أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-5-2017
3710
التاريخ: 2024-11-02
545
التاريخ: 6-11-2017
3960
التاريخ: 2024-11-02
236
|
فكرنا السياسي إسلامي أم سلطوي ؟
أن الاحداث العظيمة كان لها أسوأ الاثر على كيان الأمة الواحدة ـ وهي خير أمة ـ لأنها قسمتها ثلاثة قطاعات:
قطاع استولى على السلطة ـ بهذه أو تلك من الطرق ـ على النحو الذي رأيناه، وبالممارسات التي سجلتها لنا كتب الحديث والتاريخ.
وقطاع آخر معه شيء آخر كان ينبغي سماعه ودراسته ولا زال وهؤلاء حرموا حق التعبير عن أنفسهم في شكل كيان سياسي مستقل، وحوصروا إعلامياً واقتصادياً، ثم قتلوا وشردوا وذاقوا الأمرين، فبقوا في زوايا التاريخ متمسكين بما عندهم، ثابتين عليه معارضين لكل النظم، شاعرين بأن الحق معهم لكنه سلب، فكان ذلك سبب انهيار الدولة.
وقطاع ثالث رأى تنافس القطاع الأول، واستئثاره على الآخرين، فظل ينظر الى الكبار وأفعالهم وممارساتهم، ويتأسف لها ولا يبدي رأياً، وساعده على الإعتزال قوة شوكة الكبار من الفريق الأول، وعدم اشراكهم له في شيء له فيه حق وهؤلاء هم العامة من الناس.
وظل الوضع على هذا، نعم كان من هم في السلطة يشعرون بخطر المعارضين، لكنهم لم يقاوموهم فكرة بفكرة، إذ جعلتهم قوة الحكم والسلطان في غير حاجة لفكر متين، فأسفر ذلك عن أمور:
الأول:
أن الفكر السياسي عند أهل السنة بدأ متأخراً جداً إذا قورن بفكر شيعة أهل البيت الذين بقوا في المعارضة.
ولما قرر علماؤنا أن يكتبوا في السياسة والدستور وجدوا أن هذا العلم قد تبلور واستوى ووضعت مصطلحاته ـ في غفلة منهم ـ على يد أنصار أهل البيت المعارضين، فلما شمروا عن سواعدهم وسيقانهم ليخوضوا في هذا البحر، وتكلموا فيه، جاء كلامهم سطحياً وكتاباتهم غير مؤصلة.
الثاني:
أن علم السياسة عندنا أهل السنة، ما كان يملك نظرية سياسية واضحة قائمة برأسها يتخذها أساسا لما يريد أن يتكلم فيه، ومن ثم جاءت كتابات من كتبوا فيه رد فعل لآراء المعارضين، فبدت كأنها إجابات ـ مجرد إجابات ـ لرد أقوالهم، وسد الخانات بأي شكل وأي كلام.
وأول من تكلموا في هذا العلم عندنا كالماوردي، وأبي يعلى، وابن العربي المالكي، وابن خلدون، والجويني، وغيرهم، عاشوا في حدود القرنين الرابع والخامس الهجري، وكان الآخرون قد سبقوهم بأربعة قرون على الأقل هي نفس الفارق في النضج السياسي اليوم بين أتباع المدرستين.
الثالث:
أن هؤلاء العلماء لم يحاولوا تأسيس نظرية مختلفة، ولكن نحوا منحى خطيراً للغاية اذ أسسوا كتاباتهم على أربعة أسس:
الأول:
المصادقة على الأمر الواقع، واعتبار أن نتائج الأحداث التي وقعت هي عين ما كان ينبغي أن يكون، بل وهي الاسلام ونظريته السياسية.
الثاني:
أنهم في تأييد ذلك فتشوا في القرآن والحديث عن نصوص فأولوها تارةً ولووا أعناقها تارة ليلائموا بينها وبين الأحداث، بصرف النظر عن موقف الاسلام الحقيقي.
وهذه العملية التي مارسوها لأسلمة وقائع ونتائج ربما كانت غير إسلامية أجبرتهم على تفصيل حلل وأثواب من الأدلة الواهية، فأدى ذلك الى أمرين، الأول: إضفاء القداسة على أحداث التاريخ البشري الخاص بتلك الحقبة، فاعتبرناه عبر أجيال طويلة جزءً من الدين له قداسته واحترامه بكل ما فيه، ولو كان مخالفا للدين في بعض الأحيان.
والثاني: أن كتاباتهم ـ أودعنا نقول ما قدموه من نظرية سياسية إسلامية ـ جاءت تبريرية تهيىء للحكام ـ كل الحكام صالحهم وفاسدهم ـ أدلة شرعية لتبرير أفعاله، ولعل لافتة (الاجتهاد) التي لصقوها على أفعال الحكام جميعاً منذ وفاة الرسول عليه وآله الصلاة والسلام حتى العصر العباسي هي أوضح نموذج لهذه الأدلة التبريرية، مع التغاضي عن موقف الاسلام الصحيح خلال كل هذه الممارسة.
وحملنا معنا هذا كله في أوردتنا وشرايينا، وتناقلته خلايانا الوراثية عبر قرون وقرون، فإذا بحكام اليوم يرتكبون الأخطاء، فتوقع المعاهدات اللاسلامية مثلاً، أو تستدعي قوات الإحتلال من هنا وهناك، ثم تجدنا نتساءل بين أنفسنا: وما حكم الاسلام في هذا ؟
وتجدهم ـ وهم أصلاً حكام وأنظمة غير شرعية ـ يلجؤون الى العلماء ـ إن صح تسميتهم بهذا ـ ويطلبون منهم التبريرات، فإذا بمشايخنا يخرجون من بطون الكتب ما شاءوا ويفصلون للافعال غير الإسلامية أثواباً إسلامية، مزينة بآيات من القرآن وأحاديث الرسول.
إنها عملية متصلة منذ قديم، فكما فعلوا في الماضي يفعل أمثالهم في الحاضر.
فإن قلتم إن أهل الحاضر يقلدون أسلافهم، قلنا فمن كان قدوة الأسلاف ؟
إن المسألة معكوسة تماماً ليس فيها تقليد بل هي مدرسة فكرية، واتجاه سياسي توارثناه، لأن طبيعة الفكر السياسي عندنا تبريرية، هدفها التعايش مع الواقع ومع كل الأنظمة أياً كان نوعها.
الثالث:
أنهم فهموا الشرعية القانونية بمفهوم سقيم ـ وإن كان له مؤيدوه في العصر الحاضر ـ فاعتبروا التمكن هو الشرعية، والقيادة المتمكنة هي القيادة الشرعية، بصرف النظر عن طريق تمكنها، وأسلوب وصولها.
فإذا وصل رجل ما ـ أي رجل ـ الى مركز القيادة، وتمكن من أعنة الحكم، فهو حاكم شرعي وقيادة شرعية نتعامل معها على النحو الذي يأمر به الاسلام، فيصبح واجبنا السمع والطاعة، ويصبح أسلوب وصوله إسلامياً.
وهذا سفه فكري، لأن الشرعية في جميع قوانين الأرض والسماء غير التمكن، فالشرعية تقوم على مواصفات إن وجدت أصبح الشيء شرعياً، وإن لم تتوافر هذه المواصفات فلا يصبح الشيء أو النظام شرعياً، مهما بلغ حجم التأييد فيما بعد، لأن وجود الشيء بالفعل لا يعني شرعيته.
ولو سلمنا بوجهة نظر هؤلاء كان علينا الإعتراف بأن كل الأنظمة التي تركبنا اليوم شرعية لا غبار عليها، لأنها متمكنة من السلطة، وهذا رأي فاسد.
على أن ضمير الأمة ووجدانها الاجتماعي والديني ظل يرفض هذه النظرية ـ ولا زال ـ ومن هنا وجدنا في العصور الأولى من كان يعرف اصطلاحاً بـ (الامام بالفعل) و (الامام بالحق) فالأول هو الشخص المتمكن من السلطة فعلاً ولديه القوة، والثاني هو الإمام الشرعي الذي كان ينبغي وجوده في السلطة ولم يحصل، وعادة ما كان الناس يوالون الثاني ويلتفون حوله ويحترمونه، رغم كونه لا حول له ولا قوة.
وأمثلة هذا في السير والتاريخ كثيرة لا داعي لذكرها هنا فإني أخشى الإطالة.
إن السلطة ـ أي سلطة ـ حقيقة واقعية ملموسة وموجودة أمام الناس بأشكال مختلفة، لكن شرعيتها ليست في مجرد كونها كذلك أو في وجودها الفعلي في حيز الزمان والمكان، بل في كونها جاءت بالطريق الشرعي وتمثل الإرادة العامة لأفراد المجتمع، والعقل العام للمجتمع من حيث هو مجموعة أفراد ينتمون الى نظرية ما، بشكل أو آخر.
وكان من نتائج الاقتصار على اعتبار الشرعية مرادفاً لمجرد الوجود مهما كانت طريقة تحقيق هذا الوجود، أن وقع الإنفصام بين المجتمع وبين السلطة على مدى تاريخنا الإسلامي.
ولا زلنا نرى هذا الإنفصام حقيقة شاخصة أمامنا، لأن المذهب السياسي هو بعينه لم يتغير بعد، ويعتمد ـ كما كان من قبل ـ على المعيار الصوري للشرعية لا المعيار الموضوعي لها.
فهناك دساتير رسمية أقرتها وتقرها المجالس النيابية المختلفة المنتخبة، وهناك هيئات تشريعية تسن القوانين وتضع القواعد، وهناك أحزاب وصحف ومنابر، لكن هذا كله غير مبني على المعيار الموضوعي للشرعية، وهو ما يعتمد على أمرين، أولهما: أن يكون هذا كله نابعاً من العقل العام والإرادة العامة للمجتمع، فما أسهل تلفيق الدساتير وطبخ القوانين وتزوير الإنتخابات والإستفتاءات
وثانيهما ـ وهو الأهم ـ أن تكون خلف هذا كله نظرية هي في ذاتها شرعية، فإن كانت هناك نظرية شرعية، أو قل مشروعة، ثم اتخذت إجراءات شكلية لتسيير الأمور لا يتوفر فيها المعيار الموضوعي للشرعية، أدَّى ذلك الى مهالك أقلها انفصام المجتمع وعقله ومزاجه العام عن السلطة الحاكمة، فتصبح هى في واد والشعب في واد.
الرابع:
أنهم وضعوا لأسلمة الأحداث والإجراءات التي رأيناها وإضفاء الشرعية عليها أساساً واهياً هو عدم اعتراض الناس أو من أسموهم اصطلاحاً بالجمهور.
أي أن سكوت أفراد المجتمع على شيء يعنى شرعيته، وهو أساس مختل، لأن أسباب السكوت قد تكثر وتتنوع، فربما سكت الناس بسبب الإنفصام بينهم وبين السلطة، أو بحكم القوة، أو بفعل الخوف، أو ربما الجهل، أو سلبية التعبير عن الرفض، أو ربما غير ذلك، وهذا كله يتشكل في هيئة سكوت.
فالسكوت إذن ليس دليلاً على الرضا أبداً.
ثم اذا أخذنا بهذه القاعدة الآن كان علينا التسليم بشرعية كل النظم التي تركبنا، لأن الناس أو على الأقل الأغلبية الساحقة ساكتة لا تتحرك ضدها.
وأساس السكوت هذا تعتمد عليه هذه الأنظمة في إثبات شرعيتها للعالم الخارجي، وكلنا يعرف أسباب السكوت، لكنه يؤمن بعدم شرعيتها.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|