المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



أحمد بن أبي خالد أبو سعيد الضرير  
  
2552   01:51 صباحاً   التاريخ: 10-04-2015
المؤلف : ياقوت الحموي
الكتاب أو المصدر : معجم الأدباء (إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب)
الجزء والصفحة : ج1، ص346-352
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

البغدادي. رأيت في فوائد أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي صاحب كتاب المجمل ما صورته وجدت في تفسير أبي موسى محمد بن المثنى العنزي ولم أسمعه حدثني أبو معاوية الضرير محمد بن حازم حدثنا إسماعيل روى عن أبي صالح هكذا أسماه وقد سماه السلامي كما ذكرناه في الترجمة والذي ترجمناه أصح لأني رأيته في مواضع أخر موافقا له والله أعلم.

 قال الأزهري كان طاهر بن عبد الله بن طاهر استقدمه من بغداد إلى خراسان وقام بنيسابور وأملى بها المعاني والنوادر ولقي أبا عمر والشيباني وابن الأعرابي وكان يلقى الأعراب الفصحاء الذين استوردهم ابن طاهر نيسابور فيأخذ عنهم وكان شمر وأبو الهيثم يوثقانه.

 ونقلت من كتاب نتف الطرف تأليف أبي علي الحسين بن أحمد السلامي صاحب كتاب ولاة خراسان وقد ذكرناه في بابه قال خرج أبو سعيد الضرير عن أبي عبيد من غريب الحديث جملة مما غلط فيه وأورد في تفسيره فوائد كثيرة ثم عرض ذلك على عبد الله بن عبد الغفار وكان أحد الأدباء فكأنه لم يرضه فقال لأبي سعيد ناولني يدك فناوله يده فوضع الشيخ في كفه متاعه وقال اكتحل بهذا يا أبا سعيد حتى تبصر فكأنك لا تبصر.

 ثم قال سمعت أبا جعفر محمد بن سليمان الشرمقاني قال سمعت أبا سعيد الضرير يقول كان يقال إذا أردت أن تعرف خطأ أستاذك فجالس غيره وله تصانيف منها كتاب الرد على أبي عبيد في غريب الحديث وكتاب الأبيات.

 قال السلامي: حدثني أبو العباس محمد بن أحمد الغضاري قال حدثني عمي محمد بن الفضل وكان قد بلغ مائة وعشرين سنة قال لما قدم عبد الله بن طاهر نيسابور وأقدم معه جماعة مثن فرسان طرسوس وملطية وجماعة من أدباء الأعراب منهم عرام وأبو العميثل وأبو العيسجور وأبو العجنس وعوسجة وأبو الغدافر وغيرهم فتفرس أولاد قواده وغيرهم بأولئك الفرسان وتأدبوا بأولئك الأعراب وبهم تخرج أبو سعيد الضرير واسمه  أحمد بن خالد وكان وافى نيسابور مع عبد الله بن طاهر فصار بهم إماما في الأدب وقد كان صحب بالعراق أبا عبد الله محمد بن زياد الأعرابي وأخذ عنه فبلغ ابن الأعرابي أن أبا سعيد يروي عنه أشياء كثيرة مما يفتي فيه فقال لبعض من لقيه من الخراسانية بلغني أن أبا سعيد يروي عني أشياء كثيرة فلا تقبلوا منه ذلك غير ما يرويه من أشعار العجاج ورؤبة فإنه عرض ديوانهما علي وصححه.

 وحدث عن الغضاري عن عمه قال اختصم بعض الأعراب الذين كانوا مع عبد الله بن طاهر في علاقة بينهم إلى صاحب الشرطة بنيسابور فسألهم بينة وشهودا يعرفون فأعجزهم ذلك فقال أبو العيسجور: [البسيط]

 (إن يبغ منا شهودا يشهدون لنا ... فلا شهود لنا غير الأعاريب)

 (وكيف يبغي بنيسابور معرفة ... من داره بين أرض الحزن واللوب)

 قرأت بخط عبد السلام البصري في كتاب محمد بن أبي الأزهر قال حدثني وهب بن إبراهيم خال عبيد الله بن سليمان بن وهب قال كنا يوما بنيسابور في مجلس أبي سعيد المكفوف وكان أبو سعيد عالما باللغة جدا إذ هجم علينا مجنون من أهل قم فسقط على جماعة من أهل المجلس فاضطرب الناس لسقطته ووثب أبو سعيد لا يشك أن آفة لحقتنا من سقوط جدار أو شرود بهيمة فلما رآه المجنون على تلك الحال قال:

الحمد لله رب العالمين على رسلك يا شيخ لا ترع آذاني هؤلاء الصبيان وأخرجوني عن طبعي إلى ما لا أستحسنه من غيري فقال أبو سعيد امتنعوا عنه عافاكم الله فوثبنا وشردنا من مكان ورجعنا فسكت ساعة لا يتكلم إلى أن عدنا إلى ما كنا فيه من المذاكرة وابتدأ بعضنا بقراءة قصيدة من شعر نهشل بن جرير التميمي حتى بلغ قوله: [الطويل]

 (غلامان خاضا الموت من كل جانب ... فآبا ولم يعقد وراءهما يد)

 (متى يلقيا قرنا فلا بد أنه ... سيلقاه مكروه من الموت أسود)

 فما استتم هذا البيت حتى قال قف يا أيها القارئ تتجاوز المعنى ولا تسأل عنه ما معنى قوله ولم يعقد وراءهما يد فأمسك من حضر عن القول فقال قل يا شيخ فإنك المنظور إليه والمقتدى به فقال أبو سعيد يقول إنهما رميا بأنفسهما في الحرب أقصى مراميها ورجعا موفورين لم يؤسرا فتعقد أيديهما كتفا فقال يا شيخ أترضى لنفسك بهذا الجواب فأنكرنا ذلك على المجنون فنظر بعضنا إلى بعض فقال أبو سعيد هذا الذي عندنا فما عندك فقال المعنى يا شيخ آبا ولم تعقد يد بمثل فعلهما بعدهما لأنهما فعلا ما لم يفعله أحد كما قال الشاعر: [السريع]

 (قرم إذا عدت تميم معا ... ساداتها عدوه بالخنصر)

(ألبسه الله ثياب الندى ... فلم تطل عنه ولم تقصر)

 أي خلقت له وقريب من الأول قوله: [الرجز]

 (قومي بنو مذحج من خير الأمم ... لا يصعدون قدما على قدم)

 يعني أنهم يتقدمون الناس ولا يطئون على عقب أحد وهذان فعلا ما لم يفعله أحد فلقد رأيت أبا سعيد وقد احمر وجهه واستحيا من أصحابه ثم غطى المجنون رأسه وخرج وهو يقول يتصدرون ويغرون الناس من أنفسهم فقال أبو سعيد بعد خروجه اطلبوه فإني أظنه إبليس فطلبناه فلم نظفر به

 قال الشافعي حدثني أبو جعفر الشرمقاني قال كان أبو سعيد الضرير مثريا ممسكا لا يكسر رأس رغيف له إنما يأكل عند من يختلف إليهم لكنه كان أديب النفس عاقلا.

 حضر يوما مجلس عبد الله بن طاهر فقدم إليه طبق عليه قصب السكر وقد قشر وقطع كاللقم فأمره عبد الله بن طاهر أن يتناول منه فقال أبو سعيد إن لهذا لفاظة ترتجع من الأفواه وأنا أكره ذلك في مجلس الأمير أيده الله فقال عبد الله تناول فليس بصاحبك من احتشمك واحتشمته أما إنه لو قسم عقلك على مائة رجل لصار كل رجل منهم عاقلا وقيل إن هذا الكلام جرى بين الضرير وبين أبي دلف في مجلسه وحدث قال حدثني الغضاري قال كان أبو سعيد الضرير يختار المؤدبين لأولاد قواد عبد الله بن طاهر ويبين مقدار أرزاقهم ويطوف عليهم ويتعهد من بين أيديهم من أولئك الصبيان فاستقبله يوما  في ميدان الحسين بعض أولئك المؤدبين فقال له يا فلان من أين وجهك قال من شاذياخ قال زد فيه ألفا ولاما فقال من شاذيا خال فقال أبو سعيد اللهم غفرا زدهما في أول الحرف ويلك فقال ألف لام شاذياخ فقال صم صداك كم رزقك قال سبعين درهما فقال يصرف ويبدل به غيره وهو صاغر صدٍ.

 وحدث الحاكم في كتاب نيسابور سمعت أبا زكريا يحيى بن محمد العنبري يقول سمعت أبي يقول لما قلد المأمون عبد الله بن طاهر ولاية خراسان سنة سبع عشرة ومائتين وناوله العهد بيده قال حاجة يا أمير المؤمنين قال مقضية قال يسعفني أمير المؤمنين في استصحاب ثلاثة من العلماء قال من هم قال الحسين بن الفضل البجلي وأبو سعيد الضرير وأبو إسحاق القرشي فأجابه إلى ذلك فقال عبد الله وطبيب يا أمير المؤمنين فليس في خراسان طبيب حاذق قال من قال أيوب الرهاوي فقال يا أبا العباس لقد أسعفناك بما التمسته وقد أخليت العراق من الأفراد قال فقدم الحسن بن الفضل بنيسابور وابتاع بها دارا مشهورة بباب عزرة فبقي يعلم الناس العلم ويفتي إلى أن مات في شعبان سنة اثنتين وثمانين ومائتين وهو ابن مائة سنة وأربع سنين ودفن في مقبرة الحسين بن معاذ قال ولو كان في بني إسرائيل لكان من عجائبهم يعني الحسين بن الفضل ذكر ذلك كله في ترجمة الحسين بن الفضل.

قرأت بخط الأزهري من كتاب الجمان للمنذري سمعت أبا عبد الله المعقلي يقول سمعت أبا سعيد الضرير يقول كنت أعرض على ابن الأعرابي أصول الشعر أصلا أصلا وعرض عليه وأنا أحضر شعر الكميت في المجالس التي كان يحضرها قال فحفظته بعرضه وحفظت النكت التي أفاد فيها فقال لي ابن الأعرابي يوما لم تعرض علي فيما عرضت شعر الكميت فقلت له عرضه عليك فلان فحفظته بعرضه وحفظت ما أفدت فيه من الفوائد والنكت والمعاني وجعلت أنشده وأعرفه من تلك النكت فعجب.

 وقال أبو سعيد الضرير سألني أبو دلف عن بيت امرئ القيس:

 (كبكر المعاناة البياض بصفرة ...)

 قال أخبرني عن البكر هي المعاناة أم غيرها قال قلت هي هي قال أفيضاف الشيء إلى صفته قلت نعم قال وأين قلت قد قال الله تعالى {ولدار الآخرة} فأضاف الدار إلى الآخرة وهي هي بعينها والدليل على ذلك أنه قال في سورة أخرى {وللدار الآخرة} قال أريد أشفى من هذا فأنشدته لجرير: [الكامل]

 (يا ضب إن هوى القيون أضلكم ... كضلال شيعة أعور الدجال)





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.