أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-10-07
270
التاريخ: 22-12-2014
2800
التاريخ: 2024-04-08
929
التاريخ: 2024-01-02
1555
|
يمكن تلمّس ثلاث مجموعات من المنطلقات الرئيسية التي تؤلّف ضرورات المعاصرة القرآنية، هي :
أ- المنطلقات الكلامية : وهي التي صاغها علم الكلام وانتهى فيها إلى أنّ القرآن معجزة دائمة، وحجّة قائمة أبد الدهر، وهو كتاب آخر الأديان ومعجزة خاتم النبيّين، ومن ثمّ وجب أن يكون خالدا على مرّ الدهور والعصور صالحا لكلّ مكان وزمان وإنسان.
ب- المنطلقات النصوصية : بين أيدينا ثروة نصّية هائلة تفيد في مدلولها الأخير أنّ القرآن الكريم حي أبد الدهر، له رسالته التي يؤدّيها في كلّ عصر، منها ما في القرآن نفسه ممّا يدلّ على أنّ هذا الكتاب تبيان لكلّ شيء، وما في الحديث الشريف من قبيل : «إنّ اللّه تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كلّ شيء حتّى واللّه ما ترك اللّه شيئا يحتاج إليه العباد، حتّى لا يستطيع عبد يقول : لو كان هذا انزل في القرآن، إلّا وقد أنزله اللّه فيه» (1)، وكذلك : «كتاب اللّه، وفيه بدء الخلق، وما هو كائن إلى يوم القيامة، وفيه خبر السماء وخبر الأرض» (2)، وكذلك : «بل كلّ شيء في كتاب اللّه وسنّة نبيه» (3)، وأيضا : «كتاب اللّه فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم» (4).
أيضا تلك الأحاديث التي تحثّ على قراءة القرآن والتدبّر فيه والتماس عجائبه وما تطويه أعماقه، من قبيل : «القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه ولا تنقضي غرائبه». وكذلك المأثور الذي يفيد بأنّ من رام علم الأوّلين والآخرين، فليثوّر القرآن. ينضم إلى هذه الحصيلة في الدلالة أحاديث الجري وأنّ آيات القرآن حية لا تموت : «و الآية حية لا تموت، فلو كانت الآية إذا نزلت في الأقوام وماتوا ماتت الآية لمات القرآن، ولكن هي جارية في الباقين كما جرت في الماضين» (5). وكذلك : «إنّ القرآن حي لم يمت، وإنّه يجري كما يجري الليل والنهار، وكما تجري الشمس والقمر، ويجري على آخرنا كما يجري على أوّلنا» (6).
ممّا يلتقي على الدلالة ذاتها أحاديث الظهر والبطن وأنّ لكلّ آية حدّا ومطّلعا، ومن ثمّ فإنّ معانيها في تجدّد وانبثاق دائمين، حتّى ذكروا أنّ لكلّ آية ستّين ألف فهم. وكذلك أحاديث التأويل حيث تحدّثت صراحة أنّ منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد. وأيضا الأحاديث التي تفيد أنّ آيات اللّه خزائن، فهي إذن دائمة العطاء، لكلّ قارئ منها في كلّ عصر نصيب. وهذا هو المعنى الذي يمكن أن نستشفّه أيضا في المأثور الشريف الذي يفيد أنّ كتاب اللّه على أربعة أشياء، على العبارة والإشارة واللطائف والحقائق. فكتاب آياته بهذه المثابة، وهو بهذا الوصف، حري أن يكون كتابا دائما لا ينضب عطاؤه على مرّ الدهور وكرّ العصور.
أخيرا إذا كانت روح المعاصرة وقوامها هي المواكبة الحثيثة للزمن والقدرة على الديمومة والعطاء في كلّ عصر، فإنّ هذه هي صفة القرآن الكريم وخصّيصة من أبرز خصائصه، على ما تنطق به النصوص الكريمة، وأدلّها ما يصف كتاب اللّه بأنّه : «لا يخلق على الأزمنة ، ولا يغث على الألسنة» لماذا ؟ لأنّه : «لم يجعل لزمان دون زمان، بل جعل دليل البرهان وحجّة على كلّ إنسان» (7). وأيضا : إنّ رجلا سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام : ما بال القرآن لا يزداد عند النشر والدرس إلّا غضاضة ؟
فقال : «إنّ اللّه تبارك وتعالى لم يجعل (8) لزمان دون زمان، ولا لناس دون ناس، فهو في كلّ زمان جديد وعند كلّ قوم غض إلى يوم القيامة» (9).
أستبعد أن يبقى لإنسان شكّ في المعاصرة القرآنية، بعد دلالة هذه النصوص عليها مفردة ومجتمعة.
ج- منطلقات الثقافة الحديثة وتحدياتها : تلك التي مرّت علينا في المجموعتين الاولى والثانية، تمثّل بواعث ذاتية أو داخلية للمعاصرة القرآنية. بيد أنّ اللوحة لا تكتمل من دون أن نضيف لها مكوّنا آخر يتمثّل هذه المرّة بما بات يعرف بصدمة الوعي الأوروبي، وما راح يبلوره الفكر الآخر وما تفرزه تياراته ومن تأثّر بها من أبناء المسلمين، من تنظيرات وأفكار ونظريات حيال عصرية القرآن ومعاصرته، يختلط فيها الغثّ بالسمين والخطأ بالصحيح والسطحي بالعميق والدخيل بالأصيل، ممّا يستدعي بأجمعه الجواب عليها بتحديد موقف نقدي من تلك النتاجات يقوم على معرفة واعية وتحليل عميق، ومن ثمّ صياغة نظرية أو نظريات في مفهوم المعاصرة القرآنية تلبّي حاجة الساحة إلى ذلك، بخاصّة مع عدم احتمالها لأي تأخير أو إهمال.
(2)- نفس المصدر : 15/ 16.
(3)- نفس المصدر : 15/ 18.
(4)- نفس المصدر : 15/ 17.
(5)- نفس المصدر 2 : 281/ 15.
(6)- نفس المصدر.
(7)- نفس المصدر 1 : 28/ 2.
(8)- هكذا في المصدر، وربما كان الصحيح هو : يجعله.
(9)- البرهان في تفسير القرآن 1 : 28/ 3.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|