أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-08-2015
783
التاريخ: 13-12-2018
1366
التاريخ: 12-12-2018
2018
التاريخ: 9-08-2015
812
|
لا خلاف بين أصحابنا في أن أطفال المؤمنين يدخلون الجنة كما دل عليه الكتاب والسنة ، قال اللّه تعالى في سورة الطور: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطور: 21] .
قال الطبرسي رحمه اللّه يعني بالذرية أولادهم الصغار والكبار، لأن الكبار يتبعون الآباء بإيمان منهم، والصغار يتبعون الآباء بإيمان منالآباء ، فالولد يحكم له بالإسلام تبعا لوالده. والمعنى أنا نلحق الأولاد بالآباء في الجنة والدرجة من أجل الآباء لتقر عين الآباء باجتماعهم معهم في الجنة كما كانت تقر بهم فيالدنيا ، عن ابن عباس والضحاك و ابن زيد.
وفي رواية أخرى عن ابن عباس: انهم البالغون ألحقوا بدرجة آبائهم وان قصرت أعمالهم تكرمة لآبائهم.
وروى زاذان عن علي عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ان المؤمنين و أولادهم في الجنة، ثم قرأ هذه الآية.
وعن الصادق عليه السّلام قال: أطفال المؤمنين يهدون إلى آبائهم يوم القيامة، وما ألتناهم من عملهم من أي شيء لم ننقص الآباء من الثواب حين ألحقنا بهم ذريتهم، انتهى.
أقول... [ان] كثير من أخبارنا ان هذه الآية في أطفال المؤمنين و ذهب المتكلمون منا إلى أن أطفال الكفار لا يدخلون النار، فهم إما يدخلون الجنة أو يسكنون الأعراف.
قال العلامة المحقق الطوسي في التجريد: وتعذيب غير المكلف قبيح، وكلام نوح عليه السّلام مجاز، والخدمة ليست عقوبة له، والتبعية في بعض الأحكام جائزة.
وقال العلامة الحلي رحمه اللّه في شرحه: ذهب بعض الحشوية إلى أن اللّه تعالى ، يعذب أطفال المشركين، ويلزم الأشاعرة تجويزه. والعدلية كافة على منعه، والدليل عليه انه قبيح عقلا فلا يصدر منه تعالى احتج بوجوه :
الأول:
قول نوح {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 27] ، والجواب انه مجاز والتقدير انهم يصيرون كذلك لا حال طفوليتهم .
الثاني:
قالوا انا نستخدمه لأجل كفر أبيه، فقد فعلنا فيه ألما وعقوبة فلا يكون قبيحا. والجواب ان الخدمة ليست عقوبة للطفل وليس كل ألم عقوبة، فإن الفصد والحجامة ألمان وليسا بعقوبة.
نعم استخدامه عقوبة لأبيه وامتحان له يعوض عليه كما يعوض على أمراضه.
الثالث:
قالوا ان حكم الطفل يتبع حكم أبيه في الدفن، ومنع التوارث والصلاة عليه ومنع التزويج، و الجواب ان المنكر عقابه لأجل جرم أبيه، وليس بمنكر أن يتبع حكم أبيه في بعض الأشياء إذا لم يحصل له بها ألم وعقوبة، ولا ألم له في منعه من الدفن و التوارث وترك الصلاة عليه.
وذهب أكثر المحدثين منا إلى ما دلت عليه الأخبار الصحيحة الآتية من انهم يكلفون في القيامة بدخول النار المؤججة لهم ، ولنذكر الأخبار الواردة عن أئمة الهدى عليهم السّلام في ذلك :
روى القمي في تفسيره عن الصادق عليه السّلام قال: ان أطفال شيعتنا من المؤمنين تربيهم فاطمة عليها السّلام، ويهدون إلى آبائهم يوم القيامة.
وفي الكافي عن ابن بكير عن الصادق عليه السّلام في الآية المتقدمة عليه السّلام: قصرت الأبناء عن عمل الآباء، وألحقوا الأبناء بالآباء لتقر بذلك أعينهم.
وبالمعنى عن نوادر الراوندي عن الكاظم عليه السّلام عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: لا تتزوجوا بالمرأة الجميلة العقيم فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ، ألم تعلموا ان الأطفال يكونون تحت عرش الرحمن يستغفرون لآبائهم ، ويحفظهم إبراهيم وتربيهم سارة في جبل من المسك والعنبر والزعفران.
وروى الصدوق في الفقيه في الصحيح عن أبي بصير قال : قال أبو عبد اللّه إذا مات طفل من أطفال المؤمنين نادى مناد في ملكوت السماوات و الأرض ألا ان فلان ابن فلان قد مات، فإن كان مات والداه أو أحدهما أو بعض أهل بيته من المؤمنين دفع إليه يغذوه، وإلا دفع إلى فاطمة تغذوه حتى يقدم أبواه أو أحدهما أو بعض أهل بيته فتدفعه إليه.
وروي في الصحيح أيضا عن الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: ان اللّه تبارك و تعالى يدفع إلى إبراهيم و سارة أطفال المؤمنين، يغذونهم بشجرة في الجنة لها أخلاف كأخلاف البقر في قصر من الدر، فإذا كان يوم القيامة ألبسوا وطيبوا وأهدوا إلى آبائهم، فهم ملوك في الجنة مع آبائهم. وهو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21] .
و روى الشيخ حسن بن سليمان في كتاب المختصر بإسناده عن الباقر عليه السّلام قال: لما صعد رسول اللّه إلى السماء و انتهى إلى السماء السابعة و لقي الأنبياء قال، أين أبي إبراهيم، قالوا له هو مع أطفال شيعة علي، فدخل الجنة فإذا هو تحت شجرة لها ضروع كضروع البقر، فإذا انفلت الضرع من فم الصبي قام إبراهيم فردّ عليه، قال فسلم عليه وسأله عن علي عليه السّلام، فقال خلفته في أمتي، قال نعم الخليفة خلّفت، أما إنّ اللّه تعالى فرضعلى الملائكة طاعته و هؤلاء أطفال شيعته ، سألت اللّه تعالى أن يجعلني القائم عليهم ففعل، وان الصبي ليجرع الجرعة فيجد طعم ثمار الجنة وأنهارها في تلك الجرعة.
ويمكن الجمع بين الأخبار الدالة على تربية إبراهيم وسارة، والأخبار الدالة على تربية فاطمة عليها السّلام بأن بعضهم تربيه فاطمة وبعضهم إبراهيم وسارة على اختلاف مراتب آبائهم، أو انهم يدفعون أولا إلى فاطمة ثم تدفعهم فاطمة إليهما.
وأما أطفال الكفار فقد أشرنا إلى الخلاف في حالهم ، فقيل بتبعيتهم لآبائهم وانهم في النار كما عليه أكثر العامة، ولم يذهب إليه أحد من الإمامية. وقيل بدخولهم الجنة، وقيل ان اللّه تعالى يعاملهم في القيامة بعلمه فيهم، فمن علم انه يكون سعيدا لو بقي أدخله الجنة، ومن علم منه الشقاوة أدخله النار. وقيل انهم يكونون خداما لأهل الجنة. وقيل انهم يكونون في الأعراف.
والذي عليه أكثر المحدثين من الشيعة ومنهم الكليني والصدوق، ان اللّه يكلفهم في القيامة بأن يؤجج لهم نارا يأمرهم بدخولها، ويثيب المطيع ويعاقب العاصي.
ويدل على ذلك جملة من الأخبار. منها ما رواه الصدوق في الخصال عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السّلام قال: إذا كان يوم القيامة احتج اللّه عز و جل على خمسة ، على الطفل و الذي مات بين النبيين أي في زمان الفترة وغلبة الجور وخفاء الحجة والحق، والذي أدرك النبي صلّى اللّه عليه و آله وسلّم وهو لا يعقل، والأبله، والمجنون الذي لا يعقل، والأصم والأبكم، فكل واحد منهم يحتج على اللّه عز وجل. قال فيبعث اللّه إليهم رسولا، فيؤجج لهم نارا، فيقول لهم ربكم يأمركم أن تثبوا فيها، فمن وثب فيها كانت عليه بردا و سلاما، ومن عصى سيق إلى النار.
وفي الكافي ومعاني الأخبار عن زرارة في الصحيح قال سألت أبا جعفر هل سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عن الأطفال، فقال قد سئل فقال اللّه أعلم بما كانوا عاملين.
ثم قال يازرارة هل تدري ما قوله اللّه أعلم بما كانوا عاملين، قال لا، قال اللّه عز وجل فيهم المشيئة انه إذا كان يوم القيامة وأتي بالأطفال والشيخ الكبير الذي قد أدرك النبي صلّى اللّه عليه و آله وسلّم ولم يعقل من الكبر والخرف، والذي مات في الفترة بين النبيين، والمجنون والأبله الذي لا يعقل، فكل واحد يحتج على الله عز و جل، فيبعث الله تعالى إليهم ملكا من الملائكة و يؤجج نارا ويقول ان ربكم يأمركم أن تثبوا فيها، فمن وثب فيها كانت عليه بردا و سلاما، ومن عصاه سيق إلى النار.
وفي الكافي عن هشام في الصحيح ، أو الحسن عن أبي عبد اللّه انه سئل عمن مات في الفترة، و عمن لم يدرك الحنث، والمعتوه. فقال يحتج اللّه عليهم يرفع لهم نارا فيقول لهم ادخلوها، فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما، ومن أبى قال ها أنتم قد أمرتكم فعصيتموني.
وروى أيضا بهذا الاسناد قال ثلاثة يحتج عليهم، الأبكم و الطفل ومن مات في الفترة، فيرفع لهم نارا، الحديث.
وروى أيضا عن العدة عن سهل رفعه ان سئل عن الأطفال، فقال: إذا كان يوم القيامة جمعهم اللّه وأجج نارا وأمرهم أن يطرحوا أنفسهم فيها، فمن كان في علم اللّه عز وجل انه سعيد رمى نفسه فيها و كانت عليه بردا و سلاما، ومن كان في علمه انه شقي امتنع ، فيأمر اللّه تعالى بهم إلى النار، فيقولون يا ربنا تأمر بنا إلى النار ولم يجر علينا القلم، فيقول الجبار قد أمرتكم مشافهة فلم تطيعوني فكيف لو أرسلت رسلي بالغيب إليكم.
وروى الصدوق في التوحيد باسناد عامي عن عبد اللّه بن سلام مولى رسول اللّه انه قال: سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقلت: أخبرني أيعذب اللّه خلقا بلا حجة. قال: معاذ اللّه. قلت: فأولاد المشركين في الجنة أم في النار.فقال: اللّه تبارك و تعالى أولى بهم، إنه إذا كان يوم القيامة و ساق الحديث إلى أن قال فيأمر اللّه عز و جل نارا يقال لها الفلق أشد شيء في نار جهنم عذابا، فتخرج من مكانها سوداء مظلمة بالسلاسل والأغلال، فيأمرها اللّه عزو جل أن تنفخ في وجوه الخلائق نفخة، فتنفخ فمن شدة نفختها تنقطع السماء و تنطمس النجوم و تجمد البحار و تزول الجبال وتظلم الأبصار وتضع الحوامل حملها، ويشيب الولدان من هولها يوم القيامة، فيأمر اللّه تعالى أطفال المشركين أن يلقوا أنفسهم في تلك النار، فمن سبق له في علم اللّه عز وجل ان يكون سعيدا ألقى نفسه فيها فكانت عليه بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم، ومن سبق له في علم اللّه تعالى أن يكون شقيا امتنع فلم يلق نفسه في النار، فيأمر اللّه تعالى النار فتلتقطه لتركه أمر اللّه وامتناعه من الدخول فيها، فيكون تبعا لآبائه في جهنم.
والأخبار بهذا المضمون كثيرة، والعقل لا يحيل ذلك فينبغي التسليم.
وقال الصدوق في الخصال بعد إيراد صحيحة زرارة المتقدمة ان قوما من أصحاب الكلام ينكرون ذلك ، ويقولون انه لا يجوز ان يكون في دار الجزاء تكليف ودار الجزاء للمؤمنين إنما هي الجنة، ودار الجزاء للكافرين إنما هي النار. قال و إنما يكون هذا التكليف من اللّه عز وجل في غير الجنة والنار فلا يكون كلفهم في دار الجزاء ثم يصيرهم إلى الدار التي يستحقونها بطاعتهم أو معصيتهم، فلا وجه لانكار ذلك ولا قوة إلا باللّه وغير مستبعد ان تكون القيامة دار جزاء لبعض، ودار تكليف و جزاء لآخرين.
وروى الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن زرارة عن الصادق عليه السّلام قال: حقيق على الله أن يدخل الضّلال الجنة. فقال زرارة: كيف ذلك جعلت فداك. قال يموت الناطق، ولا ينطق الصامت، فيموت المرء بينهما فيدخله الله الجنة.
المراد بالضّلال بعض المخالفين الضالين عن الحق، والمراد بالناطق الإمام الحجة الحي، و بالصامت الإمام الذي بعده الذي كان صامتا في زمن أبيه أو صامتا للتقية، فإذا مات المخالف بينهما ولم يعرف الحق من دون تقصير لخفاء الحق دخل الجنة.
وروى صاحب تأويل الآيات الباهرة في قوله تعالى : {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} [الواقعة: 17] عن أمير المؤمنين انه قال: الولدان أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابون عليها، ولا سيئات فيعاقبون عليها، فأنزلوا هذه المنزلة.
وعن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه سئل عن أطفال المشركين فقال: خدم أهل الجنة على صورة الولدان خلقوا لخدمة أهل الجنة.
وروى الشيخ الطوسي هذين الحديثين أيضا في تأويل الآية، والتحقيق في الجمع بين الأخبار، ان الأخبار الدالة على انهم يعذبون ويلحقون بآبائهم إما محمولة على التقية، كما هو مذهب جمع من العامة، أو محمولة على انه سبق في علم اللّه تعالى انهم يختارون العصيان حينئذ فحكم عليهم بالنار.
ويشهد لذلك رواية سهل المتقدمة، وتخص الأخبار الدالة على دخولهم النار مداخل آبائهم بمن لم يدخل منهم دار التكليف.
وأما الأخبار الدالة على تكليف الأطفال في القيامة مطلقا فهي مقيدة بالأخبار الدالة على انتفاء ذلك عن أطفال المؤمنين.
وروى الكليني في الصحيح عن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ما تقول في الأطفال الذين ماتوا قبل ان يبلغوا، فقال: سئل عنهم رسول اللّه فقال: اللّه أعلم بما كانواعاملين، ثم أقبل علي فقال: يا زرارة هل تدري ما عنى بذلك رسول اللّه ، قال قلت لا ، فقال إنما عنى كفوا عنهم ولا تقولوا فيهم شيئا وردوا علمهم إلى اللّه.
أقول هذا هو الأصل في الباب ، وينبغي أن يعلم مجملا ان اللّه تعالى منزه عن الظلم والجور، و أما بالنسبة إلى الأطفال و المجانين و نحوهما ممن لم تتم عليه الحجة، ومن ناقصي العقول الذين لم يميزوا بين الحق و الباطل فلا يعذبهم اللّه تعالى بدون إتمام حجة عليهم، فإما أن يكلفهم اللّه تعالى في القيامة كما دلت عليه الأخبار السابقة وذهب إليه محيي الدين العربي من العامة، أو انهم يسكنون في الأعراف أو يكونون في أدنى درجاتالجنة، أو انهم يكونون خدما لأهل الجنة، ويكون بعضهم في الجنة وبعضهم في الأعراف، فينبغي أن يوكل علمهم إلى اللّه تعالى كما دل عليه الخبر الصحيح، ويعلم ان اللّه يحكم فيهم بالعدل، وإذا كانوا خدما لأهل الجنة فذلك ليس على طور يشق عليهم، بل يلتذون بذلك كما يلتذ الملائكة بخدمة أهل الجنة، واللّه العالم بالحال.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|