أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-4-2022
2041
التاريخ: 25-10-2015
2630
التاريخ: 29-3-2022
2671
التاريخ: 4-1-2023
1344
|
تنطوي حرية الضمير والعقيدة الدينية على جناحيين رئيسيين هما: حرية العقيدة ، وحرية ممارسة الشعائر الدينية ، والمقصود بحرية العقيدة هي حرية الانسان في أن يعتنق او لا يعتنق أي دين وفي أن يؤمن أو لا يؤمن بأي مذهب فكري وحريته في تغيير دينه أو عقيدته وفي أن لا يفرض عليه دين بالقوة أو أن تمارس عليه ضغوط من قبل الدولة أو الافراد لتأييد أي مذهب او دين ، اما المقصود بحرية ممارسة الشعائر الدينية هي حرية الانسان في اظهار معتقداته والتعبير عنها في صورة صلوات أو طقوس وشعائر دينية واجتماعية وكتابات يتقرب من خلالها لربه ويروج لمعتقداته (1).
وحرية العقيدة حرية مطلقة لا يرد عليها اي قيد فلكل انسان ان يعتنق الدين الذي يثق بصحته ويرى فيه نجاته بصرف النظر عن موقف الدولة او رأي الآخرين ، وذلك لأنّ محلها القلب ولا يعلم ما في القلب الا خالقه ،بينما حرية ممارسة الشعائر الدينية ، تمارس في نطاق علني ومن اجل ذلك فهي تخضع لنوع من التنظيم القانوني الذي يقيدها ببعض القيود حفاظاً على النظام العام و الآداب العامة (2).
وهو ما ايدته المحكمة العليا الدستورية المصرية في قضائها بهذا الشأن (اذا كانت حرية العقيدة مطلقة الا ان المظهر الخارجي لهذه الحرية والمتمثل في حرية إقامة الشعائر الدينية ، يظل مقيداً بعدم الاخلال بالنظام العام وعدم منافاة الآداب العامة) (3)
وفي تقديرنا ان القول بأطلاق الاولى وتقييد الثانية لهو من الامور التي يدق البحث فيها فاذا كان الاعتقاد ينطوي على جوانب نفسية وروحية لا يمكن المساس بها فالشعائر لا يمكن فصلها عن جوهر الاعتقاد ذاته فما العقائد الشعائر وبمعنى آخر فان الشعائر اذا ما قيدت ممارستها ، ربما يترتب على ذلك الحرمان من الاعتقاد وهي تفرقة محفوفة بالمخاطر ، فاذا ما اريد تقييد حرية ممارسة الشعائر الدينية فيجب ان يكون في حالات الاخلال الظاهر للنظام العام، فالدولة عادةً لا تستطيع التدخل لتغيير او تقييد اعتقاد الافراد وانما تملك التدخل بدعوى النظام العام لتقييد ممارسة الشعائر التي يحملها هذا الاعتقاد.
لذلك لابد من احترام حرية الدين والمعتقد لا نها تعد من الاعمدة الأساسية للدول المستقرة والديمقراطية حيث احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان وتثمينها عالياً وعند حجب هذه الحرية تتولد اجيال من عدم التسامح كما انها تؤدي الى زعزعة استقرار المجتمع (4).
ويُعدّ الدين الاسلامي اكثر الديانات التي اقرت بحق الإنسان في ممارسة الحرية الدينية فقد كرم الله الإنسان وميزه عن سائر المخلوقات بالعقل ليهتدي الى العقيدة الصحيحة التي يقتنع بها من دون تقليد اعمى للأخرين ومن دون اي ضغط او اكراه على ارادته في الاختيار(5) إذ يقول سبحانه وتعالى ﴿لَآإِكرَاهَ فىِ ٱلدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشدُ مِنَ ٱلغَىِّ﴾ (6).
نتيجة لذلك ، عُدت الحرية الدينية احدى الحريات السياسية التي كفلتها الدساتير ومنها دستور مصر لسنة 1971 اذ نص على ان ( تكفل الدولة حرية العقيدة ، وحرية ممارسة الشعائر الدينية)(7)، وفي العراق نص دستور جمهورية العراق على ان ( لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة) (8) كما نص على انه (اتباع كل دين او مذهب احرار في ممارسة الشعائر الدينية..) (9).
مما تقدم يلاحظ اتفاق الدستور العراقي مع نظيره المصري في كفالته حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
ومّما يجدر ذكره أن اعتناق الدولة لدين معين وجعله دينها الرسمي يجب أن لايتعارض مع معتنقي الأديان والعقائد الأخرى في التعبير العلني وغير العلني عن دينهم ومعتقدهم وممارسة شعائرهم ، وانما يجب عليها ان تعامل المذاهب والاديان كافة بصورة متساوية (10).
وهو ما اشار اليه دستور جمهورية العراق لسنه 2005 حيث نص على ان ( اولا-الاسلام دين الدولة الرسمي ...2- يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الاسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الافراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية ، كالمسحيين ، والايزديين والصابئة المندائيين) (11).
مّما تقدم يتضح أن الدولة العراقية أرست نظامها الاساسي على دين الغالبية العظمى للسكان وفي الوقت نفسه عمدت الى عدم ممارسة اي تمييز ضد المؤمنين باديان اخرى او غير المؤمنين بدين معين خاصة ان الدستور العراقي أشار الى مبدأ المساواة بين جميع العراقيين دون تمييز بسبب الجنس او العرق او القومية او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الراي(12)، وهو ما سارت عليه حتى الدول التي اعتنقت مبدأ العلمانية أساساً لنظام الحكم فيها مثل فرنسا وبريطانيا وفصلت الدين عن الدولة حيث تم التأكيد فيها على ممارسة حرية المعتقد الديني لجميع الطوائف دونما حواجز وذلك بمنع اي تمييز بين الشعائر المعترف بها والشعائر الاخرى فكل منها بمنزله سواء ، وان كان ذلك لا يطبق عملاً (13).
من خلال العرض السابق وعلى الرغم من كفالة اغلبية دساتير الدول لحرية المعتقد الديني الا ان كثيراً منها لايزال يعاني من إثارة النعرات الطائفية والمشاكل بين الطوائف والمذاهب ويمكن ارجاع اسباب ذلك اما الى تدخلات القوى السياسية الخارجية الاجنبية التي تهدف الى بث الفتن بين الطوائف لتعميق الانقسامات الداخلية خدمة لمصالحها السياسية(14)، او من خلال القيود التي تفرضها بعض الدول على ممارسة طائفة من الطوائف لحريتها الدينية .
ففي فرنسا ، وعلى الرغم من اعترافها بحق ممارسة الحرية الدينية الا انها عمدت الى فرض بعض القيود التي تتعلق بارتداء الحجاب في بعض المدارس مما ادى الى تقييد ممارسة الحريات الدينية للمسلمين (15).
اما في العراق ومنذ الاحتلال الامريكي له عام 2003 اصبح يعاني من المشاكل الطائفية والمذهبية حيث تعرض رجال الدين من مختلف الاديان الى اعتداءات تلتها مرحلة تفجيرات امام الكنائس المسيحية وخطف واغتيال لبعض الشخصيات الدينية واجبار النساء على التحجب وقد أدت هذه الحالة الى اغلاق الكثير من دور العبادة وخشية المواطنين من ممارسة شعائرهم وطقوسهم واداء صلواتهم وفي ذلك تقييد لحرية المعتقد(16) .
من خلال ما تقدم ومن استقراء الواقع تتجلى أهمية السعي في التأكيد على حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية من اجل تثبيت كافة التعاليم الدينية في نفوس المواطنين للارتقاء لبناء مجتمع ديمقراطي حر يقوم على مبدأ التسامح والاخاء والمساواة على نحو من شأنه توفير أجواء ومناخات مريحة للحوار والتفاهم مما يخلق حالة من الاستقرار الحقيقي لمجتمع آمن بعيد عن حلقات الصراع والاقتتال الطائفي والديني والمذهبي.
_______________
1- ضرغام فاضل حسين ، الحقوق الأساسية للإنسان في قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ، مجلة كلية الحقوق ، جامعة النهرين ، المجلد 9، العدد17، 2006 ، ص206.
2- د. ماجد راغب الحلو ، النظم السياسية والقانون الدستوري ، بدون طبعة، منشأة المعارف ، الإسكندرية، 2005 ، ص862.
3- حكم المحكمة الدستورية العليا في اول مارس 1975، مجموعة احكام المحكمة ، الجزء الاول ، نقلاً عن د. محمد صلاح عبد البديع السيد ، الحماية الدستورية للحقوق والحريات العامة ، الطبعة الثانية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2009 ، ص199.
4- تاد استاكي ، روبرت بليت ، العلاقة بين الدين والدولة والحق في حرية الدين والمعتقد ( دراسة تحليلية مقارنه لدساتير في دول ذات غالبية مسلمة) ، بحث منشور على الموقع الاليكتروني:
http://www.montadanet.com/vb/showthread.php?t=841))
5- د. عبد الغني بسيوني عبد الله ، النظم السياسية والقانون الدستوري ، بدون طبعة ، بدون ذكر الناشر، بدون ذكر مكان النشر ، 1997 ، ص314،313.
6- سورة البقرة ، الآية ، 256 .
7- المادة (46) من دستور مصر لسنة 1971.
8- المادة (42) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
9- المادة (43/اولاً/أ) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
10-Allan Ides,Christopher N.may,Constitutional law(individual Rights),Aspen law and Business,2001,p383.
11- المادة (2) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
12- ينظر نص المادة (14) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
13- د. محمد عبد اللطيف ، الحريات العامة ، الطبعة الاولى ، كلية الحقوق ، الكويت ، 1995
، ص112،111.
14- د. سعدى محمد الخطيب ، حقوق الإنسان بين التشريع والتطبيق ، الطبعة الأولى ، منشورات الحلب الحقوقية ، 2009
، ص83.
15- د. مازن ليلو راضي ، د. حيدر ادهم عبد الهادي ، مدخل لدراسة حقوق الانسان ، الطبعة الاولى ، بدون ذكر الناشر ، بدون ذكر مكان للنشر ، 2010 ص170.
16- مجموعة رصد الديمقراطية ، التقرير السنوي لواقع الحقوق والحريات في العراق لعام 2006 ، مصدر سبق ذكره، ص106،104.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|