المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الاستحاضة واحكامها
2024-12-22
Pigment Cells
2024-12-22
إجزاء غسل الجنابة عن بقية الاغسال
2024-12-22
الالتهاب الرئوي الفصي (ذات الرئة الفصية) (Lobar Pneumonia)
2024-12-22
صفات بعوض الكيولكس
2024-12-22
حمى التيفوس الوبائي Epidemic Typhus Fever
2024-12-22



كسب القلوب وتألقها  
  
1151   09:27 صباحاً   التاريخ: 2023-10-29
المؤلف : الشيخ توفيق بو خضر
الكتاب أو المصدر : شواهد أخلاقية
الجزء والصفحة : ص101ــ105
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /

لا سبيل إلى الإنسان في كسب الآخرين إلا من خلال الفعل الحسن، والقول الطيب الجميل، بل حتى الفعل الحسن إن كان لا يصاحب قولا جميلا يكون مذموماً وذلك بأن يتبع العمل الحسن منة.

قال تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة: 263]

ومن هنا كان للكلام أثر على المُلقي قبل المُلقى عليه، وذلك لأن فعله يوجب أثر تكويني عليه في حياته الدنيوية والأخروية، ولذلك رتب الله أحكاما، وقوانيناً شرعية على الكلمات التي يقولها الإنسان بقصد واختيار، ومنها جعل العقود من بيع، وشراء، وتوكيل، وزواج، وطلاق كله من خلال كلمات تقال.

ولذلك جاء في الدعاء يقول المتزوج في ليلة العرس حينما يخلوا بزوجته: «اللهم وبكلماتك استحللت فرجها»(1).

وأفضل صورة يمكن تصويرها لذلك هو قول الله تعالى حينما يصف الكلمة الطيبة بأنها مثل الشجرة المثمرة التي تكون عالية وقطوفها دانية وهي منتجة في كل حين: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم:24، 25].

ومتى كان السالك إلى الله لا يقول إلا الطيب، ولا يتفوه إلا بالذكر الحسن والكلمات الجميلة فأنه يمتلك من القلوب ما لا يملكه غيره. ففي الرواية: «الكلمة الطيبة صدقة»(2)، وبخلافها القول الفاحش، والبذيء فأنه أمر مرفوض جدا حتى مع من لا يستحق الخطاب وذلك لأنه الكلام يخرج من القلب والذي هو معدن النفس ومن هنا قال الشاعر:

إنما الكلام لفي الفؤاد وإنما            جعل الكلام على الفؤاد دليلا

ولأن للكلام والتي مفردها كلمة أثر قوي اشتق من معنى كلم وهو الجرح، وما ذلك إلا لأن الكلمة لها أثر تؤثر به، كالجرح الذي يجرحه الإنسان بواسطة السيف أو الخنجر أو السكين.

ولكي نفهم لماذا أعطى الإسلام كل هذه الأهمية للكلمات في العقود وغيرها، وما للكلمات السيئة من تأثير على الآخرين، وكيف أن الجهل بها يؤدي إلى عدم اتضاح الرؤية ننقل هذه الحادثة:

إن وفداً من أوربا جاء لزيارة إيران في زمن الشيخ البهائي (رحمه الله)، الشيخ البهائي كان من العلماء الأفذاذ، شخصية لامعة، والله تبارك وتعالى أعطاه بالإضافة إلى العلم حسن الخلق، دماثة، لين عريكة، كلمة طيبة، لا يسيء إلى أحد، وإنما يغضب لله، انطلاقا من توجيهات الشارع المقدس، وعادة كان الملك آنذاك الشيخ عباس الصفوي، يفخر بأن الشيخ البهائي من علماء البلاط، فكان يحضر إذا جاءت الوفود من دول مختلفة ليتحدث إليهم ببيان فلسفة الأحكام وأهمية التقيد، أو الانضباط بأوامر الشارع المقدس. فلما جاء ذلك الوفد من أوربا طرح أحدهم إشكالا على الشيخ البهائي فقال له:

إنما تتمسكون بعادات بالية وقديمة لأن المدار في الأحكام على الرضا، فلا ينبغي أن تتقيدوا بهذه الكلمات التي تتفوهون بها في بعض العقود كعقد النكاح؟

فلما سمع إشكاله رد الشيخ البهائي عليه قائلا له: لا تأكل خراك.

قال ذلك وخرج الشيخ ولم يعقب بأي كلمة أخرى، فغضب السائل واعتبرها إهانة لدولته، فهو يمثل وفد دولة. فاشتط غضباً وأخذ يتمتم بكلمات الغضب، وهو يقول لمن كان حاضرا في المجلس: هكذا علمكم الإسلام التعامل مع الضيوف بالأخلاق الحسنة والطيبة؟ أهذه هي أخلاق الإسلام؟

ثم أنتظر مجيء الشاه عباس الصفوي ليشتكي إليه على الشيخ البهائي، فلما جاء الشاه عباس، تكلم معه هذا الأوروبي قائلا له: أتعلم ماذا قال الشيخ لي؟ فحكى له القصة، بالفعل تعجب الشاه عباس كيف يصدر من الشيخ البهائي هذا الكلام، مع أن الشيخ من المعروفين بدماثة الخلق، وحسن العريكة والملاطفة والكلمات الطيبة، فكيف قال لممثل الوفد هذه الكلمات؟ فاستدعى الشاه عباس الشيخ البهائي، فلما جاء الشيخ البهائي ودخل، سلم على الوفد المكون؛ من عدة أشخاص بسلام جميل ولاطفهم ومازحهم واحداً واحداً حتى ذلك الذي غضب عليه. فتعجب فسأل الشاه عباس الشيخ البهائي عن سر تصرفه وقوله؟

فأجاب الشيخ: هو من قال إن التمسك بمجرد عادات بالية وقديمة والكلام لا تأثير له، فأردت أن أخبره بموقف عملي بتأثير الكلام، ثم أنا لم أشتمه وإنما نهيته قلت له: لا تأكل خراك، لم أقل له كل خراك، ومع ذلك غضب وتأثر فكيف لو أنني أمرته بعكس ذلك؟

فكان فعل الشيخ أكبر درس لهذا الشخص ولنا، في أن الكلمات التي يقولها الإنسان لها تأثير كبير على الآخرين، من هنا أيها السالك إلى الله لا تجعل فمك مفتوحاً، ولا تقل كل ما تعلم، حتى لو كان حقاً بل التزم الصمت واجعل حديثك، القول الطيب، ولا تتفوه بكلمات نابية أو كلمات خبيثة، فأنها تؤدي إلى القطيعة، وإلى العداوة وإلى البغضاء حتى لو صدرت على سبيل المزح؛ لأنها تؤدي إلى الحنق والغيظ. ولذا على الإنسان أن يتعامل دائما مع الغير من خلال أوعية تحمل المعاني الجميلة والكلمات اللطيفة بالخصوص مع أقرب المقربين إليك مثل أولادك أصدقائك زوجتك، مع أمك وأبيك. وخص الله سبحانه وتعالى الوالدين أكثر من عدم التفوه لهم بأي كلمة فيها معاني التأفف والتضجر: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23].

__________________________

(1) الكافي 5: 503.

(2) بحار الأنوار 74: 85. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.