المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6235 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



أبو الفرج محمد بن أبي يعقوب إسحاق  
  
2282   11:42 صباحاً   التاريخ: 18-8-2020
المؤلف : السيد حسن الأمين
الكتاب أو المصدر : مستدركات أعيان الشيعة
الجزء والصفحة : ج 1 - ص 174
القسم : الحديث والرجال والتراجم / علماء القرن الثالث عشر الهجري /

أبو الفرج محمد بن أبي يعقوب إسحاق بن محمد بن إسحاق المعروف ب‍ (ابن النديم) أو النديم صاحب كتاب (الفهرست) كتاب الفهرست لابن النديم، هو أشهر وأقدم وأشمل الفهارس في معرفة العلوم الإسلامية في القرون الإسلامية الأولى.

ثم تأليف الكتاب في عصر ازدهار الثقافة والحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري في مركز الخلافة الإسلامية في بغداد.

سجل فيه أسماء الكثير من الكتب العلمية لأربعة قرون وجاء فيه أسماء الكثير من العلماء في مختلف التصانيف الإسلامية من العلوم والفنون الدينية وغير الدينية.

أن أهمية هذا الكتاب بلغت إلى الحد الذي إذا تجاهلناه وحذفناه من قائمة التصانيف الإسلامية، فإن ثغرة كبيرة وخسارة لا تعوض قد تحدث في ميدان الثقافة الإسلامية وأن علقاتنا تنقطع عن أكبر قسم من الثقافة والعلوم الإسلامية في القرون الإسلامية الأولى. كما أن تاريخ حياة شخصية شهيرة كجابر بن حيان ومؤلفاته الثمينة استخرجت من هذا الكتاب.
نظرة إجمالية على أبواب وفصول وفهرست هذا الكتاب، تؤكد لنا شمول وتوسع فحواه. ولا شك أن معلوماتنا وفهمنا للقسم الأكبر من هذه المحتويات تقتصر على هذا الكتاب.
من أبرز خصائص هذا الكتاب، بعد نظر مؤلفه وعدم انحيازه ثقافته حيث كان له بعد نظر واسع بالنسبة لجميع المذاهب والفرق الإسلامية كما كانت له علاقات وثيقة مع علماء المذاهب المختلفة، بادر بتعريف آثار كل مذهب من كتب المعتزلة وأهل الحديث، أهل السنة والشيعة. كما لم تقتصر نظرته على العلوم الدينية والكتب المذهبية بل بذل اهتمامه على جميع الفنون والعلوم كالموسيقى والغناء ومشاهير المغنين وأصحاب العلوم الغريبة.

من أساتذته:

أبو الفرج الأصفهاني صاحب كتاب الأغاني المعروف حيث يروي عنه بين حين وآخر. وأن بعد نظر ابن النديم جعلت الغربيين وعلماء عصرنا الحاضر يبدون اهتماما بالغا لكتابه الفهرست.
يبدو أن ابن النديم صنف هذا الكتاب لأحد الرجال حيث يقول في بداية الكتاب: " النفوس (أطال الله بقاء السيد الفاضل) تشرئب إلى النتائج... " ويقول في الصفحة 92: " ونسأل الله البقاء لمن صنفنا له ولنا في عافية وأمن وكفاية... ".
إن بحثنا هنا ليس حول أصل الكتاب وأهميته حيث يتطلب هذا الأمر كتابا منفصلا لمعرفة أهميته. إن دراستنا وبحثنا الرئيسي هو حول أسرة ابن النديم ومعرفة أصله ونسبه. وهذا الأمر مهم من ناحيتين:

الأول :

هو أن مثل هذا العبقري الفاضل الذي كان ولا شك من أهالي بغداد لم تعرف أسرته بعد وهل هو عربي أو إيراني الأصل أو من عنصر آخر.
وفي أية أسرة ترعرع وفي أية ظروف عاش بحيث تمكن أن يكسب مثل هذه المعلومات الغزيرة؟

والثاني :

هو أنه حتى يومنا هذا فإن جميع كتب الفهارس والرجال تسميه " ابن النديم ". كما في فهرست الشيخ الطوسي (385 - 460) وهو أقدم مأخذ يشير إلى ابن النديم وكتابه الفهرست وينقل عنه. كذلك المصادر والمآخذ الأخرى إلى يومنا هذا.

إلا أن (السيد تجدد) الذي بادر قبل سنين إلى تصحيح هذا الكتاب وطبعه وحظي باهتمام الفضلاء في داخل البلاد وخارجها واستنادا إلى بعض النسخ التي تشير إليه ب‍ (محمد بن إسحاق النديم) أو (النديم). حيث بدل عنوان (ابن النديم) المعروف منذ القدم إلى (النديم) حتى إن الزركلي في الطبعة الجديدة من الأعلام (ج 6 ص 29) أشار إلى هذا القول وكتب في ذيل الكتاب: أقول: إن صاحب الترجمة اشتهر ب‍ (ابن النديم) ولكن (رضا تجدد) في الطبعة الجديدة ل‍ (الفهرست) التي صدرت في طهران في شعبان سنة 1391 ه‍ يشير على أنه (النديم) وليس (ابن النديم) ونشر الصفحة الأولى للمخطوطة النادرة والثمينة الموجودة في مكتبة (چستربتي) حيث ذكر اسم الكتاب فيه هكذا " الفهرست للنديم " وفي الهامش الأيمن وبخط المؤرخ " أحمد بن علي المقريزي " جاءت هذه العبارة " مؤلف هذا الكتاب أبو الفرج محمد بن أبي يعقوب إسحاق بن محمد بن إسحاق الوراق المعروف بالنديم ".
ويبدو أن الزركلي قد اقتنع إلى حد ما بأن صاحب الفهرست هو " النديم " لا " ابن النديم ". ولقد كنت منذ البداية في شك من قبول وجهة نظر السيد تجدد، ودهشت عندما علمت أن بعضهم قبل هذه النظرية فورا بدون أي تحقيق واستعملوا في مقالاتهم وكتاباتهم كلمة (النديم) وتخلوا عن استعمال (ابن النديم) الذي اشتهر بها صاحب الفهرست طوال ألف سنة. ولكن رويدا رويدا تبادر إلى ذهني بعض الأسئلة مما حملني على القيام بالتحقيق في ذلك وما أكتبه الآن هو نتيجة هذا التحقيق: طبعا ليس المهم أن يكون اسم صاحب الفهرست " النديم " أو " ابن النديم " حيث لا يحل أية مشكلة ولكن معرفة ابن النديم وعائلته تجرنا إلى طريق جديد، لنقوم من خلاله إلى إيضاح سبب تسميته ب‍ (ابن النديم) أو (النديم) أو بالاثنين.
أما الأسئلة التي تبادرت إلى ذهني فهي:
1 - سابق كلمة (النديم) في التاريخ الإسلامي وعلى من كانت تطلق كلمة (النديم)؟
2 - إذا كان (ابن النديم) نفسه يحمل هذا المنصب، فنديم من من الخلفاء أو الوزراء كان ولماذا لم يذكر ذلك في كتابه الفهرست.
3 - إذا لم يكن هو نفسه (نديما) إذا فإن آباءه كان لهم هذا المنصب حتما، فأي واحد من آبائه وأجداده اشتهر بهذا القلب بحيث بقيت هذه الكلمة في أسرتهم وكان يسمى أفرادها ب‍ (ابن النديم) أو (النديم)؟
4 - هل سجلت أنساب ابن النديم صاحب الفهرست في مكان ما، أم لا؟
5 - إذا كانت هذه السلسلة من الأنساب موجودة فلماذا لم يشر إليها ابن النديم، حيث كان هو من أهالي مدينة بغداد وكما يبدو من كتاب الفهرست أنه كان يعرف الأسر المعروفة وكان على صلة وصداقة مع الكثير من الرجال المعروفين خاصة رجال العلم والأدب والقن وزعماء المذاهب الإسلامية.
6 - وأخيرا هل إن (ابن النديم) عربي أم إيراني ولماذا يتهمه أهل السنة بأنه شيعي.؟
موضوع البحث نبدأ دراستنا حول اسم آباء ابن النديم الذي جاء في المآخذ والمصادر المختلفة.
يقول الزركلي هكذا:
" محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق، أبو الفرج بن أبي يعقوب النديم ".
وجاء في معجم المؤلفين تحت عنوان " محمد النديم " هكذا، " محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق النديم الوراق البغدادي أبو الفرج... " وذكر هذه العبارة أيضا المقريزي نقلا عن ذيل مخطوطة " الفهرست " كما أشرنا إلى ذلك سابقا. ولا شك أن مصدر هذا النسب هو كتاب الفهرست لابن النديم حيث ذكر ترجمة الطبري (224 - 310): " قال لي أبي إسحاق بن محمد بن إسحاق أخبرني الثقة أنه رأى أبا جعفر الطبري بمصر يقرأ عليه شعر الطرماح أو الحطيئة - الشك مني.. " كذلك جاء في الفهرست كنية أبيه ومهنته! " قال محمد بن إسحاق النديم المعروف بابن أبي يعقوب الوراق... " نستنتج من هذا أن ابن النديم كان معروفا في عصره ب‍ " ابن أبي يعقوب الوراق... كما سنقول فيما بعد أن والده كان معروفا باسم أبي يعقوب الوراق ".
والآن يجب أن نبحث عن أسرة توجد فيها بعض هذه الأسماء " محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق " مع لقب (النديم) أو (ابن النديم). يوجد في القرنين الهجريين الثاني والثالث رجل باسم " إسحاق بن إبراهيم بن ميمون التميمي الموصلي أبو محمد ابن النديم " يقول الزركلي عنه " أنه من أشهر ندماء الخلفاء تفرد بصنعة الغناء وكان عالما باللغة والموسيقي والتاريخ وعلوم الدين وعلم الكلام راويا للشعر، حافظا للأخبار، شاعرا وله تصانيف، نادم الرشيد والمأمون والواثق العباسيين ". ذكر ياقوت الحموي نبذة من تاريخ حياته وأشاد بمعلوماته كما أشاد بتفرده بصناعة الغناء لكن يقول: " وكان أكره الناس للغناء ". وكان يفضل أن يكون فقيها وطلب من المأمون الخليفة العباسي أن يحسبه ضمن الأدباء فقبل المأمون ذلك ثم طلب أن يرتدي الملابس السوداء في يوم الجمعة ويقف معه في المقصورة للصلاة ولكن المأمون رفض ذلك. وكان المأمون يقول " لو لم يكن إسحاق معروفا بالغناء لكنت جعلته قاضيا ".
تعلم إسحاق الحديث من مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وبقية علماء العراق والحجاز.
على أي حال، بات يقينا أن إسحاق كان من أكبر المغنين وعالما بالموسيقى في عصره بعد أبيه وقد ورث هذا الفن عن والده إبراهيم الموصلي كما جاء في كتاب الأغاني ومعجم الأدباء. ويقول الذهبي تحت عنوان " إسحاق النديم "، الإمام العلاقة الحافظ ذو الفنون، أبو محمد إسحاق بن إبراهيم بن ميمون  التميمي الموصلي، الأخباري صاحب الموسيقي والشعر... جاء في كتاب الأغاني والمآخذ والمصادر الأخرى حول والد إسحاق " إبراهيم بن ميمون " أنه كان أكبر المغنين في عصره وكان يغني لعدد من الخلفاء العباسيين، " المهدي والهادي والرشيد " وينقلون عنه قصصا كثيره ويقولون عنه أنه: " إبراهيم بن ماهان بن بهمن بن نسك التميمي بالولاء، الأرجاني الأصل " وجاء هذا الذكر في كتاب الأغاني بالتفصيل بأنه كان من أهالي أرجان وولد في الكوفة وتيتم ثم ذهب في طفولته إلى البصرة وتعلم الموسيقي فيها ثم سمى نفسه فيما بعد إبراهيم بن ميمون (بدلا من ماهان) كان قد اشتهر بالموصلي. حيث قضى فترة من الزمن في الموصل. ولما كان من موالي بني تميم سمي بالتميمي. ويبدو أن هذه الأسرة كانت قد عرفت " بالموصلي " مدة من الزمن. يقول ابن الجوزي:
" إسحاق بن إبراهيم بن ميمون أبو محمد التميمي المعروف والده بالموصلي " وسمي إسحاق نفسه في الكتب مرارا ب‍ " إسحاق الموصلي " وكان والده يكنى ب‍ (أبو إسحاق).
النديم أو ابن النديم في الوقت الذي كان إسحاق بن إبراهيم وعائلته معروفين ب‍ " الموصلي " وخاصة إبراهيم الذي كان قد اشتهر ب‍ (الموصلي) إلا أنهم كانوا يعرفون ب‍ " النديم " كما أشرنا سابقا فإن الذهبي قد سماه " إسحاق النديم " إلا أنه يقول في الترجمة:
" إسحاق بن إبراهيم بن ميمون، أبو محمد التميمي الموصلي، ابن النديم " ويقول ياقوت " وأما كتاب الأغاني الكبير فقال محمد بن إسحاق النديم قرأت... " جاء في معجم المؤلفين عن إسحاق بن إبراهيم: " إسحاق النديم " (150 - 235) وبعد أن يذكر نسبه يقول: " المعروف بابن النديم ".
إذا ففي ثلاثة مصادر ومآخذ أي " سير أعلام النبلاء، معجم الأدباء "، ومعجم المؤلفين " نرى أن إسحاق بن إبراهيم سمي تارة بن " النديم " وتارة أخرى ب‍ " ابن النديم ". وسبب هذا الاختلاف هو أن إسحاق ووالده إبراهيم كانا " نديمين للخلفاء "، حيث كان إبراهيم نديما للمهدي والهادي والرشيد، وكذلك نديما ليحيى البرمكي وربما لم يكن معروفا ب‍ " النديم " وأن لقبه كان " الموصلي " و " المغني ".
أما ابنه إسحاق. كان وكما ذكرنا آنفا نديما لثلاثة من الخلفاء هم " الرشيد والمأمون والواثق " وأن الوالد والولد كانا نديمين لخمسة من الخلفاء العباسيين.
توفي إسحاق في بغداد في سنة 235 في مستهل خلافة المتوكل ولما بلغ نبأ وفاته إلى المتوكل حزن من ذلك ولما أبلغوه بعد ذلك بنبأ وفاة أحمد بن عيسى بن زيد بن علي قال هذان الحادثان عوض بعضهما البعض حيث كان يخاف من ثورة أحمد.
إذا فإن لقب " النديم وابن النديم " في عائلة إسحاق بن إبراهيم كانتا موجودتين بعد " الموصلي " والمغني بالنسبة له ولوالده إبراهيم.
يقول الزركلي عن " إسحاق بن إبراهيم ": " ابن النديم الموصلي.. أبو محمد ابن النديم " ولكي نتأكد ونتيقن عن " النديم " في لقب إسحاق يكفي أن نعلم أن ابن بسام الشاعر وكذلك محمد بن يحيى الصولي.. صنفا كتاب " أخبار إسحاق النديم " كما أن إسحاق وولده حماد صنفا كتاب " أخبار الندامى " يدلان على ارتباط هؤلاء بهما.
عنوان النديم الندامة والمنادمة عبارة عن المؤانسة والمعاشرة الطيبة حيث أن أكثر الخلفاء والأمراء والوزراء بسبب كثرة انشغالهم وتعبهم أو مرحهم بحاجة إلى مثل هؤلاء وذلك لكل واحد منهم ندماء.

وخير مصدر لهذا الفن، هو كتاب الفهرست لابن النديم الذي يقول " الفن الثالث من المقالة الثالثة من كتاب الفهرست، ويحتوي على أخبار الندماء والجلساء، والأدباء والمغنين، والصفادمة، والصناعة وأسماء كتبهم ".
من هذه العناوين يمكن أن ندرك جيدا أن ندماء الخلفاء كانوا من أي من الرجال وماذا كانت فنونهم، كانوا رجال شعر وأدب ومؤانسة وغناء لكي يتمكنوا من إرضاء مجالس أصحابهم ويفرحون قلوبهم. إن الندماء كانوا على الأكثر يجيدون كل هذه الفنون بما في ذلك علمهم بالأنباء والأحداث الماضية، قالوا عن إسحاق " كان حسن المعرفة حلو النادرة مليح المحاضرة " الغريب أن ابن النديم يبدأ هذا القسم بأخبار إسحاق بن إبراهيم الموصلي ووالده ويقول: ولد إبراهيم في سنة 120 وتوفي ببغداد في سنة 188 ثم يذكر نسبه كما أشرنا إليه سابقا ثم يذكر أن إسحاق ولد سنة 150 وتوفي سنة 235 وهو في الخامسة والثمانين من عمره.

ويقول في ترتيب نسب إبراهيم بن ماهان بن بهمن بن نسك: " أصله من فارس. خرج (يعني ماهان) هاربا منها من جور بني أمية في خراج كان عليه، فأتى الكوفة.. ".
في كتب الأغاني ج 5 ص 154 يقول عن لسان إسحاق بن إبراهيم أنه قال: أصلنا من فارس من عائلة شريفة. جدنا ميمون هرب من جور أحد رجال بني أمية فأتى الكوفة في بني عبد الله بن دارم (من بني تميم).

وكانت والدة إبراهيم امرأة من الهاربات من فارس اللاتي أتين الكوفة مع ميمون وأن (ماهان) ميمون تزوجها وأنجبت له إبراهيم ولكن ميمون توفي بمرض الطاعون أو الوباء وترك إبراهيم يتيما وكان ميلاد إبراهيم سنة 125 في الكوفة وكان عند وفاة والده طفلا في الثانية أو الثالثة من العمر وبقي هناك حتى شبابه وتعلم فيها مع أولاد خزيمة بن حازم ولهذا كان مخلصا لبني تميم (ص 155).

وفي الكوفة صادق الشطار وانحاز إلى الغناء. شدد أخواله الحال عليه فذهب إلى الموصل فتعلم الغناء هناك على أيدي بعض الشطار ولما عاد إلى الكوفة رحب به أصدقاؤه القدامى وقالوا له " مرحبا بالمغني الموصلي " وهذا كان السبب في ذيوع صيته ب‍ " الموصلي " ص 158.

ثم ذهب إلى الري وتعلم فيها الموسيقي الفارسية والعربية وتزوج فيها مع والدة إسحاق (شاهك).. بدأ الغناء في الري وسافر إلى (الأبلة) إحدى قرى البصرة للاستزادة من فنه وفي البصرة التحق بمحمد بن سليمان بن علي وبعدها أخذه أحد رجال المهدي العباسي إلى هذا الخليفة وحظي باهتمام الخليفة. ص 159. يذكر ابن النديم.
أحوال إسحاق وإبراهيم في عدة صفحات ولكنه ينفي انتساب كتاب " الأغاني الكبير " إلى إسحاق، ثم يذكر أحوال " حماد بن إسحاق " الذي كان يشارك والده في الغناء. وهناك في المآخذ والمصادر الأخرى منها " الأغاني ج 5 " روايات كثيرة منقولة من حماد عن والده إسحاق. في عائلة " الموصلي " إضافة إلى إبراهيم وإسحاق فإن " طياب " شقيق إسحاق و " حماد " ابنه كانا هاويين للموسيقى ولكنهما لم يبلغا ما بلغه إبراهيم وإسحاق. والغريب أن ابن النديم يشير في الفن الثالث الذي يحتوي على أخبار الندماء إلى هذه العائلة ولكن لا يشيد بإسحاق وإبراهيم ولا يصفها ب‍ (النديم أو ابن النديم) ويصفهما ب‍ " الموصلي ". في حين أن المصادر الأخرى كما ذكرنا يذكرانهما ب‍ " النديم وابن النديم " وسنشرح ذلك فيما بعد.
صلة ابن النديم مع هذه الأسرة يجب أن نعرف أربعة أشخاص: محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق:
يعني محمدين اثنين وإسحاقين اثنين، المحمد الأول هو صاحب الفهرست، والإسحاق الأول هو والده وقلنا أنه اشتهر ب‍ " أبي يعقوب الوراق " ولا شك   أن مهنته كانت الوراقة (بائع الكتب وكاتب الكتب) ونقلا عن ابن النديم الذي قال أن والدي نقل عن الثقة أنه رأى الطبري بمصر، تستنتج أن والده كان رجل علم ومعرفة وهذا الأمر من ضروريات مهنة الوراق. إذا عرفنا " إسحاق الأول. وهو والد محمد، رغم أننا لا نعرف تاريخ ولادته ووفاته لكن ما لا شك فيه أنه كان رجلا معروفا اشتهر ب‍ " أبي يعقوب الوراق ". كما أن ابنه كان قد اشتهر ب‍ " ابن أبي يعقوب الوراق ". والظاهر أن مهنته هو أيضا أنه كان " وراقا " لكن لا يوجد نص قاطع بهذا الشأن إلا أن معلوماته الواسعة حول الكتب والمؤلفين والمصنفين وكذلك معرفته للكثير من العلماء المعاصرين لزمانه في مختلف الفنون وصداقته ومجالسته مع الكثير منهم، نظرا لمهنة والده، فإن الشك يتبدل إلى اليقين بأنه كان " وراقا " أيضا وورث هذه المهنة كبقية الكمالات والمعلومات من والده. إن حصوله على المخطوطات ومصنفات العلماء كالطبري والآخرين الذين يشير إليهم بين حين وآخر في كتابه الفهرست يؤيد هذه النظرية. كما وأن رابطته مع الوراقين يؤيد هذا الأمر أيضا حيث يقول: " وقال جماعة من أهل العلم وأكابر الوراقين " وذكر في الصفحة 10 من الفهرست أسماء عدد من الوراقين الذين كانوا يكتبون المصحف.

إلى هنا عرفنا بواسطة صاحب الفهرست اثنين منهم وهما نفسه ووالده. كما عرفنا فيما مضى من أجدادهما، اثنين أي " إسحاق وإبراهيم النديم ". يبقى واحد من هذه السلسلة ليربط " إسحاق بن إبراهيم " بهذين الشخصين وهما صاحب الفهرست ووالده. إن الحلقة المفقودة هو " محمد بن إسحاق " جد صاحب الفهرست وابن " إسحاق بن إبراهيم "، فهل من سبيل للتعرف على محمد بن إسحاق بن إبراهيم النديم؟
نعم. بالإمكان إعطاء معلومات عنه من خلال الوثائق الموجودة، كما يلي:
أولا :

أن كنية إسحاق بن إبراهيم جاءت في الكثير من المآخذ " أبو محمد "، يقول الذهبي: " أبو محمد إسحاق بن إبراهيم النديم ولد سنة بضع وخمسين ومائة " وفي الأغاني: " حدثني أبو محمد إسحاق بن إبراهيم عن أبيه... " والزركلي: " هو إسحاق بن إبراهيم بن ميمون التميمي الموصلي أبو محمد بن النديم " يقول ابن الجوزي: " أبو محمد التميمي " ويروي ياقوت أن المأمون كان يخاطب إسحاق ويقول له يا أبا محمد. ويقول الخطيب البغدادي: " إسحاق بن إبراهيم بن ميمون أبو محمد التميمي الموصلي صاحب الأغاني المعروف والده بالموصلي... ".
ويروي أيضا: " قلت يا أبا محمد " وكذلك في الكثير من المآخذ والمصادر الأخرى. وعادة ينتخبون كنية الرجل من اسم ابنه الأول. إذا كان لإسحاق بن إبراهيم ولد اسمه محمد وكان أكبر أولاده. ولكن لم يذكر في قائمة أولاده. يقول ياقوت إن أسماء أبنائه هم: " حميد وحماد وأحمد وحامد وإبراهيم وفضل " ولكن لم يذكر اسم محمد وهو ابنه الأكبر (. ولا شك أن الذي كان مقيدا أن يختار لأولاده أسماء (أحمد وحامد وحميد وحماد) وهي أسماء مشتقة عن اسم الرسول الأكرم كان المفروض أن يختار اسم محمد لأحد أبنائه، إذا كان لإسحاق ولد يسمى محمدا.

ثانيا:

ذكر الذهبي ضمن وفيات سنة (340): " محمد بن إسحاق بن إبراهيم أبو تراب الموصلي من ساكني هرات، حدث بها عن عمير بن مرداس النهاوندي، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازي، وعلي بن محمد بن عيسى الماليني وعنه " أبو منصور محمد بن محمد الأزدي " ويقول مصحح الكتاب في الهامش: " لم أجده بل ذكر السمعاني أباه إسحاق بن إبراهيم الموصلي ". وذكر الذهبي أيضا: " محمد بن إسحاق بن إبراهيم القرشي الهروي وعنه القاضي أبو منصور محمد بن محمد الأزدي. ويبدو أن هذين الاسمين لرجل واحد والظاهر أنه لم يكن من أهل هرات بل حسب ما يقول الذهبي كان يقيم في هرات وكان من العلماء والمحدثين. ولكن هناك نقطة تقلل من أن يكون " محمد بن إسحاق " ابنا لإسحاق بن إبراهيم الموصلي وهو أنه يجب أن يكون من وفيات الأعوام 270 أو 280 أو على الأكثر 300 ه‍ بينما يذكر الذهبي أنه من وفيات سنة 340. والآن إذا كان احتمالنا صحيحا فيجب القول إن " محمد بن إسحاق " كان كأبيه مشمئزا من صفة المغني ولهذا فقد غادر بغداد متوجها إلى هرات كي لا يعرفه أحد هناك بهذه الصفة وهذه المهنة.
على أي حال نحن لا نعلم عنه أكثر من هذا عدا أن المحشي يعتقد أيضا أنه ابن إسحاق بن إبراهيم الموصلي.
والآن يمكننا القول إن محمد بن إسحاق غادر بغداد مبكرا وتوجه إلى هرات إلا أنه احتفظ باسم أبيه وجده ولقب الموصلي ولهذا السبب قد يكون قد ذهب عن الأذهان في بغداد ولم يذكر ضمن أبناء إسحاق. ويجب أن نستمر في التحقيق في هذا الأمر للحصول على المزيد من المعلومات والتأكيدات. ومن هذه التأكيدات أن ابن الجوزي يقول: إبراهيم بن محمد أبو إسحاق التميمي قاضي البصرة أشخصه المتوكل إلى بغداد لتولية القضاء " حيث من المحتمل أن يكون ابن محمد هذا وشقيق (إسحاق) والد صاحب الفهرست وسمى ابنه إسحاقا على تسمية جده " إسحاق بن إبراهيم ".

ثالثا:

كذلك من المؤكد أن ابن النديم ذكر مرارا في الفهرست عن خط إسحاق بن إبراهيم الذي يحتمل أنه كان في أسرتهم. وهذا لا يعتبر دليلا حيث إنه نقل عن خطوط علماء آخرين أيضا.
سؤال هنا سؤال، هل إن ابن النديم كان يعرف نسبه إلى إسحاق بن إبراهيم الموصلي، المغني، النديم، أم لا؟ يبدو أنه لم يكن يعلم حيث إنه بعد ذهاب جده محمد من بغداد، فإن سلسلة الانتساب قد زالت بن الأسرة ورغم أنه ذكر اسم الأجداد إلا أنه لم يكن يعرف انطباقهم على ما ندعيه نحن، إن هذا الاحتمال متوقع من ابن النديم الذي لم يكن يعلم أن " المسعودي المؤرخ " المعاصر له بغدادي. إن المسعودي ينشد في كتابه مروج الذهب ج 1 ص 334 أشعارا تحت عنوان " الحنين إلى الأوطان " بعد أن غاب من بغداد عدة أعوام.
ويقول ابن النديم في ص 171 من الفهرست حول المسعودي: " هذا رجل من أهل المغرب و... " طبعا كان المسعودي قد قضى السنوات الأخيرة من حياته في مصر والدول الأخرى ولكن كيف تجاهل ابن النديم، بغداديته.
إن مثل هذه الأدلة التي تدل علي قلة معلومات ابن النديم كثيرة في الفهرست، الحقيقة هي أنه كان ذا فنون كثيرة ولكنه لم يكن متبحرا في فن التاريخ والرجال. أنه يشير إلى كتاب مروج الذهب ولكنه لم يقرأه لكي يعرف أن مؤلفه بغدادي مثله.
الاحتمال الآخر هو أن ذكر مثل هذا النسب والإشارة إلى أجداد كانوا مغنين وندماء وقد كان هذا العنوان سيئا إلى حد أن إسحاق بن إبراهيم نفسه كان يكرهه كما أشرنا سابقا وقد طلب من المأمون أن يحسبه ضمن الفقهاء، إن ذكر مثل هذا النسب لم يكن لابن النديم. وربما لهذا السبب لم يحترف مهنة الغناء في هذه العائلة عدا حماد بن إسحاق بن إبراهيم وأخيه طياب وربما لهذا السبب أيضا غادر محمد بن إسحاق جد صاحب الفهرست مدينة بغداد إلى هرات ليعمل في الفقه والحديث. وربما لهذا السبب لم يستخدم ابن النديم في الفهرست عنوان (النديم) لإسحاق وإبراهيم، كي يضيع هذا الانتساب ولا ينسب أحد من أسرته التي اشتهرت ب‍ (النديم) إلى إسحاق بن إبراهيم الموصلي المغني وهذا هو الموضوع الذي وعدنا قبلا أن نشرحه، أن  هذين الاحتمالين ممكنان.
فيما يلي أسماء بعض الرجال الذين قد يمكن أن يكونوا من هذه العائلة:
1 - إبراهيم بن محمد أبو إسحاق التميمي قاضي البصرة. الذي أشرنا إليه من قبل وهو شقيق إسحاق واحد صاحب الفهرست.
2 - إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم التميمي وهو ابن إسحاق بن إبراهيم.
3 - أحمد بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الموصلي المعروف ب‍ (وسواسة) وهو يروي عن والده وجده عن مخارق تلميذ إبراهيم الموصلي. أما حماد والفضل وطيآب وإبراهيم أبناء إسحاق بن إبراهيم فقد جاءت أسماؤهم مرارا في الأغاني والمصادر والمآخذ الأخرى.
النتيجة أن محمد بن إسحاق صاحب الفهرست هو من ذرية إسحاق بن إبراهيم الموصلي المغني النديم وهو لا يدري أو لم يكن يريد أن ينتسب إليه. إن أسرته كانت معروفة في بغداد وقد اشتهرت باسم (النديم أو بن النديم) وبسبب أن محمد بن إسحاق جد صاحب الفهرست كان قد ذهب من بغداد فإن سلسلة الذرية قد انقطعت ولكن اسم الأجداد بقي في سلسلة الذرية.
هل ابن النديم إيراني الأصل؟
الآن إذا كانت استطاعاتنا عن أسرة ابن النديم صاحب الفهرست صحيحة فإنه يمكن أن يستنتج منها أنه كان إيراني الأصل مثل جده إبراهيم الذي كان يغني بالفارسية والعربية.
لقد قومنا ما كان عندنا من معلومات والآن على المحققين أن يتابعوا البحث للوصول إلى النتيجة القاطعة.

محمد بن إدريس الحلي ذكر في المجلد التاسع الصفحة 120 ونزيد هنا ما ترجمه به صاحب كتاب (تاريخ الحلة) قال:
كان أصوليا بحتا ومجتهدا صرفا، له اثر كبير في تاريخ الفقه الشيعي، فقد ثار في وجه السائد بين فقهاء عصره من العمل بخبر الآحاد، وفتح باب الطعن على الشيخ أبي جعفر الطوسي جده من قبل الام، وندد بأقواله، وأبدى من الجرأة الفكرية تجاه فقهاء عصره امرا عجيبا فتعرض بذلك لسهام نقدهم، ولم يثنه كل ذلك عن عزمه، وكان يقصد من تلك المناوأة فتح باب الاجتهاد، فقد كاد أن يقضى على روح الاجتهاد ولم يبق منه الا رمق. فإن الفقهاء من بعد عصر الشيخ الطوسي كاد أن يتلاشى منهم روح الاستنباط والاجتهاد والتفريع، ذلك لاعتقادهم بالشيخ الطوسي وحسن ظنهم به.

تأمل ما قاله السيد رضي الدين بن طاووس في كتابه (البهجة لثمرة المهجة) قال: " أخبرني جدي الصالح ورام بن أبي فراس ان سديد الدين محمودا الحمصي حدثه أنه لم يبق للامامية مفت على التحقيق، بل كلهم حاك. ثم قال السيد عقيب هذا الكلام: فقد ظهر لك الآن ان الذي يفتى به ويجاب على سبيل ما حفظ ".
وقد أكثر فقهاء عصر ابن إدريس ومن تأخر عنهم الطعن في أقواله، وممن طعن فيه سديد الدين الحمصي، قال فيه: أنه مخلط لا يعتمد على تصنيفه  والمحقق الحلي، والعلامة الحلي ويعبر عنه في بعض مصنفاته بالشاب المترف. 

قال فيه صاحب أمل الآمل: " وقد اثنى عليه المتأخرون، وعلى كتابه السرائر، وعلى ما رواه في آخره من كتب المتقدمين وأصولهم ". وقال فيه الحسن بن داود الحلي في كتابه الرجال: أنه كان شيخ الفقهاء بالحلة، متقنا للعلوم كثير التصانيف لكنه اعرض عن اخبار أهل البيت بالكلية.
وقال فيه صاحب لؤلؤة البحرين: " هو أول من فتح باب الطعن على الشيخ الطوسي، والا فكل من كان في عصر الشيخ أو من بعده انما كان يحذو حذوه غالبا إلى أن انتهت النوبة إليه ".
يروي ابن إدريس عن عربي بن مسافر والحسن بن رطبة السوراوي وأبي المكارم حمزة الحسيني، ويروي بالواسطة عن خاله أبي علي ابن الشيخ أبي جعفر الطوسي، وعن أم أمه بنت مسعود بن ورام، وكانت امرأة صالحة فاضلة مجازة بالرواية.
ثم يقول صاحب " تاريخ الحلة ": ذكر أرباب التراجم أن أم الشيخ ابن إدريس كانت بنت الشيخ الطوسي وانها كانت مجازة من قبل أبيها، وان ولدها صاحب الترجمة كان يروي عنها، وهذا لا يستقيم فان الزمن الذي كان بين وفاة الشيخ الطوسي وولادة المترجم له نيفا وثمانين سنة. ولكن يمكن أن تكون أمه بنت بنت الشيخ الطوسي " انتهى " وقال السيد مهدي الروحاني:
اثرت عظمة الشيخ أبو جعفر الطوسي وكثرة تلاميذه من الكبار والصغار في أن لا يتجرؤوا على مخالفته في فتاواه مدة من الزمن. فظهر ابن إدريس الحلي رحمه الله صاحب كتاب السرائر فناقش الشيخ الطوسي في عدة من فتاواه وقسم الفقهاء بعد الشيخ إلى محصلين واتباع ويسميهم بالمقلدة، وهذا وإن كان فيه بعض الاغراق الا أنه كان لثورته هذه اثر جيد، وذلك لأن الفقهاء بعد ابن إدريس وان لم يتبعوا آراءه خصوصا في رأيه الأصولي الذي يقول بعدم حجية الخبر الواحد، ولكنه جعلهم مستقلي الرأي والنظر يكثرون من التأمل في الأدلة، وبذلك كله نضج الفقه فقه أهل البيت عليهم السلام بما فيه من المأثورات الكثيرة وبما فيه من المسائل المجمع عليها وما هو غير مجمع عليه فظهر الصحيح من الروايات وغيرها في الأغلب.
مؤلفاته كتاب السرائر في الفقه. كتاب التعليقات وهو حواشي وايرادات على التبيان للشيخ الطوسي، كتاب يشتمل على جملة أجوبة مسائل كان قد سئل عنها.

عمره ووفاته :

قال صاحب روضات الجنات: والذي رأيته في البحار من خط الشهيد رحمه الله هكذا: قال الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الامامي العجلي: بلغت الحلم سنة 558.
 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)