ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ. ﻷﻧﺎ ﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﺍﻻ ﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺗﻪ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻪ ﺧﺎﺭﻗﺎ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺎﻟﻤﺪﻋﻲ، ﻷﻧﺎ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻧﺮﺍﻉ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﺧﺘﺼﺎﺻﻪ ﺑﻪ ﻭﻻ ﺗﻌﻠﻘﻪ. ﻭﺟﻮﺯﻧﺎ ﻣﻊ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻄﺎﺑﻘﺔ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﺮﻗﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﻭﺑﻴﻦ ﻓﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﻠﺘﻤﺴﻪ ﺍﻟﻤﺪﻋﻲ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﺠﺮﺑﻪ ﻋﺎﺩﺓ، ﻭﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻻ ﻳﻔﺮﻗﻮﻥ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﻴﻞ: ﺇﻥ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﻗﺼﺪﻩ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺑﻔﻌﻠﻪ، ﻓﻴﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺻﺪﻗﻪ ﺇﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﻋﻘﻴﺐ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﻠﻢ ﻗﺼﺪﻩ ﺿﺮﻭﺭﺓ.

ﻗﻠﻨﺎ: ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻗﺼﺪ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﻄﺎﺑﻖ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻣﻦ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﺑﻜﻼﻡ ﺃﻭ ﻓﻌﻞ ﻣﻠﺘﻤﺲ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﻣﺨﺼﻮﺹ، ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﺻﺪﻗﻪ ﻭﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺻﺪﻗﻪ ﻟﻜﺎﻥ ﻗﺒﻴﺤﺎ، ﻓﻘﺪ ﺳﺎﻭﻯ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺎﺏ. ﻓﺈﻥ ﻗﻴﻞ: ﻟﻢ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺨﺮﻕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﻟﻠﻤﺼﻠﺤﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤﻮﺍ ﺃﻧﻪ ﻓﻌﻞ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻖ. ﻗﻠﻨﺎ: ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻔﻌﻞ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺨﺮﻕ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ ﺇﻻ ﻟﻠﺘﺼﺪﻳﻖ، ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻗﻮﻻ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﻭﻻ ﻳﻘﺼﺪ ﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﻞ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﻟﻠﻤﺼﻠﺤﺔ. ﻭﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ، ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻟﻮ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻟﻤﻦ ﺍﺩﻋﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻧﻪ ﺃﺭﺳﻠﻪ ﺻﺪﻗﺖ ﻭﻻ ﻳﻘﺼﺪ ﺗﺼﺪﻳﻘﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺒﺤﺎ ﻭﺇﻥ ﻗﺼﺪ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻪ ﺁﺧﺮ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻧﻪ ﻟﻮ ﻗﺎﻝ ﻋﻘﻴﺐ ﺫﻟﻚ ﺃﺭﺩﺕ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﻌﺬﺭﻩ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﻞ ﻳﺴﺘﻘﺒﺤﻮﻥ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻪ ﻭﻳﺬﻣﻮﻧﻪ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﻻ ﻳﺠﺐ ﻓﻲ ﻣﺪﻉ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﻦ ﻣﺎ ﻳﻠﺘﻤﺴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻮ ﻋﻴﻦ ﻟﻜﺎﻥ ﺃﺑﻠﻎ، ﺑﻞ ﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﻳﻠﺘﻤﺲ ﻣﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻗﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ، ﻓﺈﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻘﻴﺐ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺧﺎﺭﻗﺎ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻗﻪ ﻛﺪﻻﻟﺔ ﻣﺎ ﻋﻴﻨﻪ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻌﻴﻦ ﺇﻧﻤﺎ ﺩﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻗﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻥ ﺧﺎﺭﻗﺎ ﻟﻠﻌﺎﺩﺓ ﻭﻣﻄﺎﺑﻘﺎ ﻟﻠﺪﻋﻮﻯ ﻭﻣﺨﺘﺼﺎ ﺑﻪ ﻭﻣﻔﻌﻮﻻ ﻋﻘﻴﺐ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻭﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺣﺎﺻﻞ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻌﻴﻦ، ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺩﺍﻻ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻗﻪ. ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﻓﻲ ﻣﺪﻋﻲ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺃﻥ ﻳﻄﻠﺐ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﺑﻠﺴﺎﻧﻪ، ﻷﻥ ﺍﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﻭﺟﻮﺏ ﺗﺼﺪﻳﻘﻪ ﺑﺎﻟﻤﻌﺠﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ، ﻓﺈﻥ ﺍﺩﻋﻰ ﻟﻔﻈﺎ ﺟﺎﺯ ﻛﻤﺎ ﻟﻮ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﺟﺎﺯ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﺍﺟﺒﺎ ... ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﻣﻦ ﻇﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﻓﻴﺠﺐ ﺟﻮﺍﺯ ﻇﻬﻮﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺋﻤﺔ ﻭﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺇﺫﺍ ﺍﺩﻋﻮﺍ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺼﻼﺡ ﻭﻛﺎﻧﻮﺍ ﺻﺎﺩﻗﻴﻦ، ﻓﺈﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻘﺘﻀﺎﻩ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﻣﻦ ﻇﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺪﻋﻴﺎ ﻟﻠﻨﺒﻮﺓ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﻧﺒﻮﺗﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺪﻋﻴﺎ ﻟﻺﻣﺎﻣﺔ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺑﻬﺎ ﺻﺪﻗﻪ ﻭﺇﻥ ﺍﺩﻋﻰ ﺻﻼﺣﺎ ﻓﻤﺜﻞ ﺫﻟﻚ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺩﻋﻮﻯ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﻬﺎ. ﻭﺃﻳﻀﺎ ﻓﻼ ﻭﺟﻪ ﻟﻘﺒﺢ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻱ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﻨﺒﻲ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﻛﺎﺫﺑﺎ ﺃﻭ ﻇﻠﻤﺎ ﺃﻭ ﻋﺒﺜﺎ ﺃﻭ ﻣﻔﺴﺪﺓ. ﻭﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻘﺒﺢ ﺍﻟﻤﻌﻘﻮﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻘﻞ، ﻓﺈﻥ ﺍﺩﻋﻮﺍ ﻭﺟﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﻓﻠﻴﺒﻴﻨﻮﻩ ﻟﻨﺘﻜﻠﻢ ﻋﻠﻴﻪ. ﻭﻟﻴﺲ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﻥ ﻳﻌﺘﺮﺽ ﻓﻲ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻱ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﻨﺒﻲ ﻭﺟﻪ ﻣﻦ ﻭﺟﻮﻩ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻭﺍﻟﻠﻄﻒ، ﻓﻴﺠﺐ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺫﻟﻚ. ﻭﻣﺘﻰ ﻗﻴﻞ: ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻹﺑﺎﻧﺔ ﺑﺨﻼﻑ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻷﺩﻟﺔ. ﻗﻠﻨﺎ: ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺇﺑﺎﻧﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﻣﻤﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﺼﺎﺩﻕ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺪﻋﻴﺎ ﻟﻠﻨﺒﻮﺓ ﻋﻠﻤﻨﺎﻩ ﻧﺒﻴﺎ، ﻭﺇﻥ ﺍﺩﻋﻰ ﺇﻣﺎﻣﺔ ﺃﻭ ﺻﻼﺣﺎ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺻﺪﻗﺔ ﻓﻴﻪ ﻭﻋﻠﻤﻨﺎﻩ ﻛﺬﻟﻚ. ﻫﺬﺍ ﺇﺫﺍ ﺳﻠﻤﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﺪﻝ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺍﻹﺑﺎﻧﺔ، ﻭﻗﺪ ﺑﻴﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺷﺮﺡ ﺍﻟﺠﻤﻞ، ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﻭﺃﺟﺒﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻧﻄﻮﻝ ﺑﺬﻛﺮﻩ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ. ﻭﻳﺠﻮﺯ ﻣﻦ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺍﺕ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﻌﺘﺎﺩﺓ، ﻓﻴﻨﺘﻘﺾ ﻭﺟﻪ ﺩﻻﻟﺘﻬﺎ. ﻓﻼ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺇﻇﻬﺎﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺻﺎﻟﺢ ﻭﻛﻞ ﺻﺎﺩﻕ. ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻧﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﻣﻌﺠﺰ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺈﻣﺎﻡ ﻭﻻ ﺻﺎﻟﺢ ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻘﻄﻊ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻨﺒﻲ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﺒﻴﻦ ﻣﺪﻋﻴﺎ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﺪﻉ ﻏﻴﺮ ﺻﺎﺩﻕ. ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺪﻉ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺼﺎﻟﺢ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺪﻉ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﻻ ﻳﺠﺐ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ، ﻭﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻻ ﻳﺠﺐ ﻧﻔﻲ ﺍﻟﺼﻼﺡ ﻋﻨﻪ ﻭﻻ ﻧﻔﻲ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ، ﺑﻞ ﻻ ﻳﻤﺘﻨﻊ ﺃﻥ ﻧﻌﻠﻤﻪ ﺇﻣﺎﻣﺎ ﺃﻭ ﺻﺎﻟﺤﺎ ﺑﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ. ﻭﻟﻴﺲ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻨﺒﻲ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﻃﺮﻳﻖ ﻟﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻤﻌﺠﺰ، ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻗﻄﻌﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺬﺑﻪ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺪﻋﻴﺎ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺪﻉ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﻨﺒﻲ، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻧﺒﻴﺎ ﻟﻮﺟﺐ ﺑﻌﺜﺘﻪ ﻭﻭﺟﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺩﻋﺎﺅﻩ ﻭﻟﻮﺟﺐ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻋﻠﻴﻪ. ﻓﺒﺎﻥ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻭﺍﻹﻣﺎﻡ ﻭﺍﻟﺼﺎﻟﺢ. ﻓﻌﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻠﺰﻡ ﺃﻥ ﻳﻈﻬﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻛﻞ ﺇﻣﺎﻡ ﻣﻌﺠﺰﺍ، ﻷﻧﻪ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻢ ﺇﻣﺎﻣﺘﻪ ﺑﻨﺺ ﺃﻭ ﻃﺮﻳﻖ ﺁﺧﺮ، ﻭﻣﺘﻰ ﻓﺮﺿﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻃﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺇﻣﺎﻣﺘﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻭﺟﺐ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺫﻟﻚ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺟﺮﻯ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺳﻮﺍﺀ، ﻷﻧﻪ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻛﻤﺎ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﻤﺘﺤﻤﻞ ﻟﻤﺼﺎﻟﺤﻨﺎ. ﻭﻟﻮ ﻓﺮﺿﻨﺎ ﻓﻲ ﻧﺒﻲ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﻧﺒﻮﺗﻪ ﺑﺎﻟﻤﻌﺠﺰ ﺃﻧﻪ ﻧﺺ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻲ ﺁﺧﺮ ﻷﻏﻨﻰ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﺑﺄﻥ ﻧﻘﻮﻝ: ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻷﻭﻝ ﺃﻋﻠﻤﻨﺎ ﺃﻧﻪ ﻧﺒﻲ ﻛﻤﺎ ﻳﻌﻠﻢ ﺑﻨﺺ ﺇﻣﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺇﻣﺎﻣﺘﻪ ﻭﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺠﺰ. ﻭﻟﻴﺲ ﻷﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﺗﺠﻮﻳﺰ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻣﻦ ﻟﻴﺲ ﺑﻨﺒﻲ ﻳﻨﻔﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺠﺰ ﺍﻟﻨﺒﻲ. ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﻋﻘﻴﺐ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻟﻠﻨﺒﻮﺓ ﻭﺟﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺪﻋﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻗﻄﻌﻨﺎ [ﻋﻠﻰ ﺻﺪﻗﻪ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺻﺤﻴﺤﺎ ﻗﻄﻌﻨﺎ] ﻋﻠﻰ ﻛﺬﺑﻪ. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺒﻴﺎ ﻭﻻ ﺇﻣﺎﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﻹﻣﺎﻣﺔ ﻓﻤﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﻭﻟﻴﺲ ﻫﻬﻨﺎ ﻣﻮﺿﻊ ﻳﻈﻬﺮ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻣﻊ ﺍﺩﻋﺎﺋﻪ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﻳﺠﻮﺯ ﻛﻮﻧﻪ ﺇﻣﺎﻣﺎ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺗﻨﻔﻴﺮ. ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺗﺠﻮﻳﺰﻧﺎ ﻛﻮﻧﻪ ﺇﻣﺎﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﺠﻮﻳﺰﻧﺎ ﻛﻮﻧﻪ ﻣﺤﺮﻓﺎ ﻛﺬﺍﺑﺎ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﻠﺰﻣﻨﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺠﺰﻩ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﻘﺎﻝ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﻔﺮﺍ ﻋﻨﻪ. ﻓﺄﻣﺎ ﻭﺟﻮﺏ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺠﺰﻩ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺪﻋﻴﺎ ﻟﻠﻨﺒﻮﺓ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻠﺰﻣﻨﺎ ﺫﻟﻚ ﻷﻧﺎ ﻻ ﻧﺄﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺻﺎﺩﻗﺎ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺇﻥ ﺍﺩﻋﻰ ﻛﻮﻧﻪ ﺇﻣﺎﻣﺎ ﻳﻠﺰﻣﻨﺎ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ، ﻷﻥ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺇﻻ ﺑﻘﻮﻟﻪ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﺪﻋﻴﺎ ﻟﻠﺼﻼﺡ ﻻ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺠﺰﻩ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﺫﻟﻚ، ﻷﻥ ﻭﺟﻪ ﻭﺟﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺠﺰﻩ ﻭﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﻠﺰﻣﻨﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻛﻮﻧﻪ ﺻﺎﻟﺤﺎ. ﻭﻻ ﻳﻠﺰﻣﻨﺎ ﺟﻮﺍﺯ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﻔﺴﺎﻕ ﺍﻟﻤﺘﻬﺘﻜﻴﻦ ﻭﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺻﺎﺩﻗﻴﻦ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻋﻨﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﻋﺼﻤﺔ ﻣﻦ ﻇﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ، ﻭﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﻌﺼﻤﺔ ﺟﻮﺯ ﺇﻇﻬﺎﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺆﻣﻦ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺑﺈﻳﻤﺎﻧﻪ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﺎﺳﻘﺎ ﺑﺠﻮﺍﺭﺣﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺳﺨﻴﻒ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ﺩﻧﻲ ﺍﻟﺮﺗﺒﺔ، ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻋﻠﻮ ﺍﻟﻤﻨﺰﻟﺔ ﻭﻋﻈﻢ ﺍﻟﺮﺗﺒﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻫﺆﻻﺀ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﺆﻣﻨﻴﻦ. ﻭﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻣﻌﺼﻮﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﺻﻐﻴﺮﻫﺎ ﻭﻛﺒﻴﺮﻫﺎ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﻤﺪ ﻭﺍﻟﻨﺴﻴﺎﻥ ﻭﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ. ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻛﺬﺑﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺆﺩﻳﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻷﻧﻪ ﺍﺩﻋﻰ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺻﺪﻗﻪ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﺟﺮﻯ ﺫﻟﻚ ﻣﺠﺮﻯ ﺃﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ ﺻﺪﻗﺖ، ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺻﺎﺩﻗﺎ ﻟﻜﺎﻥ ﻗﺒﻴﺤﺎ، ﻷﻥ ﺗﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﻜﺬﺍﺏ ﻗﺒﻴﺢ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻳﻪ ﻭﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﺍﻷﺧﺮ ﻓﺈﻧﺎ ﻧﻨﺰﻫﻬﻢ ﻋﻨﻬﺎ ﻷﻥ ﺗﺠﻮﻳﺰ ﺫﻟﻚ ﻳﻨﻔﺮ ﻋﻦ ﻗﺒﻮﻝ ﻗﻮﻟﻬﻢ. ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺒﻌﺚ ﺍﻟﻠﻪ ﻧﺒﻴﺎ ﻭﻳﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﺗﺒﺎﻋﻪ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺔ ﺗﻨﻔﺮ ﻋﻨﻪ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺟﻨﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﺍﻟﻔﻈﺎﻇﺔ ﻭﺍﻟﻐﻠﻈﺔ ﻭﺍﻟﺨﻠﻖ ﺍﻟﻤﺸﻴﻨﺔ ﻭﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﻨﻔﺮﺓ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﻣﻨﻔﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﺩﺓ. ﻭﻣﺮﺍﺩﻧﺎ ﺑﺎﻟﺘﻨﻔﻴﺮ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﻪ ﺃﻗﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻘﻊ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻭﻳﺼﺮﻑ ﻋﻨﻪ ﻭﺇﻥ ﺟﺎﺯ ﺃﻥ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻗﺪ ﻻ ﻳﻘﻊ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﻔﻌﻞ. ﺃﻻ ﺗﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺒﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﻀﻴﻒ ﺩﺍﻉ ﺇﻟﻰ ﺣﻀﻮﺭ ﻃﻌﺎﻣﻪ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻘﻊ ﻣﻌﻪ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ، ﻭﺍﻟﻌﺒﻮﺱ ﻳﻨﻔﺮ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻭﻗﻊ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻘﺪﺡ ﻓﻲ ﻛﻮﻥ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺩﺍﻋﻴﺎ ﻭﺍﻵﺧﺮ ﺻﺎﺭﻓﺎ، ﻭﻻ ﻳﻘﻊ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻋﻆ ﺍﻟﺰﺍﻫﺪ ﻭﻳﻘﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺟﻦ ﺍﻟﺴﺨﻴﻒ ﻭﻻ ﻳﺨﺮﺝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺴﺨﻒ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺻﺎﺭﻓﺎ ﻭﺍﻟﺰﻫﺪ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻪ ﺩﺍﻋﻴﺎ.

ﻭﺩﻟﻴﻞ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺮ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﻧﻔﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﺢ ﻋﻨﻬﻢ ﺻﻐﻴﺮﻫﺎ ﻭﻛﺒﻴﺮﻫﺎ، ﻭﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻨﺎﻗﻀﺔ. ﻭﻗﻮﻟﻬﻢ " ﺣﻂ ﺍﻟﺼﻐﺎﺋﺮ ﺑﺘﻨﻘﻴﺺ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ " ﻟﻴﺲ ﺑﺼﺤﻴﺢ ﺇﺫﺍ ﺳﻠﻤﻨﺎ ﺍﻻﺣﺒﺎﻁ ﻷﻧﻬﺎ ﻭﺇﻥ ﻧﻘﺼﺖ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﻓﻬﻲ ﻓﻌﻞ ﻗﺒﻴﺢ ﻭﺇﻗﺪﺍﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻳﺰﻳﻞ ﺛﻮﺍﺑﺎ ﺣﺎﺻﻼ ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺩﻭﻧﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻛﻤﺎ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻌﺰﻟﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺑﻌﺪ ﺣﺼﻮﻟﻬﺎ. ﺛﻢ ﻳﻠﺰﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺠﻮﻳﺰ ﺍﻟﻜﺒﺎﺋﺮ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ، ﻷﻥ ﺣﻄﻬﺎ ﻧﻘﺼﺎﻥ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ، ﻷﻥ ﻋﻘﺎﺑﻬﺎ ﻗﺪ ﺯﺍﻝ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﺍﻟﻨﺒﻮﺓ، ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻨﺎ. ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﺪﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻟﺘﻲ يقتضي ﻇﺎﻫﺮﻫﺎ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ ﻧﺤﻮ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: 121] ﻓﻘﺪ ﺑﻴﻨﺎ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻓﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻭﺍﺳﺘﻮﻓﺎﻩ ﺍﻟﻤﺮﺗﻀﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﺰﻳﻪ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺫﻛﺮ ﺫﻟﻚ ﻫﻬﻨﺎ. ﺑﻞ ﻧﻘﻮﻝ: ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺗﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﺩﻟﺔ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﻭﻻ ﺗﺒﻨﻰ ﺃﺩﻟﺔ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ، ﻭﺇﺫﺍ ﻋﻠﻤﻨﺎ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺒﻴﺢ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺗﺄﻭﻟﻨﺎ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﺎ ﻇﻮﺍﻫﺮ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮﻫﺎ ﻻ ﻇﺎﻫﺮ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﻫﻨﺎﻙ. ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻜﺘﻤﺎﻥ ﻣﻤﺎ ﺑﻌﺚ ﻷﺩﺍﺋﻪ ﻓﻬﻮ ﺃﻧﺎ ﻟﻮ ﺟﻮﺯﻧﺎ ﺫﻟﻚ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﻧﻘﺾ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻓﻲ ﺇﺭﺳﺎﻟﻪ، ﻓﻨﺆﻝ ﻣﺎ ﺣﻤﻠﻪ ﻭﻛﻠﻒ ﺃﺩﺍﻩ ﺇﻟﻰ ﻣﻦ ﻫﻮ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻟﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺰﻳﺤﺎ ﻟﻌﻠﺘﻬﻢ، ﻓﺈﺫﺍ ﻋﻠﻢ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺆﺩﻱ ﺍﻧﺘﻘﺾ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻭﻟﻢ ﺗﺤﺼﻞ ﺇﺯﺍﺣﺔ ﺍﻟﻌﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ. ﻭﻟﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﻣﻦ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻧﻪ ﻳﻜﻔﺮ، ﻷﻥ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺑﺘﻜﻠﻴﻔﻪ ﻻ ﻳﺘﻌﺪﺍﻩ. ﺛﻢ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﺗﻌﺮﻳﻀﻪ ﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ، ﻓﺈﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻔﻌﻞ ﺃﺗﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻧﻔﺴﻪ.

ﻭﺗﻜﻠﻴﻒ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺍﻟﻐﺮﺽ ﻓﻴﻪ ﻣﺘﻌﻠﻖ ﺑﻐﻴﺮ ﺍﻟﻨﺒﻲ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻪ ﻏﺮﺽ ﻳﺮﺟﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻌﻠﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺘﺒﻊ، ﻓﻼ ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻓﻼ ﻳﺆﺩﻳﻪ، ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺨﻞ ﺑﺈﺯﺍﺣﺔ ﻋﻠﺔ ﺍﻟﻤﻜﻠﻔﻴﻦ ﻓﻲ ﺗﻜﻠﻴﻔﻬﻢ، ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ.

________________

(1) ﻛﺬﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺨﺘﻴﻦ، ﻭﻫﻮ ﻏﻴﺮ ﺻﺤﻴﺢ، ﻭﺃﺻﻠﻪ ﺍﻟﻨﺒﺮ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺇﺩﺧﺎﻝ ﺍﻟﻬﻤﺰ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻓﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺁﻟﻪ " ﻻ ﺗﻨﺒﺮ ﺑﺎﺳﻤﻲ " ﺃﻱ ﻻ ﺗﺠﻌﻞ ﻟﻔﻈﺔ " ﺍﻟﻨﺒﻲ " ﻣﻬﻤﺰﺓ ﺍﻧﻈﺮ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻻﺑﻦ ﺍﻷﺛﻴﺮ (ﻧﺒﺮ).

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.