أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-11
1542
التاريخ: 10-8-2016
2938
التاريخ: 10-8-2016
3395
التاريخ: 16-10-2015
3619
|
لم يكن للإمام الرضا خيار في قبول ولاية العهد ولم يكن بمقدوره أن يجعلها وسيلة لتحقيق أهدافه المقدسة وأن يسكت ويظهر بمظهر الموافق، فلابدّ إذن أن يضع خطة يستطيع من خلالها إحباط مخطّطات المأمون وقد اتخذ الإمام الرضا (عليه السَّلام) مواقف مختلفة لإحباط مخطّطات المأمون ومؤامراته لم يكن قد حسب لها حساباً، وهي :
الموقف الأوّل
إنّ الإمام رفض اقتراح المأمون وهو في المدينة وأصرّ على عدم القبول، ليقول للناس: إنّ المأمون لا يكف عنه، حتى أنّ بعض النصوص التاريخية تشير إلى أنّه قد حمل إلى مرو بالرغم عنه لا باختياره وما اتخاذ هذا الموقف المتصلّب إلاّ ليعلم الجميع بأنّه (عليه السَّلام) لا تنطلي عليه لعبة المأمون وحيلته، وانّه على علم تام بمخططاته وأهدافه الخفية، ومن خلال ذلك استطاع الإمام أن يثير شكوك الناس حول طبيعة هذا الحدث .
الموقف الثاني
إنّه رغم انّ المأمون كان قد طلب من الإمام وهو في المدينة أن يصطحب معه من أحب من أهل بيته في سفره إلى مرو، غير انّ الإمام لم يصطحب معه حتى ولده مع طول مدّة هذا السفر الذي سوف يتقلد فيه زعامة الأُمّة الإسلامية كما يقول المأمون .
الموقف الثالث
وفي محطة نيشابور قرأ الإمام وهو يظهر خلقه النبوي الكريم للعشرات، بل للمئات من الناس الذين جاءوا لاستقباله هذه الرواية : قال اللّه تعالى: كلمة لاإله إلاّاللّه حصني، فمن دخل حصني أمن من عذابي ؛ وقد كتب هذا الحديث في تلك اللحظة ما يقارب العشرين ألفاً من الحاضرين بمجرّد سماعه من لسان الإمام والملفت للنظر انّه (عليه السَّلام) لم يحدّثهم وفي هذا الظرف عن المسائل الفرعية المرتبطة بحياة الناس كالصوم والصلاة ومثيلاتها، كما أنّه لم يلق عليهم موعظة تزهدهم في الدنيا، ومع أنّه كان يتوجه إلى مرو لأمر سياسي لم يحاول أن يستغل الموقف لأهداف شخصية وسياسية، بل كلّم الناس باعتباره القائد الحقيقي ليوجّههم إلى أهمّ مسألة ترتبط بحياتهم الحاضرة والمستقبلية.
نعم حدّثهم الإمام في ذلك الظرف الحسّاس عن التوحيد الذي هو الأساس للحياة الفضلى والذي به تنجو الأُمم من كلّ عناء وشقاء، والذي إذا فقده الإنسان فانّه يفقد كلّ شيء في الحياة مضافاً إلى ذلك وبملاحظة الكلام الذي تكلّم به بعد لحظات أراد الإمام أن يقول: إنّ المجتمع الإسلامي الكبير والناشط في تلك الفترة بعيد كلّ البعد عن التوحيد وبعد إنهاء حديث التوحيد سارت ناقة الإمام في الوقت الذي كانت أنظار الناس مشدودة إليه وهم غارقون في التفكير، أو كانوا يفكّرون بحديث التوحيد تقف الناقة فجأة ويخرج الإمام رأسه من العمارية، فيملي عليهم كلماته الخالدة الأُخرى وبصوت جهوري: بشروطها وأنا من شروطها ولقد أبلغهم الإمام مسألة أساسية أُخرى هي مسألة الولاية التي هي غصن متفرع عن شجرة التوحيد.
نعم هي مسألة بالغة الأهمية بالنسبة لأُمّة تريد أن تحيا الحياة الفضلى، إذ ما دامت مسألة القيادة الحكيمة والعادلة لم تحل فسوف لن تستقر أُمورها، وسوف يبقى الناس تحت نير حكم الظلمة والطواغيت الذين يجعلون لأنفسهم صلاحيات التشريع الخاصة باللّه، وبالحكم بغير ما حكم اللّه يجعلون العالم يعاني الشقاء والبلاء ويعيش في الحيرة والضياع ؛ وإذا ما أدركنا بعمق مدى ارتباط مسألة الولاية بمسألة التوحيد، فلسوف نعرف أنّ قول الإمام: وأنا من شروطها لم تمله عليه مصلحته الخاصة الشخصية، بل أراد أن يوضح أمراً هاماً ورئيسياً، ولهذا ذكر سلسلة سند الرواية وأراد أن يقول: إنّ هذه الرواية هو كلام اللّه الذي سمعه من أبيه وجدّه وأجداده حتى رسول اللّه، وهذا أمر غير مألوف من الأئمّة (عليهم السَّلام) إلاّ في حالات نادرة كهذه التي أراد الإمام فيها أن يربط مسألة القيادة بالمبدأ الأعلى وأن يعرفهم بشجرة الأئمّة المعصومين وتاريخهم، واستغل الإمام الفرصة في نيشابور بشكل جيد لتبيين هذه الحقيقة أمام مئات الآلاف من الناس ليقول لهم: إنّه هو بنفسه حارس حصن التوحيد وحاميها، وبذلك يكون ضيّع أكبر هدف كان يرمى إليه المأمون من إحضار الإمام إلى مرو وهو الحصول على اعتراف بشرعية خلافته وخلافة العباسيين .
الموقف الرابع
مرّت عدّة شهور على الإمام في مرو وهو يتحدّث عن مواقف المأمون السلبية; ورفض كلا عرضي المأمون: عرض الخلافة، وولاية العهد; حتى هدّده المأمون أكثر من مرة بالقتل، و بهذه المواقف يكون الإمام قد مهّد الطريق ليواجه المأمون بالحقيقة حيث صارحه: انّه يريد أن يخبر الناس انّ علي بن موسى لم يزهد في الدنيا وإنّما الدنيا هي التي زهدت فيه، وبذلك يكون قد اتّهم المأمون انّ لعبته لم تنطلي عليه، ولذلك يجب عليه أن يكف عن كلّ مؤامراته ومخططاته في المستقبل، وبالتالي أقلق المأمون بذلك وجعله غير مطمئن لأي عمل يقوم به ، مضافاً إلى أنّه ألقى الشك في قلوب الناس حول المأمون وأعماله وأفعاله.
الموقف الخامس
ولم يكتف الإمام بذلك كلّه، بل كان لا يدع فرصة تمر دون أن يؤكد فيها على أنّ المأمون قد أكرهه على هذا الأمر وهدّده بالقتل إن لم يقبل به، مضافاً لذلك انّه كان يخبر الناس أحياناً انّ المأمون سوف ينكث العهد ويغدر به، حتى لقد كان يصرح بأنّه لا يقتله إلاّ المأمون ولا يسمّه غيره، وقد واجه نفس المأمون بهذا الأمر، ولم يكتف (عليه السَّلام) بمجرّد القول فقد كانت حالته بشكل عام في فترة ولاية العهد تشير إلى عدم رضاه بهذا الأمر وانّه مجبر عليه وواضح انّ كلّ ذلك سوف يؤدّي إلى عكس النتيجة التي كان المأمون يتوقعها من البيعة .
الموقف السادس
كان الإمام (عليه السَّلام) لا يدع فرصة إلاّ ويؤكد فيها على أنّ المأمون لم يمنحه إلاّ ما هو حقّ له، وانّه لم يزد بذلك على أن أرجع الحق إلى أهله بعد أن كانوا قد اغتصبوه منهم، مضافاً لذلك هو إثبات انّ خلافة المأمون ليست صحيحة ولا شرعية .
الموقف السابع
ولقد شرط الإمام على المأمون شروطاً لقبول ولاية العهد وهي: أن لا يولّي أحداً، ولا يعزل أحداً، ولا ينقض رسماً، ولا يغيّر شيئاً ممّا هو قائم، ويكون في الأمر مشيراً من بعيد.
فأجابه المأمون لذلك وقبل كلّ تلك الشروط، وبذلك يكون الإمام قد ضيّع بعضاً من الأهداف على المأمون، لأنّ اتخاذ هذا الموقف لدليل ساطع على :
أ: عدم الاعتراف بشرعية نظام حكمه .
ب: انّ النظام القائم لا يمثل وجهة نظره في الحكم .
ج: انّ المأمون وعلى عكس ما كان يخطط له أصبح غير قادر على أن يتصرف تصرفاً باسم الإمام بعد قبوله لتلك الشروط .
د: انّ الإمام لم يكن على استعداد أن يلبي طلبات المأمون .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|