أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-05
1056
التاريخ: 21-05-2015
3817
التاريخ: 15-10-2015
3919
التاريخ: 21-05-2015
6789
|
كان المأمون قد شغف بأبي جعفر (عليه السلام) لما رأى من فضله مع صغر سنه وبلوغه في العلم و الحكمة والادب وكمال العقل، ما لم يساوه فيه احد من مشايخ أهل الزمان، فزوجه ابنته م الفضل وحملها معه إلى المدينة، وكان متوفرا على اكرامه وتعظيمه واجلال قدره وروى الحسن بن محمد بن سليمان عن على بن ابراهيم بن هاشم عن ابيه عن الريان ابن شبيب قال: لما اراد المأمون ان يزوج ابنته ام الفضل أبا جعفر محمد بن على (عليهما السلام) بلغ ذلك العباسيين، فغلظ عليهم واستكبروه، وخافوا أن ينتهى الامر معه إلى ما انتهى اليه مع الرضا (عليه السلام)، فخاضوا في ذلك واجتمع منهم أهل بيته الادنون منه فقالوا: تنشدك الله يا أمير المؤمنين ان تقيم على هذا الامر الذى قد عزمت عليه من تزويج ابن الرضا، فانا نخاف أن تخرج به عنا امرنا قد ملكناه الله وينزع منا عز قد البسناه الله , وقد عرفت ما بيننا وبين هؤلاء القوم قديما وحديثا وماكان عليك الخلفاء الراشدون من قبلك من تبعيدهم والتصغير بهم ,وقد كنا في وهلة من عملك مع الرضا حتى كفانا الله المهم من ذلك فالله الله ان تردنا الى غم قد انخسر عنا واصرف رايك عن ابن الرضا واعدل الى ما تراه من اهل بيتك اصلح لذلك دونه فقال لهم المأمون : اما ما بينكم وبين ال ابي طالب فانتم السبب فيه ولو انصفتم القوم لكان اولى بكم واما ماكان يفعله من كان قبلي فقد كان قاطع الرحم العوذ بالله من ذلك والله ما ندمت على ماكان مني من استخلاف الرضا وقد سئلته ان يقوم بلامر عنب وان انزعه عن نفسي فابى وكان امر الله قدراً مقدورا.
وأما ابو جعفر محمد بن علي فقد اخترته لتبريزه على كافة اهل الفضل بالعلم والفضل مع صغر سنه والأعجوبة فيه بذلك وانا ارجو ان يظهر للناس ما قد عرفته منه فيعلموا ان الراي ما رأيت فيه. فقالوا: ان هذا الفتى وان راقك منه هديه، فانه صبى لا معرفة له ولا فقه، فأمهله ليتأدب ويتفقه في الدين ثم اصنع ما تراه بعد ذلك ؛ فقال لهم: ويحكم انى أعرف بهذا الفتى منكم، وان هذا من أهل بيت علمهم من الله، ومواده والهامه، لم يزل آباؤه اغنياء في علم الدين والادب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال، فان شئتم فامتحنوا أبا جعفر بما يتبين لكم به ما وصفت من حاله، قالوا له: قد رضينا لك يا أمير المؤمنين ولانفسنا بامتحانه، فخل بيننا وبينه لننصب من يسئله بحضرتك عن شيء من فقه الشريعة، فان أصاب الجواب عنه لم يكن لنا اعتراض في أمره، وظهر للخاصة والعامة سديد رأى أمير المؤمنين، وان عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه .
فقال لهم المأمون: شأنكم وذاك متى أردتم ؛ فخرجوا من عنده واجتمع رأيهم على مسألة يحيى بن اكثم وهو يومئذ قاضى الزمان، على أن يسئله مسألة لا يعرف الجواب فيها، ووعدوه بأموال نفيسة على ذلك، وعادوا إلى المأمون فسئلوه أن يختار لهم يوما للاجتماع فأجابهم إلى ذلك، فاجتمعوا في اليوم الذى اتفقوا عليه، و حضر معهم يحيى بن اكثم، فأمر المأمون أن يفرش لأبى جعفر (عليه السلام) دست ويجعل له فيه مسورتان، ففعل ذلك فخرج ابوجعفر (عليه السلام) وهو يومئذ ابن تسع سنين وأشهر، فجلس بين المسورتين، وجلس يحيى بن أكثم بين يديه، وقام الناس في مراتبهم والمأمون جالس في دست متصل بدست أبى جعفر (عليه السلام) فقال يحيى بن اكثم للمأمون: أتأذن لى يا أمير المؤمنين ان أسئل أبا جعفر؟ فقال له المأمون: استأذنه في ذلك، فأقبل عليه يحيى بن أكثم فقال: أتأذن لى جعلت فداك في مسألة؟ قال له ابوجعفر (عليه السلام): سل ان شئت، قال يحيى: ما تقول جعلني الله فداك في محرم قتل صيدا؟
فقال المأمون: الحمدلله على هذه النعمة والتوفيق لى في الرأي، ثم نظر إلى أهل بيته و قال لهم: أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه؟ ثم اقبل على أبى جعفر (عليه السلام) فقال له: أتخطب ياأبا جعفر؟ قال: نعم ياامير المؤمنين، فقال له المأمون: اخطب جعلت فداك لنفسك، فقد رضيتك لنفسى وانا مزوجك ام الفضل ابنتي، وان رغم قوم لذلك، فقال ابوجعفر (عليه السلام): الحمدلله اقرارا بنعمته و لا اله الا الله اخلاصا لوحدا نيته وصلى الله على محمد سيد بريته والاصفياء من عترته. آما بعد فقد كان من فضل الله على الانام، ان أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال سبحانه: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [النور: 32] ثم ان محمد بن على بن موسى يخطب ام الفضل بنت عبدالله المأمون وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه واله)، وهو خمسمائة درهم جيادا، فهل زوجته يا أمير المؤمنين بها على هذا الصداق المذكور.
قال المأمون: نعم قد زوجتك يا أبا جعفر ام الفضل ابنتي على الصداق المذكور، فهل قبلت النكاح؟ فقال ابوجعفر (عليه السلام): قد قبلت ذلك ورضيت به، فأمر المأمون ان يقعد الناس على مراتبهم في الخاصة والعامة.
قال الريان: ولم نلبث ان سمعنا أصواتا تشبه اصوات الملاحين في محاوراتهم، فاذا الخدم يجرون سفينة مصنوعة من الفضة، مشدودة بالحبال من الابريسم، على عجل مملوة من الغالية، فامر المأمون ان يخضب لحاء الخاصة من تلك الغالية، ثم مدت إلى دار العامة، فطيبوا منها ووضعت الموائد فاكل الناس وخرجت الجوائز إلى كل قوم على قدرهم. فلما تفرق الناس وبقى من الخاصة من بقى ؛ قال المأمون لأبى جعفر (عليه السلام): ان رأيت جعلت فداك أن تذكر الفقه فيما فصلته من وجوه قتل المحرم الصيد لنعلمه ونستقيده؟ فقال ابوجعفر (عليه السلام): نعم ان المحرم اذا قتل صيدا في الحل وكان الصيد من ذوات الطير وكان من كبارها فعليه شاة فان أصابه في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ، وان كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة، وان كان نعامة فعليه بدنة، وان كان ظبيا فعليه شاة، فان قتل شيئا من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة، واذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدى فيه وكان احرامه بالحج نحره بمنى، وان كان احرامه بالعمرة نحره بمكة، وجزاء الصيد على العالم والجاهل سواء، وفي العمد له المأثم وهو موضوع منه في الخطأ، والكفارة على الحر في نفسه، وعلى السيد في عبده، والصغير لا كفارة عليه، وهى على الكبير واجبة، والنادم يسقط بندمه عنه عقاب الآخرة، والمصر يجب عليه العقاب في الآخرة .
فقال له المأمون: أحسنت يا أبا جعفر أحسن الله اليك فان رأيت ان تسئل يحيى عن مسألة كما سئلك؟
فقال ابوجعفر (عليه السلام) ليحيى: أسئلك؟ قال: ذلك اليك جعلت فداك، فان عرفت جواب ما تسئلنى عنه والا استفدته منك، فقال له ابوجعفر (عليه السلام): اخبرنى عن رجل نظرالى امرأة في أول النهار، فكان نظره اليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار حلت له، فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما كان وقت العصر حلت له، فلما غربت الشمس حرمت عليه، فلما دخل وقت عشاء الآخرة حلت له، فلما كان انتصاف الليل حرمت عليه فلما طلع الفجر حلت له؟ ما حال هذه المرأة؟ وبماذا حلت له وحرمت عليه؟
فقال له يحيى بن اكثم: والله ما أهتدى إلى جواب هذا السؤال، ولا اعرف الوجه فيه، فان رأيت أن تفيدناه؟
فقال أبوجعفر (عليه السلام): هذه امة لرجل من الناس نظر اليها اجنبى في أول النهار، فكان نظره اليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلت له فلما كان عند الظهر اعتقها فحرمت عليه، فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له فلما كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه، فلما كان وقت العشاء الآخرة كفر عن الظهار فحلت له، فلماكان في نصف الليل طلقها واحدة فحرمت عليه، فلما كان عند الفجر راجعها فحلت له .
قال: فاقبل المأمون على من حضره من أهل بيته فقال لهم: هل فيكم أحد بجيب عن هذه المسألة بمثل هذا الجواب؟ أو يطرف القول فيما تقدم من السؤال؟ قالوا: لا والله ان امير المؤمنين أعلم بما راى، فقال لهم: ويحكم ان أهل هذا البيت خصوا من الخلق بماترون من الفضل، وان صغر السن فيهم لايمنعهم من الكمال، أما علمتم ان رسول الله (صلى عليه وآله وسلم) افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عليه السلام) وهو ابن عشر سنين، وقبل سنه الاسلام وحكم له به ولم يدع أحدا في سنه غيره، وبايع الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما ابنا دون ست سنين، ولم يبايع صبيا غيرهما، فلا تعلمون الآن ما اختص الله به هؤلاء القوم وانهم ذرية بعضها من بعض يجرى لآخرهم ما يجرى لا ولهم؟ قالوا: صدقت يا أمير المؤمنين ؛ ثم نهض القوم فلما كان من الغد حضر الناس وحضر أبوجعفر (عليه السلام)، وصار القواد والحجاب والخاصة والعامة لتهنئة المأمون وأبى جعفر (عليه السلام)، فأخرجت ثلاثة اطباق من الفضة، فيها بنادق مسك وزعفران معجون في أجواف تلك البنادق رقاع مكتوبة بأموال جزيلة، وعطايا سنية و اقطاعات، فأمر المأمون بنثرها على القوم في خاصته، فكان كل من وقع في يده بندقة اخرج الرقعة التى فيها، والتمسه فاطلق له ووضعت البدر فنثر ما فيها على القواد وغيرهم، وانصرف الناس وهم اغنياء بالجوائز والعطايا، وتقدم المأمون بالصدقة على كافة المساكين، ولم يزل مكرما لأبى جعفر (عليه السلام)، معظما لقدره مدة حياته يؤثره على ولده وجماعة أهل بيته.
وقد روى الناس ان ام الفضل كتبت إلى أبيها من المدينة تشكو أبا جعفر (عليه السلام) وتقول :انه يتسرى على ويغيرنى فكتب اليها المأمون: يا بنية انالم نزوجك ابا جعفر (عليه السلام) لنحرم عليه حلالا، فلا تعاودى لذكر ما ذكرت بعدها .
ولما توجه ابوجعفر (عليه السلام) من بغداد منصرفا من عند المأمون، ومعه ام الفضل قاصدا بها المدينة، صار إلى شارع باب الكوفة ومعه الناس يشيعونه، فانتهى إلى دار المسيب عند مغيب الشمس نزل ودخل المسجد، وكان في صحنه نبقة لم تحمل بعد، فدعى بكوز فيه ماء فتوضأ في أصل النبقة وقام (عليه السلام) وصلى بالناس صلاة المغرب، فقرأ في الاولى منها الحمد واذا جاء نصرالله، وقرأ في الثانية الحمد وقل هوالله، وقنت قبل ركوعه فيها، وصلى الثالثة وتشهدو تسلم، ثم جلس هنية يذكر الله جل اسمه وقام من غير أن يعقب فصلى النوافل أربع ركعات، وعقب تعقيبها، وسجد سجدتي الشكر ثم خرج، فلما انتهى إلى النبقة رآها الناس وقد حملت حملا حسنا، فتعجبوا من ذلك وأكلوا منها، فوجدوا نبقا حلوا لاعجم له، وودعوه ومضى من وقته إلى المدينة، فلم يزل بها إلى ان أشخصه المعتصم في اول سنة خمس وعشرين ومأتيين إلى بغداد، فأقام بها حتى توفى في آخر ذي القعدة من هذه السنه فدفن في ظهر جده ابي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|