أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2016
2720
التاريخ: 2023-09-14
1646
التاريخ: 13-8-2019
2641
التاريخ: 2023-08-18
941
|
على عتبة الألفية الثالثة، حققت البشرية إنجازات حضارية في مختلف المجالات العلمية والمعرفية وصار الإنسان بقدراته وإمكاناته، سيد البسيطة دون منازع، فقد حقق سيطرته على الخلائق والكائنات بما حباه الله من ذكاء وحنكة، وأصبح العالم كياناً منفتحا ومتصلا متواصلا تحكمه موجبات عولمة فرضت نفسها عليه وصار ملزماً بالخضوع لها.
وأصبحت الشعوب والحضارات متكاملة ومتواصلة، تحمل كل منها ميزاتها وخصائصها لتتلاقى مع الآخرين تفاعاً وتدافعاً. وفي خضم ذلك تبرز قيمة ما قدمته تلك الحضارات للبشرية من منافع وإسهامات وإنجازات في شتى صنوف العلوم والمعارف، وهكذا يحق للعرب المسلمون أن يفخروا بما قدمته حضارتهم من إسهامات في الكثير من المجالات العلمية العقلية والنقلية، حيث كانوا في ردح من الزمن هم حملة شعلة الحضارة الإنسانية وبناتها ومؤسسي قواعدها الثقافية والفكرية، إذ كانت بقية الأمم تعيش في جهالة وإنحطاط وتوحش. على أن الحضارة الإسامية تميزت بقيمها الأخلاقية و قواعدها الإنسانية السمحة وإنفتاحها وشموليتها... لذلك كان تألق العرب المسلمون في مجال علم التاريخ عندما تمكنوا من تحقيق الكثير من الإنجازات فيه، إنطلاقاً من إهتمامهم بتدوين سيرة نبيهم ومن ثم معرفتهم بأحوال الأمم التي سبقتهم وتلك التي ما زالت حاضرة في حياتهم، وكان لا بد لهم من ضبط وتحقيق الأحداث و المرويات ونقدها والتأكد من صحتها، وهذا ما دفعهم لإختراع أساليب وطرق متعددة للتأكد من صحة المنقولات. هذه الأساليب والطرق التي أصبحت قواعد أساسية في علم التاريخ ومن ركائزه الضرورية. بل ويعود للعرب المسلمين أسبقية إعطاء التاريخ صفته العلمية المستقلة بعد أن كان ملحقاً وجزءاً من علوم أخرى...؟ وأبدع العرب المسلمون في تأصيل علم التاريخ وتأسيس قواعده ونظمه وأساليبه وطرقه، بل إنهم ألفوا فيه نفسه مفردين له دراسات وأبحاث تتعلق بكيفيته ومبادئه وأصوله، ومن ثم طوروا أبعاده المعرفية إلى مرحلة متقدمة عندما طرحوا تساؤلات حول كينونته وخلفياته ومؤثراته، بما عرف فيما بعد ( بفلسفة التاريخ)، ما جعلهم في قمة التفوق الحضاري في هذا المجال. وبذلك تكون المحصلة الحضارية في مجال علم التاريخ عند العرب المسلمين إنجازات باهرة ومساهمات عظيمة إعترف بها العالم وأقر بها العلماء والفلاسفة والمفكرون والمؤرخون من كل أنحاء العالم.
ويبدو أن عوامل عديدة ساعدت في تحقيق هذه الإنجازات الحضارية من الناحية العلمية والمعرفية وفي مقدمة ذلك توفر البيئة العامة المناسبة لتحقيق هذه الإنجازات، إذ أن الدافع الرئيسي في ذلك كان الحافز الديني المنطلق من إعتبار ذلك فرض وواجب عندما يكون ضرورة وحاجة لما فيه خير المجتمع والإنسان. وقد بلغ من إهتمام العرب والمسلمين بالعلوم والمعارف حداً جعلهم في مقدمة الأمم التي تصدرت ريادة العالم مثالاً للرقي والتقدم والتطور. وفي علم التاريخ بالذات تنبة العرب المسلمين لأهميته الخطيرة في بناء الحضارة الإنسانية وتسابقوا في إعطائه مكانته الريادية في العلوم الإنسانية والإجتماعية، واستغرقوا في سبر أغواره وإكتشاف مكامنه وأسراره. فألفوا في ذلك المعاجم والدواوين، ووضعوا الكثير من القواعد والأصول لضبطه وتحصينه. ومن ثم التفتوا إلى تحسين أدواته وتهذيب سياقاته وأدركوا عمق أغواره عندما تساءلوا عن أسبابه ومسبباته وتعليل وتفسير أحداثه. ليصل علم التاريخ في حضارتهم إلى أرقى مستوى في مسار حياته منذ الحضارة اليونانية آنفاً. وليتلقف الأوروبيون هذه الإنجازات في نهضتهم و يتابعوا مسيرة تطور هذا العلم النبيل عند كبار المؤرخين المبدعين أمثال فيكو وإشبينغلر وتوينبي وغيرهم. وبهذا الإنتقال الحضاري، خسر العرب المسلمون ريادتهم في علم التاريخ و تخلفوا عن مسيرة كانوا هم من روادها. ففي التاريخ الحديث لم تقم لهم قائمة وغرقوا في لجة الإنغاق والإنحطاط، ولم يبرز منهم من يمكن أن يشكل علامة بارزة حتى عصر النهضة العربي الذي شهد بروز بعض الإشراقات والومضات لبعض من المؤرخين الجادين الذين أعادوا نسبياً، الحضور العربي في مجال علم التاريخ، بعدما حقق هذا العلم إنجازات باهرة على أيدي الأوروبيين فيما عرف ”بالتاريخ الجديد” الذي شكل ثورة في هذا المجال دفع علم التاريخ نحو ريادة العلوم الإنسانية والإجتماعية كافة بما استدركه من توسع مذهل و تعمق ملفت فتح المجالات لإستعدادات ضخمة لإعادة دراسة التاريخ وفق رؤى فلسفية شديدة الحساسية والخطورة لحاضر ومستقبل البشرية جمعاء، وخصوصاً مع تنامي العولمة وإنتشار وسائل الإتصال والتواصل في العالم.
لقد أدركت الحضارة الغربية أهمية وخطورة التاريخ فجعلته في أول سلم إهتماماتها فيما تخلى العرب المسلمون عن إدراكهم لذلك، وتراجع الإهتمام به وأصبح مجرد معرفة ماضية لا علاقة لها بالواقع، فيما هو الآن”: أهم محصول أنتجته كيمياء الفكر” على حد قول بول فاليري، ولأنهم عرفوا قيمته تمكنوا من سيادة العالم والتحكم به... وهكذا، إن لم ندرك أهمية وخطورة وقيمة دراسة التاريخ في حياتنا سنبقى في حال ضعف وتراجع وضياع. إذ إن التاريخ لم يعد مجرد روايات و تراث وماضي... إنه إدراك للحاضر و تشوف للمستقبل، فإن أحسنا التعامل معه للإستفادة من تجاربه وتفسير ظواهره وفهم نواميسه... قد نخرج من شرنقة التخلف والفوضى ونستدرك تاريخنا الزاخر بالإنجازات والمكرمات يوم كنا نصنعه ونفعل فيه ونتفاعل... ونستعيد بذلك حقوقنا فيه بإعتبار أننا من جعلناه علماً راقيا نبيا وكنا من رواده ومؤسسيه، لكن ذلك يستوجب إيجاد نفس البيئة والظروف والمناخ الذي أثمر تلك الفتوحات العلمية الباهرة... نهضة أساسها قيم الإسام العظيم التي صنعت المعجزات، فهل إلى مرد من سبيل...؟
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|