أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-1-2023
1310
التاريخ: 25-1-2023
1326
التاريخ: 11-9-2016
2081
التاريخ: 24-3-2021
3266
|
من المعروف ان الإنترنيت يحتوي الكثير من المواقع العلمية والأدبية والمعرفية المختلفة ومن بين هذه المواقع المهمة التي نحرص على ان يطلع عليها الأطفال، ويتواصلوا معها باستمرار، هي المواقع الخاصة بأدب الطفل.. فالأدب (بوصفه تعبيراً متميزاً عن الخبرة البشرية وهو فن يصور العواطف الإنسانية، ويرسم صور الحياة ومواقف البشرية علي اختلافها، من خلال اللغة والطفل يتفاعل مع نماذج الأدب في شتى صوره، ويحيه، ويتمثل ما يحويه من قيم ونماذج سلوك واتجاهات، والطفل إذا ما تفاعل مع نموذج أدبي في قصة أو مسرحية مثلا، غالباً ما يفهم الاتجاهات الايجابية التي يحويها النموذج، وكثيراً ما يتم هذا الفهم دون أمر أو نهي أو إجبار، بل يتم خلال استمتاع الطفل بالنموذج الأدبي، ومن هنا يمكن للأدب ان يساعد على توجيه سلوك الطفل بطريقة غير مباشرة، وبذلك يكون الأدب مساعداً على نمو شخصية الطفل نمواً سليماً واكتسابه بعض القيم والعادات والاتجاهات التي تروق للمجتمع، ومع تكراره لها يصبح جزءاً من كيانه، فالطفل يكرر ما يعجبه، وهذا التكرار يكسب الطفل عادات تترسخ في سلوكه، والمهم عند تقديمنا لأي لون من ألوان الأدب للطفل علينا ان نراعي دائماً جذب انتباهه إلى الجوانب الايجابية، حتى يتقمصها وتجعله يتقزز من السلبيات، ويبتعد عنها من خلال الـمـوازنـة بـيـن الـخـيـر والـشـر أو الـحـب والـكـره أو الـجـمـال والقبح)(۱).
ومن هنا قام الإنترنيت بنقل أدب الأطفال من أسلوبه المقروء، إلى تقنياته الفعالة في تجسيد فني مشوق يشد الطفل ويجذبه اليه، إذ عمل الإنترنيت من خلال ذلك على تقـديـم روائع هذا الأدب في مختارات دقيقة، تنسجم مع قدرات الأطفال وميولهم، وعلى وفق مستوياتهم العمرية المتباينة. وكان فن القصة من أكثر الأشكال الأدبية استحواذاً على اهتمامات الإنترنيت في مواقعه الخاصة بأدب الأطفال، وذلك لانجذاب الطفل، وميله الشديد إلى هذا الفن بشكل واسع، خاصة وان الإنترنيت قد استثمر تقنيته التكنولوجية الماهرة في سرد القصة وحكايتها، وباستخدام عدة أساليب فنية وتقنية وجمالية، مرئية وبصرية، وسمعية، لنجاح وصولها إلى الأطفال، وإشراكهم في أحداثها وعوالمها..
إن الإنترنيت في ذلك، قد نجح بأحياء (فن الحكي) وتطوير أساليبه، ليكون متوافقا مع تقنيات التكنولوجية وخططها في شد الطفل وإشباع حاجاته من عناصر هذا الفن الجميل، والذي لا يمكن للطفل الاستغناء عنه.. حيث يعتبر (فن الحكي) فناً طفولياً يرافق الطفل في مسيرة حياته منذ بلوغه السنتين حتى تجاوزه مرحلة الطفولة المتوسطة..
وفن الحكي، هو فن وأسلوب حكاية القصص وسردها للأطفال (شفاهياً) ووجهاً لوجه.. ويعد هذا الفن من الفنون القديمة التي اعتمدتها الشعوب كافة، وعلى اختلاف ثقافاتها، وأساليبها في رعاية الطفل والاهتمام به، حيث اعتمدت هذه الشعوب على (فن حكي القصص وسردها) للأطفال، لغرض إمتاعهم وتسليتهم وزيادة معارفهم، وتوسيع مخيلتهم، ومدركاتهم، من خلال كل ذلك يمكن مدهم بالقيم التربوية والثقافية، وزيادة حصيلتهم اللغوية، لذلك ( لم يختلف اثنان على مدار العصور وفي أية بقعة من جهات الكرة الأرضية الأربع على أهمية (فن حكي القصص للأطفال) ويرجع ذلك الاتفاق إلى تأثير القصة على شخصية الطفل، وبصفة خاصة في مراحله المبكرة، وقد برزت هناك ظاهرة جديدة في أمريكا أكثر المجتمعات تأثرا بالوسائل الحديثة، وهي ظاهرة تخلي أولياء الأمور عن التلفاز والكومبيوتر كوسيلة لتسلية الصغار والعودة إلى الأساليب الأقدم كأسلوب (فن الحكي) وكأن هذا الفن له أصوله وجذوره الراسخة في الأرض، تأبى ان تقتلعها اختراعات العصر الحديث)(2) . .
إذ ان اختراعات العصر الحديث هذه انصاعت لهذا الفن القديم، وراحت تجسده تجسيداً فتياً حديثاً في تقنياتها، لعلمها بأهميته، وفاعليته كأسلوب ناجح في مخاطبة الطفل، وترفيهه، ونقل القيم والمعارف إليه من خلال ذلك. وبهذا التفاعل بين أدب الأطفال، أو فلنقل بين (فن القصة) وحكاياتها كشكل من أشكال أدب الأطفال، وبين الإنترنيت كوسيلة اتصالية مهمة، ناقلة لهذا الفن يكون أدب الأطفال في حالة نشاط وتواصل دائمين مع الطفل، وفي طليعة اهتماماته، ولم يتخلف، ولم تكن الحجة إليه في الخلفيات من اهتمامات الطفل، كما كان متوقعاً، أمام تطور التكنولوجيا ووسائلها الاتصالية والمعلوماتية التي طغت على كل شيء وشكلت تحدياً واضحاً لكل الأشكال والفنون الأدبية المقروئة، التي كان الطفل يهتم بها اهتماماً كبيراً في العصر الحديث . .
وحين نجد أدب الأطفال وهو يواصل نشاطه، وتطوره وغاياته، من خلال الإنترنيت، فان ذلك يدفعنا أكثر للاهتمام بالإنترنيت، وتشجيع الأطفال عليه، ولعلمنا بأهمية أدب الأطفال للأطفال، ودوره الفاعل في تنشيط قدراتهم، ومهاراتهم، ودفعهم إلى التطور، وإلى توسع مداركهم ومخيلتهم، وتوسيع قاعدتهم اللغوية والمعرفية . .
إن التطرق إلى أدب الأطفال، بأشكاله، واتجاهاته، وفنونه، وخصائصه، وغير ذلك من مفاهيمه، وأسسه، وقضاياه المختلفة، التي احتواها الانترنت في مضامينه الخاصة بأدب وثقافة الأطفال، يأخذ مجالاً واسعاً يصعب السيطرة عليه، لتعدد جوانبه، وتشعب المواقع المخصصة لهذا الاتجاه، غير إننا هنا سعينا إلى التوقف عند (فن القصة) وآلية تجسيدها عبر الانترنت، كذلك لا نريد التوسع هنا في هذا الفن، من قبيل، آليات كتابة القصة للأطفال، وأشكالها، ومفاهيمها، وغير ذلك من قضاياها، التي لا تعنينا هنا، وليس من غرضنا مناقشة هذه الجوائب . . وما نريد مناقشته، ويفي بغرضنا في هذا المبحث هو، أسلوب حكاية القصة عبر الإنترنت، وكيفية جذب الطفل وأهله إليها لربط الطفل بأهداف وغايات هذه القصة.. والتي نطلق عليها في هذا الاتجاه (فن حكاية القصة) أو (فن الحكي)..
ومجال (فن الحكي) عبر الإنترنت، هو الآخر مجال واسع، نحاول مناقشة بعض اشكاله بشكل سريع..
في دراسة قيمية لها في مجال فن الحكي على الإنترنت، تشير الأستاذة الدكتورة (منى يونس بحري) رئيسة القسم الاجتماعي بموقع (إسلام اون لاين) إلى سعة المواقع المخصصة لفن الحكي على الإنترنت وتعدد أشكالها وغاياتها، حيث تقول: (إذا ما جول أحد الباحثين أو المهتمين بفن الحكي في أي من محركات البحث المشهورة باحثاً عن مواقع انجليزية تتكلم عن فن الحكي، فسيجد آلافاً من المواقع، تتنوع محتوياتها، أهدافها وأساليب العرض فيها، ولكن مع ذلك يمكن تقسيم المواقع الخاصة بفن الحكي إلى مجموعات بحسب محتوياتها وهي :
1. مواقع إرشادية : وهي مواقع عديدة، تدور المادة المعروضة فيها حول تعريف هذا الفن، تاريخه، أشهر القصاصين، الآثار الايجابية لهذا الفن، أساليب الحكي المختلفة. . عن طريق مقالات مطولة موجهة إلى المربين والأهل في المنازل . .
۲. مواقع تجميعية: وهي مواقع للقصص المختلفة، فمنها ما يركز على القصص الشعبي، ومنها ما يقسم القصص بحسب الأعمار السنية الموجهة له القصة، ومنها ما يمكن ان يعتبر دعاية لبعض القصاصين ورواة قصص الأطفال، وبعض منتجاتهم في هذا المجال.
3. مواقع توجيهية: وهذه المواقع تهدف إلى توجيه الأهل والمربين إلى كيفية تنمية مهارة الحكي عن طريق عدد من التدريبات والأمثلة الحقيقية.
4. مواقع لإطلاق خيال الطفل: وهي مواقع موجهة إلى الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة، تحثه على القصة، مع سرد قصص مبسطة ومناسبة لسنه(3) . .
من الملاحظ ان هذه المواقع كلها أجنبية، ومنها معروض باللغة الانجليزية، وآخر باللغة الفرنسية، وهكذا. . وليست هناك مواقع عربية لفن حكاية القصة للأطفال، إلا ما ندر، أو من خلال بعض المواقع الخاصة بأدباء وكتاب الأطفال العرب، والتي يشير بعضها إلى (فن الحكي) بشكل هامشي، لا يجلب الانتباه، ويتوسع بهذا الفن وأساليبه، مثلما هو الحال عليه في المواقع الأجنبية المخصصة لهذا الفن، والتي تعد بالآلاف..
إن غياب المواقع العربية في هذا الفن، يشكل عائقاً أمام توسيع قاعدة تجسيد القصة وحكايتها للأطفال عبر الإنترنت ويضعف دورها المهم في الوصول إلى النسب الكبيرة من الأطفال في العالم العربي، وذلك لأن نسبة كبيرة من الآباء والأمهات في مجتمعاتنا لا يجيدون اللغات الأجنبية، مما يجعلهم بعيدين عن المواقع الأجنبية، ويجدون صعوبة في الوصول اليها، وإرشاد الأطفال إلى محتواها.. لذا يتطلب ان تكون هناك مواقع عربية واسعة لفن الحكي عبر الإنترنت، تنافس المواقع الأجنبية، او تقوم بترجمة الجيد والمفيد من المواقع الأجنبية، وجعله في متناول الطفل العربي، لتوسيع إدراكه ومعارفه بالآداب العالمية المختلفة والتي تخاطب الأطفال..
ومع ذلك فبإمكان هؤلاء الآباء والأمهات التوصل إلى أهم المواقع في مجال حكاية القصة للأطفال، والتعرف من خلالها على أسس وأساليب حكاية القصة لأطفالهم.. ومن خلال ذلك أيضاً يمكنهم اكتساب المهارات الناجحة في مجال فن الحكي عبر الإنترنت بوصفه - أي الإنترنت - (الوسيلة المثلى لتعريف الأهل بهذا الفن، ليس فقط من حيث مكوناته، أساسياته وتطوره، ولكن – وهذا هو الأهم – من حيث طرق وأساليب تنمية مهارة فن الحكي، وان أحد اهم تلك المواقع التي يمكن ان يلجأ إليها الأهل لاكتساب تلك المهارة، فهناك يتم التعرض لعدد من المسائل الضرورية ومنها : ضرورة تحديد اهتمامات الطفل، وما هي أنسب القصص، وما هو التوقيت الأنسب لرواية القصة، وكيف يمكن تعلم مهارة الحكي؟. ، ونصائح للسيطرة على انتباه الطفل. . وأهم الأدوات التي تضمن الإثارة، والتشويق، والمتعة، وكيف يمكن إشراك الأطفال في عملية الحكي؟)(4)..
إن هذه المسائل الأساسية، بالإضافة إلى أنها تنمي مهارة فن الحكي، وتطوره لدى الأهل، فان من شأنها ان تقوي العلاقة بين الأهل والطفل، من جهة، وبين الطفل والقصة من جهة أخرى، وهذا ما يدفعنا إلى الاعتقاد بأهمية الإنترنت في تجسيد القصة وحكايتها للطفل . . وأهمية الإنترنت للطفل في ذلك . .
ولكي لا نتيه في كثرة المواقع وتشعباتها الكثيرة، وفي البحث الواسع، يمكن التعرف على أكثر هذه المواقع فائدة وجدوى، في تطوير مهارة الحكي وتوسيعها، عبر اختيار المواقع التعليمية الأنسب، والانطلاق منها في الخطوة الأولي للتدريب على مهارة (فن الحكي).
وإلى ذلك ترشدنا الدكتورة (منى يونس بحري) التي تكفينا عناء البحث الواسع، والعشوائي في آلاف المواقع حيث تذهب إلى ذلك بقولها: (بالرغم من ان (ألنت) يمثل كنزاً زاخراً بآلاف، بل ملايين القصص التي يمكن طباعتها ثم قراءتها على الأطفال، فان هناك العديد من المواقع التعليمية، التي قام بها الـعـديـد مـن الـقـصاصين ومنهم ( Babwilkins ) الذي اهتم ببناء موقعه الشهير (Storyteller - net) وهذا الموقع يحتوي على العديد من التمارين الحقيقية لتنمية وتطوير مهارة الحكي . . هناك مثلا: تمرين (أكمل وحدك) حيث تعرض القصة بصورة غير مكتملة من حيث بناء الجمل، إلا ان المبتدئ لا يترك وحده دون مساعدة، ولكن يتاح له اختيارات مختلفة لإكمال الجمل.. ويرسل المتمرن هذه القصص، ويستقبل التعليق والنقد من السيد (Bob ) على بريده الخاص. .. إلا ان هذا ليس التمرين الوحيد على الانترنيت، ففي موقع ( www.tellingtales.com ) نجد أكثر من أسلوب ووسيلة . . هناك تمرين خاص بالصور، حيث يطلب من الأب، والأم التركيز في الصورة ونسج قصة خيالية حولها، ثم إرسالها إلى الموقع. أما بالنسبة إلى المبتدئين فهناك تمرين (البداية) حيث تعرض بدايات القصص المكونة من فقرة (6 جمل على الأكثر)، ويترك المجال للمتمرن باستكمال القصة من وحي خياله.. أما التمرين (السلسلة) فهو عبارة عن فقرات فارغة تغطيها كلمات غير مرتبطة.. سلسلة مهملات.. قصر.. مفتاح.. سفينة.. فضاء.. قرصان.. المساعدة..، حيث تُملأ الفراغات بجمل مناسبة، لتربط بين الكلمات بعضها ببعض، بشيء من الصياغة المناسبة للسلسلة المتجانسة ، ليتم في النهاية نسج قصة متكاملة البنيان.. وبهذه الطريقة يمكن لراغبي تعلم فن الحكي اكتساب المهارات الضرورية، وتعلم الوسائل والأساليب المساعدة لفن الحكي خلال فترة وجيزة جداً، وما على الأهل والمربين سوى البدء في (الاستمتاع) بقصة هادفة من خيالهم الخصيب)(5)..
وخلاصة لهذا المبحث، نصل إلى نتيجة تؤكد لنا أهمية الإنترنيت في تطوير وسائل اتصال الطفل بأدبه، على وجه التحديد، وبثقافته على وجه عام. . حيث يلعب الإنترنيت دوراً فاعلاً في توسيع ثقافة الأطفال، وتطوير اتجاهاتها المتعددة، في اكتساب الطفل مختلف القيم، والعادات ، والتقاليد، والفنون، والمهارات، والمعارف.. وبذلك لا يمكن الحديث عن ثقافة الأطفال، واهتمامات الطفل الثقافية، ما لم نشرك (الانترنت) في هذه الثقافة، وفي جلب اهتمامات الطفل الثقافية، في طورها المتقدم، والذي يتقدم، ويتطور أكثر وأكثر، كلما تطورت، وتوسعت التكنولوجيا، ووسائلها الاتصالية والمعلوماتية، بشكل واسع وملحوظ في حياتنا الثقافية..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أميمة السحات، الطفل والأدب
(2) منى يونس - دروس في فن الحكي على الإنترنت.
(3) المرجع السابق.
(4) المرجع السابق.
(5) المرجع السابق.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|