بصرف النظر عمن تكون، ليس هناك ثمة شك من أن هناك من سيسيء إليك في مرحلة ما من حياتك. فلابد من وجود من يثير ضيقك، أو يخونك، أو يقوم بسلوك ما غير ملائم من وجهة نظرك.

وعلى الرغم من أن مرورك بمثل هذه المشاعر أمر طبيعي تماماً، إلا أنه من غير الصحي أن تسمح بمثل هذه الانفعالات بالتملك من حياتك أو التأثير عليها لفترة طويلة. إن القدرة على الصفح عن الآخرين سر مهم من أسرار السعادة. وإذا ما رفضت الصفح، فإنك ستعيش أبد الدهر في دور الضحية: ومع كل دقيقة تشعر فيها بالمرارة والغضب ستفوت على نفسك دقيقة كان يمكن أن تعيشها في سعادة!

والأخبار السارة هي أنه في مقدورك ممارسة الصفح بمجرد أن يتسنى لك فهم المعنى الكامل لهذه الكلمة. إن الصفح لا يعني ببساطة نسيان ما اقترفه شخص ما، أو تبرير أو التماس العذر لتصرفه، أو الوثوق في حكمه بغير عقلانية، أو التنازل عن حقوقك الشرعية أو التصالح مع شخص ما بينما هناك خطر يهدد أمن شخص ما أو صحته. بعبارة أخرى، إن الصفح مشروط بالحفاظ على حقوقك ومشاعرك.

وليس الصفح عملية من خطوة واحدة، وكلما كان الانتهاك الذي تم ضدك كبيراً، ازدادت صعوبة الصفح عليك. ولكن دعني أطرح عليك هذا السؤال، هل هناك أي ضغينة تحملها في قلبك منذ وقت طويل؟ افعل شيئاً حيالها!

ابدأ بالإقرار الكامل لما حدث والألم الذي انتابك نتيجة له. وقرر تحديداً معنى الصفح داخل هذا السياق المحدد لتجربتك وفي ضوء ذلك الشخص الذي أهانك. وربما يعتمد الأمر على درجة الخيانة ونوايا الطرف الآخر.

ابذل جهدا حقيقيا من اجل فهم موقف الطرف الاخر وما قاده إلى القيام بما قام به والذي جرح مشاعرك في النهاية. ولتسمح لنفسك بالتعاطف معه كلما وأينما كان ذلك ممكناً ولو للحظات قليلة.

انظر إلى تلك التجربة كدرس تعلمته وحاول العثور على معنى جديد فيه يعوضك عن ألمك. هل يمكنك أن تتعلم من خلال هذه التجربة بأي شكل من الأشكال، أو أن ترى الحياة من خلالها أكثر ثراء؟

إحدى أهم الخطوات في عملية الصفح هي مناقشة جميع الجوانب والمشكلات المتعلقة بالأمر مع الشخص أو الأشخاص المعنيين. دعهم يعرفوا شعورك وتجنب إلقاء اللوم. وسوف تجد أن الصفح مفيد لكلا الطرفين، ويمكن أن يكون تجربة ممهدة لبدء صداقة أو علاقة جديدة.

الصفح لا يغير الماضي، ولكنه يفسح المجال للمستقبل.

بول باوز، 1668-1738 طبيب نفسي ألماني